مقدمة نشرة أخبار الـ "أن بي أن"
ستة وأربعون، والقلم وما يسطرون.
مازلت أنت أنت، التين والزيتون وطور سنين، مازلت قمحنا وخبزنا وكفاف يومنا ومنك مازلنا لا نشبع.
ما برحت أنت أنت، أرض الوطن التي نبحث عنها، وتغييبك تغريبة نهرب منها.
أنت أنت عمامة وعباءة ومسجد وكنيسة أجراسها للقضية نقرع، مازلت مصنعا للمجتمع المقاوم و للرجال الرجال سلاح ومقلع.
وهم، هم نخيلهم أضحى كالتراب، أعمدة صلبت عليها كرامة العرب.
يا سيدنا، أيها الصدر الذي لا سعة له في القلوب.
لتغييبك المدوي صوتا وصمتا.
لحضورك الذي لا يشيب وعينيك اللتين لا تعرفان المغيب.
لمواسم المقاومة بين كفيك...وثمار النصر طوع يديك.
لصراطك المستقيم وأفواجك تخرج من كل فج عظيم، لرائحة الحقول العابقة بعرق الفلاحين وشتلة التبغ المرة كسواعد المقاومين، ليس غيرك أحد ليطيب خاطر الجنوب وليمسح الغبار عن جبين الحجارة ويبلسم عن جسده الندوب.
معك كنا...مازلنا...لما نزل... كالأزل...نعانق الشوق مع الشوك...والدمع أدمى المقل... معك...على النهج...باقون ...مقاومون ...قيد أنملة لا نتزحزح ولا نبرح... وإن يهدم لنا ألف ألف بيت...وإن نقتل...وإن نذبح...حي على خير العمل... موال لنا يصدح...
ها هي الجغرافيا التي بينها وبينك قسم وخبز وملح...من بعلبك الى بيروت وصور وكل جهات الوطن...لا يطيب لها العيش الا على متن صدرك ...والله عليم بذات الصدور....
في الحادي والثلاثين من آب...يقف حامل امانة تنوء على حملها الجبال...لا تتسع لها الأرض...وحدودها السماء....
يصرخ الأمين على القضية في صحراء العرب...نبيه لا يساوم...لا يتنازل...ولا يستسلم...يجاهد في سبيل الله والوطن والقضية ولا يخاف لومة لائم...وكل ذلك فضل من الله يؤتيه من يشاء.
اليوم وغدا نطل عليكم في النشرات الخاصة بذكرى تغييب الإمام الصدر لنروي نفحات من سيرته و بصيرته ومحطات حياته بلسان من عرفه..ومن آمن بنهجه....
مقدمة نشرة أخبار الـ "أم تي في"
بين وقائع الميدان في الاراضي الفلسطينية والمفاوضات الدائرة في القاهرة تناقض فاضح. فلليوم الثالث على التوالي يواصل الجيش الاسرائيلي توغله في شمال الضفة الغربية، وقد سقط عدد من القتلى ابرزهم قائد حماس في مدينة جنين وسام الحازم.
واللافت ان الجيش الاسرائيلي أكد ان العملية العسكرية في الضفة غير محددة بفترة زمنية، وستستمر حتى تحقيق اهدافها. في المقابل، فان المفاوضات تحقق خطوات كبيرة الى الامام.
ووفق الاعلام الاسرائيلي فان الطرفين باشرا تبادل قوائم باسماء من سيتم اطلاق سراحهم عند تحقق وقف اطلاق النار. فهل يعني التناقض بين الميدان والمفاوضات ان المعارك بلغت نهاياتها، مرحليا على الاقل، وان كل طرف يحاول تحقيق اكبر قدر من المكاسب قبل التوصل الى الهدنة ؟
في الجنوب الوضع على حاله، فالغارات الاسرائيلية تواصلت، كذلك القصف المتبادل بين الجيش الاسرائيلي وحزب الله. أما سياسيا فانتظار لكلمتين. الاولى غدا السبت لرئيس مجلس النواب نبيه بري، وينتظر ان يتطرق فيها الى التطورات الميدانية والى الاستحقاقات السياسية ولا سيما رئاسة الجمهورية. ولا يستبعد ان يعود بري الى طرح مبادرته الحوارية في محاولة لاعادة احيائها.
اما الكلمة الثانية فلرئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع تردد انه سيطرح فيها خريطة طريق ليس لحل مشكلة الرئاسة المعلقة فقط، بل لمختلف القضايا التي تشكل مصدر خلاف وانقسام بين اللبنانيين.
