مخاوف من تقارب جورجيا مع روسيا على حساب الغرب.. لم يقدموا شيئا
تاريخ النشر: 30th, August 2024 GMT
تناول تقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، الانتخابات التشريعية القادمة في جورجيا، والتي سوف تجري في 26 تشرين الأول/ أكتوبر، القادم إذ يخشى الكثيرون فوز حزب "الحلم الجورجي" الحاكم، والذي يميل إلى تقوية العلاقات مع روسيا، وبالتالي القضاء على آمال ذلك البلد الصغير بالانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.
وقالت الصحيفة في تقريرها، إن هناك انقسامات كبيرة في الرأي العام بشأن مستقبل البلاد، إذ يعتبر بعضهم أن حالة الصراع والخلاف مع موسكو قد أثرت بشكل كبير، وقد يمنع استمرارها عودة الأقاليم الانفصالية التي احتلتها روسيا في العام 2008.
ومع احتلال القوات الروسية لـ 20 بالمئة من أراضي البلاد، لا تقيم جورجيا من الناحية الفنية علاقات دبلوماسية مع روسيا، وذلك رغم أن الحدود لا تزال مفتوحة، بالإضافة إلى استمرار وصول الرحلات الجوية المباشرة التي تنزل آلاف السياح الروس كل يوم، وفقا للصحيفة.
ونقلت الصحيفة آراء بعض الجورجيين إذ تقول الصيدلانية، فاطمة بابياشفيلي، إنها تنوي التصويت لصالح حزب الحلم الجورجي الحاكم، بقيادة الملياردير بيدزينا إيفانشفيلي، والسبب الرئيسي، حسب كلامها "أنها تريد السلام مع روسيا الجارة بأي ثمن، وخاصة بعد مشاهدة الأهوال التي تتكشف في أوكرانيا".
وأضافت فاطمة، البالغة من العمر 65 عامًا، أنها تتفق مع الرسالة الرئيسية لإيفانشفيلي بأن "التصويت للمعارضة الموالية للغرب هو في الأساس تصويت لتجدد الصراع مع موسكو".
وقد تعهد حزب الحاكم في جورجيا، بحظر أكبر قوة معارضة في البلاد، المتمثلة في حزب "الحركة الوطنية المتحد"، إذا فازت في الانتخابات البرلمانية المقبلة.
وكان ذلك الحزب المعارض قد أسسه ميخائيل ساكاشفيلي، الرئيس الجورجي السابق الذي سُجن لسنوات بتهمة إساءة استخدام السلطة، والذي تدهورت صحته في السجن، مما جعل العديد من منظمات حقوق الإنسان إلى إطلاق سراحه لأسباب طبية.
وقد تدهورت العلاقات بين تبليسي والغرب بعد أن أقر البرلمان الجورجي مشروع قانون "العملاء الأجانب" المثير للجدل، والذي فجر أسابيع من الاحتجاجات من جانب معارضين زاعمين إنه سيقيد حرية الإعلام، ويعرض فرص البالد في الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي للخطر.
ويجبر القانون المنظمات غير الحكومية والمنصات الإعلامية التي تتلقى خمس تمويلها على الأقل من الخارج تسجيل نفسها على أنها "منظمات تسعى لتحقيق مصالح قوى خارجية".
وسبق ان حذرت بروكسل من أن تلك الخطوة سوف تخرج مساعي الدولة المطلة على البحر الأسود بشأن لانضمام إلى الاتحاد الأوروبي عن مسارها، في حين فرضت واشنطن عقوبات عبر اتخاذ إجراءات لحظر التأشيرات وفرض عقوبات على أفراد على خلفية ذلك القانون، بالإضافة إلى درس فرض قيود على التعاون الدفاعي القائم منذ فترة طويلة.
وتابعت الصحيفة، "إدراكا لابتعاد جورجيا عن الغرب، لم يذكر إعلان قمة حلف شمال الأطلسي السنوي الشهر الماضي آفاق عضوية البلاد، وهو أول إغفال من هذا القبيل منذ عام 2008".
الغرب لم يقدم لنا شيء
من جانبه أوضح، نيكولوز سامخارادزي، رئيس لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان والقيادي البارز في حزب الحلم الجورجي الحاكم، أن حكومة بلاده، التي رفضت فرض عقوبات اقتصادية على روسيا أو مساعدة أوكرانيا بالأسلحة، لابد أن تكون حذرة في علاقاتها مع الكرملين كمسألة تتعلق بالبقاء الوطني.
