بعد وصولها إلى القائمة القصيرة لـ«كتارا».. إيناس حليم: الجوائز األدبية هدية تسعدني لكن شغفي بالكتابة أعمق «حوار»
تاريخ النشر: 30th, August 2024 GMT
كاتبة مصرية موهوبة، تتميز بأسلوبها السردى الجذاب وقدرتها على نسج قصص تلامس القلوب، اهتمامها بتفاصيل الشخصيات والأحداث يجعل القارئ يشعر وكأنه يعيش بينهم، وصلت إلى القائمة القصيرة لجائزة كتارا برواية «حكاية السيدة التى سقطت فى الحفرة».
حصلت إيناس حليم على درجة البكالوريوس فى الهندسة، إلا أن شغفها بالأدب دفعها إلى عالم الكتابة، عن أعمالها وأحلامها وآمالها كان لنا هذا الحوار:
بعد وصولها إلى القائمة القصيرة لـ«كتارا».. الكاتبة لـ«الوطن»: الجوائز الأدبية هدية تُسعدنى لكن شغفى بالكتابة أعمق
بعد وصولها إلى القائمة القصيرة لـ«كتارا».. ما حكاية السيدة التى سقطت فى الحفرة؟
- السيدة التى سقطت فى الحفرة -ظاهرياً- هى بطلة الحكاية المشهورة التى تداولها سكان الإسكندرية فيما بينهم فى مطلع السبعينات عندما انشقت الأرض وابتلعتها أثناء سيرها بجوار زوجها فى شارع النبى دانيال، وشكَّل اختفاؤها لغزاً يصعب تصديقه أو تفسيره، فكانت حكايتها نواة هذه الرواية وبداية رحلة البحث عن تفاصيل الحادثة وأصل الحكاية، لكن ضمنياً فى النص السيدة التى سقطت فى الحفرة هى كل سيدة سقطت فى حفرة معاناتها، والسقوط هنا يمتد إلى رمزية الثقل الذى يُصيب الأشخاص فيسقطون جرّاءه، الثقل الناتج عن أشكال مختلفة من المعاناة قد تكون وحدة، خيانة، هجر، حب مبتور، أو حلم مُجهض، والاختفاء هنا مجازى، تنعكس فكرته لتصبح محوراً للرواية تمتد منه محاور أخرى تمس جميع شخوصها.
أهل الإسكندرية ما زالوا يحتفظون في ذاكرتهم بالصورة الجميلة للمدينة ويرفضون نسيانهاماذا تمثل لك الجوائز الأدبية؟
- الجوائز الأدبية تمثل لى ببساطة هدية، إذا مُنحت لى سيكون شيئاً مبهجاً وسعيداً بالطبع، وإذا لم أحصل عليها فلن يكون ذلك سبباً للتوقف عن الكتابة، لأنها حتى ولو كانت تمثل فكرة الانتقائية التى أحبها وأقدرها كثيراً، بغضِّ النظر عن اسم الجائزة أو قيمتها المادية، فإن تلك الانتقائية تخضع فى النهاية إلى ذائقة لجنة التحكيم التى تختلف من جائزة لأخرى ومن سنة لسنة. لكن بشكل عام لا نستطيع أن ننكر أن تلك الانتقائية تُسلط الضوء على العمل الأدبى وتساعد على انتشاره وزيادة مقروئيته، كما تُساعد على الالتفات إلى الأعمال الأخرى للكاتب التى ربما لم يكن لها حظ فى القراءة قبل ترشحه لجائزة.
كيف تتداخل حكاية البطلة الشخصية مع حكايات سكان المدينة الآخرين؟.. وما العلاقة بينها؟
- البطلة، كأحد ساكنى المدينة، شاهدة على ما يشهده جميع سكانها من أحداث وتغيرات تحدث كل يوم، التغيرات التى تطال المدينة كحيز مكانى أو زمانى أو تخص طبيعة الحياة فيها، لكنها أيضاً تملك حكايتها الخاصة التى تتقاطع فى النهاية مع محيطها من العائلة والجيران والأصدقاء، فتُكوِّن مع ذلك المحيط صورة مصغرة لكل بيت فى المدينة، وربما شادن نفسها هى صورة مصغرة لفتيات كثيرات يبحثن عن بوصلتهن فى الحياة.
