ماذا بعد أن تغير مشهد الانتخابات الرئاسية في تونس؟
تاريخ النشر: 30th, August 2024 GMT
مهما كانت المآلات الانتخابية للحكم الصادر بإعادة الدكتور عبد اللطيف المكي إلى السباق الانتخابي -نقضا لقرار هيئة الانتخابات ولقرار القضاء الإداري في طَوره الابتدائي- فإنه قد بعثر بصورة جذرية حسابات السلطة وهوامشها الوظيفية، كما أنه قد أعاد هندسة المشهد السياسي بصورة أكدها الحكم الصادر الخميس بإعادة السيد منذر الزنايدي للمنافسة على رئاسة الجمهورية.
تأتي أهمية الأحكام النهائية في النزاعات الانتخابية من أنها لا تقبل الطعن بأي وجه من وجوه الطعن ولو بالتعقيب، كما أنها -عند التنازع- ذات علوية على أحكام القضاء العدلي، إضافة إلى أن أحكامها النهائية ملزمة للهيئة العليا للانتخابات. وإذا ما كانت السلطة التنفيذية -قبل الثورة وبعدها- قد امتنعت عن تنفيذ قرارات القضاء الإداري في النزاعات ذات الطابع السياسي، فإنه لم يسبق لأي هيئة انتخابية بعد الثورة أن فعلت ذلك. وهو ما يرجح إذعان الهيئة الحالية لقرار المحكمة الإدارية، ولكنّ ذلك لن يرفع الإشكال من جهة حيادية هيئة الانتخابات وعدم انحيازها للرئيس المنتهية ولايته، فالهيئة ذات الولاية العامة على الانتخابات، هي هيئة معينة وليست منتخبة كما كان الشأن زمن ما يسميه أنصار "تصحيح المسار" وحلفاؤهم بـ"العشرية السوداء".
أمام هذا "التصحير" للحياة السياسية بسبب الموقف المعادي من لدن "الديمقراطية المباشرة" للأحزاب ولكل الأجسام الوسيطة، يبدو أن قرار المحكمة في شأن السيد المكي (وباقي المترشحين) سيعيد خلط الأوراق في السباق الرئاسي، ولكنّ هذا الخلط لا يعني بالضرورة أن سفينة الانتخابات ستجري رياحها بما تشتهي المعارضة
تبعا للمسار الطبيعي للقضاء في مرحلتيه الاستئنافية والتعقيبية، من المحال "نظريا" أن يصدر حكم بات في قضية الدكتور عبد اللطيف المكي التي اتصل بها القضاء في طوره الابتدائي. وهو ما يعني أنه قد أصبح منافسا جديا للرئيس المنتهية ولايته وللمترشحين الآخرين (السيد زهير المغزاوي والسيد العياشي الزمّال). فالحكم النهائي من القضاء الإداري، يرفع السيف المسلط على المكي بصدور الحكم بسجنه مدة ثمانية أشهر مع حرمانه من الحق في الترشح مدى الحياة. وهو حكم يتقاسمه مع شخصيات أخرى، سواء تلك التي عبرت عن رغبتها في الترشح (الدكتور لطفي المرايحي) أو ترشحت فعليا (السيد نزار الشعري) وغيرهما، بالإضافة إلى وجود أغلب الأمناء العامين للأحزاب الكبيرة في السجن بسبب قضايا تتعلق بالتآمر على أمن الدولة وغيرها.
وأمام هذا "التصحير" للحياة السياسية بسبب الموقف المعادي من لدن "الديمقراطية المباشرة" للأحزاب ولكل الأجسام الوسيطة، يبدو أن قرار المحكمة في شأن السيد المكي (وباقي المترشحين) سيعيد خلط الأوراق في السباق الرئاسي، ولكنّ هذا الخلط لا يعني بالضرورة أن سفينة الانتخابات ستجري رياحها بما تشتهي المعارضة.
