نفايات أوروبا في المغرب.. انتقادات ومخاوف واسعة أجبرت الحكومة على التبرير
تاريخ النشر: 31st, August 2024 GMT
لا يزال الجدل يتزايد في المغرب، جرّاء قرار حكومة عزيز أخنوش، استيراد أكثر من مليوني ونصف المليون طن من النفايات المنزلية والعجلات المطاطية من دول أوروبية؛ فيما تتسارع أصوات عدد من الفعاليات البيئية والنواب البرلمانيين، للمطالبة بمساءلة ليلى بنعلي، وهي وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة.
ودعا عدد من المُهتمّين بالبيئة، وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، بالتراجع عن قرار الترخيص لاستيراد أكثر من مليونين ونصف طن من النفايات المنزلية والعجلات المطاطية من الدول الأوروبية؛ محذرين ممّا وصفوه بـ"الانعكاسات الوخيمة على البيئة والصحة".
وفي قلب البرلمان (مجلس النواب)، أثار الفريق الحركي، بقيادة إدريس السنتيسي، قضية استيراد النفايات، عبر سؤال كتابي، استفسر فيه الوزارة الوصيّة عن "عواقب استيراد النفايات على البيئة وعلى الصحة"، مطالبا بـ"توضيحات حول الحيثيات التي دفعت الوزارة إلى اتخاذ هذا القرار".
كذلك، طالب الفريق الحركي، بأهمية مُناقشة الموضوع في اللجنة النيابية المختصة بحضور الوزيرة، بهدف الحصول على معلومات أكثر دقة.
للوزارة مُبرّراتها..
وزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، عقب موجة غضب وُصفت بـ"العارمة"، خرجت عن صمتها، عبر بيان، جاء فيه: "استيراد النفايات غير الخطرة مؤطر ببنود اتفاقية بازل الأممية المتعلقة بنقل النفايات خارج الحدود، التي وقّع وصادق عليها المغرب والمنشورة في الجريدة الرسمية رقم 4892 بتاريخ 19 أبريل 2001".
وأوضحت الوزارة، عبر البيان، الذي وصل "عربي21" نسخة منه، أن استيراد النفايات، "مقنّن وفق النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل، ولا سيما القانون رقم 00-28 المتعلق بتدبير النفايات والتخلص منها، وكذا نصوصه التطبيقية والمرسوم رقم 2-17-587 المتعلق بتحديد شروط وكيفيات استيراد النفايات وتصديرها وعبورها..".
"لغاية تنوير الرأي العام حول عمليات الاستيراد التي أثارت الجدل الإعلامي المذكور، فإن عدد التراخيص الممنوحة للشركات المستوردة للنفايات غير الخطرة من أجل التثمين الطاقي أو الصناعي بلغ 416 ترخيصا منذ سنة 2016 إلى حدود اليوم" تؤكد الوزارة عبر البيان نفسه، الذي تشير لأنه أتى عقب "ما تم نشره في الآونة الأخيرة من معطيات مضلّلة وخاطئة عبر منابر إعلامية مختلفة، وما يجري تداوله في مواقع التواصل الاجتماعي".
واسترسلت أن "المغرب يركّز على الاستيراد من الدول الأوروبية التي تتميز بجودة عالية لأنظمة ووسائل فرز ومعالجة النفايات ممّا يضمن الحصول على منتوج ليس له تأثير مضر بالبيئة وبالصحة العامة للمواطنين"، مبرزة أن "المغرب يعتبر من بين الدول التي لا تحظى إلا بنسبة قليلة من حصّة النفايات المستوردة (صنف النفايات غير الخطرة) مقارنة مع دول أخرى مصنفة في خانة الاقتصادات المماثلة".
وبحسب البلاغ، فإن منح التراخيص من أجل استيراد النفايات غير الخطرة يخضع، إلى "مسطرة إدارية دقيقة وصارمة، وفق مقتضيات المرسوم المشار إليه سلفا، تتطلب لزاما الإدلاء بوثائق التحاليل الفيزيائية والكيميائية وبطائق تقنية للتعريف بالنفايات المستوردة وبمصدرها".
كذلك، وفق المصدر نفسه، "يشترط الحصول على رأي الوزارات المعنية بمجال استعمال النفايات موضوع طلب الترخيص، وتتوقف الاستجابة للطلب على التثبت من مدى حاجة الصناعات الوطنية لمثل تلك النفايات كمواد أولية أو تكميلية وبأنها ذات جدوى اقتصادية محققة".
