الوطن:
2024-09-14@16:43:16 GMT

الشيخ ياسر مدين يكتب: التشكيك في السيرة النبوية (5)

تاريخ النشر: 31st, August 2024 GMT

الشيخ ياسر مدين يكتب: التشكيك في السيرة النبوية (5)

 بيَّنَّا فى إيجاز أن كتابة السيرة النبوية الكريمة قد بدأت منذ عهد الصحابة الكرام، وأنه نشأ بعدهم جيل من أبنائهم وتابعيهم كانت لهم كتب فى السيرة النبوية، كعروة بن الزبير (ت 93هـ)، وأبان بن عثمان بن عفان (ت 105هـ)، والشعبى (ت 103هـ)، وشرحبيل بن سعد (ت 123هـ).

ثم جاء بعد هذين الجيلين جيل ثالث صنف فى السيرة أيضاً، كعاصم بن عمر بن قتادة (ت 120هـ)، ومحمد بن مسلم بن شهاب الزهرى (ت 124هـ)، وعبدالله بن أبى بكر بن محمد بن عمرو بن حزم الأنصارى (ت 135هـ).

وقد أدرك هذا الجيل بعضَ الصحابة الكرام، وتلقى العلم عن الجيل السابق فى تدوين السيرة، واطلع على كتبهم، فكان هذا سبباً فى تطور التصنيف فى السيرة فى هذا الجيل، ويظهر هذا مثلاً فى أن عبدالله بن أبى بكر بن محمد بن عمرو بن حزم قد أعد قائمة بغزوات سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم مُرتبة زمنياً بالسنوات، وليس هذا معناه أن مَن قبله لم يدرك هذا الترتيب، وإنما معناه أنه استوثق علمياً من هذا الترتيب وحسم الخلاف فيه إن وُجد، وذلك من خلال دراسته للسيرة النبوية واطلاعه على ما وُضع فيها قبله، فأخذ عنه هذه القائمة العلمية الموثقة المصنفون فى السيرة والتاريخ الإسلامى من بعده.

وتتلمذ على يد محمد بن شهاب الزهرى ثلاثةٌ ممن ألفوا فى السيرة النبوية، هم: موسى بن عُقبة (ت 141هـ)، ومعمر بن راشد (ت 153هـ)، ومحمد بن إسحاق بن يسار (ت 151هـ) صاحب السيرة المشهورة. أما موسى بن عقبة فكان هو وأخواه إبراهيم ومحمد فقهاء ومحدّثين، لهم حلقة علمية فى مسجد سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد عُرف موسى بعلمه فى السيرة النبوية، وكتابُه فيها له شأن بين العلماء، حتى قالوا فيه: عليكم بمغازى موسى بن عقبة فإنه ثقة. وقد بقيت بعض الأصول المخطوطة لهذه المغازى وحُققت حديثاً.

وأما معمر بن راشد فهو فقيه مُحدِّث ثقة، وهو مِن أثبت مَن روَى عن الزهرى، وكان له كتاب فى المغازى لم يصل إلينا، لكن نقل عنه أصحاب المغازى والسير الذين وصلت إلينا كُتُبهم كمحمد بن عمر الوَاقدىّ (ت 207هـ).

وثالث هذه الطبقة محمد بن إسحاق بن يَسَار الذى سنقف عنده قليلاً لنعرف شيئاً عن سيرته المشهورة، وما سنذكره هنا سبق إلى درسه بعناية كبيرة المستشرق الألمانى الأستاذ يوسف هوروفتس فى كتابه القيم «المغازى الأولى ومؤلفوها»، الذى ترجمه أستاذنا الدكتور حسين نصار رحمه الله تعالى، وجُلُّ ما فى هذا المقال مأخوذ من هذا البحث القيم.

كان والد محمد بن إسحاق مشغوفاً بجمع الأحاديث، وهذا الجو العلمى الذى وُلد فيه محمد وجَّهه إلى رواية الأحاديث عن والده، وعن غيره من العلماء كالزهرى وعاصم بن عمر وعبدالله بن أبى بكر، وقد روى فى كتابه فى السيرة عن والده وعن هؤلاء جميعاً وعن غيرهم. والمتابع لما سبق رصده فى المقالات السابقة يعلم أن المقصود بالرواية هنا أخذ العلم عن الشيوخ الذين أخذوه عن شيوخهم، حتى يتسلسل السند [سلسلة العلماء] إلى الصحابة الكرام ثم إلى سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليس معنى هذا مجرد النقل الشفاهى، فقد كان للعلماء منذ زمن الصحابة مصنفات علمية معروفة مشهورة موثقة قصدهم طُلّاب العلم لأخذها عنهم.

ولم تقتصر رواية محمد بن إسحاق على أولئك الشيوخ السابق ذكرهم فقط، بل قد روى عن غيرهم، حتى إنه روى عن كثير غيرهم من الشيوخ، فروى عن قرابة مائة راوٍ من المدينة المنورة وحدها.

وفى العقد الثانى من القرن الثانى سافر محمد بن إسحاق إلى الإسكندرية، حيث سمع من فقيه مصر وشيخها ومفتيها يزيد بن أبى حبيب (ت 128هـ)، وكان عالماً ثقة كثيرَ الحديث، وهو أحد ثلاثة جعل إليهم عمر بن عبدالعزيز الفُتْيا بمصر، قال عنه الليث بن سعد: هو سيدُنا وعالمنا.

