صحيفة الاتحاد:
2024-12-22@15:45:07 GMT

د. عبدالله الغذامي يكتب: شجرة النسق

تاريخ النشر: 31st, August 2024 GMT

لنتعرف على شجرة النسق ومضمراته الثقافية نبدأ من قول أدونيس:
(مالكٌ ملكه الأرض والسماء
شَعره النبات
جسده الأقاليم
عروقه الأنهار
ويداه جناحان يمشي بهما في الفضاء
ظاهره برٌّ
باطنه بحر ٌ).
وهنا يتكشف المضمر من تحت الظاهر، وهذه الصورة الأسطورية جاءت من نسق الشعرية الذي تشكل من رحم الشعر العربي منذ الجاهلية ليبلغ هرمه الدلالي على لسان شاعر تراه الثقافة العامة الرمزَ الأخطر للحداثة.

والسؤال هنا: فكيف يكون حداثياً ورجعياً في آن؟ وسنرى علامة ذلك الانقلاب، حيث يقول أدونيس إن الأساس هو الشاعر لا الشعر، وهنا تكون الذات أكبر من الموضوع ومن اللغة، وديوانه الذي فيه هذه القصيدة يحمل عنوان (مفرد بصيغة الجمع)، وهذا المفرد هو الشاعر تحديداً الذي هو الكل المطلق، وهذا الكل المطلق ابتدأ منذ الجاهلية مع عمرو بن كلثوم (ملأنا البر حتى ضاق منا/ وماء البحر نملؤه سفينا)، ومضى هذا المعنى يتجذر عابراً للقرون ويتجدد مع الشعراء، فالحمداني يقول: (لنا الصدر دون العالمين أو القبر)، ونزار قباني يقول: (جربت أنواع العبادة كلّها/ فوجدت أحسنها عبادة ذاتي)، ولم يك هذا خارج سياق المضمر الثقافي، فنحن نرى ذلك أولاً في شعرنا في كل مراحله ولم ينقطع قط، وظل يعمر الخطاب الشعري ويعمر استشهادات الذاكرة. فكلنا نتذوق ونطرب للمتنبي وأناه المتضخمة ولا نخجل من تمجيد ذلك التضخم مع الذات النافية لغيرها، على أن المتنبي هو سيد غايات النسقية الثقافية. وهو نموذج الشعرنة.
ويقابله نموذج غربي نجده في الفلسفة وهي ديوان الغرب كما الشعر ديوان العرب، وكلمة أفلاطون بأن الحرية والمساواة شرٌّ مطلقٌ لأنها تساوي بين العبد والسيد، هي التي ترددت في مظاهرات الأميركيين وشعارها (حياة السود مهمة)، أي أن الواقع يقول إنها غير مهمة في اتصال نسقي منذ أفلاطون حتى هذا اليوم، عابراً أبا الفلسفة الألمانية هيجل، حيث يعزز مقولة العبد السيد في صيغة المصانع، مثلاً حيث مالك المصنع سيدٌ والعمال عبيدٌ، تماماً كما يتمدد عندنا عمرو بن كلثوم ومفرده الذي هو بصيغة الكل (حسب تعزيز أدونيس للفكرة)، وهذه هي الشجرة النسقية في نموذج الشعرنة عربياً ونموذج العقلنة فلسفياً وفيهما معاً تعزيز للتفرد المطلق والأنا النافية للمختلف.
* كاتب ومفكر سعودي- أستاذ النقد والنظرية/ جامعة الملك سعود - الرياض

أخبار ذات صلة د. عبدالله الغذامي يكتب: الحكمة (لقاء الشعر والفلسفة) د. عبدالله الغذامي يكتب: انتصار الكتابة

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: عبدالله الغذامي

إقرأ أيضاً:

‏الجيش الإسرائيلي يقول إنه اعترض مسيرة قادمة من جهة الشرق

قال ‏الجيش الإسرائيلي، إنه اعترض مسيرة قادمة من جهة الشرق.

وأعلن الجيش السوري أن تنظيمات إرهابية مسلحة، شنت هجوما كبيرا على قرى آمنة وبلدات في ريفي حلب وإدلب الجنوبي.

وذكرت وزارة الدفاع السورية، أن القوات المسلحة السورية ردت على الهجوم الإرهابي في محافظتي حلب وإدلب وكبدت المسلحين خسائر فادحة في المعدات والعناصر البشرية.

ونوهت صحيفة الوطن السورية نقلا عن مصادر عسكرية، بأن الجيش السوري هاجم خطوط إمداد المسلحين غرب مدينة حلب وهاجم تجمعات الإرهابيين في إدلب.

مقالات مشابهة

  • د.حماد عبدالله يكتب: " بلطجة " التعليم الخاص !!
  • دعاء قبل الأكل.. ماذا كان يقول الرسول قبل تناول الطعام؟
  • رمطان لعمامرة يقول إن زيارته للسودان تهدف إلى الوصول لحل سلمي للحرب
  • ‏الجيش الإسرائيلي يقول إنه اعترض مسيرة قادمة من جهة الشرق
  • عبدالله علي ابراهيم ، لمن يكتب هذا الرجل ؟
  • الكل باعك حتى نقابتك..رد مرتضى منصورعلي قرار نقابة المهن السينمائية بشأن عمر زهران
  • د. عبدالله الغذامي يكتب: أوروبا المنكسرة (سلطة الأم أم سلطة الأب)
  • سامح قاسم يكتب: الأدب السوري وازدواجية الألم
  • ثورة ديسمبر هزيمة الكل أمام التاريخ
  • د.حماد عبدالله يكتب: المشروعات " الوطنية " الكبري !!