إثر صدور قرارات المحكمة الإدارية بصورة رسمية يوم الخميس (29 تشرين الأول/ أكتوبر)، تأكد قبول اعتراض السيد منذر الزنايدي أصلا وشكلا مما يعني عودته للسباق الرئاسي، أما السيد عماد الدايمي فقد تأكدت عودته للسباق الانتخابي الجمعة (٣٠ تشرين الأول/ أكتوبر) بعد تمديد المفاوضات في شأنه يوما كاملا للبت في مطلب الطعن في القرار الابتدائي. وفيما يتعلق باعتراض الأستاذة عبير موسي -وهي شخصية سياسية "تجمعية" وازنة فيما يسمى بـ"العائلة الدستورية"- فقد رُفض طعنُها أصلا لا شكلا. ورغم أن هذا الحكم يُخرج زعيمة "الحزب الدستوري الحر" نهائيا من السباق الرئاسي، فإنه سيجعل قاعدتها الانتخابية الصلبة رقما مهما في المعادلة السياسية المتحكمة في نتائج الانتخابات.
لقد أصبح السباق الانتخابي بعد هذه الأحكام القضائية مجالا لتنافس شخصيات وازنة وذوات خلفيات أيديولوجية مختلفة. ونحن نتحدث عمدا عن اختلاف المرجعيات الأيديولوجية لأننا نعتقد أن ذلك سيكون محددا أساسيا في خيارات الناخب كما كان الشأن خلال عشرية الانتقال الديمقراطي، وهو معطى لا يمكن الجزم بأنه سيصب في خزائن معارضي الرئيس بالضرورة.
التكهن بنتائج الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية أمر أقرب إلى التخمين، فبحكم عدم وجود عمليات سبر آراء موثوقة تحدد الحجم الانتخابي للمتنافسين، بحكم حركية المشهد السياسي وانقلابات المواضع والمواقف، فإنه لا يمكن الجزم بقيمة أي مترشح من جهة التأييد الشعبي سواء داخل النخب أو في صفوف "الأغلبية الصامتة"
بعد أن أعلن المترشح زهير المغزاوي انفصاله عن سردية 25 تموز/ يوليو 2021 دون إعلان عزمه العودة إلى دستور 2014، وبعد تحدثه عن وجوب بناء سردية 26 تموز/ يوليو مقابل سرديتي 24 تموز/ يوليو (ما يسميها بـ"العشرية السوداء") و25 تموز/ يوليو (سردية الحكم الفردي والفشل في الأداء)، فإن الرئيس المنتهية ولايته يدخل السباق الانتخابي مدافعا أوحد عن سردية تصحيح المسار وعن دستور 2022، وهو ما يعني مبدئيا حدوث انشقاق عميق في قاعدة "تصحيح المسار" كما عرفتها تونس قبل الانتخابات. فقد كانت تلك القاعدة الانتخابية مشكّلة من أنصار "الديمقراطية المباشرة" وحلفائهم في اليسار الوظيفي (خاصة حركة الشعب والوطد) وبعض ورثة التجمع ممن انتموا سابقا إلى نداء تونس وشقوقه، أما الآن فإن ترشح المغزاوي والزنايدي والزمال سيُضعف القاعدة الانتخابية للرئيس في خندق ما يسمى بـ"العائلة الديمقراطية"، ولكنّ تنافس الزنايدي والزمال على أصوات القاعدة الانتخابية ذاتها خلال الدور الأول، قد يضعف حظوظهم جميعا في المرور إلى الدور الثاني.
بعد عودة السيد الدايمي إلى السباق الانتخابي، من المتوقع أن تتوزع أصوات القاعدة الانتخابية الداعمة للمعارضة الجذرية بينه وبين الدكتور المكي، وهو ما قد يُضعف حظوظهما معا في المرور إلى الدور الثاني. ورغم أن الأمر الرئاسي الذي دعا المواطنين إلى الانتخابات يوم 6 تشرين الأول/ أكتوبر لم يتحدث عن دور ثان في الانتخابات، فإن الدور الثاني هو جزء من العملية الانتخابية دستوريا وقانونيا. فدستور 2022 يوكد أنه "في صورة عدم حصول أي من المترشحين على الأغلبية المطلقة في الدورة الأولى، تنظم دورة ثانية خلال الأسبوعين التاليين للإعلان عن النتائج النهائية للدورة الأولى". وبحكم الواقع الجديد، يبدو أن الذهاب إلى الدورة الثانية أمر شبه مؤكد، ولكنّ غير المؤكد هو وجود الرئيس بعد الدورة الأولى أو وجود أي مترشح آخر على وجه التعيين.
