تقرير: في شرق أوكرانيا المدمّر .. تتراجع شعبية زيلينسكي
تاريخ النشر: 30th, August 2024 GMT
كليبان-بيك (أوكرانيا) "أ ف ب": قبل ست سنوات صوتت أولينا سيميكينا لصالح فولوديمير زيلينسكي في الانتخابات الرئاسية الأوكرانية، على أمل أن يضمن هذا المرشح الذي كان شابا بلا خبرة السلام.
وفي قرية كليبان-بيك الخضراء في منطقة دونيتسك الشرقية حيث تقطن أولينا تذكرها أصوات المدفعية وأعمدة الدخان الأسود التي تغطي الأفق بالواقع القاسي.
وقالت المرأة البالغة 43 عاما لوكالة فرانس برس "كنا نتوقع انتهاء الحرب، كما وعد (زيلينسكي). لكن الحرب لم تتوقف. وازداد القتال. أشعر أن الأمر أسوأ".
في هذه المنطقة، لم يبدأ القتال مع الهجوم الروسي على أوكرانيا في فبراير 2022، بل قبل ذلك بثماني سنوات، عندما دفع الانفصاليون المسلحون من موسكو شرقَ أوكرانيا إلى حرب أهلية.
وخاض المرشح الرئاسي آنذاك فولوديمير زيلينسكي، وهو ممثل سابق، حملته الانتخابية واعدا بالنضال من أجل السلام. واليوم، تصل القوات الروسية قرية تلو الأخرى في شرق أوكرانيا، وتقترب من قرية أولينا سيميكينا.
وعلى غرارها، يقول سكان منهكون إنهم فقدوا ثقتهم بالرئيس الذي فاز بأصواتهم في العام 2019، حتى لو كان آخرون ما زالوا يدعمونه.
ويرى أكثر هؤلاء انتقادا، أن زيلينسكي لا يفهم واقع الحياة اليومية للأوكرانيين الذين يعيشون بالقرب من الجبهة، اذ يختلف تماما عن واقع سكان كييف أو غرب البلاد.
وقال أحد سكان سيليدوفي وهي بلدة أخرى يقترب منها الجنود الروس ويُدعى فاديم "بصراحة، لم أعد أستمع إليه على الإطلاق"، متحدثا عن زيلينسكي.
وأضاف الرجل (42 عاما) بقلق، وهو من عمّال المناجم، وقد أرسل عائلته إلى كييف لتكون بأمان "لا فائدة من ذلك. لا أصدق ما يقوله. إنه يتحدث كثيرا لكنه لا يفعل الكثير".
شعبيته في تراجع
حظي فولوديمير زيلينسكي باحترام المجتمع الدولي عندما قرر البقاء في كييف في فبراير 2022، أثناء غزو القوات الروسية لبلاده.
وتراجعت شعبيته في أوكرانيا بعد انتخابه في العام 2019، قبل أن ترتفع بشكل كبير عندما بدأت الصواريخ الروسية تسقط بكثافة على بلاده، إذ نظر إليه نحو 90 بالمئة من الأوكرانيين بايجابية حينها.
ولكن تراجعت شعبية زيلينسكي من جديد مع استمرار الحرب منذ عامين ونصف في بلاده، وتبلغ حاليا 55 بالمئة، وفقاً لمعهد كييف الدولي لعلم الاجتماع.
ويحظر القانون الأوكراني إجراء أي انتخابات طالما بقي قانون الطوارئ المعمول به منذ فبراير 2022 ساريا.
وستواجه أي انتخابات تُجرى عقبات لوجستية كثيرة على أي حال، حيث يعيش ملايين الأوكرانيين في الخارج، بينما يعيش آخرون تحت الاحتلال الروسي أو يقاتلون في خنادق.
ويعارض ما لا يقل عن 70 بالمئة من الأوكرانيين إجراء انتخابات في ظل هذه الظروف، وفقًا لأرقام المعهد.
"احترام"
ولكن ما زال هناك مؤيدون لزيلينسكي في منطقة دونيتسك على الرغم من تراجع شعبيته.
وفي مستشفى عسكري قرب بوكروفسك، يحيي طبيب يُدعى "ليوبيستوك" (اسم مستعار) شجاعة رئيسه الذي لم يهرب عندما اقتربت القوات الروسية من العاصمة عام 2022.
وقال قبل أن يهرع لمساعدة جندي جريح "إنه تصرف قوي جدا، ويستحق الاحترام". ويتمتع الرئيس أيضا بصورة الموحد، بعد أن تمكن من توحيد الحلفاء الغربيين حول أوكرانيا.
وعلى الصعيد العسكري، حصل زيلينسكي على أسلحة متطورة من الغرب، مثل وسائل الدفاع الجوي والطائرات المقاتلة من طراز إف-16. وعلى الصعيد الدبلوماسي، وضع الرئيس الأوكراني بلاده على طريق عضوية الاتحاد الأوروبي، على الرغم من أن المسار طويل ومعقد.
شخصية تاريخية
وفي مدينة نوفوغروديفكا التي اقتربت القوات الروسية كثيرا منها حاليا، ما زالت أيرينا تشريدنيتشنكو تعتقد أن فولوديمير زيلينسكي الذي صوتت له "شخص جيد".