وتابع: "إن استغلال وإعادة تدوير مكونات النفايات غير الخطرة يتطلب توفير أجهزة مدعمة بتقنيات متطورة لرصد ومراقبة الانبعاثات الغازية الناتجة عن عملية الاحتراق، وهو ما يمكن من الحفاظ على جودة الهواء وضمان عدم الإضرار بالبيئة وبالصحة العامة".
إلى ذلك، أبرزت الوزارة، أن "التجارة الدولية للنفايات غير الخطرة تخضع لمنافسة قويّة بين الشركات الدولية المتخصصة وباقي الفاعلين في هذا القطاع، خصوصا مع التطور المتنامي الذي يعرفه مجال تدوير وإعادة استعمال النفايات في إطار ما يعرف بالاقتصاد الأخضر والاقتصاد الدائري".
وأكد البيان، أن استيراد المغرب للنفايات، يأتي بغرض "تدويرها واستغلالها كمادة أولية أو تكميلية في المجالين الصناعي والطاقي (كصناعة الأنابيب المخصصة للتطهير السائل وأنابيب السقي بالتنقيط والصناديق البلاستيكية وغيرها، بالإضافة إلى استعمال العجلات الممزقة كمادة فعالة لإنتاج الطاقة البديلة في أفران معامل الاسمنت)".
وأبرز أن: "سلاسل تثمين النفايات تهم 13 مجالا، وتمتلك إمكانات كبيرة لخلق قيمة مضافة للاقتصاد الوطني كتحسين الميزان التجاري وتوفير أكثر من 9500 منصب شغل مباشر وغير مباشر في الصناعات الحديدية في أفق خلق ما لا يقل على60,000 فرصة عمل بحلول عام 2030".
نقاش لا ينتهي..
على الرّغم من المُبرّرات التي قدّمتها الحكومة؛ إلا أن ردود الفعل الغاضبة، توالت بين رواد مختلف مواقع التواصل الاجتماعي، بين من يعتبر القرار الذي أقدمت عليه الحكومة المغربية "تهديدا لصحّة المواطنين" ومن يقول إنه "ضرب في الدستور وكافة القوانين المنظمة للتنمية المستدامة"، فيما تُدافع القلّة عن قرار الحكومة بالقول: "إنه يخدم الجانب الاقتصادي للبلاد".
كذلك، رصدت "عربي21" عدّة منشورات على مختلف مواقع التواصل الاجتماعي، تعود بالذّاكرة إلى عام 2016، حيث تعرّضت، آنذاك، الوزيرة المكلفة بالبيئة في حكومة عبد الإله بن كيران، حكيمة الحيطي، لغضب المغاربة، إثر ترخيصها استيراد النفايات من إيطاليا.
وفي هذا السياق، أوضح بنعطا محمد، وهو منسق "التجمع البيئي لشمال المغرب"، عبر بيان، وصل "عربي21" نسخة منه، أن "المغاربة فوجئوا بقرار وزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة بالسماح باستيراد أكثر من مليوني طن من النفايات المنزلية والعجلات المطاطية من الدول الأوروبية".
وأضاف البيان، الذي حمل عنوان: "لا لتحويل المغرب إلى مطرح لنفايات الدول الأوروبية"، أن قرار الوزيرة يأتي "تنافيا مع روح المواطنة ومهمتها في الحفاظ على ما تبقّى من كرامة بيئية للمواطنين المغاربة الذين هم في حاجة ماسة الى النظم المعلوماتية والتقنيات الصناعية والزراعية والطبية والاقتصادية..".
"سيُستورد 970.896 طنا من فرنسا، و20 ألف طن من إيطاليا، و30.054 طنا من إسبانيا، و1.5 مليون طن من بريطانيا، و60 ألف طن من السويد، و100 ألف طن من النرويج" أوضح البيان نفسه.
