دعت نقابة محرري الصحافة اللبنانية، الصحفيين إلى الامتناع عن الامتثال أمام أي محكمة غير مختصة بقضايا النشر، مؤكدةً على ضرورة الالتزام بالإجراءات القانونية لمحاكمة الصحفيين.

وجاء في بيان النقابة الصادر، الخميس، أن ملاحقة الصحفيين بسبب نشر الأخبار قد تزايدت في الآونة الأخيرة، مشددة على حق أي مواطن في اللجوء إلى القضاء، ولكن أمام محكمة المطبوعات فقط، كونها الجهة الوحيدة المخولة بالنظر في الدعاوى المتعلقة بالصحفيين والإعلاميين ووسائل الإعلام.

وأكدت النقابة رفضها القاطع لمثول الصحفيين أمام مكتب جرائم المعلوماتية أو مكتب المباحث الجنائية أو أي محكمة أخرى غير محكمة المطبوعات.  

ويأتي هذا البيان في أعقاب استدعاء الصحفية، كريستيان الجميل، للمثول أمام مكتب جرائم المعلوماتية، الإثنين الماضي، على خلفية نشر مواد إخبارية تتعلق بقضية المودعين والودائع على موقعها الالكتروني.

وقد رفضت الجميل الامتثال، متمسكة بأحكام القانون التي تحمي الصحفيين من المثول أمام أي جهاز أمني، مؤكدة أن اختصاص المحاكمة في قضايا النشر يعود حصراً لمحكمة المطبوعات أو قاضي التحقيق.

انتهاكات متنوعة

"ما زال الصحفيون في لبنان يتعرضون للاستدعاءات والتحقيقات أمام جهات غير مختصة كما حصل مؤخراً مع الجميل"، وفقاً لما تقوله الصحفية والباحثة في مؤسسة "سمير قصير"، وداد جربوع، مشيرة إلى أن ذلك يحدث "بسبب تعبيرهم عن آرائهم على مواقع التواصل الاجتماعي أو لأداء عملهم الصحفي".  

لا تقتصر الانتهاكات بحق الصحفيين كما تقول جربوع لموقع "الحرة" على الاستدعاءات، بل تشمل أيضاً "حملات تحريض وتهديد وتخوين واتهام بالعمالة بسبب آرائهم السياسية والتعبير عنها على مواقع التواصل الاجتماعي".

وتسلّط جربوع الضوء على ما تعرّض له الكاتب والباحث السياسي الدكتور مكرم رباح، الذي واجه حملات تحريض مكثفة على مواقع التواصل الاجتماعي بسبب مواقفه السياسية، قائلة "منذ اندلاع الحرب الأخيرة في قطاع غزة في 7 أكتوبر واشتداد التوتر على جبهة الجنوب اللبناني، انقسم اللبنانيون بين مؤيد ومعارض لفتح الجبهة، مما أدى إلى تصاعد خطابات التخوين والاتهام بالعمالة بين الأطراف المتنازعة".

من جانبها تأسف الناشطة الحقوقية، المحامية ديالا شحادة، كونه "حتى الآن يمتنع قضاة النيابات العامة عن تنفيذ روح قانون المطبوعات المعدل الذي منح حصانة معقولة للصحافيين في إطار الارتكابات المرتبطة بالعمل الصحفي".

والملفت كما تقول شحادة لموقع "الحرة" أن "معظم الاستدعاءات من هذا النوع لا تطال سوى الصحفيين الذين ينتقدون في معرض عملهم ودورهم الاعلامي أصحاب النفوذ وأشخاص السلطة، مما يعكس استخدام هذه الاستدعاءات كأداة سلطوية لقمع حرية الإعلام والتعبير وواجب انتقاد المسؤولين".

وشهد لبنان تراجعاً كبيراً في التصنيف العالمي لحرية الصحافة لعام 2024، وفق ما تقوله جربوع "حيث تراجع 21 مرتبة، وذلك نتيجة لسياسات القمع وتعزيز سياسة الإفلات من العقاب، بالإضافة إلى غياب القضاء المستقل الذي يُعد الضمانة الأساسية لحماية حرية الصحافة في البلاد".

وتراجع لبنان إلى المرتبة 140 على المؤشر العالمي لحرية الصحافة لعام 2024، بعد أن كان في المرتبة 119 في عام 2023 و130 في عام 2022.

يُذكر أن المؤشر العالمي لحرية الصحافة، الذي تصدره منظمة "مراسلون بلا حدود"، والذي يشمل 180 دولة، يقيّم حالة حرية الصحافة سنوياً استناداً إلى خمسة مؤشرات رئيسية: السياق السياسي، الإطار القانوني، السياق الاقتصادي، السياق الاجتماعي والثقافي، والسياق الأمني. ويهدف المؤشر إلى مقارنة مستوى الحرية التي يتمتع بها الصحفيون ووسائل الإعلام في الدول المشمولة بالتحليل.

تضامن "صحفي"

طالب "نادي الصحافة"، الخميس، بوقف استدعاء الصحفيين والمسؤولين عن المواقع الإخبارية إلى مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية، وأشاد بموقف وزير الإعلام، زياد مكاري، الذي أعرب عن رفضه إحالة الصحفيين إلى هذا المكتب.  

