الجزيرة:
2025-03-18@02:39:16 GMT

السلام البعيد المنال في شرق الكونغو الديمقراطية

تاريخ النشر: 31st, August 2024 GMT

السلام البعيد المنال في شرق الكونغو الديمقراطية

يقود الرئيس الأنغولي جواو لورينسو جهودًا دؤوبة لتحقيق السلام في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، حيث جمع وزيرَي خارجية الكونغو الديمقراطية، ورواندا في محاولة لرأب الصدع بين البلدين. كانت الغاية من هذه الجهود البناءَ على التقدم الذي تحقق في الشهر السابق، حيث تم التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار كان من المفترض أن يدخل حيز التنفيذ في 4 أغسطس/آب.

لكن الواقع على الأرض كان مختلفًا، إذ استؤنف القتال حتى خلال القمة نفسها. ورغم تأكيد وزيرة خارجية الكونغو الديمقراطية، تيريز واغنر كايكووامبا، على أن وقف إطلاق النار قد تم الالتزام به "إلى حد كبير"، فإن استمرار الاشتباكات بين تحالف القوى الثورية الذي يضم حركة "أم 23″ و"تحالف نهر الكونغو" والجماعات المسلحة المتحالفة مع الجيش الكونغولي، أظهر حجم التحديات التي تواجه جهود الوساطة.

موقف رواندا والكونغو

ترى رواندا أن الخطوة الأولى نحو السلام يجب أن تتمثل في تحييد "القوات الديمقراطية لتحرير رواندا" (FDLR)، وهي القوة العسكرية الكبرى في المنطقة. بينما تفضل الكونغو الديمقراطية وأنغولا تنفيذ وقف إطلاق النار، وتحييد القوات بشكل متزامن. هذا التباين في المواقف أدى إلى عرقلة المفاوضات، حيث لم يُبدِ أيّ من الطرفين استعدادًا للتنازل.

اتهمت حكومة الكونغو الديمقراطية رواندا بمحاولة تعطيل المفاوضات؛ لإجبارها على التفاوض مع "تحالف نهر الكونغو" و"حركة أم 23″، حيث يعارض الرئيس فيليكس تشيسكيدي بشدة الدخول في مفاوضات مع هاتين الحركتين. هذا الجمود أدى إلى تعقيد الوضع، وجعل التقدم نحو فك الارتباط شبه مستحيل.

وسطاء السلام

في عام 2022، وبمبادرة من أنغولا، تمّ تأسيس آلية للتحقق من وقف إطلاق النار بقيادة الجنرال الأنغولي جواو ماسوني، بهدف ضمان التزام جميع الأطراف بالاتفاقات الموقعة. خلال الاجتماع الأخير، اقترحت أنغولا توسيع الفريق المراقب ليشمل أعضاء من الكونغو الديمقراطية ورواندا، مع احتمال إشراك بعثة "مونوسكو" التابعة للأمم المتحدة. لكن هذا الاقتراح لم يعتمد رسميًا، مما ترك الآلية دون دعم كافٍ.

وقد انطلقت جهود السلام من محادثات سياسية معروفة باسم "عملية نيروبي" و"عملية لواندا"، لكن هذه الجهود تصطدم بتعنّت الرئيس تشيسكيدي في التعامل مع "أم 23″ و"تحالف نهر الكونغو". رفضه للحوار يعطل التقدم نحو السلام ويعمّق الانقسامات.

يتطلب تحقيق السلام في شرق الكونغو الديمقراطية تحولات جوهرية في موقف الرئيس فيليكس تشيسكيدي، إذ يتعين عليه الاعتراف بالانتماء الكونغولي الكامل لحركة "أم 23" و"تحالف نهر الكونغو"، وتجاوز رؤيته المحدودة التي تعتبرهما مجرد أدوات للتأثير الرواندي. استمرار تشيسكيدي في هذا النهج المتصلّب لن يؤدي إلا إلى تعميق الأزمة، ويمنع أي فرصة لتحقيق الاستقرار.