وأردف: "هذا القرار، يتناقض مع الدستور المغربي الذي ينص على حق المواطن في العيش في بيئة سليمة ومع القوانين والاستراتيجيات التي اعتمدها المغرب للحفاظ على البيئة ونمط التنمية المستدامة والانتقال الطاقي العادل"، مبرزا أن "المغرب اعتمد على مجموعة من القوانين والمراسيم التطبيقية والاستراتيجيات للحفاظ على البيئة والتنمية المستدامة".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات سياسة دولية المغرب الحكومة المغربية المغرب الحكومة المغربية المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
خلافات سياسية تعطل البرلمان العراقي ومخاوف من السلة الواحدة
بغداد- يشهد مجلس النواب العراقي حالة من الشلل التام، منذ 16 من فبراير/شباط الماضي، حيث تعطلت جلساته بشكل متكرر لعدم اكتمال النصاب القانوني المطلوب، والمحدد بـ166 نائبًا من أصل 318، كان آخرها جلسة اليوم التي لم تعقد لنفس السبب.
وتصدر الخلاف بين الكتل النيابية بسبب عدد من القوانين المطروحة، مثل قوانين الحشد الشعبي والمساءلة والعدالة، وهو ما دفع بعض النواب للمطالبة بحل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة، في حين يرى آخرون أن الحل يكمن بالتوافق السياسي خارج قبة البرلمان، مع تصاعد المخاوف من لجوء القوى السياسية إلى "السلة الواحدة" بتمرير مجموعة من القوانين المتنازع عليها دفعة واحدة.
يمثل قانون هيئة الحشد الشعبي الذي يعود إلى عام 2014 إحدى القضايا المعقدة والمثيرة للجدل في المشهد السياسي العراقي، حيث لعبت قوات الحشد الشعبي دورا محوريا في الحرب ضد "تنظيم الدولة الإسلامية"، حيث تشكّل -منذ تأسيسه- من فصائل مسلحة متنوعة، بعضها يتمتع بعلاقات وثيقة مع إيران، وهو ما جعله قوة مؤثرة في المشهد الأمني والسياسي للبلاد.
وفي عام 2024، أرسلت الحكومة تعديلا للقانون، يتضمن وضع حدود دنيا وعليا لرواتب منتسبي الحشد وتحديد السن القانونية للتقاعد، إلا أن مجلس النواب أخفق بالتوصل لصيغة توافقية على القانون، في جلسته التي عقدت في 4 فبراير/شباط الماضي، وتم رفعه من جدول الأعمال، ما دعا قوى شيعية لإعلان مقاطعتها لجلسات البرلمان إلى حين إدراج القانون ضمن جدول الأعمال مرة أخرى.
إعلانأما بخصوص قانون "المساءلة والعدالة"، فيذكر أنه في يوم 16 أبريل/نيسان 2003 أصدر الحاكم المدني الأميركي للعراق آنذاك بول بريمر أحد أولى قرارته بإنشاء "هيئة اجتثاث البعث" بغرض "تطهير أجهزة الدولة العراقية من قيادات وأعضاء حزب البعث العراقي المنحل" الذي كان يتزعمه الرئيس العراقي الراحل صدام حسين.
وتولت هذه الهيئة مهمة توفير معلومات وكشف هوية أعضاء الحزب من ذوي درجات عضوية محددة، ليتم فصلهم من مرافق الدولة، إضافة إلى "إزالة آثار البعث من الحياة والمجتمع".
وفي يناير/كانون الثاني 2008 أقر البرلمان العراقي قانون المساءلة والعدالة الذي يقضى بتشكيل "هيئة وطنية عليا للمساءلة والعدالة" بدلا من "هيئة اجتثاث البعث".
دعوة للحلأعرب النائب بالبرلمان العراقي عن المكون الكردي أوميد محمد عن قلقه بشأن الوضع الحالي للمجلس، مشيرًا إلى وجود مشاكل في قانوني الحشد الشعبي والمساءلة والعدالة.
وأوضح محمد في حديث للجزيرة نت أن الكتلة الكبيرة داخل مجلس النواب، المتمثلة في تحالف الإطار التنسيقي، اشترطت لإتمام الجلسات إضافة فقرة التصويت على قانون الحشد، مما انعكس سلبًا على أداء المجلس التشريعي والرقابي، وتسبب في حالة من الجمود التام.
ودعا محمد إلى حل هذه الأمور الخلافية خارج قبة البرلمان، والتركيز على تشريع القوانين التي تمس حياة المواطنين بشكل مباشر، مؤكدا على إمكانية تشريع قوانين غير خلافية وإضافتها إلى جداول أعمال المجلس.
