خطبة الجمعة من المسجد الحرام.. الإيمان بالملائكة يزيد تقوى الله
تاريخ النشر: 30th, August 2024 GMT
ألقى أمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور ماهر بن حمد المعيقلي، خطبة اليوم الجمعة بالمسجد الحرام، حول أصول العقيدة، من الإيمان بوجود الملائكة، وما ورد عنهم من صفات عظيمة، وأعمال جليلة.
وقال المعيقلي أن الله تعالى قد أقسم بالملائكة، وأعلى بين العالمين ذكرهم، والملائكةُ عباد مكرمون، قربهم الله إليه، وشرفهم بعبادته، فهم خاضعون لجبروته، لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون، يسبحون الليلِ والنهار لا يفترون، ولا يستحسرون ولا يسأَمُون، ولا يسْبِقُونَه بِالْقَوْل، وهم من خشيتِهِ وإجلالِهِ مُشْفِقُون،
وأضاف فضيلته، "إن الله تعالى خلق الملائكة، وأوكل إليهم أعمالاً جليلة، فمنهم المُوكَّلُ بالوحيِ بين الله ورسله، ومنهم المُوكَّلُ بالنبات والقْطرِ، ومنهم المأمور بالنفخِ في الصُّور، وما من رجل يعود مريضاً إلا شيعه سبعون ألف ملك، يستغفرون له.
وتابع المعيقلي أنه ما من عبد يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، إلا صلت عليه الملائكة، وقَالَ له الْمَلَكُ الموكل بذلك: يَا مُحَمَّدُ، إِنَّ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ صَلَّى عَلَيْكَ السَّاعَةَ، ولله ملائكة يحثون العبد على طاعة ربه وعبادته، ويحضرون صلاته وقرآنه، وملائكة يدعون لأصحاب الصفِّ الأوَّل، وملائكة يقفون على أبوابِ المساجِدِ يوم الجُمُعة، يكتبون الأول فالأول، وملائكة يطوفون في الطرقات، يلتمسون أهل الذكر، ومُعلِّمي الناسِ الخير، فإذا وجدوهم، جلسوا معهم، وحفّ بعضهم بعضاً بأجنحتهم، حتى يملؤوا ما بينهم وبين السماء الدنيا، قَالَ: " فَيَسْأَلُهُمْ رَبُّهُمْ، وَهُوَ أَعْلَمُ مِنْهُمْ، مَا يَقُولُ عِبَادِي؟ قَالُوا: يَقُولُونَ: يُسَبِّحُونَكَ وَيُكَبِّرُونَكَ وَيَحْمَدُونَكَ وَيُمَجِّدُونَكَ " قَالَ: " فَيَقُولُ: هَلْ رَأَوْنِي؟ " قَالَ: " فَيَقُولُونَ: لاَ وَاللَّهِ مَا رَأَوْكَ؟ " قَالَ: " فَيَقُولُ: وَكَيْفَ لَوْ رَأَوْنِي؟ " قَالَ: " يَقُولُونَ: لَوْ رَأَوْكَ كَانُوا أَشَدَّ لَكَ عِبَادَةً، وَأَشَدَّ لَكَ تَمْجِيدًا وَتَحْمِيدًا، وَأَكْثَرَ لَكَ تَسْبِيحًا، -إلى أن يقول الرب جل جلاله-: فَأُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَهُمْ .
وأوضح فضيلته، أن الملائكة من أعظم جنود الرب تبارك وتعالى، فمنهم الصَّافَّاتِ والزَّاجِرَاتِ والتَّالِيَاتِ، والنازعات والناشطات والمدبرات، ومنهم ملك الموت، ورضوان خازن الجنان، ومالكٌ خازنُ النيران، وملائكة للرحمة، وملائكة للعذاب، وملائكة قد وكلوا بإحاطة الناس يوم الحشر، وملائكة قد أمروا بحمل النار إلى أرض المحشر، وعدد الملائكة كثير، لا يحصيهم إلا العلي الكبير.
وأبان الشيخ ماهر المعيقلي أن الْبَيْتُ الْمَعْمُورُ فِي السَّمَاءِ السَّابِعَةِ، يَدْخُلُهُ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ، ثُمَّ لَا يَعُودُونَ إِلَيْهِ، وصدق الله إذ يقول: ((وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ)) لافتاً إلى أن من الملائكة من شرفهم الله بقربه، واختارهم لحمل عرشه، والمسبحين بحمده، ذلك أن من كمال لطف الله بعباده المؤمنين، ما قيضه لأسباب سعادتهم، من استغفار حملة العرش لهم، والدعاء لهم بصلاح دينهم وآخرتهم.
وانتهى إمام وخطيب المسجد الحرام إلى أن الإيمان بالملائكة، له أثر عظيم في مراقبة العبد لأقواله وأعماله، فملائكة لكتب الحسنات والسيئات، وآخرون يحفظون العبد بأمر الله، فإذا استشعر المرء استصحاب الملائكة له، وتقييدهم لأعماله، ورفعها لخالقه، اجتهد في طاعة ربه، وانزجر عن معصيته، وحافظ على أداء صلاته .
