زنقة 20 ا مراكش | محمد المفرك

يتيح نظام تزويد جماعة سعادة عمالة مراكش بالماء الصالح للشرب بواسطة شاحنات صهريجية، استفادة 13 دورا و1045 أسرة من مياه الشرب، وبالتالي تحسين ظروف عيش السكان في مواجهة حالة الإجهاد المائي بجهة مراكش آسفي.

وتضمن هذه العملية التي تعد أساسية لمواجهة ندرة المياه، تزويد السكان المحليين بشكل منتظم بهذا المورد الحيوي.

ويغطي نظام توزيع المياه بواسطة الشاحنات الصهريجية، الذي يعمل بشكل يومي، المناطق الأكثر تضررا من نقص المياه الصالحة للشرب. وتقطع كل شاحنة محملة بالمياه انطلاقا من الخزانات التابعة للجماعة، مسافات طويلة من أجل تزويد الدواوير النائية.

وتختلف كميات المياه الموزعة بحسب الاحتياجات الخاصة لكل دوار، اعتبارا لعدد الأسر والظروف المناخية المحلية.
وتندرج هذه المبادرة بشكل تام في إطار توجيهات الملك محمد السادس لمواجهة الاجهاد المائي. وتعكس إرادة السلطات المحلية في تفعيل حلول ملموسة ومستدامة لحماية الموارد المائية وتحسين عيش السكان، طبقا للتعليمات الملكية السامية الرامية إلى ضمان حصول الجميع على المياه.

ومن أجل الاستجابة للتحديات المرتبطة بإشكالية المياه، طبقا للتوجيهات الملكية السامية، تم اطلاق سلسلة من الأوراش الاستراتيجية في إطار البرنامج الوطني للتزويد بمياه الشرب والري لمدة تنفيذ تمتد من 2020 إلى 2027 بتكلفة مالية أولية تقدر ب115 مليار درهم.

وشمل هذا البرنامج بالخصوص، اقتناء 1209 شاحنة صهريجية و9717 صهريجا بلاستيكيا ورصد ميزانية مهمة لكراء شاحنات صهريجية لتوفير الماء الصالح للشرب لما يقارب 3 ملايين نسمة بالمناطق القروية المتضررة من العجز المائي.

المصدر: زنقة 20

إقرأ أيضاً:

كيف تعادي إسرائيل السامية ولماذا تهاجم اليهود؟

لقد رويت قصة الأسس المعادية للسامية في الأيديولوجيا الصهيونية مرارا وتكرارا، وقد كتبت عنها في هذا الموقع عدة مرات. وهذا يشمل علاقة القربى الأيديولوجية بين الأفكار المؤسسة للحركة الصهيونية وأيديولوجيا معاداة السامية، حيث يؤمن كل منهما بأن اليهود الأوروبيين ليسوا أوروبيين، بل شعب شرقي منفصل، وأن اليهود لا ينبغي أن يعيشوا بين المسيحيين الأوروبيين، وأنهم في الواقع عرق منفصل وأمة منفصلة، أو كما وصفهم الأصولي البروتستانتي المعادي للسامية ووزير الخارجية البريطاني الصهيوني آرثر بلفور: "شعب ليس منّا". أما التحالفات التي أبرمتها الحركة الصهيونية منذ نشأتها مع الساسة والأنظمة الأوروبية المعادية للسامية لتعزيز مطالبها فتشكل جزءا لا يتجزأ من تاريخ الحركة.

لكن هذا الإرث الذي خلفته الحركة الصهيونية لم ينته مع تأسيس دولة إسرائيل في عام 1948. بل على النقيض من ذلك، عملت المستعمرة-الاستيطانية الصهيونية الجديدة على ترسيخ الأسس المعادية للسامية للحركة، وأصرت على أن أولئك الذين يعارضون معاداة السامية الصهيونية والإسرائيلية، سواء أكانوا يهودا أم غير يهود، هم المعادون للسامية بالفعل، وهو اتهام كان من الصعب استخدامه قبل عام 1948، حيث كان أغلبية اليهود معادين للصهيونية أو على الأقل غير صهاينة.

