لماذا تسعى سلطنة عُمان إلى مكانة بارزة في أسواق تجارة الكربون؟
تاريخ النشر: 30th, August 2024 GMT
في خطوة جديدة نحو المضي في طريقها للوصول إلى الحياد الصفري الكربوني بحلول 2050، أعلنت سلطنة عُمان ممثلة بهيئة البيئة خلال الأسبوع الماضي عن الانتهاء من إعداد المسوّدة النهائية للإطار السياسي العام لتسجيل وإصدار شهادات خفض الكربون وفقًا للبند السادس من اتفاقية باريس، ويعزز هذا الإطار مسار سلطنة عُمان نحو مستقبل خالٍ من الانبعاثات الكربونية، كما تحمل هذه الخطوة أهمية في دعم التكامل ما بين الاستدامة البيئية والمالية الاقتصادية، حيث تسعى سلطنة عُمان من خلال هذا الإطار إلى أن تصبح مركزا بارزا لتجارة الكربون في الشرق الأوسط، وتواكب بذلك الاهتمام العالمي المتزايد بأسواق الكربون الطوعية مما يعزز جهود الحياد الصفري والتزامات سلطنة عمان الدولية ضمن "اتفاقية باريس" التي دعت الاقتصادات العالمية عبر السياسات والتشريعات وإعادة تشكيل النماذج الاقتصادية لخفض الانبعاثات واحتواء ظاهرة الاحترار العالمي.
ضمن سعيها للمساهمة بدور كبير في جهود العالم لاحتواء تبعات التغير المناخي، انضمت سلطنة عمان لاتفاقية باريس بعد التصديق على الاتفاقية بموجب المرسوم السلطاني رقم 28/ 2019، وتعمل الاتفاقية على تعزيز الخطط الوطنية بشكل متزايد لمعالجة تغير المناخ من خلال تقرير المساهمات المحددة وطنيا، ومن بين المساهمات التي تحددها كل دولة أن يتخذ كل بلد إجراءات تهدف إلى الحد من انبعاثات الغازات الدفيئة، وبناء القدرة على التكيف مع آثار ارتفاع درجة حرارة المناخ. ويأتي إعداد الإطار السياسي التزاما من سلطنة عمان بمساهماتها المحددة وطنيًا في اتفاقية باريس واهتمامها بالمشاركة في التعاون الدولي الطوعي لسوق الكربون، وقدمت سلطنة عمان الإصدار الأول للمساهمات المحددة وطنيا في عام 2015 وتعهدت بخفض انبعاثات الغازات الدفيئة بين عامي 2020 و2030، وكجزء من الإصدار الثاني لمساهمات سلطنة عمان المحددة وطنيا، والمقدمة في يوليو من عام 2021 قامت السلطنة بوضع خطط محددة لتحقيق هذا الهدف وفقا لمستهدفات الاستدامة في رؤية «عُمان 2040»، كما توجت سلطنة عُمان جهودها نحو الحد من التغيرات المناخية بإقرار استراتيجيتها الوطنية للوصول للحياد الصفري بحلول عام 2050، واستراتيجيتها الوطنية للطاقة لتقليل انبعاثات الكربون من قطاع الطاقة وتعزيز الانتقال التدريجي إلى اقتصاد منخفض الكربون بهدف تقليل انبعاثات الغازات الدفيئة بنسبة 7 بالمائة بحلول عام 2030.
