كاتب أمريكي في فورين بوليسي يستعرض ملامح أزمة مصر.. ماذا قال عن السيسي؟
تاريخ النشر: 10th, August 2023 GMT
"كيف خرب السيسي مصر؟"، تحت هذا العنوان كتب ستيفن كوك، الباحث الأمريكي في "مجلس العلاقات الخارجية" والزميل الأول في معهد "إيني إنريكو ماتي" الإيطالي لدراسات الشرق الأوسط وأفريقيا، مقالا بمجلة "فورين بوليسي"، مستعرضا المشكلات المزمنة التي تعيشها مصر، لا سيما على مستوى الاقتصاد، الذي بات مثقلا بالديون الضخمة ويعاني من مشكلات هيكيلية شديدة الصعوبة.
ويرى كوك أن "السيسي استولى على دولة فقيرة فجعلها أكثر فقرا"، رغم تلقيه مليارات الدولارات من دول الخليح، التي أخذت على عاتقها تعويم الاقتصاد المصري بعد أزمات عاشتها البلاد خلال الفترة القصيرة للتحول الديمقراطي منذ ثورة يناير/كانون الثاني 2011، وحتى الانقلاب العسكري على أول رئيس مدني منتخب في صيف 2013.
ويقول الكاتب إنه بعد سجن محمد مرسي ومقتل أعضاء جماعة الإخوان المسلمين أو اعتقالهم أو هروبهم، وعد السيسي المصريين بأيام أفضل، وطالبهم بالصبر، لكن بعد عقد من الزمان، لم يكافئ السيسي المصريين على صبرهم، وعلى العكس تمامًا: الرجل الذي كان من المفترض أن ينقذ مصر "يشرف الآن على خرابها"، على حد قوله.
اقرأ أيضاً
مصر في أزمات.. 3 مقترحات لإلزام السيسي بأهداف التنمية المستدامة
أرقام بائسةويتطرق ستيفن كوك إلى إحصائيات وصفها بالمذهلة تعكس مدى الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي تعيشها مصر، حيث بلغ معدل التضخم 37 % تقريبا، وبلغ سعر الدولار الواحد 30 جنيها مصريا (كان حوالي 7 جنيهات للدولار عندما تولى السيسي السلطة)، وبلغ الدين الخارجي للبلاد ما يقرب من 163 مليار دولار، ومن المتوقع أن يصل إجمالي ديون مصر إلى ما يقرب من 93% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد في عام 2023.
ويلفت المقال إلى أن السيسي ما فتأ يؤكد على أن المحن الاقتصادية في البلاد هي نتيجة قضايا خارجة عن إرادته، لا سيما جائحة COVID-19 وغزو روسيا لأوكرانيا، ورغم أن ما سبق شكل تحديات اقتصادية واجهت العديد من البلدان، إلا أنه من الواضح أن احتجاج السيسي بها كان مجرد استراتيجية خطابية للتقليل من مسؤوليته في المزيد من الفقر المدقع في مصر.
اقرأ أيضاً
إعلامي مقرب من السيسي ينتقده عبر منصة إماراتية.. وتفاعل بمواقع التواصل في مصر
فورة إنفاق بالديونويمضي الكاتب بالقول: لقد انخرط السيسي في فورة إنفاق تغذيها الديون على مشاريع عملاقة ليس لها سوى القليل من المبررات الاقتصادية، كان أكثرها فحشًا هي العاصمة الإدارية الجديدة، والتي لا تزال في مرحلتها الأولى فقط، حيث تكلفت حتى الآن أكثر من 45 مليار دولار.
وعندما انسحبت الإمارات والصين من المشروع، اضطر المصريون لدفع الفاتورة عن طريق إضافة مبالغ ضخمة من الديون إلى الميزانية العمومية للبلاد.
