الجزيرة:
2024-09-14@15:06:55 GMT

مسرحية خيال صحرا.. الرقص فوق خط التماس

تاريخ النشر: 31st, August 2024 GMT

مسرحية خيال صحرا.. الرقص فوق خط التماس

يكتب المؤلفون الفاجعة، ولا يمكن الحدس أو التأكد إن كانوا يكتبونها وهم يتفادون الألم أم يمعنون في استنزاف جرح الكتابة الغائر.

عادة نحن متورطون -كمتلقين- في الألم، فالكاتب يحكي قضايا عصره، ومتورطون في تفادي الألم، فهذا ما يفعله غالبيّة الناس، ومتورطون بل ربما نحن متواطئون في أداء دور الضحيّة في لعبة الازدواجية التي تحكم مسار الحياة على هذه الأرض.

العروض الناجحة مستمرة لـ #خيال_صحرا لـ #جورج_خباز و #عادل_كرم وهكذا عبر الخباز عن فرحته:"كل الفخر بجمهور عم بيمللي الصالة كل يوم، فرح وضحك وتفاعل وتأثّر، شكراً عالثقة المتجددة، رغم كل شي المسرح موجود بفضلكن، هوي حاجة تعبيرية بكل الأزمان "خيال صحرا" مكفاية لواحد أيلول بنجاح كبير" pic.twitter.com/Me3ksSeQPS

— Bila Rakaba (@BilaRakaba) August 15, 2024

وربما لا يبحث الكاتب المسكون بفكرة ما ونراها تتبدى وتتكرر في معظم أعماله الفنيّة، عن خلاص نهائي في أعماله، لكنه يجرب نوعا من التطهير، والبحث عن إعادة تشكيل صورة الفاجعة أو محفز الكتابة، وربما صورته الذاتية، وصورة مجتمعه، والنزوع نحو جعل القضية التي يحكي عنها، محكية بلغة يفهمها الآخرون، لغة العاديين ولغة الجميع، وساعتها يسهم الفكر الذي تخاطبه الكتابة في إيجاد حلول لها.

تنتظر اللبنانيين والآتين إلى #لبنان، في آب، مسرحية #خيال_صحرا من تأليف #جورج_خباز وإخراجه وبطولته، مع #عادل_كرم.

اجتمع صحافيون في صرح #كازينو_لبنان العريق للاستماع إلى الفنانَيْن يتحدّثان عن عمل يُنتظر أن يُبهر كما يعد صنّاعه، وقلّما يخذل جورج خباز مُتابعاً يقصده ليضحك فتباغته… pic.twitter.com/lqulOMoiDP

— Fatima Abdallah (@abdallah_fatima) July 23, 2024

من يتتبع أعمال الفنان جورج خباز يتمكن من التقاط القضايا التي تسكنه، فهل من جديد قدمه آخر أعماله المسرحية "خيال صحرا"؟

تثير العناوين التي تتخذ من المبتدأ خطابا مبتورا من خبر يصفه، تساؤلات عند المتلقي، لكنها تجعل من العمل الفنيّ كله خبرا. وخباز هنا لا يجرب، هو يعرف أن "خيال صحرا" بما في هذه العتبة من غموض، شيفرة للقلق، وصورة زائغة، يمكن أن تلوّح بضبابيّة الواقع، وقساوته وانفلاته، وفي الوقت نفسه من ترجيع صداه في طريقين: الأول نحو الأنا/الذات، هذه الصحراء هي روحي العطشى وواقعي القاسي وضياعي وبحثي، والثاني نحو الآخر، العربي هنا تحديدا، فالصحراء رمز لبلاد العرب.

ربما تتوحد الصورتان، الأنا الآخر، في صورة الأرض/الصحراء/ الوطن، وهو خيال: فهل يغدو أجمل؟ أم أبعد؟ وهل ينتهي البحث؟ هل تجد الأنا صورتها واضحة؟ كيف؟

مسكونا بالموسيقى يلملم خباز قصة الحرب التي شطرت لبنان إلى قسمين، وعند خط تماس اللبنانيْن، يقف عدوّان، كل بسلاحه وتعصبه وخلفيته الثقافيّة ودينه، وكل بقصته وطموحه ودوافعه. ولأنّ الزمن يموت في الحرب، وخلال هدنة عرفتها بيروت في سبعينيات القرن الماضي، توقف فيها إطلاق النار على الآخر، يفتح القدر بوابة زمنيّة، فاصلا قصيرا فيحكي كل منهما قصته وأحلامه للآخر