البداية عسكرية، وتحديدا من الفراغ الذي خلفه اغتيال فؤاد شكر على صعيد القيادة العسكرية لحزب الله. فمن سيصبح المسؤول العسكري الاول في الحزب؟.
مقدمة نشرة أخبار قناة "المنار"
كالمسيرات التي اخترقت كل دفاعاتهم الجوية ومنظوماتهم الدفاعية واصابت اهدافها في غاليلوت، اخترقت حقيقة يوم الاربعين كل الإطباق الصهيوني على اعلامهم وسياسييهم ومساحات التواصل الاجتماعي لديهم ، لمنع الافصاح عما جرى..
فكانت المعلومات عن المصادر الموثوقة التي تناقلتها وسائل اعلام لبنانية وعربية – حاضرة على صفحات الصحف العبرية، وفيها ان ست طائرات مسيرة لحزب الله اخترقت الدفاعات الجوية يوم الاحد، في اطار الرد على استهداف الضاحية الجنوبية لبيروت واستشهاد القائد الجهادي الكبير السيد فؤاد شكر، ووصلت المسيرات هذه الى القاعدة الواقعة في ضاحية تل ابيب الشمالية، وقد فرضت السلطات الصهيونية طوقا امنيا مشددا حول القاعدة التي تحوي مقرا للوحدة 8200، ومنعت الاقتراب منها او الدخول اليها لاي من العسكريين او المدنيين ..
وبما يدينهم أكثر، اشارت صحيفة يديعوت احرونوت الى أن التحقيقات أظهرت تنفيذ حزب الله الاحد الماضي هجوما غير مسبوق وهو الاخطر خلال الحرب، فكان وابل الصواريخ كثيفا جدا ودقيقا نسبيا، ومعه اسراب من الطائرات المسيرة والمتفجرة، بعضها يضم عشر طائرات في الوقت نفسه، وكان الهدف تفريغ منصات إطلاق القبة الحديدية، التي تحاول اعتراض الصواريخ أولا، وإثقال كاهل الجنود الذين ينظرون الى شاشات الرادار، لتمرير المسيرات..
اما التشويش الذي يصيب رؤيتهم العسكرية والسياسية، فتجلى في ساحات الضفة اليوم، بعد رمال غزة، مع معرفة حكومتهم الهاربة الى الامام ان كل عمليات القتل والتدمير والاغتيال لن تنال من عزيمة الفلسطينيين ومقاومتهم، ولن تبدل من زخم جبهات الاسناد، وان لا حل الا بالتوصل الى اتفاق لوقف اطلاق النار الذي يقوم بنيامين نتنياهو بوضع شروط وعراقيل مصطنعة امامه بحسب رئيس الحكومة الصهيونية السابق ايهود باراك، الذي وصف ما يجري منذ السابع من اوكتوبر بالفشل الاكبر في تاريخ كيانهم الحديث، فهذه الحرب فاشلة، ونتنياهو ربان فاشل يغرق السفينة، ويجب عدم السماح له بذلك، كما قال باراك...
مقدمة نشرة أخبار الـ "أو تي في"
إذا لم يطرأ جديد مفاجئ، ستبقى مفاوضات الهدنة في غزة تدور في حلقة مفرغة في انتظار اتضاح المشهد الرئاسي الاميركي، الذي يشهد يوما بعد يوما انقلابا متزايدا في الارقام لمصلحة كامالا هاريس، بعدما كانت المؤشرات تتجه بشكل واضح لصالح دونالد ترامب قبل انسحاب جو بايدن… فما مصلحة بنيامين نتنياهو في اهداء رئيس سيصبح سابقا بعد خمسة اشهر تقريبا، ومرشحة قد تفوز أو تهزم، نصرا سياسيا يستثمر ضد مرشح آخر هو عمليا أقرب إلى طروحاته منذ اندلاع الحرب؟
في الانتظار، التهديدات الاسرائيلية الكلامية تتواصل، من دون ان تقترن بما يوازيها على ارض الواقع، وفي هذا الاطار، وجه وزير الخارجية الإسرائيلية تهديدا مباشرا في الساعات الاخيرة باغتيال خالد مشعل، قائلا: إن إسرائيل ستضمن تحقيق أمنية الموت لمشعل ورفاقه في القيادة في أقرب وقت ممكن، مضيفا أن هذه المرة ستكون مختلفة وستتم. وجاء التهديد الصريح بعد تلويح المسؤول الفلسطيني من اسطنبول، بتكثيف العمليات الاستشهادية ضد إسرائيل، وفي وقت اعلن الجيش الاسرائيلي انهاء عملياته في جزء من وسط غزة وجنوبها، وتركيز الجهد العسكري في الضفة الغربية.