ويشرف السيسي الآن على مشروعات كبيرة أخرى، مثل عاصمة أخرى صيفية في الساحل الشمالي (العلمين الجديدة)، ومحطة للطاقة النووية (في بلد يقول إن لديه فائضا في إنتاج الكهرباء) ومدينة مستدامة في دلتا النيل، وإحياء مشروع ضخم فاشل في عهد مبارك في جنوبي مصر (توشكى)، وجاء ذلك بعد افتتاح تفريعة جديدة لتوسعة قناة السويس، والتي أطلق عليها "قناة السويس الجديدة" عام 2015.
ويعتبر الكاتب أن هذه المشروعات كانت ذات قيمة اقتصادية مشكوك فيها، لكنها كانت مهمة من الناحية السياسية، حيث حرص السيسي على أن تعكس ولادة ما يقول إنها "جمهورية جديدة" تحت يد ثابتة للضابط العسكري الجديد الذي تحول إلى رئيس مع زملائه في وزارة الدفاع.
اقرأ أيضاً
مأزق مصر المالي.. السيسي ينتظر معجزة لا مؤشر على حدوثها
ثمن المشروعاتوأشار مسؤولون إلى أن الكثير من المصريين كانوا يعملون في بناء هذه المشاريع، وهو أمر حقيقي - ولكن بأي ثمن؟ - حيث تتحمل الحكومات مسؤولية بناء البنية التحتية، لكن الفوائد طويلة الأجل يجب أن تفوق التكاليف قصيرة الأجل.
ويقر الكاتب، بأن الجسور الجديدة، والطرق، والتقاطعات، وتطوير المطارات، ومترو الأنفاق هي بالفعل مشروعات تستحق العناء - وقد فعلت مصر بعضاً من ذلك - بسبب العائد على هذه المشاريع من حيث النشاط الاقتصادي الأكبر والأكثر كفاءة.
وقد يتناسب مشروع "قناة السويس الجديدة" مع هذه الفئة، لكن العاصمة الصيفية والعاصمة الإدارية الجديدة عبارة عن "حُفر هائلة من المال استنزفت مصر".
وتابع ستيف كوك: من الصعب أن نفهم أنه في غضون عقد من الزمن، السيسي - الذي قام رعاته في السعودية والإمارات بإعادة تعويم الاقتصاد المصري عبر تحويلات نقدية ضخمة مباشرة، والذي حصل على قروض من صندوق النقد الدولي بشروط ميسرة، والذي تمتع بسمعة طيبة بين الحكومات الغربية - استولى على دولة فقيرة وجعلها أكثر فقراً.
اقرأ أيضاً
ميدل إيست آي: مستقبل مصر قاتم بعد عقد من انقلاب السيسي.. و3 مسارات للتغيير
صندوق النقدويقول الكاتب إنه في أحدث اتفاق لها مع صندوق النقد الدولي، وافقت الحكومة المصرية على بيع أصول الدولة، بما في ذلك الأصول التي يمتلكها الجيش.
ومع ذلك، كان هناك عدد قليل من المشترين، لأن هذه الأصول إما لا تساوي شيئًا، ولا أحد يعرف كيف يحدد لها قيمة، أو أن المشترين المحتملين يجلسون على الهامش في انتظار تخفيض آخر لقيمة الجنيه المصري (والذي سيكون الرابع منذ مارس/آذار 2022) حتى يتمكنوا من الحصول على أي شركات عالية الجودة بأسعار أرخص. في الآونة الأخيرة.
وقد أعلنت الحكومة عن مبيعات بقيمة 1.9 مليار دولار لأصول الدولة، وهو أمر إيجابي لكنه لا يفعل الكثير لتخفيف المعاناة الاقتصادية الواسعة الانتشار.
وبدلاً من الاستمرار في انتظار الازدهار الذي وعد به قادتهم، يغادر المصريون بأعداد متزايدة البلاد عبر الهجرة الشرعي وغير الشرعية، وعلى الرغم من زيادة عدد المصريين الذين يهاجرون إلى أوروبا عن طريق القوارب بعد انتفاضة يناير 2011، فقد ارتفع بشكل أكبر في السنوات الأخيرة.