مسكونا بالموسيقى يلملم خباز قصة الحرب التي شطرت لبنان إلى قسمين، وعند خط تماس اللبنانيْن، يقف عدوّان، كل بسلاحه وتعصبه وخلفيته الثقافيّة ودينه، وكل بقصته وطموحه ودوافعه. ولأنّ الزمن يموت في الحرب، وخلال هدنة عرفتها بيروت في سبعينيات القرن الماضي، توقف فيها إطلاق النار على الآخر، يفتح القدر بوابة زمنيّة، فاصلا قصيرا فيحكي كل منهما قصته وأحلامه للآخر.

في هذا الفاصل يحلل خباز أسباب الحرب، يعرف المقاتلين، يكشف الأسباب النفسية والاجتماعية والعقدية التي جعلت كل واحد منهما ينخرط في الحرب، وبالرغم من التناقضات في الظاهر، يشبهان بعضهما، كلاهما له أسباب جعلته متورطا في حرب يريدها أن تنتهي كي يعيش. كلاهما يدعي القوة وهو ضعيف، كلاهما يحب أمه ويعشق امرأة، وكلاهما يحلم.

في لحظة الحلم يبدأ الرقص. يغيب البطلان في رقصة مشتركة، تصعد فيها الأنا فوق كلّ شيء، تلغي الحدود وتنتصر على خذلان الواقع وتجد لها مكانا في أرض خفيفة تنقذها من لا جدواها ولا فعاليتها.

يحلل خباز أسباب الحرب، يعرف المقاتلين، يكشف الأسباب النفسية والاجتماعية والعقدية التي جعلت كل واحد منهما ينخرط في الحرب، وبالرغم من التناقضات في الظاهر، يشبهان بعضهما، كلاهما له أسباب جعلته متورطا في حرب يريدها أن تنتهي كي يعيش. كلاهما يدعي القوة وهو ضعيف، كلاهما يحب أمه ويعشق امرأة، وكلاهما يحلم. في لحظة الحلم يبدأ الرقص. يغيب البطلان في رقصة مشتركة، تصعد فيها الأنا فوق كلّ شيء، تلغي الحدود وتنتصر على خذلان الواقع وتجد لها مكانا في أرض خفيفة تنقذها من لا جدواها ولا فعاليتها

ولأن الحلم خفيف ينتفي الزمن، يقف خباز وكرم وقد انتهى الرقص (الحلم) الجامع وانتهت الحرب.. خيالان عن ماضٍ، يحكي كلّ منهما عن خذلان الأحزاب، الذين تسلقوا فوق الجثث وكيف تحولوا إلى رأسماليين لا وقت لديهم لرفاق الأمس، وهنا تصبح لحظة الآن في لبنان هي اللغة المشتركة، الديون والغلاء والمرض وغياب الدولة والعمر وقصص الأبناء وتجاربهم المختلفة، والخوف من المجهول أمام أبواب المصارف التي يحرسها قتلة الماضي.

"خيال صحرا" لجورج خباز توضح المشهد التاريخي والثقافي والوجودي في لبنان، وحجم الخسائر المعنوية التي يتكبدها اللبناني، وحاجته إلى التجذر وبحثه عن مكان يركن إليه ويشع منه، وهو يحيا قضايا الخسران، ويخشى الحرب التي تتمظهر في تفاصيل يومه العادي، ويكتب كارثيّة التحولات التي ظل اللبناني يهرب منها، في دولة تنبذه وتلغيه.

لا أشعر أن توقيت عرض العمل صدفة، اليوم هو الرابع من أغسطس/آب وقد بدأت العروض على مسرح كازينو لبنان في الثاني من أيام الشهر، يلمح خباز إلى كارثة المرفأ، يشير إلى استمرار الفاجعة، إلى الانقسام على كلّ شيء، إلى فوضى الحلول وانعدامها، إلى تراشق الاتهامات، إلى حدة الخطاب، إلى الآخر بما هو عدو، إلى سرابية المواقف وضياع الحقيقة، إلى التوتر والقهر وميراث ثقيل من الخيبات، في وقت مصيري تشهده المنطقة والعالم، تنعقد فيه المصالحات، ويموت الأطفال بدون سبب.