كيف ساهمت حادثة الاختفاء فى الكشف عن جوانب خفية من مدينة الإسكندرية وتاريخها؟
- الحادثة حدثت سنة 1973 التى كانت سنة حرجة فى تاريخ مصر السياسى، خاصةً أنها حدثت فى مارس أى قبل حرب أكتوبر بعدة أشهر، فى فترة كان الشعب فيها يضغط على الحكومة كى تُقرر الحرب، والحكومة بدورها تحاول أن تُلهى الشعب عن فكرة الحرب، غير أن الظروف الاقتصادية فى ذلك الوقت كانت متأزمة وكانت هناك تفاصيل حياتية مضطربة تم ذكرها ضمن سياق الرواية مثل نقص ألبان الأطفال وظهور ظاهرة خلوّ الرِّجل وظاهرة الدروس الخصوصية وغيرها من الظواهر التى خلقت أزمات اقتصادية واجتماعية مؤثرة، وهى ليست جوانب خفية فى التاريخ، بل مذكورة فى الأرشيف الصحفى المؤرخ لتلك الفترة، لكن ربما كانت الرواية بمثابة تذكرة لبعض التفاصيل السياسية والاجتماعية الخاصة بتلك الفترة. أما الزمن الحاضر فى الرواية فهو فترة التسعينات وبداية الألفينات، حيث يرسم النص تفاصيل تلك المرحلة عن طريق تصوير شكل الشوارع والكورنيش، وعرض تفاصيل شارع النبى دانيال العريق والإشارة إلى الأضرحة المنتشرة فى الإسكندرية، بالإضافة إلى الإشارة من بعيد إلى ظاهرة سفر الشباب إلى الخليج وإغلاق مصانع المحلة وغيرها.
ما الرسالة التى تسعى الرواية إلى إيصالها للقارئ من خلال هذا اللغز الغامض والرحلة التى تخوضها البطلة؟
إيناس حليم: موروثنا الشعبي مصدر لا ينضب وملهم لأي كاتب.. وعلينا استكشاف أعماقه والكشف عن كنوزه- الرواية لا تمنح رسائل، الرواية تطرح أسئلة وسيناريوهات مختلفة وتمنح القارئ فرصة التفكير فى تأويلات الأحداث وطبيعة الشخصيات وأبعادها النفسية، كما تمنحه مرآة يرى فيها جزءاً من ذاته وذلك عن طريق الرحلة التى خاضتها البطلة والتى هى فى الأساس رحلة للغوص فى ذاتها وذوات من حولها، كما هى رحلة لتأمل ماضى المدينة وحاضرها، واللغز بحد ذاته لغز مفتوح لا أحد يملك حله، ولم يكن الهدف من البداية حل اللغز بل البحث عنه، وإنصاف سيرة صاحبته التى اختفت. والرواية بشكل عام ليست نصاً الهدف منه تصدير درس أو حكمة، الرواية بالنسبة لى نص يشاركه الكاتب مع القارئ، الكاتب بكتابته والقارئ بتأويله والحالة الشعورية به واستخراج الأسئلة والأفكار والمشاعر الناتجة فى الأساس من تجربته الشخصية.
أى كاتب يكتب فى كتاباته عن جزء من نفسه.. إلى أى مدى نرى ذلك فى السيدة التى سقطت فى الحفرة؟
- يقول أورهان باموق «الأدب هو موهبة أن نحكى حكايتنا الخاصة كما لو كانت تخص الآخرين، وأن نحكى حكايات الآخرين كما لو كانت حكايتنا الخاصة»، وامتداداً لتلك المقولة تتماس حياتى وحياة «شادن» بطلة الرواية فى أن كلتينا من الإسكندرية، وكلتينا خاضت رحلة البحث عن عروس النبى دانيال كى نكتب الحكاية، لكن كل منّا حملت تفاصيل مختلفة لتلك الرحلة، فالخطوات التى مشتها شادن بعضها مررتُ به فعلياً كباحثة وكاتبة للنص وبعضها اختلقته. أمّا فيما يخص محيط شادن وتفاصيل بيتها وأسرتها وتاريخ الجدود والجدات والبيت الكبير وكل الشخصيات المحيطة، فكلها تفاصيل وشخصيات من خيالى وبعيدة عنى تماماً. هذا فيما يخص الخط الواضح لحياة شادن، أما بخصوص ما يشارك اللاوعى فى كتابته داخل السرد الروائى من أفكار ومشاعر وصفات، فأعتقد أننى أتماس بشكل أو بآخر مع كل شخصية من شخصيات الرواية.
