سواليف:
2024-10-06@09:52:30 GMT

تأملات قرآنية

تاريخ النشر: 10th, August 2023 GMT

تأملات قرآنية

#تأملات_قرآنية

د. #هاشم_غرايبة

يقول تعالى في #آية_الكرسي وهي الآية من سورة البقرة: “من ذا الذي يشفع عنده الا بإذنه، يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون بشيء من علمه الا بما شاء”.
استعماله تعالى لـ (من الاستفهامية) في موضع الاستفهام الاستنكاري، جاء ليقطع الأمل الذي يعزي به العصاة المكابرون من بين المسلمين أنفسهم قائلين: بما ان الله غفور رحيم، ونحن من أمة حبيب الحق محمد صلى الله عليه وسلم فسيقبل شفاعته فينا يوم القيامة حينما يقول: أمتي أمتي، صحيح أن شفاعته صلى الله عليه وسلم ستكون الملاذ الأخير لمن خفت موازينه، لكنها ليست مطلقة، بل وفق من أذن الله لهم بالشفاعة فيهم.


فقد منح الله البشر جميعا الفرصة كاملة في حياتهم الدنيا، للعمل الصالح من أجل استحقاق الجنة التي خلقها لهم، ولما كانت من علم الغيب، فقد عرّفها لهم وصفا بكتابه الكريم، وحِسّياً بشيء بسيط من أطايبها من خلال ما رزقهم من طيبات في الدنيا.
ولما كان قد أسقط ذريعتهم بأنهم كانوا جاهلين، بعد أذ أرسل اليهم رسلا مبشرين لمن ابتغى الصلاح والتقوى، ومنذرين من أعرض وكذب بالدين. فما عاد لأحد من عذر، فكلٌّ سينال ما وُعِد وحسبما اختار، لذلك فما تنفعهم شفاعة الشافعين.
ان كرم الله ورحمته لا حدود لهما، فقد فضل الناس بعضهم على بعض درجات، وذوي الدرجات العلى منهم كرمهم بالشفاعة لغيرهم ممن لم تسعفهم أعمالهم في ترجيح ميزانهم، لكنه في هذه الآية يبين أن الشفاعة ليست حقا مكتسبا لمن أكرمهم بتلك المنزلة، بل هي خاضعة لإذنه وموافقته، فهنالك بعض الناس استحقوا مقت الله فخرجوا من رحمته، فلا تقبل الشفاعة فيهم مهما كان الشفيع عالي الدرجة.
لذلك فهذه الآية من شأنها أن تنبه وقبل فوات الأوان، بعضاً ممن ظلموا أنفسهم بكثرة المعاصي، ويرجون الشفاعة كونهم ينتمون الى الاسلام من غير العمل بموجب تشريعاته، من شأنها ان تجعل اوصالهم ترتعد خوفا من احتمالية رفض شفاعة الشافعين فيهم.
ثم يبين الله تعالى أنه يعلم كل ما يتعلق بماضي البشر ومستقبلهم، سواء أفعالهم أو أقوالهم وحتى سرائر نفوسهم، هذا العلم علم خبير متيقن، ومراقب لصيق، وعالِمٍ بالقادم المغيب عنهم لكنه له مكشوف.
هنا يبين الله للذين سيتلون القرآن في قادم الزمان وعلى تقلب الدهور، ان كل ما يصيبه الناس من معرفة وينالونه من علم، إن هو نزر بسيط من علمه، شاء أن يعلمهم إياه بتقديره ووفق قانون (سنة كونية) وضعه في سابق علمه، ولو شاء أن لا يعلموه ما علموه ولو قضوا دهورا في البحث العلمي والتجريب.
على سبيل المثال اعتقد العلماء الأقدمون أن المعادن أصلها واحد وبالإمكان تحويل العناصر الدنيا الى الذهب، بالطبع خاب ظنهم لكن الله ألهمهم في جهودهم هذه معرفة الكيمياء، فاكتشفوا كثيرا من القوانين التي تحكم علاقاتها، كما كانت تجاربهم مثمرة في اكتشاف كثير من السنن الكونية (القوانين الطبيعية) كالجاذبية والمغناطيسية الأرضية والاحتكاك …الخ، لم يعطهم الله العلم الذي به يتحكمون بهذه القوانين لأن ذلك سيتيح لهم التحكم في السنن الكونية المحكمة الدقة فيفسد النظام الكوني، لكنه ذللها لهم لكي يستعملوها في مخترعات افادت الناس في تسهيل أمور معيشتهم.
هنالك امور كثيرة لم يشأ الله للبشر ان يعلموها، لأنهم لو علموها لبغوا فيها، ولأفسدوا التوازنات الدقيقة، لذلك لن يفهموها أصلا، ولن ينفعهم بحث ولا تجريب مهما حاولوا، ومن الأمثلة عليها الروح والموت والحياة وكيفية تدبير معاشات الخلائق وأرزاقها، لأن هذه متعلقة بالخلق والذي هو شأنه وحده، ولذلك فالباب دونها مغلق.
هكذا يفتح الله ما يشاء وعلى من يشاء أبواب العلم التي تنفعهم ويغلق عليهم ما يفسد ويضر وبحكمته المطلقة، لكن الإنسان كان أكثر شيء جدلا، فيتوجه لما يضره أكثر مما ينفعه.