يتألف "تحالف نهر الكونغو" وحركة "أم 23" في الواقع من أعضاء ينتمون إلى مجموعة متنوعة من القبائل الكونغولية، من بينها قبيلة الهوتو التي تنحدر من شمال كيفو، وقبيلة الهونده، والباشي، والتوتسي، بالإضافة إلى قبيلة البالوبا التي ينتمي إليها الرئيس نفسه. يشير هذا التكوين المتنوع إلى أن هذه المجموعات ليست مجرد أدوات تخدم المصالح الرواندية. الرئيس تشيسكيدي على دراية تامة بهذه الحقيقة، مما يعكس تعقيد الوضع الداخلي في الكونغو الديمقراطية، حيث لا يمكن تجاهل الأبعاد المحلية للنزاع.

الدور الدولي

يتعيّن على المجتمع الدولي، وخاصةً المشاركين في عمليات السلام في لواندا ونيروبي، اتخاذ خطوات أكثر فاعلية في الضغط على تشيسكيدي لتغيير موقفه. إن الدبلوماسية والضغط السياسي يمكن أن يكونا مفتاحًا لإقناعه بضرورة الحوار مع جميع الأطراف المعنية. وإذا لم يتمكن المجتمع الدولي من إحداث هذا التغيير في الموقف، فإن جهود السلام ستظلّ تواجه عراقيل كبيرة، وستبقى المنطقة غارقة في العنف وعدم الاستقرار.

لا يمكن تحقيق سلام دائم في شرق الكونغو الديمقراطية دون معالجة الجذور الحقيقية للصراع. يجب أن يكون هناك اعتراف بالمظالم المحلية والتعامل معها بجدية. الحوار الشامل الذي يضم جميع الأطراف، بمن في ذلك الجماعات المسلحة التي لديها مظالم مشروعة، هو السبيل الوحيد لتحقيق استقرار طويل الأمد.

لذلك، يجب على المجتمع الدوليّ، ولا سيّما أولئك المعنيين بعمليات السلام وفق آليات لواندا ونيروبي، أن يلعبوا دورًا نشطًا في تشجيع تشيسكيدي على إعادة النظر في موقفه. يمكن للضغط الدبلوماسي، مصحوبًا بحوافز للحوار، أن يساعد في تغيير وجهة نظره، ويمهد الطريق لمفاوضات أكثر شمولًا.

بالإضافة إلى ذلك، يجب بذل جهود لمعالجة القضايا الأساسية التي تغذي الصراع، مثل: النزاعات على الأراضي، والتمييز المنهجي، وانعدام الأمن الناجم عن وجود عشرات المليشيات المسلحة المدعومة من قبل الحكومة، وما تخلفه من آلاف اللاجئين في الدول المجاورة، وتعيق التوزيع العادل للموارد.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الکونغو الدیمقراطیة إطلاق النار السلام فی جهود ا فی شرق

إقرأ أيضاً:

كاتب أميركي: ترامب يقوض الديمقراطية محليا ودوليا

يقول كاتب أميركي إن الرئيس دونالد ترامب يقوض الديمقراطية على الصعيدين المحلي والدولي بإلغائه تمويل مؤسسات رئيسية تعزز الديمقراطية، مما جعلها غير قادرة على دعم النشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم.

وأشار الكاتب ماكس بوت في مقال له بصحيفة واشنطن بوست، إلى توقيع ترامب أمرا تنفيذيا بوقف تمويل "الوكالة الأميركية للإعلام العالمي"، التي تشرف على "صوت أمريكا" وغيرها من الخدمات الإخبارية الدولية التي تقدم تقارير مستقلة للأشخاص الذين يعيشون في ظل أنظمة استبدادية. وقد أدت هذه الخطوة إلى تسريح جماعي للعمال وتعليق العمليات، وهو قرار يفيد القادة المستبدين في العالم، الذين يعارضون الصحافة المستقلة.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2خبير فرنسي: نظام عالمي جديد ينطلق من الشرق الأوسط ويقصي أوروباlist 2 of 2أربعون يوما في الغابة.. القصة الحقيقية لأطفال كولومبيا الأربعةend of list مثال

ويضيف المقال أن مجموعات الترويج للديمقراطية التي تعتمد على التمويل من وزارة الخارجية أو الوكالة الأميركية للتنمية الدولية أصبحت في وضع أسوأ. وتشمل هذه المجموعات "منظمة فريدوم هاوس"، وهي واحدة من أقدم منظمات حقوق الإنسان، إذ تأسست في عام 1941، وظلت تقدم مسوحاتها الشهيرة السنوية للحرية في العالم، كما تقدم مساعدة حيوية للنشطاء المضطهدين من قبل الأنظمة الاستبدادية في جميع أنحاء العالم.