أولا، قرر الصهاينة تسمية مستعمرتهم الاستيطانية الجديدة "إسرائيل". وبما أن "إسرائيل" تشير في التقليد التوراتي إلى أحفاد يعقوب الذي سمّته التوراة بـ"إسرائيل"، أو إلى "الشعب اليهودي"، فإن تسمية البلاد "إسرائيل" كانت تهدف إلى دمج جميع اليهود في دولة إسرائيل، بحيث عندما يقوم أي شخص بانتقاد إسرائيل، يُتهم مباشرة بمهاجمة وانتقاد جميع اليهود، في مجملهم، وليس الحكومة الإسرائيلية ومؤسساتها العنصرية.

تجعل إسرائيل قسرا كل اليهود الذين لا تمثلهم أصلا على أنهم متواطئون معها في إقامة مستعمرتها الاستيطانية على أرض الفلسطينيين. وعلى هذا، فإن من يعارض هذا "الحق الطبيعي للشعب اليهودي" المزعوم لن يكون أقل من معادٍ صريح للسامية
ثانيا، لقد كان رفض إسرائيل إصدار "إعلان الاستقلال" رسميا في عام 1948 (على الرغم من أن الدعاية الإسرائيلية تشير إلى "إعلان تأسيس دولة إسرائيل" الرسمي على أنه "إعلان الاستقلال")، بمثابة إشارة أخرى. إذ تمت تسمية "إعلان تأسيس الدولة اليهودية" بهذا الاسم بعد رفض القيادة الصهيونية مقترحات لتسميته "إعلان الاستقلال". وقد اقترح مندوب "الحزب الشيوعي الفلسطيني" الصهيوني مائير ويلنر إعلان الدولة على أنها دولة "مستقلة ذات سيادة"، لكن تعديله رُفض. وقد تم رفض هذه المقترحات بشكل قاطع لصالح إعلان الدولة على أنها "يهودية" دون إضافة أي وصف آخر غير ذلك. كان لهذا الرفض العنيد علاقة بالهدف الرئيس للحركة الصهيونية، المتمثل في أن الدولة التي تسعى الحركة إلى إقامتها ستكون دولة "الشعب اليهودي" أينما وجد في جميع أنحاء العالم، وليس فقط للمستعمرين اليهود في فلسطين.

 إن إعلان الدولة "مستقلة" كان ليعني ضمنا أنها مستقلة عن يهود العالم وبالتالي فهي دولة "إسرائيلية" وليست "يهودية"، ونظرا لإصرار زعماء إسرائيل على أن الحركة الصهيونية لابد وأن تستمر في أنشطتها الاستعمارية الاستيطانية حتى بعد إنشاء الدولة اليهودية، لا سيما أن أغلبية اليهود استمروا في العيش خارج إسرائيل كما هو حالهم حتى اليوم، فإن مسألة "الاستقلال" ربما كانت لتمنعها من القيام بذلك. وقد تم توضيح مثل هذه الأسباب بشكل صريح في المناقشات اللاحقة حول رفض تسمية الدولة "مستقلة" رسميا.

ثالثا، أكدت إسرائيل في الإعلان وبعده على أن قيامها كدولة لم يكن ممثلا لأهداف الحركة الصهيونية، التي لطالما واجهت معارضة من أعداد كبيرة من اليهود، بل ادعت أن "هذا الحق [في إقامة دولة يهودية] هو الحق الطبيعي للشعب اليهودي في أن يكون سيد مصيره، مثل جميع الأمم الأخرى، في دولته ذات السيادة". ومن خلال هذا الإعلان تجعل إسرائيل قسرا كل اليهود الذين لا تمثلهم أصلا على أنهم متواطئون معها في إقامة مستعمرتها الاستيطانية على أرض الفلسطينيين. وعلى هذا، فإن من يعارض هذا "الحق الطبيعي للشعب اليهودي" المزعوم لن يكون أقل من معادٍ صريح للسامية.

