ألقى العلامة السيد علي فضل الله، خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين في حارة حريك، في حضور عدد من الشخصيات العلمائية والسياسية والاجتماعية، وحشد من المؤمنين. ومما جاء في خطبته السياسية: "عباد الله أوصيكم وأوصي نفسي، بما أوصى به رسول الله أبا ذر الغفاري، حيث قال له: "يا أبا ذر إن سرك أن تكون أقوى الناس فتوكل على الله عز و جل، وإن سرك أن تكون أكرم الناس فاتق الله، وإن سرك أن تكون أغنى الناس، فكن بما في يد الله عز وجل أوثق منك بما في يدك.

.. يا أبا ذر لو أن الناس كلهم أخذوا بهذه الآية لكفتهم‏ و من يتق الله يجعل له مخرجا و يرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره".
 
فلنتق الله ولنتوكل عليه لنكون أكثر قدرة وحضورا وقادرين على مواجهة التحديات التي تواجهنا.
والبداية من الرد الذي قامت به المقاومة على العدوان الصهيوني الذي استهدف الضاحية الجنوبية. والذي أشار إلى مدى اقتدارها وشجاعتها، وأظهر في الوقت نفسه الحكمة التي أدارت بها هذا الرد عندما نجحت في أن تصل إلى عمق كيانه وإلى موقع حساس عنده، برغم الاستنفار الذي كان عليه العدو والغارات العنيفة التي قام بها لمنع حصوله، وذلك من دون أن تسمح له أن يستغل ما جرى لتحقيق ما يصبو إليه من توسعة دائرة حربه مستفيدا بذلك من الأساطيل والبوارج الحربية التي تجوب المنطقة والتي جاءت لتسانده.
 
لقد كان واضحا أهمية هذا الرد، ليس بالبعد العسكري والأمني الذي حصل فقط، بل لكونه جاء ليؤكد لهذا العدو أنه انتهى الوقت الذي يرتكب فيه جرائمه أو أن يقوم باعتداءاته من دون أن يلقى ردا مناسبا أو أن يعاقب عليه".
 
أضاف: "إننا أمام ما جرى، نحيي المقاومة على إنجازها، والذي سيجعل العدو يفكر مليا قبل أن يستبيح الضاحية أو أي منطقة لبنانية يتجاوز فيها قواعد الاشتباك الحاصل، ما يدعو اللبنانيين إلى أن يعتزوا بالقوة التي باتوا يمتلكونها والتي هي لحسابهم والتي جعلت منهم ندا لهذا العدو رغم كل القدرات التي يمتلكها والتغطية الدولية التي تحميه والإسناد العسكري الجاهز للدفاع عنه.
 
إن من المؤسف أنه لا يزال هناك في هذا البلد من رسم صورة عن هذه المقاومة جعلته يراها في مواجهة طائفته أو مذهبه أو موقعه السياسي، أو أنها تعمل لحساب الآخرين وعلى حساب هذا الوطن، وبات يخشاها من دون أن يبذل هؤلاء جهدا لوعي صحيح لحقيقة منطلقاتها وأهدافها. ونحن نرى أنهم لو فعلوا ذلك لزالت كل هذه الهواجس والمخاوف التي رسموها حولها، ولرأوا فيما تملكه سندا وقوة ومنعة لهذا البلد، وأصبح بالإمكان التوصل إلى صيغة تفاهم معها.

وهذا بالطبع لن يحصل إلا بحوار موضوعي معها بعيد عن كل الخلفيات والأفكار المسبقة، والذي يأخذ في الاعتبار حفظ أمن هذا البلد وسيادته".

وتابع: "ونعود إلى غزة، التي يواصل فيها العدو مجازره اليومية بحق أهاليها والتدمير الممنهج لبناها التحتية، ويتسبب بانتشار الأوبئة التي تحذر الأمم المتحدة منها، فيما المفاوضات لا تزال تواجه التعقيدات من قبل كيان العدو الذي لا يزال يرفع من شروطه التعجيزية، حيث رئيس  وزرائه يصر على عدم الانسحاب من داخل القطاع، لا بل عمد إلى تعيين حاكم عسكري عليه، ما يشير إلى نيته في إبقائه تحت سيطرته الكاملة، وجعله تحت ظل كيانه والذي يستكمله اليوم في اجتياحه للضفة الغربية، ما يدعونا إلى أن نجدد دعوتنا للعالم العربي والإسلامي ولكل أحرار العالم إلى القيام بواجبهم في هذه المرحلة لنجدة هذا الشعب ومنع استفراده وإفشال مؤامرات العدو في السعي لاقتلاعه من أرضه.
 