أما وزير الحرب الإسرائيلي، فدعا الى توسيع الأهداف المعلنة للحرب في غزة، متناولا مجددا الجبهة مع لبنان، بالقول: مهمتنا على الجبهة الشمالية واضحة، وهي ضمان عودة سكان بلدات الشمال إلى ديارهم بسلام. ومن أجل تحقيق هذا الهدف، لا بد أن نوسع أهداف الحرب.
وفي غضون ذلك، يتفرج لبنان الرسمي على تلاشي السيادة الوطنية، ويتكرس يوميا اضمحلال المؤسسات السياسية والقضائية والادارية، بدءا برئاسة الدولة، التي يبدو ان هناك من يستسيغ فراغها، لغايات مكشوفة، فالخشية اكيدة من مخطط خارجي للفراغ والاهتراء، وتعمد ألا تكون هناك حكومة شرعية.
غير ان انسداد الافق الرئاسي عمليا، لا يمنع الحركة الخارجية الساعية الى تحريك المياه الراكدة، وفي هذا الاطار، اشار السفير المصري الى وجوب ترقب الأيام المقبلة بعد زوال الخطر الاكبر في الجنوب، معتبرا ان على الجميع ابداء مرونة تسمح بالوصول الى تسوية، فنحن لم نقل سابقا أن حرب غزة لا تؤثر على لبنان، لكن هذا لا يمنع العمل من أجل تخفيف هذا التأثير.
أما أزمة البعض مع التيار الوطني الحر، بوصفه الحاجز الاخير امام استباحة ما تبقى من سيادة، وديموغرافيا، وشراكة وطنية، وأمل بإصلاح، فعلى موعد في الايام المقبلة مع سلسلة من الاطلالات الاعلامية للنائب جبران باسيل، التي تنقلها ال او.تي.في. مباشرة على الهواء، وعبر صفحتها على فايسبوك، تبدأ الليلة من الشوف، لتنتقل غدا الى زحلة والبقاع الاوسط، والجمعة المقبل الى البترون، على ان تتخللها سلسلة مواقف تتناول الشؤون السياسية والتيارية.
وخلال ايام، يطل رئيس التيار في حلقة مطولة عبر ال او.تي.في. يتناول خلالها بالتفصيل التطورات الاخيرة داخل التيار، واضعا اياها في اطارها الصحيح، وراسما خارطة الطريق للمستقبل.
مقدمة نشرة أخبار الـ "أل بي سي"
الأنظار مجددا اليوم إلى الضفة الغربية حيث واصلت إسرائيل الاغتيالات وأحدثها عملية اغتيال قيادي في حماس في مدينة جنين هو وسام حازم.
على مستوى المفاوضات، نقلت صحيفة هآرتس عن مصادر إسرائيلية، أن جولة المفاوضات في الدوحة لم تحرز تقدما يذكر وعاد الوفد الإسرائيلي المفاوض إلى تل أبيب.
والتعقيدات تواصلت بالنسبة إلى محور فيلادلفيا بين غزة ومصر، فالكابينت الاسرائيلي صوت على إبقاء الجيش في المحور المذكور.
بالانتقال إلى الجبهة الأبعد، اليمن، كارثة بيئية محتملة في البحر الأحمر.
تقول اليونان في رسالة وزعتها وكالة تابعة للأمم المتحدة اليوم الجمعة إن تسربا نفطيا محتملا بطول 2.2 ميل بحري رصد في منطقة مطابقة لموقع الناقلة سونيون التي اندلعت فيها النيران.
وأضافت اليونان أن هذه المعلومة مستندة إلى صورة التقطتها الأقمار الصناعية وحصلت عليها وكالة السلامة البحرية الأوروبية.
وذكرت اليونان أنه في ضوء الظروف المذكورة فإن حالة الناقلة تمثل خطرا بيئيا جسيما على البيئة البحرية في البحر الأحمر.
بالانتقال إلى جبهة الجنوب، حادثة غريبة حصلت مع مواطن لبناني، مسيرة تلاحقه لكنها تعود وتبتعد والأرجح لأنه غير الشخص المستهدف، كما يفسر أحد الخبراء.