يبدو أن التكهن بنتائج الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية أمر أقرب إلى التخمين، فبحكم عدم وجود عمليات سبر آراء موثوقة تحدد الحجم الانتخابي للمتنافسين، بحكم حركية المشهد السياسي وانقلابات المواضع والمواقف، فإنه لا يمكن الجزم بقيمة أي مترشح من جهة التأييد الشعبي سواء داخل النخب أو في صفوف "الأغلبية الصامتة". ورغم أنه من المستبعد أن يتنازل أحد المترشحين في الدورة الأولى لمن يشترك معه في القاعدة الانتخابية نفسها، من المرجح أن تكون قاعدته الانتخابية رافدا مهما للمترشح الشبيه الذي سيمر إلى الدورة الثانية.
من جهة اليسار الماركسي الذي لا مرشح له في الانتخابات، من المرجح أن تصوّت مكونات الوطد (العائلة الوطنية الديمقراطية) للرئيس في الدورة الأولى والثانية في صورة نجاحه في المرور، كما نتوقع أن تصوت للسيد الزنايدي إذا مرّ للدور الثاني وكان منافسه قريبا من حركة النهضة أو غير معاد لها. أما باقي مكوّنات اليسار فمن المرجح -في صورة عدم امتناعها عن التصويت- أن تميل إلى السيد منذر الزنايدي بمنطق "الانتخاب المفيد"، بل ربما ستساند الرئيس قيس سعيد في الدور الثاني إذا كان منافسه محسوبا على حركة النهضة. فنحن لا نتوقع أن تساند العائلات اليسارية -بما فيها القوى المنتمية للمعارضة- السيد عبد اللطيف المكي أو السيد عماد الدايمي بعد عودته للسباق الانتخابي.
فيما يتعلق بجبهة الخلاص الوطني -بمكوناتها المختلفة، خاصة حركة النهضة- فإن المتوقع هو أن تغادر مربع التردد أو "تحرير المبادرة" دون ضبط أو توجيه. ولكن لا يمكن الجزم في مستوى تحديد هوية المرشح الأمثل للجبهة
أما فيما يتعلق بجبهة الخلاص الوطني -بمكوناتها المختلفة، خاصة حركة النهضة- فإن المتوقع هو أن تغادر مربع التردد أو "تحرير المبادرة" دون ضبط أو توجيه. ولكن لا يمكن الجزم في مستوى تحديد هوية المرشح الأمثل للجبهة، فربما تعلن الجبهة بوضوح مساندتها لمرشح أو أكثر من المحسوبين على المعارضة الجذرية (السيد الدايمي أو السيد المكي)، ولكنها قد تعلن أيضا مساندتها لأحد أنصار المصالحة وطي صفحة "تصحيح المسار" في المعسكر الدستوري (خاصة السيد منذر الزنايدي) وذلك من باب استئناف الخيار التوافقي (رغم آثاره الكارثية على مرحلة الانتقال الديمقراطي).
وإذا ما التزمت هيئة الانتخابات بأحكام القضاء الإداري ولم تنصب نفسها سلطة "ما فوق تعقيبية" (وهو أمر غير مؤكد بعد تصريحات رئيسها فاروق بوجعفر)، فلا شك عندنا في أن الخيار الانتخابي سيكون خاضعا بدرجة كبيرة للمحدد الهوياتي، خاصة لدى النخب المؤدلجة، كما سيكون لحسابات حركة النهضة وحلفائها -بالإضافة إلى ورثة المنظومة القديمة من الرافضين لتصحيح المسار- تأثير مؤكد في تحديد هوية المتنافسين في الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية.
x.com/adel_arabi21
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الانتخابات الديمقراطية تونس النهضة قيس سعيد تونس النهضة انتخابات الديمقراطية مرشحين مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة اقتصاد سياسة صحافة مقالات سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الانتخابات الرئاسیة السباق الانتخابی القضاء الإداری الدورة الأولى لا یمکن الجزم تصحیح المسار الدور الثانی حرکة النهضة فی الدورة إلى الدور فی الدور یبدو أن وهو ما من جهة
إقرأ أيضاً:
لماذا تعتبر الانتخابات الرئاسية في بيلاروسيا حربا بين موسكو والغرب؟
موسكو- تنتهي غدًا الأحد عملية التصويت المبكر لانتخابات الرئاسة في بيلاروسيا، حيث من المتوقع أن يفوز فيها الرئيس الحالي ألكسندر لوكاشينكو الذي ينافسه 4 مرشحين هم: زعيم الحزب الليبرالي الديمقراطي أوليغ غايدوكيفيتش، والشيوعي سيرغي سيرانكوف، ورئيس الحزب الجمهوري للعمل والعدالة ألكسندر خيزنياك، والناشطة غير الحزبية آنا كانوباتسكايا.