في هذا الوقت، شهدنا، وقد نشهد ذلك كل يوم، اقتحامات يقوم بها هذا الكيان للمسجد الأقصى، والذي وصل إلى حد مطالبة أحد وزراء العدو بأن يبنى كنيسا في باحاته، وما يشجع على ذلك هو القرار الصادر من الحكومة الصهيونية برصد ميزانية لتغطية نفقات هذه الاقتحامات.
إن من المؤسف أن يمر هذا الخبر مرور الكرام من دون أن تكون هناك ردود فعل لحجم هذا العدوان من العالم العربي والإسلامي، ما سيجعل هذا الكيان يستمر بجريمته والسعي لتحقيق أهدافه".

واستطرد فضل الله: "ونعود إلى لبنان، لندعو مجددا إلى معالجة جادة للأزمات التي بات يكتوي منها الشعب اللبناني على الصعيد الحياتي والمعيشي، فيما تستمر أزمة أموال المودعين بدون أي حل، والتي يخشى من تداعيات استمرارها مما شهدنا بعض صوره بالأمس والذي جاء بعد يأس المودعين في الحصول على أموالهم، في وقت هم أحوج ما يكونون إليها.
ومن هنا، فإننا نجدد دعوتنا للقوى السياسية التي تتحمل مسؤوليتها تجاه الناس، إلى العمل الجاد لإخراجهم من معاناتهم، حتى يستطيع اللبنانيون تلبية أبسط حاجاتهم.
 
وأخيرا وفي الذكرى السادسة والأربعين، نقف مع مناسبة أليمة، هي مناسبة اختفاء الإمام السيد موسى الصدر ورفيقيه، هذا الإمام الذي كان مثالا للعالم المنفتح على قضايا الحياة والعصر، وشكل عنوانا للوحدة الإسلامية والوطنية، وللتقارب الإسلامي المسيحي، والانفتاح على العالم العربي والإسلامي، وعمل على تحصين البلد من الفتن التي كان يراد للناس أن يكتووا بنارها، ووقف صلبا في مواجهة الفساد والحرمان، وفي التصدي للعدو الصهيوني، وداعما بارزا للقضية الفلسطينية".
 
وختم: "إننا في هذه المناسبة، نجدد دعوتنا إلى إماطة اللثام عن هذه القضية التي تهم كل اللبنانيين، ليكون الصوت واحدا في العمل لكشف هذه الحقيقة".

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: من دون أن أن تکون

إقرأ أيضاً:

الخصومة السياسية و(فجور) البعض..!!

 

 

يقال إن الخلاف في الرأي لا يفسد للود قضية، ويقال إن السياسة ليست عداوة دائمة ولا صداقة دائمة ولكنها مصالح دائمة، مشكلتنا في هذه البلاد أننا لا نعرف أبدا شرف الخصومة ولا نتحلى بها، ولهذا السبب نمارس بعلاقتنا السياسية ثقافة (الفجور) لدرجة أننا لم نحترم حتى قيمنا الدينية ولا التزمنا بأخلاقيات الدين وتعاليمه وتعاليم سيدنا وسيد البشرية نبينا الصادق الأمين المصطفى محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام وعلى آله، فقد برزت الأزمة التي تعصف بمجتمعنا ووطننا وكشفت عن حالة إجداب قيمي وتصحر أخلاقي وتجرد البعض من كل الأخلاقيات لدرجة أنهم وظفوا الدين وحرفوا التعاليم الإسلامية في سبيل تحقيق أهداف سياسية رخيصة معتمدين على مبدأ _الغاية تبرر الوسيلة _لميكافيللي وتخلوا عن تعاليم الله والدين والكتاب والسنة وأوامر ونواهي سيد البشرية الذي قال (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق) صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله.