وزعم سامخارادزي أن الولايات المتحدة وحلفاءها لم يفعلوا أي شيء تقريبا في الحروب السابقة ضد روسيا لمساعدة بلاده، حيث قوات الاحتلال الروسية حاليا على بعد 500 متر فقط من الطريق السريع الرئيسي الذي يربط تبليسي بساحل البحر الأسود.
وقال سامخارادزي في تصريحات للصحيفة، "أستطيع أن أقول لكم بكل صراحة ووضوح، إننا خائفون من روسيا... تخيلوا سيناريو حيث يقوم الروس بتشغيل محرك مركبة مدرعة - وليس حتى دبابة - ووضعها على هذا الطريق السريع. ماذا نفعل كدولة؟ إذا أطلقنا النار، فهذه حرب مع روسيا. وإذا لم تطلق النار، فنحن لست دولة".
وتابع، "لقد تعلمنا دروسنا، ونعلم أنه إذا اندلعت حرب أخرى بين روسيا وجورجيا، فسوف نكون وحدنا مرة أخرى".
وأما ماكا بوتشوريشفيلي، عضوة حزب الحلم الجورجي البارزة ورئيسة لجنة تكامل الاتحاد الأوروبي في البرلمان، فاعتبرت أن الاتهامات الغربية أن جورجيا تقف إلى جانب روسيا في الحرب في أوكرانيا غير مبررة.
وأردفت: "لم تتراجع جورجيا قط عن دعم أوكرانيا على الساحة الدولية.. ولكن أي نوع من العقوبات تستطيع جورجيا فرضه على روسيا للتأثير على روسيا؟.. أنه صفر تأثير".
وزادت: "لا نستطيع التأثير على الاقتصاد الروسي، ولكنهم يستطيعون التأثير على الاقتصاد الجورجي بشدة، ويمكنهم التأثير على الأمن الجورجي بشدة".
وفي المقابل، فإنه وبالنسبة للمعارضة الجورجية المجزأة، فإن إقالة الحكومة لن تكون بالمهمة السهلة، إذ أن رئيسة جورجيا سالومي زورابشفيلي، التي تتمتع بسلطات محدودة بموجب الدستور الجديد والتي حاولت وفشلت في منع قانون العملاء الأجانب، تحاول الآن التنسيق بين أحزاب المعارضة المختلفة.
وبموجب قانون الانتخابات الجورجي، يتعين على أي حزب أو تحالف أحزاب أن يتجاوز عتبة 5 بالمئة للدخول البرلمان.
وقالت رئيسة حزب، الحركة الوطنية المتحدة، تينا بوكوتشافا أن: "أن توحيد كل قوى المعارضة المؤيدة للغرب هو مطلب عام في هذه المرحلة، وعلينا أن نرتقي إلى مستوى التحدي".
واعتبرت أن زعيم حزب الحلم الجورجي يسعى إلى أن يجعل من الانتخابات القادمة استفتاء للاختيار بين روسيا أو أوروبا، على حد قولها.
من جانبها، أكدت وزيرة الدفاع السابقة، تينا خيداشيلي، والتي ترأس منظمة "الفكرة المدنية" غير الحكومية، أن البلاد تواجه خطرًا قويًا يتمثل في أن تصبح دكتاتورية وتدور في فلك روسيا إذا فاز حزب الحلم الانتخابات.
وختمت بالقول: "سنفعل كل شيء حتى لا يحدث ذلك. كل شيء حرفيًا. مهما كان الأمر لاستعادة هذه البلاد. لن ينهي بيدزينا (إيفانيشفيلي) تاريخ هذه البلاد كدولة مستقلة. إنه أمر مستحيل".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية جورجيا روسيا الغرب روسيا الغرب الناتو جورجيا صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الاتحاد الأوروبی مع روسیا
إقرأ أيضاً:
رحلة في اختبار الديمقراطية
سيظل سؤال الديمقراطية نظريةً وتطبيقًا، سؤال الأسئلة ومثار جدل دائم في كل محطة من محطات السياسة وتداعياتها حول العالم، فلا تزال الديمقراطية بعد كل ما قدّمت وتقدم محط سؤالٍ متوجّس بين حين وآخر مثيرٍ للأسئلة والأجوبة معًا.