ولكن أكدت سيدة الأعمال البالغة 62 عامًا أنها كانت تأمل أن يحقق نتائج أفضل في مجال مكافحة الفساد وهو مشكلة في أوكرانيا، وخصوصا في منطقة دونيتسك.
وأضافت بينما تُسمع أصوات المعارك "فقد الناس الثقة"، متحدثة عن "الفساد" و"عدم مسؤولية السلطات".
وأكد المحلل فولوديمير فيسينكو أن الرؤساء الأوكرانيين عمومًا تتراجع شعبيتهم بعد عامهم الأول في السلطة، ويميل الأوكرانيون إلى عدم الثقة في الدولة والمؤسسات السياسية.
ورأى الخبير أنه من المحتمل ألا تعود شعبية فولوديمير زيلينسكي من جديد إلى ذروتها، لكنه "سيبقى أحد أكثر الشخصيات السياسية المؤثرة وغير العادية في تاريخ أوكرانيا".
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: فولودیمیر زیلینسکی القوات الروسیة
إقرأ أيضاً:
زيلينسكي يتهم بوتين بالتحضير لرفض أي اقتراح يتعلق بوقف إطلاق النار في أوكرانيا
في تصعيد لافت في التصريحات الدبلوماسية، اتهم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي نظيره الروسي فلاديمير بوتين بالتحضير المسبق لرفض أي اقتراح يتعلق بوقف إطلاق النار في أوكرانيا، مشيرًا إلى أن الكرملين لا يسعى جديًا إلى إنهاء الحرب، بل يواصل اللعب على أوتار التصعيد العسكري والمراوغة السياسية. كما أشار زيلينسكي في تصريحاته إلى أن بوتين "خائف من التحدث مباشرة" إلى الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، الذي لا يستبعد أن يعود إلى الساحة السياسية بقوة في حال فوزه بالانتخابات المقبلة.
زيلينسكي: عدم رد روسيا على مقترح الهدنة يؤكد سعيها لاستمرار الحرب
زيلينسكي: أوكرانيا تدعم الجهود الأمريكية لإنهاء الحرب
وقال زيلينسكي خلال مؤتمر صحفي عقده في كييف إن روسيا تستعد لإفشال أي مبادرة دولية لوقف النزاع، مضيفًا: "الكرملين يحاول أن يظهر للعالم استعداده للحوار، لكنه في الواقع يجهز الأرضية لرفض أي جهود حقيقية للسلام، ويفضل مواصلة القتال لتحقيق مكاسب استراتيجية على الأرض."
وأكد زيلينسكي أن بوتين يتخذ من المفاوضات مجرد واجهة سياسية، مستغلاً القنوات الدبلوماسية لإطالة أمد الصراع، وليس لإنهائه. واعتبر أن عدم استعداد موسكو للتفاوض الجاد يُعد دليلاً واضحًا على نيتها الحقيقية، متسائلًا: "كيف يمكن أن تتحدث عن وقف إطلاق النار في الوقت الذي تستمر فيه الطائرات الروسية بقصف المدن الأوكرانية بشكل يومي؟"
ترامب في الحسابات الروسية؟أما بشأن العلاقات الروسية الأميركية، فقد أشار زيلينسكي إلى أن بوتين يراقب المشهد السياسي الأميركي عن كثب، خاصة مع صعود ترامب مجددًا في استطلاعات الرأي.
لكنه أضاف: "بوتين يخشى التحدث مباشرة إلى ترامب، لأنه يعلم أن أي حوار مع رئيس أميركي سابق يتمتع بنفوذ سياسي كبير قد يفرض عليه تنازلات لم يكن مستعدًا لها."
وبينما رفض زيلينسكي إعطاء تفاصيل إضافية حول ما إذا كانت هناك وساطات غير مباشرة تجري بين الكرملين وفريق ترامب، إلا أن حديثه يعكس قناعة أوكرانية بأن موسكو تحاول التعامل مع المعطيات السياسية الأميركية بحذر، مفضلة الانتظار لترتيب أوراقها بما يتناسب مع نتائج الانتخابات المقبلة.
تداعيات على مسار الحربويرى مراقبون أن تصريحات زيلينسكي تحمل رسالة واضحة للمجتمع الدولي بضرورة التحرك الجاد لإجبار روسيا على وقف الحرب، وعدم الاكتفاء بالتصريحات الدبلوماسية. كما أنها تمثل دعوة مبطنة للولايات المتحدة وحلفائها لزيادة الضغط على موسكو، لا سيما في ظل التحولات المتوقعة في السياسة الأميركية بعد الانتخابات.
تأتي هذه التصريحات في وقت تتصاعد فيه حدة المعارك في مناطق مختلفة من شرق أوكرانيا، حيث تؤكد كييف أن قواتها لا تزال تقاوم بشراسة رغم التحديات العسكرية الكبيرة، مدعومة بدفعات متواصلة من الأسلحة الغربية والمساعدات الإنسانية.
وبينما يبدو أن آفاق السلام لا تزال بعيدة، فإن الاتهامات المتبادلة بين كييف وموسكو تؤكد أن الصراع لم يعد فقط حربًا عسكرية، بل هو أيضًا حرب سياسية ومعنوية تدار على أكثر من جبهة.