مقدمة نشرة أخبار قناة "الجديد"
قليل من إيجابيات التفاوض.. كثير من التصفيات في الميدان والحرب.. حربان تخطو الى سنويتها الأولى في غزة وتحجز على الضفة الثانية إبادة بطبعة جديدة ضد الشعب الفلسطيني حيث المسيرات تلاحق المقاومين والدبابات تقتحم المخيمات وتطارد سيارات الاسعاف وتطوق المستشفيات،
وأعنف المواجهات تدور حاليا في جنين حيث تحاصر قوات الاحتلال الإسرائيلي المخيم بشكل كامل وتنشر القناصة على مداخله وسط اشتباكات داخل أحيائه، فيما أقدم الاحتلال على تصفية وسام خازم قائد حماس في جنين وعلى خطى غزة أعلنت إسرائيل أن العملية العسكرية في جنين غير محددة بزمن، وستنتهي بعد تحقيق أهدافها. والنيران الاسرائيلية خرجت ايضا من الكنيست الذي صادق على قرار نتنياهو البقاء في محور فيلادلفيا، في اول غطاء سياسي من نوعه لمسار المفاوضات عد تفجيرا للصفقة...
وشهد اجتماع المجلس الوزاري المصغر بشأن محور فيلادلفيا مواجهة كلامية وصراخا بين نتنياهو ووزير حربه يوآف غالانت، الذي صرخ وسخر من رئيس الحكومة قائلا بتهكم إن نتنياهو يمكنه اتخاذ القرارات وأن يقرر قتل كل المختطفين.
وتوقع مسؤولون اسرائيليون أن يشكل تصويت الكنيست عثرة جديدة امام مسار التفاوض الذي انطلق بفشل واستمر على إخفاقاته ومع تمسك اسرائيل بخط فيلادلفيا فانها تكون قد وجهت أولى الطعنات الى مصر وولايتها الأمنية والسياسية على أراض تابعة لها وبموجب اتفاق فيلادليفا في أيلول عام الفين وخمسة والذي تعده اسرائيل ملحقا امنيا بمعاهدة كامب ديفيد للسلام عام تسعة وسبعين،
سحبت اسرائيل قواتها في اطار خطة لفك الارتباط مع غزة، وعهد الى مصر نشر قواتها على الحدود الفاصلة مع القطاع وقدرت بنحو سبعمئة وخمسين جنديا من حرس الحدود، ولكن مصر اليوم تفاوض كمراقب سويدي، ولم تستخدم أوارقا مثبتة في معاهدات، او تضغط باتجاه حسم هذا النزاع لصالح إشرافها على أرض بملكها وام الدنيا وحدها قادرة على البت بهذا النزاع الذي يشكل إحدى أهم العقبات امام صفقة الحل، غير أن كل ما يرد من القاهرة يبقى في اطار الحياد وعدم الضغط على اسرائيل لفرض السيطرة المصرية في فيلادلفيا...
وفي السيطرة الاعلامية والامنية الاسرائيلية فإن لغز استهداف قاعدة غليلوت تأثر بصفارات إنذار في حزب الله في الساعات الماضية فمنذ فجر الأحد تحيط اسرائيل عملية الاربعين بصندوق أسود الى ان خرجت معلومات مصدرها محور المقاومة تتحدث عن تأكيدات موثوقة باستهداف غاليلوت بست مسيرات.
وزاد على هذا اليقين كلام للنائب حسن فضل الله قائلا إن معطيات المقاومة المؤكدة أن عددا من مسيراتها وصل بدقة إلى الأهداف المنتقاة، لكن قيادات العدو اتخذوا إجراءات، ولم يسمحوا بنشر أية صور تبين سلامة القاعدة من الاستهداف، والسبب أنه لا يريد أن يعطي إنجازا للمقاومة من جهة، ولأنه غير قادر على تنفيذ تهديداته باستهداف لبنان بحرب واسعة من جهة أخرى وتكتم بهذا الشكل ليقول إنه لم يحصل شيء، وكي لا يطالب بالردود من قبل مجتمعه.
وفي نقاط الاستهداف الرئاسي .. مسيرات الخماسية تعد بالاقلاع مجددا واستئناف التحرك الذي تم تجميده بفعل التطورات الاقليمية، وكشف السفير المصري علاء موسى ل الجديد عن عودة الخماسية للعمل على تسوية رئاسية مقبلة قائلا إن على اللبنانيين الاستفادة من الاحداث للتقدم باتجاه تسوية تحفظ مصلحة لبنان...
وقالت مصادر الخماسية للجديد إن الرأي الاميركي والسعودي والفرنسي يتحدث عن ضرورة إنجاز الاستحقاق الرئاسي في لبنان قبل انتهاء ولاية الرئيس الاميركي جو بايدن وأن الحركة ستبدأ منتصف ايلول سبتمبر المقبل وينتظر أن يعطي الرئيس نبيه بري إشارة المرور من خطاب تغييب الامام موسى الصدر غدا، وما اذا كان سيؤسس لأي مرونة تبنى عليها رحلة الافراج عن رئيس الجمهورية المغيب.