هذه الازدواجية توقّف الزمن فتبحث الذات المتفجعة عن خيال، ولا نعرف أيهما أقسى  الموت أم الحياة.. ساعتها يستاويان أمام غياب الوطن (الأنا).

بهذا العنوان يفتح خباز باب التساؤل، وقد ورطنا في تأويل دلالته، بل ورطنا في الرقص معه فوق ألغام حروبنا الصغيرة، وربما تلك الكبرى، وبالقدر نفسه من الخفة كي لا يستمر الوهم.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات جورج خباز فی الحرب

إقرأ أيضاً:

بوريل للبنانيين: انتخبوا رئيسكم ولا تنتظروا الحرب

يخترق الحراك الدبلوماسي العربي والدولي حواجز النار المتصاعدة من محاور القتال الجنوبية حيث يوفد البيت الابيض الموفد الرئاسي الاميركي آموس  هوكشتاين الى تل ابيب، في حين تعاود اللجنة الخماسية العربية- الدولية اجتماعاتها لتدوير الزوايا في ما خصَّ انتخاب رئيس جديد للجمهورية.
ونقلت «اللواء» عن مصادر رسمية ان هوكشتاين لن يزور لبنان، على الاقل في القريب المنظور، وقد تقتصر زيارته الى اسرائيل لمنع اي تهور.
وكشف رئيس لجنة الشؤون الخارجية النيابية النائب فادي علامة عن اجراء اتصالات بعيدة عن الاضواء مع هوكشتاين حول الوضع في الجنوب
وكشفت مصادر اسرائيلية ان المجلس الوزاري سيصادق غدا على اعتبار ان اعادة سكان الشمال هو احد اهداف الحرب الدائرة في الجنوب.