كيف ترى إيناس حليم الجانب السحرى فى الحكايات والوقائع؟.. وما تأثير ذلك على كتاباتها؟
- مثال: تخيل أن يحكى لك أحدهم حلماً بأن صقراً كبيراً دخل بيته وخطف أحد أفراد عائلته ثم استيقظ ليجد هذا الشخص قد فقد حياته، فى خيالى أرى ذلك يحدث بالفعل، أستطيع أن أصدق أن الصقر دخل بيتاً وخطف شخصاً وطار به بعيداً.
مثال آخر: تخيل معى أنك تنظر إلى عقارب ساعة فتتحول أمامك إلى عقارب حقيقية تتحرك وتكسر زجاج الساعة لتخرج منها.. الأمر بهذه البساطة، وبعيداً طبعاً عن النظرة السطحية للمشهد؛ خيال ينسلخ من واقع بسبب حالة أو شعور أو تجربة أو رؤية تخص كاتبها، خيال يجعلك ترى فى الأشياء أشياء أخرى لا يراها غيرك وتربطها بشكل أو بآخر بالواقع المحيط فتكتب نصاً يُعبر عنه لكن من زاوية سحرية، وعلى عكس ما يعتقد البعض فإن تلك الزاوية لا تجعل المعنى ضبابياً، بل تُعمقه.
رؤيتنا الخاصة للأحلام والأساطير تجعلنا نسقط جانبها الساحر على الواقع.. ويجب على الكاتب أن يبحث عن صوته وأسلوبه الخاص طوال الوقتوإذا عكسنا الأمر، فإن رؤيتنا الخاصة للأحلام والأساطير وحكايات الموروث الشعبى تجعلنا نُسقط الجانب الساحر لتلك الحكايات الخيالية على الواقع، فنكتب نصاً يحكى الواقع لكن من زاوية تحمل غرائبية ما.. أحب عمل تلك الضفيرة فى الكتابة وأعتبرها لعبة ممتعة وشكلاً من أشكال التجريب. وعلى نحو آخر، يتمثل السحر أحياناً فى الصيغ التى نختارها فى الكتابة تعبيراً عن الواقع وليس فى الواقع نفسه.
ما أهمية الحكايات الشعبية فى تشكيل خيال الكاتب وإلهامه؟
- الموروث الشعبى باعتباره حكايات بقيت فى الذاكرة الإنسانية بعد أن ظلت تُروى شفهياً وتنتقل من زمن إلى زمن ومن مكان إلى مكان حتى تخلصت من زمنها ومكانها وتبقَّى منها أصل الحكاية أو جوهرها أو الحكمة المستقاة منها، هو مصدر ملهم لأى كاتب، أولاً لأنه يمنحه فرصة استخدام تلك الحكمة وصياغتها وتشكيلها داخل حكاية أخرى تخصه وتخص رؤيته، وثانياً لأن الخيال المصاحب لتلك الحكايات يُعتبر مادة خصبة للكاتب يستطيع الاستعانة بها فى نصه سواء اعتمد على البنية الحكائية فى السرد الشعبى أم لا.
هل تسهم الروايات التى تستند إلى حكايات شعبية فى الحفاظ على التراث الثقافى؟
- نعم، أعتقد أن نقل الحكايات عموماً وإعادة روايتها بأشكال مختلفة يُسهم فى الحفاظ عليها بل وتوريثها عبر الأجيال، خاصةً أن الحكايات الشعبية لديها قالب قصصى مشوق يجعل من استخدامها وإعادة تشكيلها فى النص أمراً ممتعاً للكاتب والقارئ على حد سواء.
