تتحرك مصر دائما وفق مكانتها وتاريخها وليس وفق خطط مشبوهة أو مؤتمرات، وتتحرك من منطلق قناعات وأسس ومبادئ مصرية راسخة عبر تاريخها، فهى دائماً ما تدعم الدول الصديقة والشقيقة ليس طمعاً فى مصلحة ودون مواربة أو مكايدة لأحد أو التدخل فى الشئون الداخلية لأى دولة، ولكن أيضاً فإن مواقف مصر وتحركاتها السياسية والعسكرية لها هدف أكبر وهو حماية أمنها القومى وحدودها، خاصة فى ظل التحديات الراهنة والتهديدات التى تواجه أمننا القومى، سواء فى ليبيا أو فلسطين أو السودان أو الحدود الشرقية والحرب على غزة، وكذلك ما يحدث فى دولة الصومال والقرن الأفريقى وينعكس على مصر وأمنها القومى.

ومرة أخرى نؤكد أن مصر الكبيرة مصر السيسى لا تتحرك لاستهداف دولة بعينها ولا تتآمر فى الخفاء، ولكن تعمل من أجل التعاون والبناء والتنمية لدول الإقليم والقارة الأفريقية، وفى نفس الوقت حماية أمنها القومى، وهو الأمر الذى يستوجب الوقوف بقوة خلف القيادة السياسية وما تتخذه من تحركات وإجراءات لحماية مصر وأمنها وحدودها.

وهنا لا بد من الإشارة إلى بيان الخارجية الإثيوبية، الذى أبدى قلقاً من التعاون المصرى مع الصومال، وهو ينطلق من تكهنات ومخاوف نابعة من حالة الرعب الإثيوبى، والخوف دون أسس أو منطق ودون النظر إلى أن مواقف مصر السابقة وسياساتها الراسخة تعكس مواقف شريفة وطنية وقومية لا تستهدف أحداً، ولكن تقف بجانب الدول الصديقة وتقدم لها الدعم، خاصة التى تشترك معنا فى الملفات التى تهم أمننا القومى والرؤى حول القضايا والملفات المشتركة، وفى إطار التعاون القومى العربى أو التعاون مع كافة دول القارة الأفريقية.

وما تقوم به مصر فى كل خطواتها يعكس قدرها ومكانتها التاريخية، فهى تقوم بدور كبير ليس فقط لحماية الأمن القومى المصرى ولكن لحماية أمن المنطقة كلها واستقرارها.

أما التعاون المصرى مع الصومال فقد قالها الرئيس عبدالفتاح السيسى صراحة خلال المؤتمر الصحفى مع نظيره الصومالى، شيخ محمود منتصف شهر أغسطس الجارى قائلاً: «رأينا اليوم التعاون العسكرى، والاتفاق الذى جرى بين وزيرى الدفاع فى مصر والصومال وتعاوننا يهدف إلى البناء والتنمية والتعمير، ولا نتدخل أبداً فى شئون الدول، لأن ما يحكم مسارات سياستنا هو احترام القانون الدولى وسيادة الدول».

وأكد الرئيس السيسى أيضاً أن التعاون مع الصومال مهم جداً، كدول الجوار ودول الإقليم ودول القرن الأفريقى، مشدداً على احترام سيادة الدول، والحفاظ على استقلالها، وأن ما يحكم العلاقة مع الصومال هو التعاون وليس أكثر من ذلك.

ولا شك أن البيانات الإثيوبية المرتعشة منذ إعلان التعاون المصرى مع الصومال لا تقوم على أسس حقيقية بل أوهام صورها الخوف والوهم دون دراسة حقيقية لمواقف مصر الثابتة الصريحة والواضحة دائماً، والتى تقوم عليها السياسة المصرية وهى عدم التدخل فى الشئون الداخلية لأى دولة واحترام سيادة الدول، وأن مصر أبداً لا تتبع سياسات الالتفاف أو المواربة، ولكن هدف مصر الوحيد هو حماية شعبها واستكمال التنمية المستدامة وبناء الجمهورية الجديدة، فمصر لديها القدرة على حماية حدودها رغم المؤامرات والخطط التى تستهدف استقرار مصر.

والتحركات المصرية تكشف أيضاً أن مصر لديها الكثير من أوراق الضغط القوية، والقدرة على ردع كل من تسول له نفسه تهديد مصر أو الإضرار بمصالحها أو أمنها واستقرارها والأمن القومى، كما يصفه الرئيس دائماً «الأمن القومى المصرى خط أحمر».

ومع ذلك مصر ماضية فى تحركاتها وسياساتها من أجل البناء والتنمية واستكمال المشروعات، ولا تلتفت لأى تصريحات أو مهاترات، فهذا هو قدر الدول الكبرى لأن لديها دوراً أكبر، خاصة فى ظل التحديات التى تعصف بالمنطقة أو العالم كله والتى تستوجب الاصطفاف الوطنى خلف القيادة السياسية والقوات المسلحة المصرية وما تقوم به لحماية أمنها وحدودها، فى ظل تلاطم الأمواج العالمية والاستقطاب الدولى وازدواج المعايير الغربية، خاصة تجاه القضية الفلسطينية وغيرها من قضايا الإقليم الذى يقف على شفا حرب إقليمية واتساع نطاق الحرب على غزة لتطال دولاً أخرى.