وكتبت" الاخبار": الحصيلة البديهية التي يخرج بها زوار لبنان هي أن الأطراف السياسية اللبنانية تفتقد إلى الفعّالية التي تحتّم التعامل معها من قبل الإقليم والخارج بطريقة مُختلفة، فيما ينصبّ التركيز على إيجاد قنوات اتصال مع حزب الله لامتلاكه أدوات تأثير كبيرة في الملفات الإقليمية، ما ينعكس نفوذاً قوياً له في الداخل اللبناني.
وبحسب المصدر نفسه، فإن ما وصفه أحد الموفدين بـ«الاستنتاج الخطير»، هو أن الجهات اللبنانية المتضرّرة من الوضع القائم، والتي تطالب بتغييرات كبيرة على صعيد إدارة الدولة ومواقع النفوذ فيها، تُراهن فقط على التحوّلات الخارجية، ولا تُظهر أي نية جدية لإحداث خرق في العلاقات الداخلية. وأوضح أن الدول النافذة في الإقليم والعالم «تتعامل مع مواقع لبنانية تعتقد بأنها مُؤهّلة للعب دور كبير»، في إشارة مُباشرة إلى مؤسسة الجيش اللبناني. ولفت المصدر إلى أن الهامش الواسع الذي تتمتّع به قيادة الجيش ناتج بالأساس عن كون المؤسسة العسكرية باتت تحصل على حاجاتها الفعلية من مصادر تتجاوز مُؤسسات الدولة.
ونقل المصدر عن أحد الزوار أنه كما لا يوجد في لبنان من يقدر على تعطيل ماكينة حزب الله، أو وقف قدراته العسكرية والمالية، فإن حاجات الجيش اللبناني يُمكن توفيرها الآن من خلال العلاقة المُباشرة بين قيادته والدول المهتمّة، سواء الولايات المُتحدة أو غيرها من الدول الغربية للحُصول على دعم تسليحي ولوجستي كبير، أو السعودية وقطر وجهات أخرى تُوفّر أشكالاً مُختلفة من الدعم المالي لتعزيز وضع الأفراد فيه.
ولفت المصدر إلى أن مسؤولاً أوروبياً بارزاً كجوزيف بوريل أعرب عن صدمته من الأسئلة التي وُجّهت إليه حول انعكاسات الحرب الجارية على الملف الرئاسي. وصُدم أكثر من ردّة فعل سياسيين لبنانيين، عندما قال لهم إن انتخاب الرئيس هو مسألة لبنانية لا يُمكن إنتاجها من الخارج، وإن السعي إلى وقف التصعيد على الجبهة بين لبنان وإسرائيل، سيساهم في تحسين الوضع الداخلي. وساعده أحد السفراء في حديثه بالقول: «مُشكلة الرئاسة سابقة على الحرب في غزة وعند الحُدود الجنوبية، وسببها الانقسام الداخلي الكبير. وليس صحيحاً أنه يُمكن لأحد أن يستثمر في نتائج ما يحصل في المنطقة في الملف الداخلي، وتجارب لبنان تؤكّد أن مُحاولة فرض خيارات رئاسية أو حكومية رغماً عن فئة كبيرة من اللبنانيين، باءت بالفشل عند أول انعطافة في الأوضاع الخارجية».
وقالت مصادر دبلوماسية لـ«اللواء»، يجتمع قبل ظهر اليوم في قصر الصنوير مقر اقامة السفير الفرنسي، سفراء الخماسية بعد عودة المسافرين منهم الى بيروت. وقالت المصادر: ان البحث في الاجتماع سيتناول تقييم الاجتماع بين الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان والمستشار السعودي الوزير نزار العلولا والسفير وليد بخاري وما توصل اليه من افكار، كما يتم تقييم نتائج حراك السفراء في بيروت مع القوى السياسية، ويقرروا بناء للتقييم الخطوات المقبلة، والتحضير لزيارة لودريان الى بيروت المؤكدة قبل نهاية هذا الشهر، ولكن لم يتحدد الموعد النهائي لها بعد.
وأكدت المصادر انه «برغم كل الجو السلبي الذي يُشيعه البعض في لبنان، فإن اللجنة الخماسية وسفراءها مستمرون في مساعيهم لمواكبة الجهد والحراك اللبناني الداخلي، والتفاؤل الحذر قائم باحتمال حصول تقدم ما، وإن لم يكن هناك من طرح جديد لدى الخماسية مغاير للطروحات والاقتراحات السابقة بضرورة تشاور وتوافق اللبنانيين على مرشح توافقي إن امكن او اكثر من مرشح تجري الانتخابات الرئاسية بينهم وليفُز من يفُز».   
وقال مصدر مطلع لـ «الأنباء الكويتية»: توحي الحركة الديبلوماسية الدولية النشطة في لبنان بمؤشرات عديدة باتجاه إحداث خرق إيجابي من اللجنة الخماسية، من خلال الاتصالات التي اجراها السفراء قبل اجتماعهم، إلى التحرك المرتقب للموفد الفرنسي جان إيف لودريان، والموفد الأميركي أموس هوكشتاين، فضلا عن زيارة مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل إلى بيروت، وان وضعت زيارته في خانة الوداعية لانتهاء مهمته.

وأضاف المصدر «تبدو الساحة اللبنانية أمام فرصة لإحداث تغيير ما في مسار الأمور». وشدد على ضرورة تعاطي الأطراف اللبنانية معها بجدية كاملة، والا فإننا سندخل في مرحلة انتظار طويلة، ولا احد يعرف إلى أين تذهب الأوضاع بعدها وتصبح الرئاسة في مهب الريح، خصوصا أن البلاد أمام تحديات واستحقاقات على عدة مستويات.

مقالات مشابهة

  • بابا الفاتيكان عن مرشحي الانتخابات الرئاسية الأمريكية: «كلاهما ضد الحياة»
  • الاهتمام الدولي بلبنان يتأرجح على وقع تطورات الجبهة الجنوبية
  • رفع وتيرة التهديدات الإسرائيلية للضغط على لبنان
  • بوريل للبنانيين: انتخبوا رئيسكم ولا تنتظروا الحرب
  • بوريل: قرع طبول الحرب لم يتوقف منذ زيارتي لبنان في يناير الماضي (صور)
  • “شخلعة”.. مصريات يتحدين “الوصمة الاجتماعية” خلف أبواب مغلقة
  • التهويل مستمر.. المؤشرات تنفي الذهاب الى الحرب
  • هوكشتاين سيصل إلى المنطقة.. ما هي الرسالة التي يحملها إلى إسرائيل؟
  • إسرائيل في مفترق الحسم: هل تُشن حرب شاملة على لبنان؟
  • هذا ما كشفته المواجهات الأخيرة بين حزب الله وإسرائيل