وأشار الكاتب إلى أن آخر استطلاع لفريدوم هاوس الصادر العام الماضي وجد أن "الحرية العالمية تراجعت للعام 19 على التوالي". كما تقدم المنظمة مساعدة حيوية للنشطاء المضطهدين من قبل الأنظمة الاستبدادية في جميع أنحاء العالم.

إعلان

وانتقد المقال تبرير ترامب لوقف التمويل القائل إن هذه الوسائل الإعلامية تقدم "دعاية راديكالية" ومتحيزة. وقال إن العديد من هذه التبريرات غير صحيحة، وحتى لو صحت فإن الموقف الصحيح منها ليس وقف التمويل والإغلاق لمنظمات بأكملها، بل التحقيق والإصلاح.

 

القوى الاستبدادية ستملأ الفراغ

وحذر بوت من أنه إذا تخلت الولايات المتحدة عن الترويج للديمقراطية، فإن نفوذها في العالم وإرثها الديمقراطي سيضعفان، ومن أن القوى الاستبدادية ستملأ الفراغ، مما يزيد من تعزيز الأنظمة القمعية.

ووصف بوت قرارات ترامب هذه بأنها مأساة ونكسة هائلة للمصالح الأميركية، موضحا أن "صوت أميركا" والشركات التابعة لها تصل إلى 420 مليون شخص في 63 لغة وأكثر من 100 دولة كل أسبوع. وكثير من هؤلاء الناس يعيشون في دول استبدادية، حيث يفتقرون لمصادر مستقلة أخرى للمعلومات.

تنصل مذهل

واستمر الكاتب يقول إن ما قام به ترامب تجاه هذه المؤسسات يرقى إلى التنصل المذهل والهزيمة الذاتية لإرث أميركا كمنارة للحرية في جميع أنحاء العالم.

وختم بقوله إنه من الواضح أن ترامب يتعاطف مع طغاة العالم، وإن أبطال الديمقراطية أصبحوا يعملون وحدهم دون عون، وإذا لم تتقدم الدول الغربية الأخرى إلى الأمام لتوسيع جهودها لتعزيز الديمقراطية، فإن الفراغ الذي تخلقه أميركا ستملؤه روسيا والصين.

مقالات مشابهة

  • رواندا تقطع العلاقات الدبلوماسية مع بلجيكا على خلفية الصراع في شرق الكونغو
  • الولايات المتحدة تتعهد بالعمل على استعادة السلام في شرق الكونغو الديمقراطية
  • كاتب أميركي: ترامب يقوض الديمقراطية محليا ودوليا
  • خمس نقاط توضح صفقة معادن مقترحة بين الكونغو وإدارة ترامب
  • الرئيس السيسي: المجتمع عانى 3 سنوات بعد المشاكل التي واجهت الشرطة في 2011
  • 18 مارس.. انطلاق محادثات سلام بين الكونغو الديمقراطية والمتمردين فى أنجولا
  • مليار جنيه لدعم البحث العلمي.. تفاصيل مبادرة تحالف وتنمية برعاية الرئيس السيسي
  • تحالف الأحزاب: الخطة المصرية لإعادة إعمار غزة الأكثر عقلانية لحل القضية الفلسطينية
  • الكونغو الديمقراطية: انخفاض الودائع المصرفية بنسبة 0.3% في فبراير إلى 14.7 مليار دولار
  • جيهان عبد السلام: الرئيس السيسي وضع ملف القارة الإفريقية في مقدمة اهتماماته