مقالات ذات صلة غيشان يكتب .. تفاصيل ما فعله أحمد حسن الزعبي 2023/08/10

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: آية الكرسي

إقرأ أيضاً:

حياة يوحنا المعمدان.. من البشارة إلي الاستشهاد

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

ولد يوحنا المعمدان من ابوين هما زكريا الكاهن وأليصابات، وقد بشر به قبل ولادته ، ووصف بأنه كان مكرسًا لله منذ صغره ، و اشتهر يوحنا بدعوته إلى التوبة والتجديد الروحي، وكان يعمد الناس في نهر الأردن كعلامة على التوبة ،و يعتبر يوحنا السابق للمسيح، حيث أعلن عن مجيء يسوع المسيح وعرَّفه للجماهير. قال: "هوذا حمل الله الذي يرفع خطايا العالم".

و عاش يوحنا حياة بسيطة، كان يرتدي جلود الحيوانات ويتغذى على الجراد والعسل البري. عُرف بتواضعه وقوة إيمانه ، و تم اعتقاله بسبب انتقاده للملك هيرودس بسبب زواجه من هيروديا، وتعرض للقتل، حيث أُعدم بقطع رأسه.
 

و يعتبر يوحنا المعمدان رمزًا للتوبة والإيمان، ويحتفل به في العديد من الطوائف المسيحية. يُعتبر أيضًا قديسًا في الإسلام، حيث يُشار إليه باسم "يحيى".


ويعتبر رمزًا للعبور من الموت إلى الحياة الروحية، ودعوته للتغيير تدعو الناس للعودة إلى الله.

وتجسد حياة يوحنا المعمدان أهمية الإيمان والتوبة، وتظل رسالته تلهم الكثيرين حتى اليوم.

مقالات مشابهة

  • حياة يوحنا المعمدان.. من البشارة إلي الاستشهاد
  • الإفتاء: الكل في طلب العلم سواء في السن والنوع
  • المنتخب العراقي.. كاساس يبين اسباب استدعاء الحموي ويستغرب تصرف منتظر ماجد
  • في اليوم العالمي للمعلم.. كيف حث الإسلام على العلم؟
  • مفتي الجمهورية: الإسلام يدعو إلى طلب العلم وتعمير الكون.. ويحض على احترام مكانة العلماء وتقديرهم
  • مفتي الجمهورية: الإسلام يدعو إلى طلب العلم وتعمير الكون
  • مفتي الجمهورية في اليوم العالمي للمعلم: الإسلام يدعو إلى طلب العلم دائما
  • أحبُّ الناسِ إلى اللهِ أنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ
  • جمعة: النبي كنز مخفي لمن أراد باب الله وعز الدنيا ومفاتيح الجنة