الفضائيات العربية وهويتها الوطنية في حروب الإبادة الإسرائيلية
تاريخ النشر: 31st, August 2024 GMT
في ظلال #طوفان_الأقصى “113”
الفضائيات العربية وهويتها الوطنية في #حروب_الإبادة_الإسرائيلية
بقلم د. #مصطفى_يوسف_اللداوي
بعض الفضائيات العربية ما زالت على أصالتها الوطنية، وانتمائها القومي، والتزامها الديني، لم تضل الطريق، ولم تحد عن الدرب، ولم تتخل عن الواجب، ولم تقصر في مهمتها، ولم تهمل في دورها، ولم تمل من طول الحرب وتكرار يوميات الجريمة والإبادة، والمذابح والدماء المستباحة، ولم تفتر همتها، ولم تتراجع دافعيتها، ولم تخطيء بوصلتها الإنسانية، ولم تشكُ من قلة عوائدها وانحسار الدعم عنها، وقلة أجور العاملين فيها، ولم تصغ السمع للأصوات الشاذة النشاز الناقدة لها والمعترضة على أدائها.
وما زالت على عهدها الوطني وعقدها الأخلاقي وقيمها المهنية، تشحذ الهمم وتواصل العمل، وتجتهد في كشف الحقائق وتسليط الضوء على الجرائم، وتعتقد بأنها جزءٌ من المعركة، وطرفٌ في القتال، تقف جنباً إلى جنب مع الشعب الفلسطيني المقاتل، تؤيده وتناصره، وتدافع عنه وتحميه، وتهاجم العدو الإسرائيلي وتفضحه، وتستخدم في وصفه كلماتٍ مختارةٍ تليق بقاتلٍ مجرمٍ معتدٍ يرتكب أفظع المجازر وأبشع حروب الإبادة ضد شعبٍ يبحث عن حقه في الحياة، وحقه في العيش الكريم في أرضه ووطنه وبين أهله.
هذه الفضائيات العربية التي تتعرض لمضايقاتٍ حكوميةٍ وعقوباتٍ دوليةٍ، وتشويشاتٍ فنيةٍ، وابتزازاتٍ ماليةٍ، وتحجب مواقعها عن الأقمار الاصطناعية، وتمنع شركات التوزيع من إدراجها على شبكاتها المحلية، ما زالت رغم ضيق الحال وقلة الإمكانيات، لساناً بالحق صادحاً، وصوتاً في المعركة مشاركاً، وسيفاً ضد العدو مشرعاً، تتمسك بمواقفها، وتصر على سياساتها، وتحافظ على خطها الوطني، ولا تقبل المساومة على هويتها، أو التفريط بانتمائها، وتعتبر أن ما تقوم به على شاشاتها لا يقل عما يقوم به الأبطال المقاومون في الميدان، والأهل الصامدون على الأرض وفي كل مكان، وهو حقاً عملٌ عظيمٌ وجهدٌ كبيرٌ نقدره ونحفظه، ونجل من يعمل فيها ويضحي معها، ولا يتردد في “الرباط” على جبهاتها.
فكل الشكر والتقدير لهذه الفضائيات العربية المقاومة، وللعاملين فيها والداعمين لها، والمحافظين على خطها والمتمسكين بنهجها، الذين سقط منهم على الأرض شهداء، وأصيب الكثير منهم وهم يحملون الكاميرات و”المايكات”، خلال القيام بواجبهم، وأثناء التوغل مع المقاومين في عملياتهم، وكثيرٌ منهم فقد بعضاً من أهله وولده انتقاماً منه، وعقاباً له على ما يقوم به ويشارك فيه، فهنيئاً لهؤلاء الأبطال الأحرار الذين بتنا نحفظ صورهم ولا ننسى أسماءهم، ونستبشر بهم ونأمل كثيراً بسماع صوتهم، وقد غدو رموزاً في إعلامنا المقاوم، ونجوماً في فضائنا الافتراضي وعالمنا الحر.
لكن الجانب الناصع المنير المضيء المشرق للإعلام العربي المقاوم، يقابله جانبٌ معتمٌ مظلمٌ أسودٌ قاتمٌ بهيمٌ، فاسدٌ منحرفٌ ضالٌ مريضٌ عقيمٌ، يقوم بأدوار مشبوهةٍ، ويؤدي نيابةً عن العدو مهام قذرةً، ويتصدى لتغطياتٍ مزورة واستقصائياتٍ كاذبة، ويعمل جاهداً لطمس الحقائق وتزوير الوقائع، وتشويه صورة المقاومة، وتلطيخ سمعة الشعب، وتبيض صفحة دولة الكيان الغاصب، وتطهيرها من رجس جرائمها وقبح أفعالها، ويصف العدو بالصديق، وينعت المقاومة بالعدو، ويسمي شهداءها قتلى، وقتلى العدو ضحايا، ويمنحه الحق في القتل والإبادة، ويعيب على الشعب والمقاومة حقهم في الدفاع عن النفس، والذود عن الوطن.