وعلى هذا الأساس، انتحلت إسرائيل صفة الممثل لجميع يهود العالم، على الرغم من أنهم لم يمنحوها مثل هذا التفويض قط. فقد سارعت كل القوى الأوروبية والولايات المتحدة، التي سبق أن رفضت منح اللجوء لليهود الفارين من النازيين، إلى الاعتراف بهذا الادعاء، مما أتاح لهذه الدول التملص من مسؤولية استقبال مئات الآلاف من اللاجئين اليهود بعد الحرب العالمية الثانية. وقد أدى هذا الادعاء بالتحدث باسم وتمثيل كل اليهود إلى إثارة استياء اليهود غير الصهاينة والمعارضين للصهيونية، بل وحتى اليهود المؤيدين للصهيونية، في أوروبا والولايات المتحدة؛ حيث رأوا أن الحركة الصهيونية وإسرائيل وفرتا الذخيرة اللازمة لمعادي السامية الذين اتهموا اليهود بالولاء المزدوج نتيجة لهذا الزعم الإسرائيلي. كما أعرب زعماء اليهود الأمريكيين عن قلقهم الشديد إزاء هذا الادعاء، معتبرين إياه خطوة خطيرة تعزز معاداة السامية.

في عام 1950، أبرم رئيس اللجنة اليهودية الأمريكية، جاكوب بلاوستين، اتفاقا مع رئيس الوزراء الإسرائيلي ديفيد بن غوريون لتحديد طبيعة العلاقة بين إسرائيل واليهود الأمريكيين، حيث أكد بلاوستين على أن الولايات المتحدة ليست "منفى" لليهود، بل "شتات"، مشددا على أن دولة إسرائيل لا تمثل رسميا يهود الشتات أمام بقية العالم، كما أوضح أن إسرائيل لا ولن تكون ملاذا لليهود الأمريكيين. وأشار إلى أنه، حتى لو فقدت الولايات المتحدة طابعها الديمقراطي وعاش اليهود الأمريكيون "في عالم يمكن أن يدفعهم فيه الاضطهاد للهجرة من أمريكا"، فإن مثل هذا العالم، بخلاف مزاعم إسرائيل، "لن يكون عالما آمنا لإسرائيل أيضا".

وتحت ضغط من زعماء اليهود الأمريكيين، أعلن بن غوريون من جانبه أن اليهود الأمريكيين هم مواطنون كاملون في الولايات المتحدة، وأن ولاءهم ينبغي أن يكون حصرا لها، مؤكدا على "أنهم لا يدينون بالولاء السياسي لإسرائيل". ونص الاتفاق بين إسرائيل واللجنة اليهودية الأمريكية على أن "إسرائيل، من جانبها، تعترف بولاء اليهود الأمريكيين للولايات المتحدة، ولن تتدخل في الشؤون الداخلية ليهود الشتات، كما لن يتم التقليل من شأن من يبقى منهم في أمريكا على أنهم "منفيون"، بل سيتم احترام خياراتهم، أما من يختار منهم الهجرة إلى إسرائيل فسوف يتم الترحيب بهم بحرارة، ولن يدّعي أي من اليهود الأمريكيين أو الإسرائيليين تمثيل الآخر".

لم يدم موقف بن غوريون طويلا كسياسة معتمدة من قبل الحكومة الإسرائيلية. فبعد حرب حزيران/ يونيو 1967 واحتلال إسرائيل لأراضٍ من ثلاث دول عربية مجاورة، بدأت إسرائيل تطالب يهود العالم كافة بدعم سياساتها بشكل مطلق، ومن يخفق في ذلك، وُصم بأنه ليس يهوديا حقيقيا وفقا لخطابها. وقد عبّر عن هذا النهج بوضوح وزير الخارجية الإسرائيلي أبا إيبان، المولود في جنوب أفريقيا، الذي جسّد في تصريحاته هذا التوجه.