فمن قائل إن الديمقراطية بما وصلت إليه اليوم من وضع لم تعد صالحة لتكون محط خيارات الناس ورضاهم كآلية تنظيمية للسياسة والاجتماع السياسي في ظل ما آلت إليه نتائجها في بعض المجتمعات من صعود اليمين المتطرف ومحاولته جعل الديمقراطية مجرد قنطرة عبور لتدمير تراكمات الحداثة السياسية للبشرية، من التعددية وحقوق الإنسان والكرامة.
ومن آخرين يرون في الديمقراطية آلية لإنتاج وحصر السلطة والنفوذ والمال في النخب البرجوازية كحال الديمقراطية الأميركية مثلًا التي تدور من خلفها صراعات مراكز المال ولوبيات الثراء والتجارة في العالم، مما جعلها مجرد أداة لتدوير النفوذ والمال بين مراكز النفوذ والبيوتات الثرية ونخب الثراء الفاحش، كما هو حال ديمقراطية ترامب وماسك اليوم.
وكما أن للفقراء مخاوفهم، فللبرجوازيين مخاوفهم أيضًا من الديمقراطية، كما طرحها سابقًا مؤرخ الديمقراطية الفرنسية بيار رونز فالون الذي أشار مبكرًا إلى مخاوف البرجوازية الفرنسية منذ النصف الأول من القرن التاسع عشر والتي عارضت بشدة منح الحق بالانتخاب والمشاركة للجميع؛ خوفًا من امتلاء البرلمان بالفقراء الذين سيصوت لهم الفقراء الذين يشكلون الأغلبية في أي مجتمع، هذا على افتراض أن ثمة علاقة طردية بين الفقر والشعبوية، وهذا باعتقادي قد لا يكون صحيحًا، فأوروبا اليوم هي الأغنى، لكن هي أيضًا بلاد الشعبوية الأعلى صوتًا.
إعلانعلاوة على ذلك، ثمة تساؤلات راهنية عن مدى إيمان الغرب بالديمقراطية أصلًا في ظل موقفه اللاأخلاقي مما يجري في العالم الثالث، وتورطه الواضح في دعم الأنظمة الشمولية والانقلابية، وسعيه الدائم لإفشال أي تجربة ديمقراطية في العالم الثالث.
وهو ما يشكك ويضرب مصداقية الغرب، وأنه في الحقيقة لا يؤمن سوى بديمقراطية خاصة به دون غيره، وهي ديمقراطية الداخل الغربي باعتبارها ديكورًا أنيقًا يخفي همجيته الاستعمارية، واستبداده خارج حدوده الجغرافية.
تقود هذه المخاوف إلى نقاشات عميقة وحقيقية لدى جلّ النخب العلمية والأكاديمية والسياسية والثقافية المشتبكة مع قضايا مجتمعاتها، حول المأزق الذي تواجهه الديمقراطية ومستقبلها، وما بات يتهددها اليوم، خاصة من قبل الغرب نفسه قبل الشرق، الموئل الأول للديمقراطية بحسب جون كين، فيلسوف الديمقراطية الأبرز وصاحب "تاريخ موجز للديمقراطية" و"حياة الديمقراطية وموتها".
تتزايد المخاوف اليوم في ظل التراجع المخيف لمساحات الحرية الواسعة، حيث بات واضحًا أن الديمقراطية أصبحت محاصرة، حتى في الغرب نفسه، الذي طالما قدّم نفسه على مدى عقود كحامي الديمقراطية وحارسها الأمين.
غير أن ما نشهده اليوم في الغرب يناقض ذلك تمامًا، فقد رأينا خلال العقد الماضي، ومع تصاعد موجات الربيع العربي الديمقراطي، كيف انحاز الغرب الديمقراطي للثورات المضادة، وساهم في إسقاط ثورات الربيع العربي الديمقراطي، ووقف ضدها منذ اللحظة الأولى.
ليس هذا فحسب، فقد كشفت حرب غزة الراهنة وما تعرضت له المدينة وشعبها من دمار وإبادة جماعية، ما خفي من الوجه الغربي الاستبدادي المتناقض، حيث وقف الغرب بقوة ضد المعارضين لهذه الحرب، فزجّ بهم في المعتقلات، وفصلهم من جامعاتهم ووظائفهم، ومارس شتى أنواع القمع ضد كل من اعترض على الحرب الإسرائيلية على غزة.