هذه الأصوات المارقة الغريبة الشاذة المنحرفة، الضالة الفاسدة التي لا تنطق بالحق، ولا تعرف غير الباطل، وتنعق في إعلامها كما تنعق البوم والغربان، وتتعمد تزوير الحقائق والانقلاب على القيم والأخلاق، والتنكب للماضي والتاريخ، وإنكار الحاضر وما تراه العيون، ولا تريد الخير لأمتها، ولا تتمنى الفرج لشعوبها، وتتعمد تشويه صورة بلادها، وتلطيخ شرف أمتها، وترضى أن تعمل بوقاً أجيراً، وصوتاً مأموراً، يدفع لها فتنهق، وتؤمر فتركع، وتوبخ فتخضع، ويكتب لها فتقرأ، ويملى عليها فتتقيأ، قد ارتضت الذل والهوان، وأبت إلا أن تعيش ذليلةً مستخدمةً، وضيعةً مستأجرة، تعمل عند مشغلها ولو كان أجنبياً، تخاف من سوطه كالغلمان والعبيد، وتطمع في ماله كالتجار والمناكيد، وتخلص له وهي تعلم أنه عدوها وقاتل أهلها.
هذه الأصوات الخبيثة تتولاها محطاتٌ عربيةٌ مارقةٌ، وهيئاتٌ إعلاميةٌ منشقة عن الأمة، ومرتدة عن دينها، ومنسلخة عن قومها، لا يشرفنا أن نذكر اسماءها وهي بسوئها معروفة، وبشارتها مشبوهة، إذ بذكرها يعلو شأنها، وهي والعياذ بالله أحقر من أن نذكرها بلساننا، ولا تستحق أن نلوث بها صفحاتنا، ولعلها تعرف نفسها جيداً، ولا تحتاج إلى كثير بيان، أو تفصيل هوية، وأهلنا يعرفونها جيداً، ولا يحبون مشاهدتها، ويستعيذون بالله عز وجل من اسمائها، وينفرون من أصوات مذيعها، ويستنكرون تحليلات ضيوفها، ويربأون بأنفسهم أن يضيعوا أوقاتهم بمتابعتها ومشاهدة برامجها.
اللهم إنَّا نبرأ من هذه المحطات، ونستعيذ بك من هؤلاء الإعلاميين الكاذبين، ونستجير بك من شرذمة الفجار الممولين، ونعوذ بك من شرور ضيوفهم، ومن ضلال محلليهم وخبث خبرائهم، وإننا على يقين بأن الله عزَّ وجل يترصدهم ويتعقبهم، وسيكون لهم بالمرصاد، وسينالهم حصاد ألسنتهم، وجمر أموالهم في صحتهم وأبدانهم، وفي بيوتهم وأولادهم.
وإنَّا نسأله سبحانه وتعالى أن يلعنهم والملائكة أجمعون، وأن يسود صفحاتهم وأن يفضحهم أمام الملأ الأعلى والعالم أجمع، وأن يعجل خاتمتهم ويهتك سرهم، إلا أن يتوبوا ويؤوبوا، ويتراجعوا عن خطأهم ويعودوا إلى صوابهم، وإلا فإن أرضنا ستلفظهم، وقبور أشرافنا لن تقبلهم، ونعال شعوبهم يوماً ستطالهم، ولعناتهم ستحل عليهم براءةً ومقاطعةً وعزلاً وحرماناً وإقصاءً وعقاباً.
بيروت في 30/8/2024
moustafa.leddawi@gmail.com
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: طوفان الأقصى مصطفى يوسف اللداوي الفضائیات العربیة
إقرأ أيضاً:
رفض وقف مبيعات الأسلحة للكيان الصهيوني.. تأكيد جديد للشراكة الصهيوأمريكية في حرب الإبادة بغزة
الثورة نت/..
في تأكيد جديد للشراكة الصهيوأمريكية في حرب الإبادة الجماعية والتجويع الجارية بقطاع غزة، عرقل مجلس الشيوخ الأمريكي، اليوم الخميس، ثلاثة قرارات كان من شأنها أن توقف بيع بعض الأسلحة لكيان العدو الصهيوني .