كيف تتفاعل إيناس حليم مع التناقض بين واقع الإسكندرية كمدينة حية.. والصورة الأسطورية التى تحملها فى ذهنها؟
- أعتقد أننى مثلى مثل الكثيرين من أهل الإسكندرية الذين ما زالوا يحتفظون فى ذاكرتهم بالصورة الجميلة للمدينة، ويرفضون بشكل ربما لا إرادى نسيانها؛ بعد التغييرات التى طالت شكل المدينة التى أحببناها ولم تعد كالسابق. أما عن التناقض الذى ذكرته، فنعم أنا أدركه تماماً لكننى أرفض ذلك الإدراك، وأحاول التمسك فى ذهنى بالصورة القديمة للمدينة، ويساعدنى فى ذلك أننى أغيب عنها سنة كاملة حتى أعود لها مشتاقة ورافضة لتصديق أى مظهر للتشوه.
«أحبنى لتعرف من أنا» كانت كتابة مشتركة.. ما تقييمك لهذه التجربة بعد سنوات طويلة على نشرها؟
- لقد مرّ على تلك التجربة 16 عاماً، ودائماً ما رأيتها تجربة جميلة وطازجة وكانت عتبة مهمة ومشجعة لى فى مشوار النشر، وحظيتْ وقتها بالكثير من استحسان القراء.
أيمكن أن نرى تجربة مماثلة للبورتريهات العامية مثل «تحت السرير»؟
- لم لا؟ هذا المشروع كان من أغلى التجارب على قلبى، وأنا عكس الكثيرين الذين يرفضون الكتابة بالعامية ويعتبرونها نقلاً لحكايات الشارع بلغة الشارع، على العكس أحترمها ولا أُقلل منها وأُدرك أن النص بالعامية له إيقاعه وأدواته ليكون منضبطاً، غير أنه فى أحيان كثيرة يكون مؤثراً ومعبراً عن المعنى أكثر من نصوص بالفصحى، وهذا لا علاقة له ببساطة اللغة ولكن بكيفية كتابة النص وصياغته.
توظيف الرموز في السرد يمنحه قوة.. ويفتح فضاءات على تفسيرات مختلفة للنصكيف تمكنت قصص «يحدث صباحاً» من مزج العناصر الغرائبية بالواقعية بشكل متناغم؟
- «يحدث صباحاً» باختصار كانت تجربة أحاول فيها النظر إلى الواقع الذى نعيشه بشكل مختلف، بمحاولة تفكيكه واللعب بالكتابة لسرده بشكل مكثف ومشوق فى آن واحد، مستخدمةً الفانتازيا والرموز وبناء مدن خيالية وغيرها.. ففى بعض القصص كانت الأفكار واقعية تماماً وجزءاً من حياتنا اليومية لكن الزمان والمكان لهما بعد غرائبى، بينما القصص الأخرى اتكأت على أفكار وأحداث فانتازية تحدث فى شوارع وأماكن حقيقية ومألوفة.
بعد كتابة القصة والرواية.. إلى أى مدرسة تنتمين الإدريسية أم المحفوظية؟
- لا أنتمى إلى أى منهما، وأعتقد أنه لا يجب على الكاتب أن ينتمى إلى أى مدرسة فى الكتابة، بل يجب عليه طوال الوقت أن يبحث عن صوته وأسلوبه الخاص.
تعتمدين على استخدام رموز ودلالات متنوعة خلال كتاباتك.. إلى أى مدى استطاعت إيصال ما تريدين إلى القارئ؟
- أرى أن توظيف الرموز فى السرد يمنحه قوة باعتبارها شفرات يضعها الكاتب ليحاول القارئ حلها، أو قطع بازل يجمعها ليُكمل اللوحة مما يجعله مشتركاً بشكل أو بآخر فى كتابة النص لأنها تمنحه فرصة محاولة تفكيك وتفسير تلك الرموز والدلالات وتأويلها.. وهذا ما حاولت عمله فى الرواية من خلال وضع الرموز كعتبات للنص مثل السبع هدايا فى الصندوق الذى أعطته الأم لابنتها فى عيد ميلادها، أو الأغراض فى صندوق الجدة أو الحجر الكريم الذى أعطته مارتينا لماما مارى، وغيرها من الرموز المذكورة ضمن فصول الرواية والتى وُضع كل منها ضمن نسيج السرد ليعكس فكرة ما أو يكشف ملمحاً لشخصية أو يكون عتبة لحدث. الرمزية فى الكتابة تفتح فضاءات على تفسيرات مختلفة للنص، وبشكل عام أعتبر النص المفتوح الذى يحتمل عدة تأويلات نصاً ناجحاً.