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: الجیش الاسرائیلی
إقرأ أيضاً:
ما الذي يكشفه طعن نجيب محفوظ عن السلطة في مصر ؟
قبل ثلاثين سنة، وتحديدًا في الرابع عشر من أكتوبر سنة 1994، تعرض الروائي المصري الشهير الحائز على جائزة نوبل في الأدب نجيب محفوظ للطعن في العنق وهو جالس في سيارة صديق على الضفة الغربية لنهر النيل في طريقه إلى لقائه الأسبوعي بمقهى في وسط القاهرة، ونجا محفوظ -البالغ آنذاك من العمر اثنين وثمانين عامًا- بأعجوبة من محاولة الاغتيال لكنه بات شبه عاجز عن الكتابة لما تبقى من حياته، وكان مرتكب الهجوم عضوًا في حركة إسلامية متشددة تعرف بـ«الجماعة الإسلامية»، وكانت متورطة آنذاك في أعمال عنف بشتى أرجاء مصر بهدف زعزعة النظام السياسي في مصر، وباستهداف الكاتب المرموق، كان مرتكب الهجوم يتحرك بتحريض من عالم متطرف يدعى عمر عبدالرحمن ويعرف أيضًا بـ«الشيخ الأعمى»، وكان آنذاك هو الزعيم الروحي للجماعة.
وقبل سنوات قليلة من ذلك، كان المرشد الأعلى لإيران آية الله روح الله الخميني قد أصدر فتواه الشهيرة الداعية إلى اغتيال الروائي البريطاني سلمان رشدي، وانتهز عبدالرحمن فرصة تجدد جدل ديني قديم حول أشهر روايات محفوظ وهي «أولاد حارتنا»، فقال الشيخ الأعمى تعليقًا على فتوى الخميني: إن محفوظ أيضًا مرتد مثل رشدي، مضيفًا إنه لو كان محفوظ قد قُتل قبل ثلاثين سنة لما اجترأ رشدي على كتابة روايته «الآيات الشيطانية»، وفي حين أن كلمات عبدالرحمن ليست بفتوى في شكلها، فقد فسرها أتباعه بأنها أمر بوجوب قتل محفوظ.
وصدرت «أولاد حارتنا» للمرة الأولى مسلسلة في صحيفة الأهرام المصرية المؤثرة سنة 1959، قبل عقود من محاولة اغتيال محفوظ، ومنذ ظهورها الأول وهي محط نزاعات دينية بسبب محتواها التجديفي المزعوم، ولم تنشر الرواية كتابًا في مصر إلا بعد وفاة محفوظ سنة 2006.
وإذ نعيد النظر في تاريخ الكتاب المضطرب بعد ثلاثين سنة من استهداف حياة محفوظ، يبدو أن الجدل الديني في وقت صدور «أولاد حارتنا» الأول كان في واقع الأمر ستارًا ملائمًا للنظام العسكري للرئيس المصري آنذاك جمال عبدالناصر، فمن خلال إتاحة المجال لاحتدام الجدل ولقيام المؤسسة الدينية بإعاقة نشر الرواية، استطاع نظام عبدالناصر أن يجتنب تناول الحجة الأساسية الكامنة في صلب الرواية، وهي الانتقاد السافر للمنحى القمعي الذي نحاه الحكم العسكري منذ انقلاب 1952، دونما مهاجمة صريحة للكاتب الذي كان قد حاز بالفعل على قدر معتبر من الشهرة وكان محبوبًا للغاية حتى من عبدالناصر نفسه.
ويقوم بناء الرواية على سلسلة نوفيلات [روايات قصيرة] تلمح إلى الأديان الإبراهيمية الثلاث، أي اليهودية والمسيحية والإسلام، وتدور أحداثها جميعًا حول وقف الجبلاوي، ذلك الأب النائي المعزول ذي الهالة الإلهية الذي يتجاوز عمره حدود الطبيعة، وفي حدث يذكرنا بطرد آدم وحواء من جنة عدن، يطرد الجبلاوي ذريته من أملاكه، ويحكم على أبنائه بحياة الشقاء في ظل قسوة حكامهم الطغاة والفتوات.