ففي مؤتمر سنوي عقد في إسرائيل عام 1972 برعاية المؤتمر اليهودي الأمريكي، وضع إيبان الاستراتيجية الجديدة لإسرائيل في مواجهة النقد الدولي، مؤكدا على أنه: "لا ينبغي أن يكون هنالك أي سوء فهم: اليسار الجديد هو مؤلف ومنشئ معاداة السامية الجديدة.. إن التمييز بين معاداة السامية ومعاداة الصهيونية ليس تمييزا على الإطلاق، معاداة الصهيونية هي مجرد معاداة السامية الجديدة". استغرق الأمر بضعة عقود قبل أن تصبح هذه الصيغة التي صاغها إيبان سياسة رسمية ليس فقط في إسرائيل، ولكن في جميع أنحاء العالم الغربي.

إذا كان كل من ينتقد إسرائيل من غير اليهود قد وُصِم بمعاداة السامية، فإن أبا إيبان تجاوز هذا الخطاب ليهاجم في مؤتمر عام 1972 اثنين من أبرز النقاد اليهود الأمريكيين لإسرائيل، وهما نعوم تشومسكي وآي. إف. ستون، واصفا إياهما بأنهما يعانيان من "عقدة الذنب نتيجة استمرار وجود اليهود [بعد المحرقة]". وأشار إلى أن قيمهما وأيديولوجيتهما، المتمثلة في معاداة الاستعمار والعنصرية، "تتعارض مع عالمنا الخاص من القيم اليهودية".

النقد اليهودي لإسرائيل، سواء من المناهضين للصهيونية أم من غير الصهاينة، يُواجَه بوصمهم بصفة "يهود يكرهون أنفسهم" أو حتى معادين للسامية، مما يعكس تصعيدا خطيرا في الخطاب الإقصائي
كان تعريف إيبان للسياسات الاستعمارية والعنصرية الإسرائيلية باعتبارها جزءا من "التقاليد والقيم اليهودية" بمثابة محاولة صهيونية لإشراك جميع اليهود، عنوة، في تبرير ممارسات إسرائيل وفي اعتناق مُثُلها العليا. ومع ذلك، فحتى طرد إيبان لتشومسكي وستون من "المجتمع اليهودي" يبدو الآن معتدلا بالمقارنة مع العدوانية المتزايدة التي تبنتها السلطات الإسرائيلية والمؤيدون لها في السنوات اللاحقة. فقد أصبح النقد اليهودي لإسرائيل، سواء من المناهضين للصهيونية أم من غير الصهاينة، يُواجَه بوصمهم بصفة "يهود يكرهون أنفسهم" أو حتى معادين للسامية، مما يعكس تصعيدا خطيرا في الخطاب الإقصائي.

ومن الأمثلة على هذه السياسة خلال العقدين الماضيين، تعرض الطلاب والأساتذة اليهود في الجامعات لهجمات متكررة من قِبَل أنصار إسرائيل، سواء أكانوا من اليهود أم من غير اليهود، حيث وُصفوا بأنهم "يهود يكرهون أنفسهم" أو يهود "يساعدون معادي السامية"، فقط لأنهم انتقدوا إسرائيل أو دعموا حقوق الفلسطينيين. وقد هاجم أنصار إسرائيل بلا هوادة الأساتذة اليهود (ناهيك عن غير اليهود) الذين ينتقدون إسرائيل باعتبارهم "يكرهون أنفسهم". ويشعر بعض الصهاينة بالفزع من وجود "عدد أكبر من اليهود الذين يكرهون أنفسهم" بين أولئك الذين يتهمونهم بمعاداة السامية لأنهم يدعمون حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات. ولم يسلم الحاخامات الصهاينة الذين ينتقدون السياسات الإسرائيلية من هذه الاتهامات، بل وُصِفوا أيضا بأنهم "يكرهون أنفسهم"، كما وُصِف كبار مساعدي البيت الأبيض الذين يدعمون إسرائيل بقوة بأنهم "يكرهون أنفسهم"، وهو الوصف الذي أسبغه عليهم رئيس الوزراء الإسرائيلي نفسه عندما دعوا إسرائيل إلى "تجميد" بناء المستوطنات الاستعمارية في الأراضي المحتلة.