ما الدور الذى تلعبه «الهندسة» فى حياة الأديبة إيناس حليم؟
- دائماً ما أفكر فى هذا السؤال وأحلله، وكل مرة أصل إلى تحليل مختلف، ربما لأن الأثر الذى تخلقه الهندسة فى حياة من درسها -فى اعتقادى- ينقسم إلى شقين، الأول خاص بتكوين الشخصية التى تعرضت فجأة إلى دراسة صعبة ومعقدة تحتاج إلى الالتزام والمسئولية بشكل كبير، فتجد نفسك تنكب على الدراسة لساعات كى تحصل فى النهاية على نتيجة مُرضية بالكاد أو ربما متواضعة بعد كل المجهود الذى بذلته، على مدار سنوات الدراسة تجد نفسك تُضاعف من مجهودك تلقائياً فيتعود ذهنك على بذله فى أبسط تفاصيل حياتك، وتعتاد شخصيتك على تحمل المسئولية والالتزام الذى ينعكس على تصرفاتك وحياتك بشكل عام، وتجد نفسك تسعى إلى المثالية فى كل شىء، وهذا ما يحدث معى عند كتابة أى نص. أما الشق الآخر فله علاقة بمنطقية التفكير وشكله، فالمهندس اعتاد عقله على منطقة الأشياء وعلى وضع خطة وخطة بديلة ليجد حلولاً لأى مسألة، كما اعتاد على شكل تراتبى فى التفكير، بالإضافة إلى أن دروس الرسم والمناظير الرأسية والجانبية والأفقية التى درستها جعلتنى أستطيع تخيل المبانى -وكل شىء بالتبعية- من أكثر من جانب.. أعتقد أن هذه كلها أشياء تبقى فى عقلية دارس الهندسة حتى ولو لم يكمل ذلك الطريق.
بداية كتابة العاميةلم تكن بدايتى فى الكتابة بالعامية، كتبتُ المجموعة القصصية المشتركة بالفصحى، ثم مجموعة «يحدث صباحاً» بالفصحى، ثم كتاب «تحت السرير» الذى صدر كمشروع مقروء ومسموع عبارة عن مجموعة بورتريهات مكتوبة بالعامية ومسجلة فى أسطوانة مع خلفية موسيقية، وهو المشروع الذى حصل على منحة المورد الثقافى، فلا تستطيع أن تقول إنها كانت قفزات تخص شكل الكتابة بقدر ما هى انتقالات سلسة من مشروع صغير لمشروع آخر، وكل ما كنت أفكر فيه حينها هو الإخلاص لتلك المشاريع الصغيرة حتى تصدر بأفضل شكل تحت مظلة مشروع كبير.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: كاتبة مصرية الحياة الأدبية إلى القائمة القصیرة فى الکتابة بشکل عام إلى أى
إقرأ أيضاً:
سيناء الغزاوية وسوريا الداعشية والأحزاب الإخوانية!
من قال لك إن الهدف هو تهجير الفلسطينيين إلى سيناء فقط، لقد قلنا مرارًا وتكرارًا، أن الهدف هو مصر الدولة والمؤسسات، وأن الطريق إلى ذلك هو الطابور الخامس الذى لا يعرف للوطن حدودًا يقاتل من أجلها، ولكنه يريد الوصول إلى السلطة بأية طريق تمهد لجماعة الإخوان الإرهابية حكم مصر لمدة خمسمائة عام كما كانوا يقولون ويعتقدون!