وتهون على الحارة محنتها بين الحين والآخر بظهور شخصيات عبر الأجيال تضاهي رمزيًا [الأنبياء] موسى وعيسى ومحمد، الذين يصورهم قلم محفوظ الشعري في سمات شديدة البشرية، فالأنبياء جميعًا لهم ارتباط وثيق بالجبلاوي، ومباركة الجبلاوي نفسه لهم تتيح لهم هداية أبناء الحارة واستعادة العدالة مؤقتًا في إدارة الوقف، غير أن تعاليم الأنبياء -بمرور الوقت- تتحول إلى عقائد جامدة قمعية يسيء استغلالها حكام وفتوات جدد، فيحكمون على مواطني الحارة مرة أخرى بحياة المذلة والحرمان، وفي القسم الأخير من الرواية، يحل العلم محل الشرائع الدينية الثلاث باعتباره عقيدة العصر الحديث الراسخة، ويرتكب مجسِّد العقلانية الحديثة دنس قتل الجبلاوي لكنه، شأن جميع أسلافه من قبله، يكون منذورًا للفشل في مسعاه إلى تحرير الحارة من الشقاء.
وفي الرواية العديد من الثيمات والعناصر التي كان من شأنها أن تثير غضب المؤسسة الدينية المصرية في أواخر الخمسينيات من القرن العشرين، منها «قتل الإله» والإيحاء بأن الإسلام محض دين من أديان كثيرة تفشل في النهاية في تحرير الإنسانية من شقائها، ومشهد للشخصية المجسدة أدبيًا للنبي محمد وتسمى بقاسم في الرواية إذ يدخن الحشيش على الجوزة، ومثلما روى محمد شعير بالتفصيل في كتابه «الرواية المحرمة» (2022)، فقد استفزت الرواية فعلًا غضب شخصيات دينية كثيرة في تلك الحقبة، ومن هذه الشخصيات من كان منتميًا لجامعة الأزهر في القاهرة، وهي من أبرز مؤسسات التعليم الإسلامي في العالم.
غير أن شعير يذكر حوارين ذهب فيهما محفوظ إلى أن الجلبة المحيطة بـ«أولاد حارتنا» بدأت بالفعل على يد كتَّاب آخرين، وفي حكيه للواقعة، يبدو أن شعير يشير إلى احتمال أن يكون الشاعر صالح جودت -لأغراض شخصية أو سياسية- قد كتب رسالة باسم مستعار اتهم فيها الرواية بالتجديف، فلفت إليها أنظار علماء الأزهر، وفي حين أننا لم نعرف مطلقًا من الذي كان أول من أثار زعم تجديف نجيب محفوظ، فإن نقادًا كثيرين في تاريخ «أولاد حارتنا» المعقد يتفقون على أن الجدل الديني قد طغى على جوهر الرواية السياسي الذي لا يزال بعد خمسة وستين عامًا يمثل اتهامًا قويًا لجميع أنظمة الحكم القمعية.
وكتب محفوظ الرواية بعد فترة انقطاع طويلة، وكانت أعماله قبلها -في مرحلته الواقعية- قد بلغت ذروتها بـ«الثلاثية» التي حظيت بثناء واسع، وبعد تحقيقه الشهرة الأدبية، فقد محفوظ بوصلته بعد انقلاب 1952 الذي أطاح بالملكية المصرية، لكنه أطاح بالليبرالية أيضًا وبحمية العشرينيات والثلاثينيات الفكرية، وقد تجسد فقدان البوصلة ذلك في توقف دام خمس سنوات بين «الثلاثية» و«أولاد حارتنا»، بل لقد فكر خلالها محفوظ في التوقف عن الكتابة، ثم عاد إلى فنه بأسلوب مختلف تمامًا، فكتب أكثر أعماله سياسية.
لم يغب محتوى الرواية السياسية عن فطنة رئيس تحرير الأهرام محمد حسنين هيكل، وكان هيكل -المقرب من عبد الناصر- قد قال لشعير: «إنه أدرك رسالة الرواية وأهميتها الهائلة»، وبعد مشاورة عبدالناصر، مضى هيكل ونشر العمل مسلسلًا، برغم تصاعد الجدل في الدوائر الدينية.
وفقا لقراءتي، وقراءة كثير من النقاد المذكورين في كتاب شعير، تشكل «أولاد حارتنا» شهادة سياسية على إيمان محفوظ بالمساواة وتحرر الإنسان أكثر مما تشكل تمثيلًا أدبيًا لموضوعات دينية، فوفقا لسرد محفوظ الفاتن والمبدد للأوهام، ليس بوسع العقائد الدينية أو التطورات التكنولوجية في نهاية المطاف أن ترفع الشقاء عن الحارة -وهي تمثيل لمصر إن لم تكن تمثيلًا للإنسانية-، ويبقى قصر الجبلاوي الفخم المنيع الذي تعيش خارجه حشود المحرومين والبائسين سالمًا ومهيمنًا، في حين يبدو أن عِبَر الأجيال الماضية وتعاليم الأنبياء السابقين قد طواها النسيان، فـ«آفة حارتنا النسيان» مثلما يتكرر في كل قسم جديد من الرواية.
