يعيش الصومال صراعات ممتدة منذ سنوات بسبب نشاط الفكر المتطرف وعمليات الإرهاب، فضلاً عن أزمات مناخية صعبة أثرت سلباً على الحياة السياسية والاجتماعية، وبالرغم من محاولات الحكومة تحقيق حالة من الاستقرار عبر المصالحة السياسية والقضاء على العناصر الإرهابية والانفصالية، ما زال الصومال يعانى من الصراعات.

 «حليمة»: نشاط حركة الشباب يؤثر سلبا على الأوضاع الداخلية ويخلق حالة من عدم الاستقرار

السفير صلاح حليمة، نائب رئيس المجلس المصرى للشئون الأفريقية، مساعد وزير الخارجية الأسبق، قال إن الرئيس الصومالى حسن شيخ محمود، وضع على رأس أولوياته بعد توليه الرئاسة محاربة النشاط الإرهابى عسكرياً وفكرياً، وتحقيق المصالحة السياسية بين الأحزاب السياسية ومكونات المجتمع الصومالى من عشائر وقبائل ومناطق جغرافية، وأيضاً معالجة الأوضاع الإنسانية الناتجة عن الإرهاب أو الجفاف أو التغيرات المناخية.

وأكد «حليمة» لـ«الوطن»، أن محاولات الرئيس الصومالى حققت تنمية متواضعة رغم المشاكل، مشيراً إلى أن أبرز ما يواجهه الداخل الصومالى هو مشكلة صوماليلاند، ومحاولاتها الانفصالية لكن التوجه لم يحقق أى اعتراف دُوَلى بالإضافة إلى المباحثات وجهود الوسطاء لعدول أرض الصومال عن التوجه الانفصالى، وإحدى أبرز المشكلات أيضاً المناوشات بين بونتلاند وأرض الصومال على خلاف حدودى مرتبط بأوضاع القبائل: «الصومال يعانى من صراع بين حركة الشباب الصومالية والحكومة المنتخبة بما يؤثر سلباً على الأوضاع الداخلية»، وأكد مساعد وزير الخارجية الأسبق أن الأوضاع الاقتصادية فى الصومال متدهورة كما هو الحال إنسانياً، بسبب الأوضاع غير المستقرة والإرهاب والنزعات الانفصالية.

«حسام»: الحروب الأهلية تسببت في عزلة القبائل وانقسامها

الدكتور حسام الدين محمود، رئيس مركز أفريقيا للتخطيط الاستراتيجى، قال إن الصومال يتمتع بموقع جغرافى متميز وثروات ضخمة، سواء فيما يتعلق بالمعادن مثل اليورانيوم والبترول والغاز، ويضم مناطق زراعية وثروة بحرية ضخمة، إذ يبلغ طول السواحل نحو 3333 كيلومتراً، وهى أطول سواحل فى قارة أفريقيا، فضلاً عن تمتعه بالثروة الحيوانية، ويعد الصومال إحدى أبرز الدول التى عانت من تفشى الإرهاب والصراع المسلح بين أبناء الدولة الواحدة، وما تلا ذلك من مواقف لها تأثيرها وتبعاتها السياسية، وانعكس ذلك على الأمن الغذائى والازدهار الاقتصادى والنمو، كما أثرت حالة الفراغ السياسى على الصومال وأسهمت فى انتشار الجماعات الإرهابية وتمددها.

وأكد «حسام» أن موقع الصومال على ساحل خليج عدن والبحر الأحمر جعلها مطمعاً، مشيراً إلى أن حالة الإرهاب الموجودة حالياً الهدف منها إضعاف الدولة وهيمنة دول أخرى، لافتاً إلى أن الحرب الأهلية التى وقعت فى الصومال منذ سنوات، فرضت حالة من العزلة على القبائل، وزادت من الفساد السياسى والاقتصادى.