وبدأت الثلاثاء الماضي عملية التصويت بمشاركة أكثر من 450 مراقبا دوليًا من 49 دولة، وسط غياب المراقبين الغربيين، وعلى أراضي الجمهورية فقط .
و لم تفتح السلطات مراكز اقتراع في الخارج، مبررة ذلك بعدم وجود تدابير أمنية في مراكز الاقتراع التي تم إنشاؤها سابقًا على أراضي دول أخرى وتقليص عدد الموظفين الدبلوماسيين البيلاروسيين في بعض البلدان.
وكانت بيلاروسيا جزءًا من الاتحاد السوفياتي حتى انهياره في عام 1991. وتقع الدولة السلافية التي يبلغ عدد سكانها 9 ملايين نسمة بين روسيا وأوكرانيا ولاتفيا وليتوانيا وبولندا، وكل الدول الثلاث الأخيرة أعضاء في حلف شمال الأطلسي.
يتنافس 5 مرشحين في الانتخابات الرئاسية المبكرة في بيلاروسيا (رويترز) استباق النتائج
وصوت أعضاء البرلمان الأوروبي الأربعاء الماضي بأغلبية ساحقة على اعتماد قرار يدعو دول الاتحاد الأوروبي إلى عدم الاعتراف بنتائج الانتخابات الرئاسية البيلاروسية ومواصلة توسيع العقوبات ضد هذا البلد.
إعلانوهو الموقف ذاته الذي اتخذه البرلمان الأوروبي تجاه الانتخابات الرئاسية في بيلاروسيا في عام 2020 والتي ترافقت مع اضطراب واحتجاجات جماهيرية انتهت ببعض المرشحين للرئاسة خلف القضبان أو هاربين إلى الخارج.
أما في هذه المرة، فقد أبدى لوكاشينكو استعداده لاستخدام الجيش إن اندلعت اضطرابات وقال إنه سيقوم بقطع الإنترنت إن حصلت "أعمال الشغب".
أعضاء لجنة الانتخابات ينتظرون الناخبين في مركز اقتراع أثناء التصويت المبكر في الانتخابات الرئاسية في بيلاروسيا (رويترز) عاصفة جيوسياسيةوتأتي الانتخابات في وقت أصبحت فيه البلاد هدفًا لأشد العقوبات الغربية صرامة في تاريخها، وقد تم فرضها في عدة موجات في أعقاب نتائج انتخابات عام 2020، والهبوط القسري لطائرة "رايان إير" في مينسك لاعتقال ناشط معارض، وأزمة الهجرة الناجمة عن حدود الاتحاد الأوروبي، فضلًا عن الاتهامات بدعم روسيا في الحرب مع أوكرانيا.
ومع محاولات لوكاشينكو تأكيد شرعيته في الداخل والخارج، فإنه من غير المرجح أن تعود العلاقات بين بيلاروسيا والاتحاد الأوروبي في الأفق المنظور إلى الوضع الذي كانت عليه قبل عام 2020 ، حسب مراقبين.
وتقع بيلاروسيا في مفترق تقاطع جيوسياسي بين روسيا والغرب، وترتبط باتفاقية اتحاد وعلاقات تحالف مع موسكو، وتوفر رابطا غير مباشر مع الجيب الروسي المهم إستراتيجيا في كالينينغراد.
في الوقت ذاته، تجد نفسها محصورة بين روسيا وأوكرانيا، وفي خضم أزمة تشمل أيضا الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي، وقد فرضت عليها المنظومة الغربية عقوبات، تقول مينسك إنها بسبب محاولتها تحقيق التوازن في العلاقات مع كل من موسكو والغرب.