بعض المتطرفين ممن يزعمون التدين الذين شذوا عن طريق الحق في زمن السلم وجادلوا فيما ليس لهم به علم، ممن أباحوا هدر دماء المسلمين وجاهروا (بذبح البشر) وإرهاب الناس وحرفوا قول الله تعالى (واعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم) واتخذوا ذلك ذريعة لقتل المسلمين من أبناء جلدتهم الذين اعتبروهم خصومهم السياسيين وراحوا يوزعون رعبهم مستندين بأفعالهم الإجرامية على تعاليم مجرم آخر انتهى به الحال في ( حبل المشنقة) هو صاحب ( كتاب معالم في الطريق) (سيد قطب) الذي جعل كتابه المشؤم يحل بديلا عن ( كتاب الله) وعن سنة وتعاليم رسوله المصطفى، فاتخذ منه أتباعه دليلا لسلوك يقودهم إلى جهنم وبئس المصير.. وهذا ما يقوم به ويمارسه المدعو (الحجوري) وأتباعه ممن نسو الله فانساهم أنفسهم الذين لم يترددوا بدافع الخصومة السياسية أن يصنفوا أبناء جلدتهم المسلمين من (أنصار الله) ويقارنوهم بـ(الصهاينة) مع أن العكس هو ما يجب أن يكون وهو أن (الحجوري) وأتباعه ومن على شاكلتهم هم أحق بهذا التصنيف لأنهم فعلا يتماهون بسلوكهم ومواقفهم وطريقة تعاطيهم مع الأحداث بذات الطريقة التي يتعاطى بها (الصهاينة) وهم الذين لم يكلفوا أنفسهم مواجهة الصهاينة وهم أعداء الله والدين والرسول والإسلام والمسلمين..

نختلف أو نتفق مع (أنصار الله) فيما يتصل برؤيتهم وطريقتهم في إدارة الدولة، وهذا الاختلاف مشروع شرعا بشريعة الله والشريعة الوطنية، لكن من العيب والعار أن نطعن في عقيدتهم وفي وطنيتهم وفي هويتهم، فالخلاف السياسي القائم بيننا لا يبرر هذا الفجور وهذا المجون الذي يتبعه ويمارسه (الحجوري) وأتباعه ومن على شاكلتهم ممن أثبتت الأحداث انهم أبعد ما يكونون عن القيم الدينية والوطنية وعن ما أمرنا به الله.

كمواطن أنا لا أعلم الغيب ولا ينزل علينا الوحي من السماء لكنا نحكم على الأحداث على ما نشاهد ونتابع ونرى من الممارسات التي تمارس على الواقع والتي تجعلنا ندافع عن أنصار الله ونتصدى لخصومهم على خلفية مواقفهم من العدو فيما نقيس مواقف الآخرين أيضا من مواقفهم مع العدو، فأين (الحجوري) وأتباعه من فلسطين وما يجري فيها؟ وأين مواقف أتباعه من هذه القضية؟ أليس النظام السوري الذي يقوده الجولاني ينتمي لذات المدرسة التي ينتمي إليها الحجوري؟!

أليس حزب الإصلاح الذي ينتمي إليه الحجوري وخرج من تحت عباءته والمتحالف مع دول العدوان وهو صنيعة أمريكية _بريطانية هو الظل الذي يستظل به الحجوري..؟!  إذاً.. لا غرابة أن ذهب الحجوري وأتباعه إلى ما ذهب إليه من القول بحق خصومه، لكن كنا نأمل أو كان يفترض أن يكون خصما شريفا طالما يزعم انتماءه لدين محمد، لكن للأسف أثبت للمرة المليون أنه ينتمي لدين (سيد قطب) قاتل الأطفال والنساء من أباح قطع رؤوس المسلمين..

 

مقالات مشابهة

  • الاحزاب السياسية السودانية وعجز القادرين على التمام
  • القوى السياسية تحتفي باختيار أبو العينين لرئاسة البرلمان الأورومتوسطي: تقدير دولي
  • اللهم نصرك الذي وعدت ورحمتك التي بها اتصفت
  • مديرية الإعلام في حلب لـ سانا: معظم ما يصدر من إشاعات على هذا الاتفاق، مصدره قوى وجهات تريد تعكير الأجواء السياسية، وهي متضررة من حالة الاستقرار التي يهدف إلى تحقيقها هذا الاتفاق
  • «الخارجية الفلسطينية»: العالم خذل أطفال فلسطين في ظل صمته عن معاناتهم التي لا تنتهي
  • كتلة العصائب: معظم القوى السياسية تؤيد إبقاء قانون الانتخابات الحالي وعدم تغييره
  • العلامة فضل الله: منع الحجاب على شاشة تلفزيون لبنان يسيء إلى الأديان والتنوع
  • معنى حديث «والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا»، ونفي تحريضه على فعل الذنوب
  • الخصومة السياسية و(فجور) البعض..!!
  • عيد محور المقاومة الذي لا يشبه الأعياد