وأوضح رئيس مركز أفريقيا للتخطيط الاستراتيجى أن الحرب الأهلية والإرهاب أديا إلى إضعاف الجيش الوطنى الذى كان يستطيع فى الماضى أن يبسط نفوذه ويحقق الأمن فى البلاد، كما أسهم غيابه بشكل كبير فى إشعال الحرب الأهلية التى شهدت سقوط الكثير من الضحايا، وأصبح الصومال أرضاً خصبة لتدريب العناصر الإجرامية والإرهابية.

وتناول «حسام» الأزمة الإنسانية فى الصومال، وطرق حلها، إذ تحتاج الدولة الأفريقية إلى الشركاء الإقليميين ومساهماتهم فى تحقيق التنمية، إذ يمتلك الصومال ثروات هائلة يجب استثمارها، مؤكداً أن مصر ستسهم فى الاستثمار داخل الصومال فى وقت قريب، لما تملكه من موارد فاعلة وخبرة كبيرة فى التصنيع والإنتاج، وبالتالى ستكون حريصة على أن يصب الاستثمار فى مصلحة الصومال أولاً.

كما يعانى الصومال من أزمة مناخية كبرى، وهى أكثر الدول تأثراً بالتغير المناخى، ومن بينها مشكلة التصحر، التى تؤثر على الزراعة والثروة الحيوانية، وندرة المياه، وهى نتيجة مباشرة للتغيرات المناخية، كما أن هناك حالة من النزوح من جانب الصوماليين بسبب الأزمة المناخية وخاصة الجفاف والتصحر من مكان إلى آخر، مما يؤدى إلى صعوبة فى توفير الغذاء، وبحسب الأمم المتحدة هناك نحو 4.3 مليون نازح داخلياً فى الصومال بسبب الجفاف وانعدام الأمن.

وأضاف «حسام» أن ملايين الصوماليين يعانون من أزمة فى الغذاء والجفاف، ونصف مليون طفل صومالى يعانون من الجوع، مؤكداً أنه يجب أن تتحمل دول العالم والدول الصناعية الكبرى مسئوليتها تجاه نزوح الصوماليين الذين تأثروا بالتصحر والجفاف، مشيراً إلى أن النزوح سببه الرئيسى التغيرات المناخية التى أدت إلى انعدام الأمن الغذائى وأثرت على الحياة العامة بالصومال.

وأوضح «حسام» أن الصومال من بين الدول التى رضخت تحت نير الاستعمار، الذى تسبب فى صراع داخلى أفضى إلى نزاعات قبلية وحروب أهلية، فضلاً عن انتشار الأفكار المتطرفة وما نتج عنها من إرهاب وعنف مسلح، وبالرغم من وحدة الصومال الدينية واللغوية والعرقية فإن الأفكار المتطرفة الدخيلة انتهت إلى حروب أهلية تسببت فى عزلة القبائل وانقسامها، تزامناً مع انتشار الفساد الناتج عن غياب الرقابة والقبلية والتعصب، وما يقابلها من حركات معارضة بدأت تنفيذ هجمات عسكرية ضد الحكومة المركزية، فى محاولة للاستيلاء على السلطة، ومن وقتها دخلت الصومال نفقاً مظلماً.

وأضاف أن الصراع فى الصومال بين حركة الشباب الصومالية ذات التوجه المتطرف والحكومة الفيدرالية، يخفى خلفه صراعاً أيديولوجياً أدى إلى الأوضاع السياسية المتأزمة والإنسانية الصعبة، مؤكداً أن الحل فيما يتعلق بالأزمة المناخية التى تعانى منها الصومال مرتبط ببرنامج الأمم المتحدة الخاص بالمناخ، فى إطار اتفاقية الأطراف، باعتبار أن القارة الأفريقية أكثر الدول تأثراً بالتغيرات المناخية، ومعالجتها من خلال مؤتمرات المناخ والدول المتقدمة بما تقدمه من مساعدات والتزامات تصل إلى 100 مليار دولار، ورغم كل ذلك، لم يتم الوفاء بشكل كامل بالمساعدات لكن مصر من خلال المؤتمرات المناخية الماضية حققت قدراً كبيراً من النجاح فى هذا الصدد.