ودعا النادي إلى تحرك جماعي بالتعاون مع نقابة المحررين والجهات المعنية بحرية الرأي والصحافة، لوضع خارطة طريق للتعامل مع أي قضايا تمس الإعلاميين والصحفيين، معلناً أنه سيتولى المبادرة للقيام بهذا التحرك، آملاً تشكيل لوبي إعلامي وقانوني ضاغط، مؤكداً أن الصحفيين ليسوا فوق القانون، بل هم من دعاة تطبيقه على الجميع، وبأنهم يجددون التزامهم بالقواعد المهنية والأخلاق الإعلامية.

وكانت جمعية "إعلاميون ضد العنف" دانت استدعاء الجميل للمثول أمام مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية، على خلفية دعوى تقدمت بها "جمعية أموالنا لنا" والمحامون التابعون للجمعية، والتي وصفت الجميّل وبعض الصحافيين "بالحرتقجية"، بسبب بعض المقالات عن أموال المودعين".  

واعتبرت الجمعية في بيان أن هذه الممارسات تعد "غير دستورية" لانتهاكها الفقرتين "ب" و"ج" من مقدمة الدستور، كما اعتبرت "وجود هذا المكتب بحدّ ذاته يشكل اعتداء على حرية التعبير خارج وظيفته الأساسية والتي يجب أن تكون مكافحة "المجرمين" كما يشير اسمه، وليس أن يكون أداة للقمع والرقابة ضد الصحفيين".

وأشارت الجمعية إلى أن هذا المكتب "لا يملك أي صلاحية أو شرعية" فيما يتعلق بعمل الصحفيين، داعية السلطات المعنية، السياسية والقضائية، إلى الحدّ من صلاحياته وإيقاف ممارساته هذه فوراً.

ويكفل الدستور والشرعة العالمية لحقوق الإنسان حرية الكلمة والرأي، كما تشدد جربوع، مشيرة إلى أن "القضاء ينبغي أن يركز على مكافحة الجرائم الحقيقية التي ترتكب في البلاد بدلاً من ملاحقة من يدافع عن حقوق المواطنين والقانون".

كما يمنع "قانون المطبوعات، بموجب التعديلات التي أُدخلت عليه في عام 1994، سجن الصحفيين أو توقيفهم احتياطياً، ويحظر حجب المطبوعة عن الصدور، ويؤكد مرجعية محكمة المطبوعات وحدها بالنظر في الدعاوى الخاصة بالعاملين في الاعلام، وفق المادتين 28 و29 من قانون المطبوعات"، بحسب ما أشارت نقابة محرري الصحافة اللبنانية في بيانها.

وفي مواجهة ما يتعرض له الصحفيون، أكدت النقابة على دعمها الكامل لهم في الدفاع عن حرية الرأي والتعبير وممارسة المهنة، مشددة على أنها لن تقبل بأي مساس بحقوقهم أو التعرض لهم بأي شكل من الأشكال، كما حذرت من أن أي محاولات للتضييق عليهم ستنعكس سلباً على من يسعى لها، مشيرة إلى أن حرية الصحافة ستظل مصونة، وأن النقابة ستكون دائماً في الصف الأول للدفاع عنها.

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: جرائم المعلوماتیة محکمة المطبوعات حریة الصحافة إلى أن

إقرأ أيضاً:

"دبي للثقافة" تستضيف ملتقى النشر الرقمي

تنظم هيئة الثقافة والفنون في دبي، "دبي للثقافة"، النسخة الثالثة من "ملتقى النشر الرقمي" في 18 سبتمبر (أيلول) الجاري.

وتصب محاور الملتقى في مناقشة  أبرز التحديات التي تواجه النشر الرقمي، وسبل تحفيز الناشرين والخبراء على تقديم حلول مبتكرة لدعم صناعة النشر الإلكتروني في الإمارات، وتوسيع آفاقها، في إطار جهود "دبي للثقافة" لتعزيز الحراك الثقافي في الإمارة.
يُنظم الملتقى في متحف الاتحاد، ويتضمن سلسلة من الجلسات النقاشية وورش العمل التفاعلية، التي ستشارك فيها نخبة من الأدباء والكتاب والمختصين في صناعة النشر الرقمي بالإمارات.
ومن أبرز المشاركين رئيس مجلس الأمن السيبراني لحكومة الإمارات الدكتور محمد حمد الكويتي،  ومدير مركز أمن المعلومات في شرطة دبي المقدم خبير الدكتور سعيد المري، ومدير إدارة التراخيص والمحتوى الإعلامي في مجلس الإمارات للإعلام، إبراهيم علي خادم.

مقالات مشابهة

  • “RSF” تحدث عن سجن الزعبي .. قانون الجرائم الإلكترونية في الأردن أداة لقمع الصحفيين الناقدين
  • ليفاندوفسكي محل شك أمام الصحافة الإسبانية
  • حرية الرأي ما لها وما عليها
  • "دبي للثقافة" تستضيف ملتقى النشر الرقمي
  • إخماد الحريق الكبير الذي اندلع في مطمر برج حمود.. ياسين: سنقوم بفتح تحقيق
  • محامو تونس ينظمون سلسلة من الأنشطة الاحتجاجية بسبب الانتهاكات الجسيمة بحقهم
  • نقابة الصحفيين تقيم معرضًا للكتاب خلال الفترة من 25 سبتمبر إلى 5 أكتوبر
  • سفير اليابان بالقاهرة يشهد عرضا لرائد الفن المسرحي «نومورا تاى ايتشرو» بنقابة الصحفيين
  • بالتعاون مع اتحاد الناشرين المصريين.. نقابة الصحفيين تقيم معرضًا للكتاب
  • مدرب منتخب ألمانيا لا يمانع استدعاء لاعبين من الدوري السعودي