إعلانبالعودة إلى موضوعنا، وهو جدل مأزق الديمقراطية المتجدد، فقد حضرت وشاركت خلال الأشهر الثلاثة الماضية في عدة ورش عمل ومؤتمرات وندوات دولية، امتدت من أفريقيا إلى أوروبا وآسيا، وضمت نخبًا عربية وغربية متعددة ذات اهتمام علمي وأكاديمي بالسؤال الديمقراطي.
وقد لاحظت مدى حيرة الجميع أمام الأسئلة المطروحة حول الديمقراطية، وما إذا كانت قد وصلت بالفعل إلى طريق مسدود، وأين يكمن القصور إن لم يكن الأمر كذلك، إضافة إلى التساؤل عن البدائل الممكنة للخيار الديمقراطي في هذه اللحظة المحيرة من تاريخ العالم، وسط صعود الشعبوية الكبير.
وفعلًا، دارت نقاشات عديدة عكست بدورها حالة الحيرة الواقعية السائدة، ليس بسبب الفقر المعرفي أو النظري حول الديمقراطية وحلولها، وإنما أيضًا نتيجة اضمحلال مساحة العقلانية والوعي الديمقراطي، وهيمنة التفاهة والشعبوية على العديد من التجارب الديمقراطية اليوم.
علاوة على الفعل المضاد الذي بدأ هو الآخر بالبروز، كما هو الحال في بعض البلدان الأفريقية التي شهدت عدة انقلابات، اتخذت من إصلاح ما أفسدته لعبة الديمقراطية في هذه المجتمعات مبررًا لها. والكثير الكثير من الأسئلة التي لا تزال تبحث عن إجابات.
ومن هذه الأسئلة التي بدأت تبرز، ما علاقة الديمقراطية بالتنمية؟ وهل هي علاقة عكسية أم طردية؟ وذلك في ظل بروز النموذج الصيني، الذي بات يشكل سؤالًا محيرًا للكثيرين إزاء هذه التجربة التي استطاعت أن تحقق قدرًا كبيرًا من التنمية في ظل سلطة الحزب الواحد والزعيم الأوحد أيضًا، وهي تجربة تستدعي مزيدًا من الدراسة والبحث عن تجربة ديمقراطية اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني.
فالديمقراطية اليوم بنسختها الليبرالية الغربية، ربما تكون أمام تحدٍّ حقيقي، يتعلق بمدى فشل الفلسفة الليبرالية. لكن ثمة مجتمعات لم تعرف الديمقراطية بعد، ولم يتسنَ لها أن تجربها أو تحقق شيئًا ولو يسيرًا منها، فمن أين لها أن تشكل رؤية ما عن هذه الديمقراطية؟
إعلانوذلك هو حال معظم دول العالمين العربي والإسلامي اللذين يملكان قدرًا من جذور فلسفة ديمقراطية، أو ما يسمى شورى أهل الحل والعقد والتي بدأت بعض الآراء تعتبرها خيارًا مناسبًا للسياق الثقافي العربي، وهو ما يستدعي نقاشًا مستفيضًا عن ميكانيزمات هذه البذرة التي لم يتم الاشتغال عليها حتى الآن، وظلت مجرد شذرات متطايرة لم يتم البناء عليها وتطويرها حتى تملك قدرة تفسيرية أكبر لمضمون الفلسفة السياسية في الإسلام.
في العموم، الديمقراطية ككل الأفكار البشرية السياسية هي أفكار تجريبية اجتهادية، وليست قوالب جامدة مقدّسة غير قابلة للنقاش والتغيير.
وهي واحدة من الأفكار التي قد تحتاج مجتمعات اليوم إلى إعادة النظر بها من زاوية البدائل والسياقات الثقافية المختلفة، وكيفية إعادة إنتاج نماذج ديمقراطية حسب كل سياق ثقافي، فينتج كل سياق ديمقراطيته الخاصة به، مما قد يدفع للقول إن ديمقراطية الحزب الشيوعي الصيني هي ديمقراطية تناسب السياق الثقافي الصيني مثلًا، أو أن ديمقراطية ولاية الفقيه في إيران هي ما يناسبهم وهكذا، وهو ما قد يحتم على كل سياق ثقافي أن ينتج تجربته الديمقراطية الخاصة به.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outline