وما يشير إلى استمرار معاناة الصومال مع أعمال العنف هو ما وقع خلال أيام شهر أغسطس بعد مقتل عشرة أشخاص، بينهم سبعة من أفراد قوات الأمن ومدنيان وانتحارى، إثر انفجار سيارة مفخخة عند نقطة تفتيش فى مقديشو، كما تم تفجير قنبلة عن بُعد، أسفرت عن مقتل 11 شخصاً فى مطعم مقديشو، وأعلنت حركة الشباب مسئوليتها عن جميع تلك الهجمات.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: شابيلا معاناة الصومال حرکة الشباب فى الصومال حالة من إلى أن

إقرأ أيضاً:

حزب المؤتمر : الحوار الوطنى أصبح منصة حوارية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

قال السعيد غنيم، النائب الأول لرئيس حزب المؤتمر، إن الحوار الوطنى أصبح منصة حوارية ومن مؤسسات الدولة الداعمة لحفظ أمن وسيادة الدولة المصرية، وعدم المساس بالأمن القومى المصرى، واستعداده لمناقشة ملف الأمن القومى، ليست مجرد مناقشات فقط، بل هى خطوة ضرورية لوضع أسس واضحة لمستقبل أكثر أمانًا واستقرارا . 
وأوضح النائب الأول لرئيس حزب المؤتمر، أن المناقشات تركز على كيفية بناء مجتمع يتمتع بالوعى الأمنى، حيث يكون كل فرد مسؤولًا عن المساهمة فى تعزيز الأمن القومى، لذا، يجب أن يتعاون الجميع من أجل مصر أكثر أمانًا واستقرارا، قائلا:" مناقشة الحوار الوطنى تستهدف ضمان حماية وحفظ الأمن القومى المصرى، خاصة وأننا نواجه إقليما مشتعلا وسيناريوهات مفتوحة فى ظل العدوان الإسرائيلى مكتمل الأركان على فلسطين ولبنان . 
وأشار إلى أن الحوار الوطنى يضع قضية الأمن القومى من الأولويات الضرورية، خاصة فى ظل تجديد القيادة السياسية مطالبتها للحوار الوطنى بإيلاء قضايا الأمن القومى والسياسة الخارجية أولوية فى فعاليات الحوار خلال الفترة الحالية والقادمة، والفترة الأخيرة شهدت عقد عدد من الجلسات التى تؤكد أهمية الملف التفاعلى
وأشاد النائب الأول لرئيس حزب المؤتمر، بالجهود إلى تقوم بها مصر للتفاعل مع الأحداث منذ اللحظة الأولى لصالح دعم القضية الفلسطينية، وجهود حفظ أمن واستقرار المنطقة بالكامل، التى أكد الرئيس عبد الفتاح السيسى مرارًا وتكرارًا على أنها تعتبر قضية القضايا، وهى التى تحفظ للإقليم استقراره، ولا حل لها سوى بالاعتراف بالدولة الفلسطينية، وأهمية القضية المتعلقة بالأمن القومى المصرى للمنطقة بالكامل.
 

مقالات مشابهة

  • سفير سوداني: 13 مليون نازح داخليا وخارجيا في السودان
  • رئيس جامعة سوهاج: ملف الذكاء الاصطناعي يحظى باهتمام القيادة السياسية
  • الأمن يحذر الاردنيين بسبب حالة عدم الاستقرار الجوي
  • القماطي: شح الأسلحة في ليبيا بسبب شراء الاستخبارات الأوروبية 
  • حزب المؤتمر : الحوار الوطنى أصبح منصة حوارية
  • المنفي يبحث مع سفير الاتحاد الأوروبي تطورات الأوضاع السياسية
  • الأمم المتحدة: 120 مليون نازح ولاجئ حول العالم.. والتحديات تزداد
  • “المنفي” يبحث مع سفير الاتحاد الأوروبي لدى ليبيا تطورات الأوضاع السياسية والاقتصادية
  • المأسسة والتكلسات السياسية !؟
  • الزراعة توجه مناشدة عاجلة للمزارعين بسبب الأجواء المناخية