ومع ذلك، يزعم أنصار إسرائيل، مثل الأكاديمي الأمريكي دانيال ج. إليعازار، أن إسرائيل "تأسست على القيم اليهودية"، وهو ادعاء يساوي بين المبادئ الاستعمارية للدولة الإسرائيلية والديانة اليهودية والهوية اليهودية، وهي معادلة معادية للسامية تماما. إن تعريف قيم إسرائيل وسياساتها باعتبارها "يهودية" أو أن هذه الأخيرة يتم تنفيذها دفاعا عن الشعب اليهودي ليس مقتصرا على مؤيديها اليهود الأمريكيي، فالعديد من الأصوليين المسيحيين الأمريكيين يدعمون إسرائيل على وجه التحديد لأنها يهودية.

وقد تبنت المؤسسة السياسية الأمريكية الآن هذه الادعاءات الإسرائيلية والمؤيدة لإسرائيل على أنها حقيقة غير قابلة للنقاش، وهو ما سمح للرئيس الأمريكي دونالد ترامب في كانون الأول/ ديسمبر 2018 بالتصريح لليهود الأمريكيين في حفل عيد الحانوكا في البيت الأبيض بأن نائبه يكن مودة كبيرة تجاه "بلدكم". ولم تعترض إسرائيل، ولم تعترض حكومتها عندما صرّح ترامب لمجموعة من اليهود الأمريكيين في نيسان/ أبريل 2019 بأن نتنياهو هو "رئيس وزرائكم".

لكن ترامب ليس وحده من يتبنى هذه السياسة، فاستراتيجية جو بايدن لمكافحة معاداة السامية تتضمن "الالتزام الأمريكي الذي لا يتزعزع بحق دولة إسرائيل في الوجود وشرعيتها وأمنها. بالإضافة إلى ذلك، ندرك ونحتفل بالروابط التاريخية والدينية والثقافية العميقة وغيرها التي تربط العديد من اليهود الأمريكيين وغيرهم من الأمريكيين بإسرائيل". إن مثل هذه التصريحات تضع جميع اليهود الأمريكيين في سلة واحدة، متجاهلة أولئك الذين لا يملكون روابط "عميقة" أو حتى سطحية مع إسرائيل، أو أولئك الذين تجبرهم علاقاتهم على عدم دعم مزاعم إسرائيل بشأن اليهود أو سياساتها تجاه الفلسطينيين. إن هذا الربط بين اليهود الأمريكيين وإسرائيل لا يساعد في مكافحة معاداة السامية، بل إنه يعمل على تكرار وجهات النظر الصهيونية والإسرائيلية والمسيحية الإنجيلية الأمريكية تجاه اليهود، والتي يعترض عليها العديد من اليهود الأمريكيين.

إن منتقدي إسرائيل، سواء كانوا من اليهود ام من غير اليهود، يرفضون الانصياع لهذه الضغوط ويقفون بحزم ضدها، مؤكدين على التمييز الصريح بين معاداة الصهيونية ومعاداة السامية
إن الادعاء بأن جميع اليهود الأمريكيين يدعمون إسرائيل دون نقد وأن مثل هذا الدعم متأصل في الهوية اليهودية، هو في حقيقته تعميم معادٍ للسامية. فالهوية اليهودية، شأنها شأن جميع الهويات، هي هوية متعددة ومتنوعة دينيا وإثنيا، ناهيك عن جغرافيا وثقافيا واقتصاديا.