وتقوم شهرة الرواية بالدرجة الأساسية، في مصر وخارجها، على اتهامات التجديف والجدل الديني الذي أثارته، وكثيرًا ما يرتبط محفوظ برشدي بوصفهما مثالين للكاتب العلماني المستهدف من المتطرفين الدينيين، غير أن هذا قد لا يعدو الجانب الإثاري الأكبر في الموضوع، ففي الواقع، يجسد مأزق «أولاد حارتنا» كيف استطاع نظام حكم استبدادي علماني أن يستغل جدلًا دينيًا لكبت صوت كاتب مؤثر كان يعبر عن سخطه على الوضع السياسي في مصر في ظل حكم عبدالناصر.
ولقد تبنى محفوظ نفسه هذا التفسير صراحة، ففي عام 2001 نقلت عنه مجلة أدبية مصرية قوله: إن «أولاد حارتنا» في المقام الأول رواية سياسية، والذين كنت أفكر فيهم وأنا أكتبها فهموا معناها، فعرفوا من أعني بالفتوات، لذلك أعتقد أنهم ربما كانوا وراء المنعطف الديني الذي مضت إليه الأمور، وكان محفوظ شديد الوعي بأن الجدل الديني أدى إلى سوء فهم عام حيال رسالة الرواية الأعمق؛ لأنه أكَّد في مناسبات عدة أنه في أثناء كتابة الرواية قد تأثر بأسئلة عن السلطة السياسية وكيفية تحديها، وفي حديث إلى جريدة كويتية سنة 1975، أعرب عن أسفه «لعدم فهم رسالته»، موضحًا أن الدافع الحقيقي لتأليف الرواية جاء من «وقوع هوة بينه وبين المجتمع» بعد أن شاهد مصر متألمة في أعقاب 1952 إذ اعترتها «تناقضات وأخطاء مفزعة... وبخاصة ما تعلق بالتعذيب والاعتقال»، وبعد أن رأى «بعض الناس ينتفعون من الثورة انتفاعًا هائلًا إلى أن أصبحوا أغنى من الإقطاعيين» الذين صودرت أراضيهم على يد عبدالناصر.
وعلى مدار الرواية، كان محفوظ يسائل الحكام العسكريين الجدد: «في صف من أنتم؟ الفتوات أم الأنبياء؟»، وكان هذا السؤال الصريح شديد الإشكالية في مصر في أواخر الخمسينيات، في ظل إحساس عظيم بالإثارة تجاه النظام العسكري، وبخاصة بعد نجاح تأميم قناة السويس سنة 1956، ووسط كل تلك الضجة، كتب محفوظ رواية مليئة بالإشارات المستفزة، والواضحة أيضًا، إلى الوضع السياسي آنذاك، بما كان يعني أن الحارة في نهاية المطاف «لا تزال هي الحارة نفسها، والفتوات هم الفتوات أنفسهم».
وتمثل «أولاد حارتنا» أيضًا أول وأهم لحظة في سلسلة من الحلقات التي وضعت محفوظ في مرمى النظام بسبب موقفه الانتقادي، إذ استهلت الرواية فترة تجريب أدبي دامت طوال عقد الستينيات وأوائل السبعينيات، وتظهر في روايات من قبيل «السمان والخريف» و«اللص والكلاب» و«ثرثرة فوق النيل» التي يتضافر فيها الإحباط والسخط من النظام السياسي الاستبدادي مع مختلف ثيمات فقدان الاتجاه والاستياء والسخرية العدمية، وحدث في تلك الفترة أن تعرضت روايات محفوظ لحذف مقاطع منها على أيدي رقباء الحكومة، وحدث أن كان هو نفسه على شفا التعرض للاعتقال فلم ينقذه منه إلا تدخل عبدالناصر الشخصي.
ظلت تداعيات الجدل الديني حول «أولاد حارتنا»، بجانب التوترات مع المؤسستين السياسية والثقافية في تلك الحقبة، مستولية على محفوظ حتى بعد حصوله على جائزة نوبل في الأدب سنة 1988، فقد تجددت اتهامات الردة في الدوائر الدينية المتطرفة بعد إعلان الجائزة، وتعرض محفوظ لاستهداف من بعض البلاد العربية بسبب تأييده لمعاهدة السلام بين مصر وإسرائيل سنة 1979 ومحاباته فكرة حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي بموجب حل الدولتين، وفي كتاب «قصة الرواية المحرمة»، يذكر محمد شعير واقعة مثيرة مزعومة عن عرض أحد موظفي منظمة التحرير الفلسطينية على محفوظ قرابة نصف مليون دولار -أي قرابة ثلاثة أمثال قيمة جائزة نوبل- ليرفض الجائزة المرموقة بسبب تعاطف لجنتها المفترض مع إسرائيل.