آخر قلاع الحلفاء
برأي الكاتب في الشؤون الأوروبية، أندريه مامكين، فإن "كل المؤشرات" تدل على أنه سيتم إعادة انتخاب لوكاشينكو رئيسا للبلاد.
و يقول، في حديث للجزيرة نت، إن السلطات الحالية استفادت من تجربة الانتخابات الرئاسية السابقة في عام 2022 والتي كادت تشعل ثورة في البلاد. واستعدت لمواجهة أية تأثيرات خارجية، لكن بما يؤمّن أعلى مستويات التنظيم والشفافية لمنع التشكيك بنتائجها، رغم أن المنظومة الأوروبية كانت على عجلة من أمرها وأعلنت عدم شرعيتها قبل أن تبدأ رسميًا، حسب وصفه.
إعلانويوضح، المتحدث ذاته، بأن روسيا ترى في الانتخابات البيلاروسية حدثا له أهمية قصوى، لأن خسارة موسكو لأكثر حلفائها موثوقيةً من الممكن أن تشكل كارثة جيوسياسية، لا سيما في ظروف الحرب مع أوكرانيا والنزاع مع الغرب، وتآكل الحديقة الخلفية لروسيا في جنوب القوقاز.
بموازاة ذلك، يعتبر أن انتصار لوكاشينكو سيشكل نكسة جديدة من العيار الثقيل لبروكسل في محاولاتها لفصل بيلاروسيا إستراتيجيًا عن روسيا، فضلًا عن إقناع مينسك بتقليص علاقاتها مع الصين.
لكنه في الوقت ذاته، يقول إن الغرب سيلجأ، على الأرجح، إلى تغيير سياساته مع لوكاشينكو في محاولة جديدة لاحتواء النفوذ الروسي والصيني في المنطقة، ولكن من خلال سياسة "القوة الناعمة" في التعامل مع مينسك.
تقع الدولة السلافية التي يبلغ عدد سكانها 9 ملايين نسمة بين روسيا وأوكرانيا ولاتفيا وليتوانيا وبولندا (الجزيرة) نقطة تحولفي المقابل، يرى المختص في شؤون بلدان رابطة الدول المستقلة، يفغيني إيسايف، أن المنظومة الغربية قد سلمت، منذ الانتخابات الرئاسية السابقة، بأن بيلاروسيا ستظل حليفة لروسيا وداخل نطاق نفوذها، وأن محاولات "قطع الاتصال" بين مينسك وموسكو خلال فترة الرئيس الأميركي السابق جو بايدن أثبتت فشلها.
وحسب رأيه، فإن فوز دونالد ترامب الأخير في الانتخابات الرئاسية الأميركية قد يؤدي إلى تحولات معينة في العلاقات بين الولايات المتحدة وبيلاروسيا، وإنه من غير المرجح حدوث تحول دراماتيكي، على الأقل حتى تستقر العلاقات بين الولايات المتحدة وروسيا.
ويشير يفغيني إيسايف، إلى أن لوكاشينكو أيد ترامب في محاولته الوصول إلى البيت الأبيض ضد كامالا هاريس، على أمل تحسن العلاقات الثنائية بعد تغيير القيادة الأميركية، وتعهد بترشيحه لجائزة نوبل للسلام إذا نجح في إنهاء الصراع بين روسيا وأوكرانيا.
إعلانويضيف المختص نفسه، أن تجربة الرئيس البيلاروسي مع إدارة ترامب السابقة كانت إيجابية نسبيًا، وكانت قد شملت زيارات إلى مينسك من قبل مستشار الأمن القومي جون بولتون في أغسطس/آب 2019 ووزير الخارجية مايك بومبيو في فبراير/شباط 2020، لكن الحال انقلب مع تولي بايدن سدة الرئاسة في البيت الأبيض.
ويختم المتحدث بأن مستقبل العلاقات بين بيلاروسيا والمنظومة الغربية ما بعد الانتخابات سيتوقف على الخطوات الملموسة التي وعد بأن يتخذها الرئيس الأميركي الجديد لوقف الحرب بين روسيا وأوكرانيا، بما في ذلك إعادة النظر في ملف الدعم العسكري والمالي لأوكرانيا والعقوبات ضد روسيا.