بوابة الوفد:
2024-09-14@14:45:57 GMT

لو علمنا ما فى الغيب...

تاريخ النشر: 30th, August 2024 GMT

لم يكن الأمر منذرًا بسوء..
هكذا تحركت بتلقائية مغادرة فراشى الذى لم أكن قد توسدته، بعد يوم عمل طال.. رغم بعض الدوار الذى أشعر ببدء احتلاله رأسي.
أفكار عدة تزاحم عقلي، وتجبرنى على الانشغال بها وأنا أتلمس لقدمى موطئًا فى ظلام لم أهتم بهتكه بضغط زر الإضاءة، فما أفكر فيه كان حقا أهم.
دلفت حيث أزيح عن كفى شقاء اليوم، فتحت الصنبور وسمعت بأذنى انهمار المياه منه و.

.
وكان هذا آخر ما تناهى إليّ فى تلك اللحظات..
لم أشعر بشيء، ساد ظلام أكثر، لا أظنه طال، فقد أفقت على صوت ارتطام رأسى بشيء صلب جدا، فصرخت متأوهة، وإذا بالجميع متحلق حولي، يحاول ابنى استجلاء الأمر وتنظر إلىّ طفلتى بحيرة باكية.. وتقف أمى متكئة على عصاها ولا تدرى ماذا تفعل. 
 للحظة شعرت وكأننى فى حلم سمج، ماذا حدث؟
اكتشفت أننى أجلس بكامل ملابسى فوق قاعدة التويلت التى تواجه «الحوض»، وقد ابتلت ملابسى تماما..
فتحت عينى بصعوبة، أشعر بألم لا يطاق فى مؤخرة رأسى وجانب ذراعى الأيسر وظهري، وما زالت الأفكار تدور برأسي.. الآن بدأت أفهم..
دوار مفاجئ ثم إغماءة فسقوط، كلها حدثت فى لحظات، لكن الغريب وهو ما استدعى أن أدون ذلك فى مقال، أننى حين شعرت بدوار وحدثت الاغماءة، تهاوى جسدى للخلف ثم سقط فوق «القاعدة»، واصطدمت رأسى بشدة بالسيفون خلفي، لتتسبب تلك الصدمة العنيفة فى إفاقتى بعد لحظات...
حاول ابنى أن يساعدنى على النهوض لكنه لم يستطع، فقررت ألا أغادر مكانى إلا بعد أن أتمالك جسدى تماما، وقد كان.. 
تهاويت على الفراش وأنا غير مصدقة لما حدث، لم أفكر فى أسبابه طبيا ولا واقعيا، بل إن ما شغلنى حقا هو آلية ما حدث وأسبابه الميتافيزيقية التى قد لا أعلمها..
لماذا قدر الله أن تكون لحظة إغماءتى هى تقريبا نفس لحظة إفاقتي، فكان ارتطام رأسى الشديد سببا فى إفاقتي؟!
وتساءلت.. هل إذا طالت إغماءتى سيتمكن أطفالي  وأمى المسنة من التصرف ومحاولة إفاقتي؟ هل سيستطيعون حملى إلى فراشي، واستدعاء طبيب؟
الإجابة واضحة.. بالطبع لا، وربما إن حاولوا مساعدتى قد أسقط من بين أيديهم لأصاب إصابة أكبر، قد تودى بحياتى مثلا..
هكذا أيقنت أن الله قد يرسل إلينا ابتلاء ليقينا ابتلاء أكبر منه، قد يصيبنا ألم نراه فى حينه عظيما «ارتطام رأسي»، ليجنبنا ألما أكبر وينقذنا من مواجهة ما لا نقدر على مواجهته، فيصبح الألم بوابتنا إلى التعافى «الإفاقة».
لندرك ببساطة أنه «لو علمتم ما فى الغيب لاخترتم الواقع»، هكذا يعلم الله ما يمكننا تحمله وما لا يمكننا تخطيه. 
اعتدت هذا مع ربي، دائما أبدا أشعر بمجاورته لي، يده التى تمتد فى اللحظات الحاسمة لتنقذ ضعفى من مغبات كثيرة، هو خالقى الذى يدرك ألا مسئول سواي، وأن سقوطى لا بد له من نهاية سريعة، فلا سبيل سوى انتهائه، هكذا يتحول كل ما مررت به من ابتلاءات لمحطات لا تقيم، مهما طالت آثارها، إلا أننى فى كل مرة أنهض لأنفض عنى غبار السقوط وأمسك بأيدى أطفالى وأكمل الطريق، غير ملتفتة لألم مضى، فكل الآلام مصيرها حتما للنسيان، ولن يبقى إلا صمودنا ومسئوليتنا عمن نعول. 
وكما اعتدت عقب كل ابتلاء يلهج لسانى بالحمد لله، وجدتنى أردد فى خشوع «وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون».
نعم، الله يعلم ونحن لا نعلم، فاللهم لا تكلنا لأنفسنا طرفة عين.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: نبضات سمية عبدالمنعم

إقرأ أيضاً:

تحت ظل النيمة .. عهدنا

يا محمد محجوب، أنا لله وانا اليه راجعون ، فقد كنت مثل لقبك ” النيمة” شجرةٌ ظليلة ممتدة الجذور والفروع. شامخة ، تفئ اليها الأجيال المختلفة تنهل منك العلم حديثاً واقتداء ، تتعلم منك الشجاعة والمرؤة ومكارم الاخلاق..