وخلال شهر يونيو/حزيران الماضي، حاول أكثر من 6000 مصري الوصول إلى إيطاليا عن طريق البحر منذ بداية عام 2023، وهم يشكلون ثاني أكبر مجموعة من المهاجرين الذين يأملون في الوصول إلى الشواطئ الإيطالية، ومن المنطقي أن تغادر أعداد أكبر من المصريين في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يواجهونها.
ويرى كوك أن هذه المشكلات المزمنة حولت مصر من لاعب مهم في المنطقة إلى "مجرد مراقب"، على حد قوله، مستشهدا بالحرب الدائرة الآن في السودان، والتي تمثل الفناء الخلفي لمصر، حيث غابت القاهرة بشكل شبه كامل عن المشهد، وتصدرت دول أخرى، مثل السعودية والإمارات.
المصدر | ستيفن كوك / فورين بوليسي - ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: أزمة مصر عبدالفتاح السيسي الازمة الاقتصادية ديون مصر العاصمة الإدارية الدولار مقابل الجنيه اقرأ أیضا
إقرأ أيضاً:
وزير الشؤون بحث مع منسق الامم المتحدة في أزمة النزوح الجديدة من سوريا
عقد وزير الشؤون الإجتماعيّة هكتور حجّار، إجتماعاً إفتراضياً بهدف تنسيق الإستجابة السريعة لأزمة النزوح الجديدة لسوريين ولبنانيين من سوريا، عقب الجولة الميدانيّة التي قام بها في محافظة بعلبك-الهرمل برفقة مجموعة من المنظمات الدوليّة.
شارك في هذا الإجتماع كل من المنسّق المقيم ومنسّق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في لبنان السيد عمران ريزا، ممثّل منظمة اليونيسف في لبنان أكيل أيار، رئيسة مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية كريستين كنتسن، ممثل مكتب المنظمة الدولية للهجرة ماثيو لوسيانو، إيزابيل ميسيك من مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وليليانا جوفيفا من برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة بالإضافة إلى فريق عمل الوزارة.
عرض حجّار في بداية الإجتماع الأوضاع الإنسانية المأساوية للنازحين الذين بلغ عددهم ما يقارب ال 85,000، وشدّد على "ضرورة الإستجابة السريعة لحاجاتهم الأساسية بالتنسيق مع الوزارة وفريق عملها المتواجد على الأرض من طعام ومياه للشرب وفرش وحرامات وملابس شتويّة ومواد النظافة الشخصيّة، بالإضافة إلى حماية الأطفال والنساء".
كما شدّد على "أهمية تسجيل هؤلاء النازحين للحصول على بيانات موحّدة وواضحة. فأكّدت منظّمات الأمم المتحدة أنها بدأت بالإستجابة لهذه الحاجات من ضمن خطة لبنان للاستجابة التي تقودها الامم المتحدة بالشراكة مع الحكومة ووزارة الشؤون الاجتماعية وستتسارع وتيرة المساعدات خلال منتصف الأسبوع المقبل".
من جهته، أكّد ريزا "كلام حجار الداعي للبدء بتسجيل النازحين الجدد فوراً كما طرح قضيّة النازحين العالقين في منطقة المصنع في أراضٍ ما بين الحدود اللبنانية والسورية، وضرورة الإستجابة لحاجاتهم الإنسانية نظراً للوضع المأساوي الذي يعيشونه".
وفي نهاية الإجتماع، أعرب حجّار عن نيته القيام بجولة ميدانيّة في منطقة المصنع والعمل على تأمين ممرّ إنساني لتتمكّن المنظمات الإنسانيّة من إيصال الدعم اللازم للنازحين العالقين بين الحدود اللبنانية والسوريّة.