وفي الوقت الراهن، تتزايد أعداد اليهود الأمريكيين الذين يفصلون أنفسهم عن إسرائيل ونظامها العنصري اليهودي وجرائمها الاستعمارية. وهم مستهدفون بسبب مواقفهم السياسية من قبل جماعات الضغط المؤيدة لإسرائيل، ويتعرضون لتشويه سمعتهم بوصمهم "كارهين لأنفسهم". ومع ذلك فإن هؤلاء المنتقدين لإسرائيل، من اليهود أو من غير اليهود، لا يخلطون البتة بين اليهودية والصهيونية، بل إنهم على النقيض من ذلك، يؤكدون بقوة على ضرورة الفصل بينهما.

أما الحملة اليمينية المؤيدة لإسرائيل في الجامعات الأمريكية والأوروبية، فقد حددت هدفا رئيسا واحدا لملاحقاتها المستمرة لمنتقدي إسرائيل، وهو ما تتشارك فيه مع الحكومة الإسرائيلية، والمتمثل برفض أي تمييز بين اليهودية والشعب اليهودي والصهيونية والحكومة الإسرائيلية واعتبارها مترادفات تعني الشيء نفسه– وهي ذات الأهداف التي أصر عليها مؤسسو إسرائيل وخططوا لها عندما أطلقوا على مستعمرتهم الاستيطانية اسم "إسرائيل".

أما المسار التاريخي الذي بدأ من اعتراف بن غوريون القسري في عام 1950 بأن اليهود الأمريكيين لا يدينون لإسرائيل بأي ولاء، وصولا إلى الإجماع الإسرائيلي الرسمي بعد عام 1967 والإصرار المعادي للسامية لنظام نتنياهو على أن "معاداة الصهيونية هي معاداة السامية"، فقد اكتمل الآن. وقد تبنى المسؤولون الأمريكيون (بما في ذلك الكونغرس ودونالد ترامب) والقادة البريطانيون والأوروبيون هذه الصيغة المعادية للسامية كسياسة رسمية لبلادهم. والهدف الحالي لهذه الحملة الشرسة هو إجبار الجامعات والحركة الطلابية والمؤسسات الثقافية ووسائل الإعلام في الغرب ككل، لكن خاصة في الولايات المتحدة، على تبني هذه الصيغة المعادية للسامية، وإلا..

ومع ذلك، فإن منتقدي إسرائيل، سواء كانوا من اليهود ام من غير اليهود، يرفضون الانصياع لهذه الضغوط ويقفون بحزم ضدها، مؤكدين على التمييز الصريح بين معاداة الصهيونية ومعاداة السامية.

مقالات مشابهة

  • الحسن السراجي: أوقفوا ماخور الرحبة!
  • هل قص الأظافر يتطلب إعادة الوضوء؟.. أمين الفتوى يوضح
  • وزير النقل السوري اجتمع مع نقابة مالكي الشاحنات المبردة في لبنان
  • انخفاض كبير باعداد الشاحنات الإيرانية الداخلة للعراق عبر منفذ الشلامجة
  • بايدن منددا بالهجوم الروسي: وجهت بمواصلة تزويد أوكرانيا بالسلاح
  • كيف تعادي إسرائيل السامية ولماذا تهاجم اليهود؟
  • ساكنة تمصلوحت يشتكون انعدام الأمن واستفحال ظاهرة السرقات المتكررة
  • أجر الوضوء بالماء البارد في الشتاء
  • 11 مليار درهم لمواجهة التحديات المتعلقة بمجال الماء
  • بعد مغادرتها المعبر.. الأمم المتحدة تعلن نهب وفقدان عشرات الشاحنات في غزة