* رئيس لجنة النقل والمواصلات بمجلس النواب

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: مصر البناء والتنمية مع الصومال

إقرأ أيضاً:

محمد مغربي يكتب.. وداعا للدروس الخصوصية

مشهد نهارى، صورة من بعيد لمدرسة عادية، وبخاصية الـ«زوم إن» تظهر مشاجرة داخل فصل مدرسى بين ولىّ أمر وروبوت اصطناعى، يصرخ الأب «فين المدير اللى هنا؟»، ويرد عليه الروبوت: «احترم نفسك، أنا مدرس قد الدنيا واللى عندك اعمله»، فيما تتدخل روبوتات الفصول الأخرى فى محاولة لتهدئة الأب الغاضب ولمنع تهشيم صاحبهم الروبوت أيضاً، وفى اليوم التالى يخرج وزير التربية والتعليم ليؤكد «احترام الروبوت من احترام الوزارة». لو كان السيناريست رأفت الميهى حياً الآن لرسم هذا المشهد بطريقته الساخرة ليؤكد أن برامج الذكاء الاصطناعى لن تقدر على المصريين، ويؤكد فى نفس الوقت أن هكذا سيكون المستقبل كما فعل فى أفلام مثل «السادة الرجال» الذى تحقق الكثير منه فى الوقت الحالى.

لكن «الميهى» قد رحل، وفرصة التنبؤ نفسها لم تعد موجودة، إذ أصبح ذلك حقيقة واقعة أعلنت عنها الإمارات منذ أيام، حين أوضحت أن هناك منصات تعليمية مثل «Alef Education» و«Al Mawrid» ستتم إدارتها بالذكاء الاصطناعى ومن خلال «معلم ذكى»، داعية الطلاب إلى التسجيل والتجربة المجانية التى معها ينسدل الستار على المفهوم التقليدى للتعليم. وبحسب التجربة الإماراتية، فإن «معلم الذكاء الاصطناعى» يخضع لتحليل شامل بواسطة الخوارزميات، ليكون مؤهلاً لمعرفة نقاط الضعف والقوة لدى الطلاب، وكيفية تطويرهم وتلبية تطلعاتهم ومتطلباتهم، إضافة إلى ميزة إتاحة «المعلم الذكى» طوال الأسبوع وفى أى ساعة لمساعدة الطلاب وقتما يحتاجون، كما تتيح تلك الميزة ترتيب الجلسات للطلاب فى الوقت الذى يحتاجونه ومن أى مكان فى العالم. وبحسب تقنية البرمجة سيتم اكتشاف أى نقاط ضعف على الفور وتوجيه توصيات محددة لمعالجة أوجه هذا القصور.. ووفقاً لتصريحات المسئولين عن هذه المنصات فى الإمارات، فإن المعلم الذكى لديه قدرة على فهم المشاعر الإنسانية أيضاً، وأكدت التجارب ذلك فى مجالات مثل العلوم والهندسة والرياضيات، أما المتلقى ففى حالة حاجته لأى شىء فيمكنه طلب ذلك، وحينها سيتواصل معه مدرس بشرى من المشرفين على المنصة التى تهدف فى النهاية إلى مستوى جديد من الابتكار فتعفيهم من مصروفات الدروس الخصوصية الباهظة، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى تعوّض المدرسين بإشراكهم فى هذه العملية من خلال الإشراف.

بالطبع بعد تلك التجربة الإماراتية، لن يتبادر إلى ذهن القارئ، سوى سؤال واحد: لماذا لا تُطبَّق تلك التجربة فى مصر؟، خاصة أن الدروس الخصوصية صارت تجسّد العبء الأكبر على كاهل الأسرة المصرية، ووصل حجمها فى 2018 إلى 10 مليارات جنيه، بجانب الفوائد المالية التى يُمكن أن توفّرها هذه المنصات، فإن الدروس الخصوصية نفسها صارت فى أوقات كثيرة غير مجدية لأنها تعتمد على الحفظ والتلقين دون التركيز على التفكير النقدى أو الفهم العميق، عكس المنصات التى تقدم أساليب تفاعلية تجعل التعلّم أكثر جذباً، بجانب استخدام مقاطع الفيديو والألعاب لتوصيل المعلومات ولجعل عملية التعلّم ممتعة وفعالة فى نفس الوقت، ومن ناحية أخرى فهى تتيح للمعلمين متابعة أداء طلابهم بسهولة، وتقديم دعم إضافى إذا لزم الأمر.

لكن لتطبيق ذلك فى مصر، يجب أولاً اتخاذ عدّة إجراءات لتصبح النتيجة مثمرة، وأول هذه الإجراءات تطوير منصات تعليمية تعتمد على الذكاء الاصطناعى، وتتماشى مع المناهج المصرية واحتياجات الطلاب، وهذا بدوره يتطلب تعاوناً بين وزارة التربية والتعليم والقطاع التكنولوجى، كما يجب أن يتم توفير الدعم اللازم للمعلمين، من أجل تدريبهم على استخدام هذه المنصات بأكبر فاعلية ممكنة، وفى حالة حدوث ذلك، يمكن أخيراً الوصول إلى حل حاسم للدروس الخصوصية بتوفير تعليم لكل طالب دون اللجوء إلى الأعباء المالية الضخمة.

مقالات مشابهة

  • المستشار رضا صقر يكتب: بداية جديدة
  • النائب أحمد مهنى يكتب: حرية المشاركة
  • عمرو فهمى يكتب: بناء دولة حديثة
  • النائب علاء عابد يكتب: الانتخابات الأمريكية بين «غزة وأوكرانيا»
  • الدكتور منجي على بدر يكتب: نتائج قمة «منتدى الصين»
  • محمد مغربي يكتب.. وداعا للدروس الخصوصية
  • الفلاح المصرى عصب مصر
  • النائب علاء عابد: زيارة الرئيس الألمانى لمصر فرصة ذهبية لتعزيز الاستثمارات الألمانية
  • النائب علاء عابد: زيارة الرئيس الألماني لمصر فرصة ذهبية لتعزيز الاستثمارات
  • علاء عابد: حزمة التيسيرات الضريبية الجديدة تعزز مناخ الاستثمار