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الملائكة خطبة اليوم الجمعة اليوم الجمعة أمام وخطيب المسجد الحرام ا المعيقلي المسجد الحرام
إقرأ أيضاً:
خطيب المسجد الحرام: في بعض الأحيان يكون إبداء الصدقة وإعلانها أفضل
أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام، الشيخ الدكتور عبدالرحمن السديس، المسلمين بتقوى الله عز وجل فهي جوهر الصيام وفحواه، ولُبه ومغزاه ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾.
وقال خطيب المسجد الحرام، في خطبة الجمعة اليوم: لقد شرع الله تعالى الصيام ليجدِّدَ المسلم شِيَمَه التعبدية المحمودة، ويعاود انبعاثته في الخير المعهودة، فَيَتَرَقَّى في درجات الإيمان، وينعم بصفات أهل البِرِّ والإحسان، حيث لم يَقِف الشارعُ الحكيمُ عند مظاهر الصوم وصوره، بل عمد إلى سُمُو الروح ورقي النفس وحفظها وتزكية الجوارح، والصعود بها من الدرك المادي إلى آفاق السُّمُو والعلو الإيماني، لذا اختص الله عز وجل هذه العبادة دون سائر العبادات، كما في الصحيحين: "كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلَّا الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي به".
وأوضح أن هذه الأيام المباركة فرصة سانحة لمراجعة النفس وإصلاح العمل، ونبذ الخلافات والفُرقة، وتحكيم لغة العقل والحوار، والتعاون على البر والتقوى؛ بما يحمله هذا الشهر الكريم من دروسٍ عظيمة في التسابق في الخيرات والأعمال الصالحة، قال تعالى:﴿ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ ﴾، قال الإمام ابن القيم: "وكان هديه عليه الصلاة والسلام فيه أكمل هدي، وأعظمه تحصيلًا للمقصود، وأسهله على النفوس، وكان من هديه، في شهر رمضان: الإكثار من أنواع العبادة، وكان جبريل عليه السلام يدارسه القرآن، وكان يكثر فيه الصدقة والإحسان، وتلاوة القرآن والصلاة والذكر والاعتكاف، وكان يخصه بالعبادات ما لا يخص غيره".
الصدقة في رمضانوخاطب الدكتور السديس الصائمين القائمين الباذلين: قائلًا ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾، وكان أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان، "وكَانَ أَجْوَدَ بِالْخَيْرِ مِنْ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ" (متفق عليه)، فأكْثِروا من البذل والجود في الشَّهر المحمود، ألا فجودوا أيها الكرماء النبلاء، مما أفاض الله عليكم، وابسطوا بالنوال والعطاء الأيادي، لِتُبَدِّدُوا بذلك هموم المَدِينين، وعوَزَ المحتاجين، وخصاصة المكروبين، والإفراج عن المساجين الذين ينتظرون عطاءكم، ويتلهفون إلى بذلكم وإحسانكم: ﴿وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ﴾.
وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي قال :" ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان فيقول أحدهما اللهم أعط منفقًا خلفًا ويقول الآخر اللهم أعط ممسكًا تلفًا" ، والناس بين موفق مرحوم، وممسك محروم ، فاجعلوا أيديكم ممدودة بالخير لنفع الغير وليكن عملكم الخيري تحت مظلة مأمونة، وجهات موثوقة.
ونوه أن ِنعْمَة العِبَادة والزُّلْفَى، إخراج الزكاة المفروضة والصَّدَقة، في هذه الأيام المباركات: ﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا ﴾، ويَا حَبَّذَا الإكثار مِن العطاء والنَّفَقَات، والعناية بالأوقاف والوصايا والمحافظ الوقفية في الأعمال الخيرية، لِتَمَيُّزها بالاستدامة والحوكمة، والشفافية والموثوقية، والاهتمام بما يحقق المصالح العامة؛ كالمشافي ومراكز علاج الكُلَى، وشق الطرق، وجود الإسكان، وحفر الآبار، وسقي الماء، ونشر العلم الذي ينتفع به؛ في التوحيد، ودعم حلقات القرآن، وتوريث المصاحف، وكتب السُّنة والأحكام، والصدقات الجارية، مما يحقق النفع العام، ومجالات التنمية، وأن يكون التُّجَّار والموسرين ورجال الأعمال قُدوة في ذلك ، وقد يكون إبداء الصدقة وإعلانها أفضل أحيانًا؛ للاقتداء والائتساء، مما يعظم أجره ويدوم أثره. ﴿وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ﴾.
ودعا إمام وخطيب المسجد الحرام إلى الإكثار من صالح الأعمال ورجاء القبول خلال هذه الأيام المباركة وأعقبوها شُكْر المنان الموصول؛ فبالرضا تفوزوا، وللنعمى تحوزوا فرمضان شهر النشاط والجِدِّ والعمل، شهر الانتصارات وتحقيق الإنجازات، ففي رمضان من العام الثاني الهجري انتصر المسلمون في أُولَى غزواتهم الكبرى، غزوة بدر، ثم تتابعت انتصارات المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها ، وكان كثيرٌ منها في هذا الشهر المبارك.
وحث على استدراك مافات من الأعمال الجلائل والقِيَام والاعتكاف والابْتِهال والدعاء. فلا تزال الفُرْصَة سَانِحَة، والتّجَارة رَابِحَة، لِمَنْ بَدَّدَ أيَّام رَمضان وَفرَّقَهَا، وسلك بِنفسه طرائق التّفريط فَأَوْبَقَهَا.