فبعد أقل من 24 ساعة فقط من استخدام الولايات المتحدة حق النقض “الفيتو” في مجلس الأمن ضد مشروع قرار لوقف الحرب في قطاع غزة، عرقل مجلس الشيوخ الأمريكي بأغلبية ساحقة ثلاثة قرارات تهدف إلى وقف بيع ونقل أسلحة أمريكية إلى الكيان الصهيوني، وسط قلق متزايد بشأن الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة.
وجاءت جميع الأصوات المؤيدة للقرارات من الحزب الديمقراطي، بينما عارضها خليط من الديمقراطيين والجمهوريين، وهو ما يعكس الانقسام بين الديمقراطيين الذين ينتمي إليهم الرئيس جو بايدن بشأن السياسة تجاه حكومة رئيس وزراء الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو.
ورفض 79 عضواً قرار بيع قذائف الدبابات للكيان الصهيوني، بينما أيده 18 فقط، وصوّت عضو واحد بالحضور فقط من دون تأييد أو رفض القرار.
وعارض 78 عضواً قرار منع شحن قذائف مورتر لكيان العدو، وأيّده 19، مع صوت واحد بالحضور فقط.
وصوّت 80 عضواً ضد إجراء ثالث كان من شأنه أن يعرقل شحن ذخائر هجومية بينما أيّده 17، وشارك عضو واحد بالحضور.
وقُدمت القرارات بقيادة السيناتور المستقل بيرني ساندرز، وبدعم محدود من الديمقراطيين الذين أبدوا انتقادات حادة لمعاناة المدنيين الفلسطينيين في غزة.
وفي وقت سابق، دعا أعضاء يساريون في مجلس الشيوخ الأمريكي إدارة بايدن، إلى وقف إمداد الكيان الصهيوني بالأسلحة، مُتّهمين واشنطن بالتواطؤ في فظائع الحرب على قطاع غزة.
وعرض السيناتور المستقل بيرني ساندرز مع عدد من المُشرعين الديمقراطيين، نصوصا عِدة تدين المساعدات الأمريكية للكيان الصهيوني.
وأكد أن “الولايات المتحدة متواطئة في هذه الفظائع، وأن هذا التواطؤ يجب أن يتوقف وهذه هي فحوى مشاريع القرارات هذه”.
وقال ساندرز في مؤتمر صحفي: إن “ما يحدث في غزة يصعب وصفه”.. مشيرا إلى مقتل عشرات آلاف المدنيين في القطاع الفلسطيني، وتدمير المباني و”منع “إسرائيل” دخول مساعدات إنسانية تشتد الحاجة إليها”.
وشدد على أن “ما يجعل الوضع أكثر إيلاما هو أن القسم الأكبر مما يحدث هناك ينفّذ بأسلحة أمريكية وبدعم من دافعي الضرائب الأمريكيين”.
وعاد ساندرز إلى اتهام رئيس وزراء الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو بانتهاك القانون الدولي والأمريكي وحقوق الإنسان وعرقله وصول المساعدات لقطاع غزة.
وخلال المؤتمر، استعرض ساندرز صوراً تظهر المأساة الإنسانية في غزة، نتيجة الإبادة الجماعية التي يقوم بها العدو الصهيوني.
وعطلت الولايات المتحدة، أمس الأربعاء، صدور قرار من مجلس الأمن الدولي يدعو الى وقف فوري وغير مشروط ودائم لإطلاق النار في غزة عبر استخدام حق النقض “الفيتو “.
وكان مشروع القرار الذي أيدته 14 دولة وعارضته الولايات المتحدة، يطالب بوقف فوري وغير مشروط ودائم لإطلاق النار يجب أن تحترمه كل الأطراف والإفراج الفوري وغير المشروط عن كل الرهائن.
ويواصل جيش العدو الصهيوني، مدعوما من الولايات المتحدة وأوروبا، للعام الثاني على التوالي، عدوانه على قطاع غزة، حيث تقصف طائراته محيط المستشفيات والبنايات والأبراج ومنازل المدنيين الفلسطينيين وتدمرها فوق رؤوس ساكنيها، ويمنع دخول الماء والغذاء والدواء والوقود.
وخلّف العدوان الصهيوأمريكي نحو 148 ألف شهيد وجريح فلسطينيي، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على عشرة آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة استشهد على إثرها عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.