وبرغم نشأته أصلًا في عائلة متدينة، كانت أخلاقيات محفوظ السياسية نتاجًا لتربيته السياسية في حقبة ليبرالية بعض الشيء -أي حقبة القومية المصرية والنضال من أجل الاستقلال عن الاحتلال البريطاني- وتنشئته على يد المثقف العلماني التقدمي سلامة موسى، ونجيب محفوظ، على احترامه للسلطات الدينية في مصر، كانت لديه قناعات راسخة بأن الدولة الحديثة لا يجب أن توالي دينا أو عقيدة، وكان مقدرًا لهذه الرؤية العلمانية للمجتمع والسياسة أن تدفع بمحفوظ إلى الصدام مع أغلب الأطراف المتشددة في المؤسسة الدينية، وقد حدث هذا على الرغم من حقيقة تبدو بأثر رجعي منطوية على مفارقة، وهي أن من أوائل من التفتوا إلى مواهب محفوظ الأدبية سيد قطب وليس غيره، وهو منظِّر الإخوان المسلمين المرموق ومؤلف كتاب في الجهاد، وكان لفترة من الزمن صديقًا مقربًا من الكاتب.
توشك محاولة اغتيال محفوظ سنة 1994 أن تكون واقعة منسية استعادتها الذاكرة أخيرًا إثر محاولة اغتيال رشدي في 2022، وهذه الواقعة توجز الدور الإشكالي للإسلام الراديكالي في مصر المعاصرة وعلاقته المعقدة بالحكم العسكري في البلد الذي لجأ على مدى عقود إلى قمع الإسلاموية في بعض الأوقات وإلى تشجيعها في البعض الآخر، غير أن الأهم، من منظور معاصر، هو أن هذه الواقعة تلقي الضوء أيضًا على إيمان محفوظ بالديمقراطية والمساواة المنبوذتين اليوم تمامًا في مصر، وكما في عالم «أولاد حارتنا» الأدبي، يبدو أن مصر الحقيقية اليوم قد نسيت دروس الماضي وتعاليمه، وأحدثها دروس وتعاليم ثورة 2011 التي أطاحت بنظام حسني مبارك البالي، ويبدو قصر الجبلاوي بكل هيلمانه الطاغي أقرب إلى مخطط لمعمار المجتمع المزدهر في مصر، متجسدًا في العاصمة الإدارية الجديدة، الشاسعة والمعزولة، وفي العديد من المجمعات السكنية الراقية التي تغير وجه القاهرة.
وبرغم مضي خمسة وستين عامًا، لا تزال الرواية إذن عدسة استثنائية الوضوح يرى المرء من خلالها ويفهم قضايا مصر البنيوية السياسية والاجتماعية، وكذلك مأزقها الراهن، فلقد أقام الحكم شرعيته على استئصال الأصولية الدينية، وإذا به يقيم على أطلالها نظام قمع زاد من تفاقم الأوضاع الخطيرة التي كان أغلب المصريين يعانون منها في ظل أنظمة الحكم الغابرة.
لقد كتب محفوظ «أولاد حارتنا» في لحظة استنارة من منحنى مساره ككاتب ومثقف عام، لكنه ينهي الرواية برؤية مشرقة مشجعة: «ولنرينَّ في حارتنا مصرع الطغيان ومشرق النور والعجائب»، وقبل أكثر قليلًا من عقد، أدى التجاهل والإعراض عن محنة جموع المحرومين في مصر إلى أن ثارت «الحارة» وأطاحت بنظام، ولم يكن ذلك بأقل من معجزة، وفي الوقت الذي انمحى فيه ذلك الاضطراب التاريخي تقريبًا من الذاكرة الجمعية النسَّاءة، فإن أسبابه الكامنة لا تزال حاضرة إلى حد كبير، وكذلك لا تزال حاضرة وكامنة بذور انتفاضة مستقبلية، ومثلما استغرق نشر «أولاد حارتنا» في مصر خمسين سنة، فقد تلزم فترة أطول من الزمن لظهور رسالتها أخيرًا، كاملة، بوصفها قوة تحرير ووضوح.
جابرييل كوسنتينو أستاذ مساعد في قسم الصحافة والإعلام بالجامعة الأمريكية في القاهرة
ذي نيو لاينز