ما هي أسواق الكربون وما الفرص التي توفرها وتجعلها سوقا مستهدفة؟
يرتبط الاهتمام بأسواق الكربون بجهود تعزيز الاستدامة البيئية وإمكانية تحقيق عائدات من خلال إدارة أرصدة الكربون في نفس الوقت، وهناك أنواع عديدة من أسواق الكربون وسياسات عديدة تتبعها الدول، ويتم من خلالها إدارة خفض الكربون وفقا لأنظمة وتوجهات الدول ومتطلباتها التنموية، فهناك دول تتبنى سياسة التسعير الإجباري للكربون، والذي يحدد سعرا للانبعاثات يتم دفعه من خلال ضرائب محددة تلتزم بها الشركات التي تسبب انبعاثات مرتفعة أو يكون عليها أن تقوم بتقليص الانبعاثات أو حجم نشاطها، أما أسواق الكربون الطوعية فهي تمثل توجها متزايدا من قبل العديد من الدول، ويعتمد إنشاء هذه السوق الطوعية على إصدار شهادات معتمدة تحدد مستويات الانبعاثات الكربونية للشركات والكيانات المختلفة، ومع تباين معدلات الانبعاثات، ينشأ العرض على أرصدة الكربون من خلال وجود رصيد كربون أقل من الشركات أو الجهات ذات الانبعاثات المنخفضة، كما ينشأ الطلب من الجهات ذات مستويات الانبعاثات الكبيرة، وباستخدام الشهادات المعتمدة لأرصدة الكربون يتم إدراج حجم الأرصدة في سجلات، ويمكن تبادل الأرصدة وبيعها وشرائها بين الجميع، وهو ما يكوّن أسواق الكربون الطوعية.
وأشار تقرير "حالة واتجاهات تسعير الكربون 2024" الذي أصدره البنك الدولي هذا العام إلى أن إيرادات تسعير الكربون في عام 2023 سجلت رقماً قياسياً قدره 104 مليارات دولار. وقد تم تفعيل 75 أداة لتسعير الكربون على مستوى العالم. وتم استخدام أكثر من نصف حصيلة الإيرادات لتمويل البرامج المرتبطة بالمناخ والطبيعة.
كما أوضح التقرير أن نظم التجارة في الانبعاثات -التي يشار إليها أحيانا بنظم السقوف والمبادلات أو أسواق الكربون- تتضمن وضع حد أقصى لمجموع الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري، وتسمح للصناعات ذات الانبعاثات المنخفضة ببيع مخصصاتها الزائدة لجهات أكبر من حيث التسبب في الانبعاثات.
ويشير البنك الدولي إلى أنه مع زيادة عدد الشركات التي تتبنى أهداف الانبعاثات الصفرية من المتوقع أن يرتفع الطلب على تبادل أرصدة الكربون بشكل كبير في السنوات المقبلة. وتشهد منطقة الشرق الأوسط نموا متزايدا لأسواق الكربون الطوعية، وإنشاء شركات استثمار متخصصة في تداول بيع وشراء أرصدة الكربون من خلال أسواق فورية أو منصات إلكترونية لتداول أرصدة الكربون وفق العرض والطلب، ويتيح التقدم في تنفيذ خطة الحياد الصفري لسلطنة عمان الاستحواذ على حصة جيدة من أسواق الكربون الإقليمية، حيث تستهدف سلطنة عمان القيام بخفض متواصل في انبعاثات الكربون من خلال التوسع في المصادر المتجددة للطاقة، مثل: الهيدروجين الأخضر ومحطات إنتاج الطاقة المتجددة، وزيادة استخدام الطاقة النظيفة في مختلف القطاعات لخفض الانبعاثات من كافة القطاعات المستهدفة. وسيكون النجاح في خفض الكربون وتشجيع عدد متزايد من الشركات على تبني أهداف الاستدامة البيئية أساسا جيدا لتجارة الكربون.
وتملك سوق الكربون الطوعية إمكانيات للنمو لأنها يمكن أن تشمل عديدا من القطاعات، فهي لا تقتصر فقط على الشركات العاملة في الأنشطة التقليدية، مثل: النفط والصناعة، لكن تبادل أرصدة الكربون يمتد أيضا لقطاعات، مثل: الزراعة والحراجة والغابات، والتي تمثل إحدى الركائز المهمة لمكافحة التغير المناخي، وقد رصدت دراسة لمنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة "الفاو" عمل العديد من المشروعات الحرجية على تحسين جاذبيتها المالية ونجاح بعضها في الحصول على استثمارات أكبر عن طريق بيع أرصدتها من الكربون.