لا تنس أن صفقة التهجير تم تسويقها فى عهد جماعة الإخوان كان مقابلها هو الصعود إلى قمة الهرم فى الدولة، والسيطرة على مقدرات هذا الشعب الذى قام بتصحيح مساره فأطاح بهم بعد عامٍ واحد فقط، ليصبح المخطط الذى كان سيتم تنفيذه رضاءً مع الجماعة لا يمكن تحقيقه إلا غصبًا وقهرًا مع غيرهم، ولذلك فالولايات المتحدة ومن قبلها إسرائيل تعلم أن مُخطط التهجير لن ينجح مع السيسى، ولن تقبله الدولة المصرية، ولن يسمح به الجيش المصرى، فالشعب الصامد والذى خاض أربع حروب للحفاظ على ترابه يُدرك أن هذا الخطر الكامن فى مصطلحات مثل الإنسانية والعطف على الشعب الذى تتم إبادته فى غزة، ما هو إلا حصان طروادة سيتم استخدامه للقضاء على القضية الفلسطينية والاستيلاء على سيناء للأبد، وبعدها ستتهم إسرائيل سكان سيناء (الغزاوية) بأنهم يخضعون لسيطرة حماس التى طردتها إسرائيل من غزة، وسيكون هذا هو مبررها بعد عشرة أوعشرين عامًا لسرقة سيناء من جديد، عندها ستقول لنا أمريكا «يجب نقل سكان سيناء التى أصبحت مركزًا للإرهاب إلى مدن القناة أو باقى المحافظات المصرية لحمايتهم من هجمات الجيش الإسرائيلي»، وتستمر اللعبة إلى أن نجد الضفة الأخرى من النيل يُرفع عليها علم إسرائيل ليتحقق حلم الدولة اليهودية التى تأسست سنة 1948 بكيان يمتد من النيل للفرات!
قد تقول لى.. هذا سيناريو من وحى الخيال.. لا يا عزيزى المواطن.. هذا سيناريو مستوحى من الأدبيات الإسرائيلية المكتوبة، وكنا نقاومه منذ كنا طلابًا فى جامعة القاهرة فى نهاية الثمانينيات ومطلع التسعينيات.. وكنا نتحدث مع زملائنا حول فلسفة إصرار إسرائيل على اختيار مبنى مجاور للجامعة فى الجيزة ويطل على نهر النيل كمقرٍ لسفارتها التى تم افتتاحها فى مصر عقب توقيع اتفاقية كامب ديفيد، بأنه اختيار يتسق مع فكرها، فقد اختارت موقع السفارة على النيل فى الجيزة وليس العاصمة، لأن القاهرة طبقًا للبروتوكولات والخطة الاستراتيجية الإسرائيلية تقع فى شرق النيل وليس غربها، وشرق النيل هو جزء من دولة إسرائيل التى تمتد من النيل للفرات، وبالتالى لا يجوز للدولة أن تفتتح سفارة لنفسها فوق أرضها، أما الجيزة فهى غرب النهر الذى لن تعبره إسرائيل.
وقد تقول لى.. ولكن سفارة إسرائيل الآن موجودة فى المعادى بالقاهرة؟ نعم يا عزيزى.. هذا صحيح.. لأنها اضطرت مع ضغوط المتظاهرين قبل 14 عامًا على الرحيل والتراجع إلى شرق النيل مثلما تراجعت تاركة سيناء فى 1973 وما بعدها!
ثم إنك «مش واخد بالك» بأن إسرائيل تقترب من الفرات، وفى نفس الوقت تقترب من النيل بعد إبادة غزة، وهى تحركات تشبه حركة «البَرجلْ» الذى تزداد مساحة قدميه شرقًا وغربًا فى وقت واحد، فهى تتحرك نحو الشرق بنفس مقدار تحركها نحو الغرب، فقد دمرت غزة وطردت سكانها، وتحركت فى ذات الوقت للسيطرة على جنوب لبنان، واستولت على مساحات شاسعة من الأراضى السورية دون أن تواجه أية مقاومة من الجيش السورى المنهار، كما أن دخولها لسوريا تم بعد اتفاق مع (محمد الجولانى الذى أصبح اسمه أحمد الشرع) الرجل يرفض مصافحة النساء ولكنه يقبل ترك أرض بلاده فى سوريا والتى يحكمها الآن تُسرق وتنهب، ليتضح لنا أن مُخطط تمكين الجماعات الدينية المتطرفة هو مشروع يحظى برضًا إسرائيلى واضح!