يا ايها الاخيار ..الباسلون ..العاشقون لهذا التراب ..المتفانون لاجل هذا الدين ..الباذلون الروح في سبيل هولاء الغبش ..حمايةً لهم ونصرةً … با أيها الساهرون لاجل الحق والعدل والحرية ، يتنافس غيركم وهم خِفافٌ لاهثون على الدرهم والدولار والقِيان والدور !! ، ويا سعدكم انتم ثِقالٌ مترفعون عن هموهم الصِغارُ مثلُهم ، تقفون هاماتكم عالية وهمتكم أعلى وهمومكم ساميّة ، يصّعد نظركم للسماء رجاء لحظة لقاء تسألون الله ان تكون شهادةً في سبيله …
يا ” النيمة ” ، ان قلت الفارس فما أنصفتك فأنت فوق هذا الوصف ، وان قلت الزاهد فأنت فقت حد الزهد ، وان قلت العالم الدكتور ، فانت كنت خُلقاً يسير بين الناس تزيّنت بك الشهادات ،وان قلت ” يا سعادتك ” فلمثلك كانت الألقاب ، للمأمون المقدام عند الفزع والثقيل عند الطمع كحالك دوماً واخوتك ، وليس للخونة والبؤساء !! .

لقد عشت حيياً تتجنب مظان الظهور إلا في مكانٍ يحبه الله ورسوله ، لقد اسرعت لتلبية نداء ” أن يا خيل الله اركبي” ، منذ اول يوم ..تركت بيتك وعيالك لله ، والتزمت حوشك الذي تُحب ..و الذي نحب نحن اهل الصحافة وجبرة وطه الماحي واللاماب و الشجرة والحماداب والعزوزاب والرميلة ، التزمت المدرعات …ولم تغادرها إلا مدافعاً عنها او باحثاً عن إمداد لها او تشوين لجندها ، او مقداماً مهاجماً ..منقذاً لأسيرات منتهكات او لأسرً مغلوبة على امرها او دحراً لغازٍ استباح كل حدٍ وفاق شرّه حد كل وصف …

يا النيمة .. وقد ارتقيت اليوم وانت مقتحمٌ لمكامن العدو .. فأعلم ان رحيلك مُوجعٌ ..مُوُجع..
يا محمد ..بك وبمحامدٍ معك كنا نطمئن ، فبمثلكم تتنزل البركات .. لقد عجِلت لاحقاً برفيقك عمر النعمان ، وبينكما اقل من يوم .. انت من جبرة وهو أبن الصحافة رغم رحيله منها لزمان .. ورحيل مثلكما وصحبكما يهدُ الرواسي ، غير ان عهدنا مع الله دوماً انه بُخلفنا خيراً وفتحاً ..
يا محمد كان يومي مختلفاً فقط ، لأن زوجي هاتفني قائلاً النيمة يسلم عليك !! ثم بعد سويعات فجعني برحيلك !! كيف لا نبكي عليك !! ، لقد كنت مختلفاً حتى في رقيّك إلى حيث سعيت ..

تعرف فكرت ” أكيد ناس المدرعات وناس الصحافة وجبرة عاملين غلبة فوق … عاوزين النيمة .. ولذلك صعد !! ” …
ولكنك تركت خلفك حزانى ويتامى كُثُر !! انت مستعجل ليه !! ..
رب اتاك خيارنا فانصر دينهم وبلادهم واهلهم بهم ..

و يا ايها السودان متى يستقيم عودك وأمرك ..ولا تحتاج لنا كي نسندك بدمائنا وأجسادنا …متى ؟!
متى يفهم اهل هذه البلاد ، ان ثمن حريتهم وأمانهم ثقيل..ثقيل ..فلا يفرطوا فيه ولا يسلموا عقولهم ومصيرهم بسهولة !! .. متى ؟!

اعلموا انه حين يجِد الجد وتبلغ الروح الحناجر ، وتتلفتون وقد بلغ الخوف مبلغه ، لن تجدوا تلك الأصوات العالية ، ولا اولئك المتشدقون بالنضال وحب الوطن ، لن تجدوا أولئك الذين يحدثونكم عن الديمقراطية وحقوق الانسان وحرية المرأة وحقوق المثليين ،!! يتحدثون حتى ملتهم المنابر ، يتدافعون نحو الكراسي والمناصب والأضواء حتى أحرقتهم !! ، و هم يدٌ سُفلى للطامعين في بلادكم وهم سترٌ لكل مجرمٍ هتك ستركم ، لن تجدوهم!! ، بل ستجدون هذه الوجوه المتوضئة ، والقلوب الخاشعة ، والسمت الذي يشبه طين هذه الارض ، وتسكنه روحها الأبيّة وقد تشّرب باخلاق اهلها وعرف حقها ، ستجدون رجالاً ونساءً لا يدخرون وسعهم في حماية الارض والعرض ، وملء صدورهم فخر ، لا يعطون الدنيّة في دينهم وبلادهم واهلهم ، وعينهم على ما عند الله مثل ” محمد اخوي” كما يناديه حيدر ، والنيمة كما ينادينه اخوانه وأترابه والأجيال التي غرسها ورعاها .

يا محمد طبت حيّاً وصاعداً …
وان عهدنا معكم هو .. هو .. لن يصلوا لبلادنا وديننا .. وفينا عينٌ تطرُف.

سناء حمد

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • كل الوطن قُبّة…
  • حزب الله يعلن استهداف مقر عسكري بطبريا
  • مدرب الأهلي: أشعر بخيبة أمل بعد التعادل مع النصر
  • كيف علمنا الله الأدب مع رسوله؟
  • تحت ظل النيمة .. عهدنا
  • توضيح مهم من حزب الله.. هذا ما جاء فيه
  • هجوم جويّ كبير شنّه حزب الله.. هذا ما استهدفه
  • إلى أين يتجه السودان ؟
  • شهيد جديد لـحزب الله!
  • رسميًا.. أرسنال يعلن عن تمديد تعاقده مع الإسباني ميكل أرتيتا