ومن هنا تأتي أهمية التوسّع في مشروعات، مثل: زراعة الأشجار وحماية المحميات الطبيعية، كما يشكّل بيع أرصدة الكربون مصدر تمويل للمشروعات التي لا يمكن تنفيذها بسبب قلة التمويل، حيث يمكن استخدام العائدات في التوسع في مشروعات حرجية تعزز المحافظة على البيئة. ويشير التقرير إلى أن الاستثمار في المشروعات الحرجية له دور مهم في إزالة الكربون من الغلاف الجوي مع تحقيق عائدات مالية للمستثمرين، ولهذا شهدت السنوات الأخيرة إنشاء صناديق متخصصة في هذا المجال.
ويرصد التقرير أن عائد بيع أرصدة الكربون الطوعية كان نحو 400 مليون دولار أمريكي في الفترة 2019-2017 من خلال 105 ملايين (مليون طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون) من أرصدة الكربون المخصصة للحراجة.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: انبعاثات الکربون أرصدة الکربون سلطنة عمان الکربون من من خلال إلى أن
إقرأ أيضاً:
سلطنة عمان تعلن دعمها للموقف المصري في ملف سد النهضة وتؤكد تضامنها في قضايا غزة
أعرب وزير خارجية سلطنة عمان، بدر بن حمد البوسعيدي، عن تأييد بلاده الكامل للموقف المصري بشأن ملف سد النهضة، مؤكدًا دعم مساعي القاهرة لحل الأزمة عبر السبل الدبلوماسية والحوار، بما يحفظ الأمن المائي المصري ويحقق الاستقرار الإقليمي.
جاء ذلك خلال مؤتمر صحفي مشترك عقده الوزير العماني مع وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، في إطار زيارته الرسمية إلى مصر لتعزيز التعاون الثنائي وتنسيق المواقف بشأن القضايا الإقليمية والدولية.
وزير الخارجية مع مدير وكالة الطاقة الذرية سبل تهدئة الملف النووي الإيراني الخارجية الإيرانية تستدعي القائم بالأعمال الأوكراني وتسلمه مذكرة احتجاج إشادة عمانية بدور مصر في التهدئة بغزةوثمّن الوزير العماني الدور المحوري الذي تضطلع به جمهورية مصر العربية في تهدئة الأوضاع بقطاع غزة، مؤكدًا دعم السلطنة للجهود التي تبذلها القاهرة لوقف إطلاق النار واحتواء التصعيد، بالتنسيق مع الأطراف الإقليمية والدولية.
كما أعلن البوسعيدي عن تأييد عمان للخطة العربية لإعادة إعمار غزة، والدفع بالمسار السياسي والإنساني الذي تتبناه مصر لدعم الشعب الفلسطيني، مؤكدًا على أهمية العمل العربي المشترك لتحقيق الاستقرار في الأراضي الفلسطينية.
دعم للحوار الأمريكي الإيرانيوفيما يتعلق بالقضايا الإقليمية الأوسع، شدد وزير الخارجية العماني على ضرورة استئناف مسار التفاوض بين الولايات المتحدة وإيران، معتبرًا أن ذلك من شأنه المساهمة في تخفيف حدة التوترات المتصاعدة في الشرق الأوسط.
وأكد البوسعيدي التزام سلطنة عمان بدعم المساعي السلمية لحل الأزمات الإقليمية والدولية عبر الحوار والدبلوماسية، وهو النهج الذي تتبعه السلطنة كركيزة أساسية في سياستها الخارجية.
لقاء يعكس التنسيق الوثيق بين القاهرة ومسقط
ويأتي هذا التصريح ضمن لقاءات مكثفة بين مسؤولين من مصر وسلطنة عمان تعكس التقارب والتنسيق السياسي الوثيق بين البلدين، في ظل التحديات التي تشهدها المنطقة، خاصةً في الملفات الحساسة مثل سد النهضة، الأزمة الفلسطينية، والتصعيد الإقليمي.
وأكد الوزيران خلال المؤتمر أهمية مواصلة التنسيق في المحافل الدولية، والعمل على تعزيز التعاون الثنائي في المجالات الاقتصادية والاستثمارية والثقافية، بما يخدم مصالح الشعبين الشقيقين.