نفس ما حدث فى سوريا.. يُدرس تنفيذه فى مصر.. ولكن لأن مصر دولة كبيرة– كما قال الرئيس فى الكاتدرائية يوم 6 يناير– فإن السيناريو من وجهة نظرى سيكون مختلفًا.. فالجيش المصرى قوى ومواجهته لن تكون سهلة.. والدولة المصرية تعمل بشكل علمى ومنظم وخداعها مستحيل.. ولذلك فإن الخطة سوف تختلف عن سيناريو سوريا وسيكون الهدف هو اختراق المؤسسات السياسية من الداخل.. وأطلب منك يا عزيزى أن تراجع ما قاله السيد وزير الداخلية منذ أيام قليلة فى خطابه أمام السيد رئيس الجمهورية خلال الاحتفال بعيد الشرطة.. فقد قال نصًا: «تسعى جماعة الإخوان الإرهابية.. لإحياء نشاطها عبر التوسع فى ترويج الشائعات والأخبار المغلوطة واستقطاب الشباب صغير السن ودفعه للقيام بأعمال غير مسئولة أملًا فى زعزعة الأمن والاستقرار، فضلًا عن التنسيق مع عدد من ذوى التوجهات الفكرية الأخرى من منطلق المصالح المشتركة لتبنى الدعوة لإعادة دمجها فى النسيج المجتمعى الذى لفظها لفكرها القائم على العنف والتخريب».
الكلام واضح.. وقلته لحضراتكم مرارًا فى مقالات عديدة.. جماعة الإخوان تحاول الاندماج عبر عناصر إخوانية ممتازة داخل المجتمع السياسى من خلال اختراق الأحزاب، عبر تمويل ضخم جدًا يستهدف الاستيلاء على هذه الأحزاب، ومن ثم خوض انتخابات مجلسى النواب والشيوخ القادمتين تحت ألوية هذه الأحزاب وشعاراتها– حدث بالفعل فى التسعينات وقامت الجماعة بالاستيلاء على حزب العمل– وبعدها ستجد كوادر إخوانية ممتازة تتوغل داخل الأحزاب والمجلسين التشريعيين، وقد يستطيع أحدهم التسرب إلى منصب تنفيذى مهم– حدث بالفعل فى نهايات عهد مبارك هشام قنديل رئيس وزراء الإخوان كان عضوًا فى الجهاز الإدارى للجنة السياسات– ومن بعدها ننتظر انتخابات رئاسة الجمهورية لنجد أحد الأحزاب– التى تم اختراقها– يدفع بمرشحٍ إخوانى يرتدى ثوب الليبرالية، مدعومًا بأموال الجماعة ومساندة مخابرات دول أجنبية، لتكتشف فى النهاية أن نموذج (الجولاني) تم زرعه فى مصر خلال سنوات قليلة، لنواجه مصيرًا مُعدلًا- لما حدث فى سوريا- لن تُدرك مخاطره إلا عندما تقع «الفاس فى الراس»!!
للمرة الرابعة أو الخامسة احذر من اختراق التنظيمات للأحزاب والمؤسسات السياسية.. ورغم إدراكى ليقظة وصحيان مؤسسات الدولة.. إلا أن دافعى فى التكرار هو أن الذكرى تنفع المؤمنين.
الموضوع كبير.. والخطة جُهنمية.. ونحن يقظون.. ولن تمر هذه المخططات الشيطانية مهما فات الزمن.. وسنقاوم أجيالًا بعد أجيال خطط تهجير سكان غزة نحو سيناء.. ومخططات الاستيلاء على أحزابنا.. وسيناريوهات اختراق مؤسساتنا.
اللهم احفظ بلدنا.. تحيا مصر.. وعاش الجيش المصرى العظيم.