بوابة الوفد:
2025-04-15@05:59:23 GMT

لو علمنا ما فى الغيب...

تاريخ النشر: 30th, August 2024 GMT

لم يكن الأمر منذرًا بسوء..
هكذا تحركت بتلقائية مغادرة فراشى الذى لم أكن قد توسدته، بعد يوم عمل طال.. رغم بعض الدوار الذى أشعر ببدء احتلاله رأسي.
أفكار عدة تزاحم عقلي، وتجبرنى على الانشغال بها وأنا أتلمس لقدمى موطئًا فى ظلام لم أهتم بهتكه بضغط زر الإضاءة، فما أفكر فيه كان حقا أهم.
دلفت حيث أزيح عن كفى شقاء اليوم، فتحت الصنبور وسمعت بأذنى انهمار المياه منه و.

.
وكان هذا آخر ما تناهى إليّ فى تلك اللحظات..
لم أشعر بشيء، ساد ظلام أكثر، لا أظنه طال، فقد أفقت على صوت ارتطام رأسى بشيء صلب جدا، فصرخت متأوهة، وإذا بالجميع متحلق حولي، يحاول ابنى استجلاء الأمر وتنظر إلىّ طفلتى بحيرة باكية.. وتقف أمى متكئة على عصاها ولا تدرى ماذا تفعل. 
 للحظة شعرت وكأننى فى حلم سمج، ماذا حدث؟
اكتشفت أننى أجلس بكامل ملابسى فوق قاعدة التويلت التى تواجه «الحوض»، وقد ابتلت ملابسى تماما..
فتحت عينى بصعوبة، أشعر بألم لا يطاق فى مؤخرة رأسى وجانب ذراعى الأيسر وظهري، وما زالت الأفكار تدور برأسي.. الآن بدأت أفهم..
دوار مفاجئ ثم إغماءة فسقوط، كلها حدثت فى لحظات، لكن الغريب وهو ما استدعى أن أدون ذلك فى مقال، أننى حين شعرت بدوار وحدثت الاغماءة، تهاوى جسدى للخلف ثم سقط فوق «القاعدة»، واصطدمت رأسى بشدة بالسيفون خلفي، لتتسبب تلك الصدمة العنيفة فى إفاقتى بعد لحظات...
حاول ابنى أن يساعدنى على النهوض لكنه لم يستطع، فقررت ألا أغادر مكانى إلا بعد أن أتمالك جسدى تماما، وقد كان.. 
تهاويت على الفراش وأنا غير مصدقة لما حدث، لم أفكر فى أسبابه طبيا ولا واقعيا، بل إن ما شغلنى حقا هو آلية ما حدث وأسبابه الميتافيزيقية التى قد لا أعلمها..
لماذا قدر الله أن تكون لحظة إغماءتى هى تقريبا نفس لحظة إفاقتي، فكان ارتطام رأسى الشديد سببا فى إفاقتي؟!
وتساءلت.. هل إذا طالت إغماءتى سيتمكن أطفالي  وأمى المسنة من التصرف ومحاولة إفاقتي؟ هل سيستطيعون حملى إلى فراشي، واستدعاء طبيب؟
الإجابة واضحة.. بالطبع لا، وربما إن حاولوا مساعدتى قد أسقط من بين أيديهم لأصاب إصابة أكبر، قد تودى بحياتى مثلا..
هكذا أيقنت أن الله قد يرسل إلينا ابتلاء ليقينا ابتلاء أكبر منه، قد يصيبنا ألم نراه فى حينه عظيما «ارتطام رأسي»، ليجنبنا ألما أكبر وينقذنا من مواجهة ما لا نقدر على مواجهته، فيصبح الألم بوابتنا إلى التعافى «الإفاقة».
لندرك ببساطة أنه «لو علمتم ما فى الغيب لاخترتم الواقع»، هكذا يعلم الله ما يمكننا تحمله وما لا يمكننا تخطيه. 
اعتدت هذا مع ربي، دائما أبدا أشعر بمجاورته لي، يده التى تمتد فى اللحظات الحاسمة لتنقذ ضعفى من مغبات كثيرة، هو خالقى الذى يدرك ألا مسئول سواي، وأن سقوطى لا بد له من نهاية سريعة، فلا سبيل سوى انتهائه، هكذا يتحول كل ما مررت به من ابتلاءات لمحطات لا تقيم، مهما طالت آثارها، إلا أننى فى كل مرة أنهض لأنفض عنى غبار السقوط وأمسك بأيدى أطفالى وأكمل الطريق، غير ملتفتة لألم مضى، فكل الآلام مصيرها حتما للنسيان، ولن يبقى إلا صمودنا ومسئوليتنا عمن نعول. 
وكما اعتدت عقب كل ابتلاء يلهج لسانى بالحمد لله، وجدتنى أردد فى خشوع «وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون».
نعم، الله يعلم ونحن لا نعلم، فاللهم لا تكلنا لأنفسنا طرفة عين.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: نبضات سمية عبدالمنعم

إقرأ أيضاً:

نور على نور

#نور_على_نور

د. #هاشم_غرايبه

عندما يقرأ المرء في قصة أهل الكهف قوله تعالى: “قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَىٰ أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِم مَّسْجِدًا”، يتساءل لماذا قال الله مسجدا مع أن الرسالة المحمدية لم تكن نزلت آنئذ، لماذا لم يقل: “كنيسة”!؟ ان كان هؤلاء المؤمنين من أتباع النصرانية.
في حقيقة الأمر لم يرد مسمى الكنيسة اطلاقا في القرآن، كما لم ترد في أي من كتب الله السابقة، كما لم يرد مسمى أتباع الرسل السابقين بنسبتهم الى رسولهم، كأن يقال ابراهيميين أو موسويين أو مسيحيين، بل بصفتهم الايمانية الموحدة (عباد الله المؤمنين)، لذا فكل ما لم يذكر في القرآن هو مستحدث من قبل البشر، وباطل ما أنزل الله به من سلطان.
المسجد لغويا هو المكان الذي تقام فيه الصلوات لله، واخذ مسماه من فعل السجود الذي هو أبرز الأركان الظاهرة الدالة على أداء المرء الصلاة.
من الخطأ الاعتقاد بأن الصلاة في شكلها الحالي هي مخصوصة بأتباع الرسالة المحمدية، فقد كانت هي وباقي الأركان الأخرى من صيام وزكاة وحج مفروضة على المؤمنين من أتباع الرسالات السابقة أيضا.
فقد قال المسيح عليه والسلام في أول نطق له وهو في المهد: “وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا” [مريم:31]، كما أمر الله تعالى ابراهيم وإسماعيل بتهيئة بيته الحرام للحج وللصلاة: “وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ” [الحج:26]، وقال: يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ” [آل عمران:43]، كما قال تعالى في وصف المؤمنين بالله من أهل الكتاب: “إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّداً” [الإسراء:107]، ولم يختلف الأمر في وصف عبادات أتباع الرسالة الختامية: “وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ” [المائدة:55].
إن بحثنا في القرآن الكريم عن مسميات أماكن العبادة سنجد المعرّفة بمسمى المسجد ثلاثة:
الأول هو بيت الله المحرم الواقع في مكة، وهو أول بيت وضع للناس لعبادة الله، وسماه تعالى المسجد الحرام: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَٰذَا” [التوبة:28]، لذلك فالله تعالى هو من وضع تسمية المسجد.
الثاني هو المسجد النبوي وهو أول مسجد بناه المسلمون في المدينة المنورة: “لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَىٰ مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ” [التوبة:104].
الثالث هو المسجد الأقصى، وبقع في القدس، وهو ثاني مسجد بني للناس، وكان معروفا قبل الدعوة الإسلامية بمسمى بيت المقدس، والله تعالى هو من سماه بالمسجد: “سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا” [الإسراء:1]، ونلاحظ أن الله قد بارك في البلاد المحيطة به إكراما لمكانته عنده تعالى، لذلك فلا يمكن التشكيك في قدمه، وباطل ما يدعيه الغرب مؤسسو الكيان اللقيط من تسمية التلة المقام عليها بمسمى (جبل الهيكل) في إشارة الى المعبد الذي أقامه سليمان عليه السلام ويدّعون أن اسمه (هيكل)، لأن هذه التسمية وثنية وتعني المكان الذي يقام لعبادة الآلهة المنحوتة (الوثن)، وأبرز جزء فيه هو المذبح الذي كانت تذبح فيه القرابين من البشر أو الحيوانات تقربا من تلك الآلهة المزعومة، وبالطبع لا يمكن للنبي الذي أرسله الله أن يبني معبدا وثنيا.
ما يؤكد ذلك ان الله تعالى لم يذكر أي من المسميات لأماكن عبادته غير الثلاثة المعرّفة بمسماها الصريح المبينة آنفا، وغير تلك الواردة في قوله تعالى بصيغة التنكير: “وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا” [الحج:40].
نستنتج أن هذه هي المسميات للأماكن الدينية عند الله، ولأن كل الرسالات السماوية دعت الى الدين ذاته الذي دعت إليه الرسالة الخاتمة، فلا تسمية غير ما جاءت في كتاب الله، ولا تتناقض قطعا مع كتبه السابقة قبل تحريفها، وذلك تفسير أن الله تعالى ذكر البناء الذي بني على فتيان الكهف بمسمى المسجد.
المستغرب أن كل أماكن العبادة الأثرية القديمة في بلادنا التي يكتشفها لنا علماء غربيون يسمونها كنيسة، مع أنه لا يوجد أي أثر مادي يدل على ذلك، ومع أن فترة انتشار النصرانية لا تتعدى ثلاثة قرون، فيما التحول الى الاسلام مضى عليه خمسة عشر قرنا.

مقالات ذات صلة لا تعتبوا على أهل غزة ولا تغضبوا منهم 2025/04/12

مقالات مشابهة

  • جلالة السلطان يصل مملكة هولندا
  • أنوار الصلاة على رسول الله عليه الصلاة والسلام
  • من كلّ بستان زهرة -96-
  • لعله خير
  • جلالة السلطان يغادر البلاد
  • أبيات شعر عن عيد العمال
  • نور على نور
  • علمنا (علي) شيخنا الرّاحل
  • نُصرةُ الضعيف ورد الظالم.
  • العرب الطلقاء