وقد حدَّثَه يزيد بن أبى حبيب بوثيقة عن السفارات التى أرسلها سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الأمراء المختلفين، ورغم أن يزيد عالم ثقة مشهود له بالعلم والتقوى، فإن محمد بن إسحاق قد أرسل هذه الصحيفة إلى شيخه الزُّهْرى ليتحقق من صحتها. وجدير بالذكر أن يزيد بن حبيب نفسه يروى عن الزهرى بطريق المكاتبة

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: الصحابة الكرام الجيل السابق

إقرأ أيضاً:

مولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم: إشراقة الأمل في تاريخ الإنسانية

يُحتفل في الثاني عشر من ربيع الأول بذكرى مولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وهو حدث له أهمية كبرى في تاريخ الإنسانية. 

هذا اليوم يمثل إشراقة أمل جديدة للبشرية، حيث جاء النبي صلى الله عليه وسلم ليكون مبشرًا ومنذرًا، حاملًا رسالة السلام والرحمة. 

كانت ولادته بداية لفجر جديد في عصر مليء بالتحديات والظلام، حيث جاءت رسالته لتغير مسار التاريخ، وتدعو إلى قيم المحبة والتسامح والعدل.

 يحتفل المسلمون بهذا اليوم تعبيرًا عن امتنانهم للنبي ولرسالته، ويستذكرون الأمل والنور الذي جلبه إلى العالم.

 سياق ولادة النبي محمد صلى الله عليه وسلم 

وُلد النبي محمد صلى الله عليه وسلم في مكة المكرمة، في أجواء مليئة بالصعوبات والتحديات. 

مولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم: إشراقة الأمل في تاريخ الإنسانية

كانت الجزيرة العربية تعاني من الجهل والظلم، حيث سادت عبادة الأصنام والشرك.

 في تلك الفترة، لم يكن هناك نموذج واضح للعدالة والرحمة، ولكن ميلاد النبي كان بمثابة نقطة تحول هامة في التاريخ.

 قوبل مولده بظهور علامات ربانية، مثل انطفاء نار فارس واهتزاز إيوان كسرى، التي كانت بمثابة إعلانات عن قدوم نبي سيغير مجرى الأحداث.

 الرسالة النبوية والتأثير على المجتمع

جاء النبي محمد صلى الله عليه وسلم برسالة الإسلام التي دعت إلى التوحيد، والعدالة، والرحمة. 

كانت رسالته تعبيرًا عن القيم الإنسانية العليا التي تهدف إلى بناء مجتمع قائم على الأخلاق الحميدة والمساواة. 

من خلال دعوته، أعاد تشكيل القيم الاجتماعية، وأرسى مبادئ العدالة الاجتماعية، والمساواة بين الناس، وحقوق المرأة واليتيم.

ذكرى المولد النبوي الشريف لعام 2024  إحياء ذكرى مولد النبي

في ذكرى مولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم، يُحيي المسلمون هذه المناسبة بالعديد من الطقوس والفعاليات التي تعبر عن محبتهم وإجلالهم للنبي.

 تشمل هذه الفعاليات تلاوة القرآن الكريم، إنشاد المدائح النبوية، وإقامة المحاضرات والدروس التي تستعرض سيرة النبي وتعاليمه.

 كما يتم تنظيم أعمال خيرية مثل توزيع الطعام والحلويات على الفقراء والمحتاجين، في تجسيد لقيم الكرم والعطاء التي علمها النبي صلى الله عليه وسلم.

ذكرى المولد النبوي الشريف لعام 2024  دروس من ذكرى المولد النبوي

تُعد ذكرى مولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم فرصة للتأمل في الدروس والعبر التي يمكن أن نستفيد منها في حياتنا اليومية.

 تعلمنا سيرة النبي أهمية الصبر، والتسامح، والعطاء، وتحثنا على تبني قيم العدالة والإحسان في تعاملاتنا. 

إن إحياء ذكرى هذا اليوم يدفعنا إلى الاقتداء بأخلاق النبي والعمل على تحسين مجتمعاتنا بما يتماشى مع تعاليمه.

ذكري المولد النبوي الشريف 

تظل ذكرى مولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم إشراقة أمل في تاريخ الإنسانية، تذكيرًا بقدوم نور الهداية والرحمة.

 من خلال إحياء هذه المناسبة، يتجدد في النفوس الإيمان بأهمية الرسالة النبوية، وتُعزز الروح الجماعية في العمل نحو بناء مجتمع أكثر إنسانية، قائم على القيم النبوية السامية التي حملها النبي صلى الله عليه وسلم.

مقالات مشابهة

  • السيرة النبوية مصدر إلهام الدراما والسينما
  • فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة
  • أحمد ياسر يكتب: اسأل عما تستطيع أن تفعله..كيف نفي بوعود الديمقراطية؟
  • مولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم: تجسيد للرحمة والهداية
  • مولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم: تجسيد لقيم الرحمة والإصلاح
  • مؤمن الجندي يكتب: وداعًا قصاص السيرة
  • مولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم: بداية فجر جديد للبشرية
  • مولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم: ميلاد الرحمة والإصلاح
  • مولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم: إشراقة الأمل في تاريخ الإنسانية
  • محمد أكرم دياب يكتب: 10 قراءات للقرآن "خالي عمل"