وأشار إلى أن إصرار تحالف الإطار التنسيقي على إضافة فقرة قانون الحشد أدت إلى تعطيل أداء المجلس وجلساته، محملا هيئة الرئاسة بالبرلمان مسؤولية كبيرة في الفترة المتبقية من عمر البرلمان الحالي، داعيًا إلى وضع جداول أعمال غير خلافية لحين حسم موضوع قانَوني الحشد والمساءلة والعدالة خارج البرلمان.
اشترطت بعض القوى السنية حل هيئة المساءلة والعدالة لانتفاء الحاجة لها، وإدراج الصحوات ضمن قانون الحشد الشعبي لتمريره داخل قبة البرلمان، حيث أكد النائب رعد الدهلكي، رئيس تحالف العزم في ديالى وعضو البرلمان العراقي عن المكون السني، أن "هيئة المساءلة والعدالة أصبحت من الماضي".
إعلانوأشار الدهلكي في حديثه للجزيرة نت إلى أن القانون كان انتقاليًا وشابته العديد من المشاكل وتم استخدامه في بعض الأحيان للتسقيط السياسي، وأضاف أن "إنهاء عمل هيئة المساءلة يمثل خطوة ضرورية ضمن المصالحة الوطنية وحسم المشاكل السابقة".
وبشأن قانون الحشد الشعبي، شدد الدهلكي على ضرورة إدراج أبناء الصحوات ضمن القانون، معتبرًا ذلك مطلبًا قانونيًا ووطنيًا، نظرًا للدور المميز الذي قامت به هذه الشريحة في محاربة الإرهاب والحفاظ على الأمن والاستقرار في مناطقها.
وأشار الدهلكي إلى أن أبناء الصحوات قدموا تضحيات كبيرة، وأن إنصافهم ومنحهم الحقوق أسوة بمنتسبي الحشد الشعبي هو مطلب وطني لا يمكن التنازل عنه.
وانتقد الدهلكي التفاوت الكبير في الرواتب بين أبناء الصحوات والحشد الشعبي، حيث يتقاضى أبناء الصحوات 450 ألف دينار شهريًا (نحو 350 دولارا) بينما يتقاضى منتسبو الحشد الشعبي مليون و500 ألف دينار (نحو 1220 دولارا)، بالإضافة إلى الامتيازات الأخرى، معتبرًا أن ذلك أمر غير منصف.
السلة الواحدةمن جانبه، تحدث النائب عن المكون الشيعي حسين السعبري عن مشكلة عدم اكتمال النصاب وعدم حضور النواب والجلسات، مما يسبب حرجًا أمام الجمهور، وطالب بحل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة، إذا لم يتمكن من الالتزام بجلساته وإكمال النصاب.
وأشار السعبري في حديثه للجزيرة نت إلى وجود العديد من القوانين المهمة التي يجب المضي بها والتصويت عليها، مؤكدا أن تسبب قانون واحد بهذا الإشكال هو خطأ يسبب حرجًا.
وفي سياق متصل، وصف الباحث السياسي مجاشع التميمي السلطة التشريعية بأنها "مقيدة بشكل كبير لتحالف إدارة الدولة"، وأوضح في حديثه للجزيرة نت أن "التوافقية هذه المرة أخذت شكلًا أكثر حدة وقوة، مما يشير إلى أن القوى السياسية ستلجأ مرة أخرى إلى السلة الواحدة، حيث تتعطل جميع مهام البرلمان التشريعية والرقابية والمحاسبية".
إعلانوتوقع التميمي أن يلجأ البرلمان إلى تشريع مجموعة قوانين تشمل قانونًا يمثل الأكراد وقضاياهم مثل حلبجة وقانون النفط والغاز، وقانونًا ينهي مهام هيئة المساءلة والعدالة بالنسبة للمكون السني، وقانون التقاعد للحشد الشعبي بالنسبة للمكون الشيعي، مشيرا إلى أن القوى السياسية وصلت إلى مرحلة العجز، وبدأت تفكر جديًا في مرحلة ما بعد هذه الدورة البرلمانية.
وكان مجلس النواب العراقي قد مرر في 21 يناير/كانون الثاني الماضي، 3 قوانين "جدلية" دفعة واحدة، وهي تعديل قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959، والعفو العام، وإعادة العقارات إلى أصحابها، بعد خلافات امتدت لأشهر، ودفعت إلى إلغاء العديد من الجلسات نتيجة المشاجرات والسجالات بشأنها.