الجامعات الأميركية تتأهب لموسم جديد من الاحتجاجات
تاريخ النشر: 30th, August 2024 GMT
واشنطن– بدأت عودة الطلاب الأميركيين لجامعاتهم، حيث يكتمل بدء الفصل الدراسي الجديد (الخريف) في مختلف الولايات بعد عطلة عيد العمال يوم الاثنين المقبل. ويأتي ذلك بعد أشهر من اندلاع الاحتجاجات في جميع أنحاء الولايات المتحدة، بسبب العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، ودعم إدارة جو بايدن غير المشروط له.
وتحسبا لفصل دراسي ساخن مع اقتراب حلول الذكرى السنوية الأولى لطوفان الأقصى، إضافة للانتخابات الرئاسية التي تعقبها بشهر واحد، أدخل العديد من الجامعات قواعد جديدة حيز التنفيذ بالفعل، لتجنب ما شهده الحرم الجامعي من مظاهرات واعتصامات وبعض أعمال العنف في فصل الربيع الماضي.
ومع استمرار ضغوط الكونغرس ووزارة التعليم، إضافة للدعاوى القضائية التي رفعها الكثير من الطلاب والمنظمات اليهودية ضد ما يعتبرونه "بيئة معادية للطلاب اليهود"، تبنّت العديد من الجامعات إجراءات مشددة لمنع تكرار مشاهد واحتجاجات الربيع الماضي.
أصبح من المألوف وجود سيارات للشرطة داخل حرم جامعة جورج تاون (الجزيرة) إجراءات وقيود جديدةتهدف الإجراءات والسياسات الجديدة لفرض مزيد من السيطرة على كل ما يجري داخل الحرم الجامعي، وتشدد جامعات كثيرة وتفرض القيود على متى وأين يمكن أن تحدث الاحتجاجات، ومن بين أهم نماذج التضييق:
جامعة كولومبيا، التي استقالت رئيستها نعمت شفيق هذا الشهر، تبنّت نظاما جديدا يقيّد وصول غير الطلاب والضيوف إلى الحرم الجامعي. كما تم تخفيض عدد مداخل ومخارج الحرم الجامعي، مع عدم السماح لمن لا يحمل بطاقة طلاب الجامعة بالدخول إليها. جامعة جنوب فلوريدا تبنت سياسة تفرض الحصول على موافقة مسبقة لجميع الأنشطة المخطط لها، والتي تتضمن رفع لافتات، أو تعليقها، أو نصب خيام، أو استخدام مكبرات الصوت. جامعة كاليفورنيا حظرت استخدام الأقنعة لإخفاء الهوية، وحظرت سد الممرات ومنع دخول مباني الجامعة، كما حظرت أي نوع من مخيمات الاعتصام. جامعة "جورج واشنطن" علّقت أنشطة مجموعتي "طلاب من أجل العدالة في فلسطين" و"الصوت اليهودي من أجل السلام"، وهما من أهم المنظمات الطلابية المؤيدة للحق الفلسطيني.
صفقة مع الطلاب
من جانبهم، يعيد الكثير من الطلاب، ممن شاركوا في اعتصامات وتظاهرات الربيع الماضي، التفكير في تكتيكات وإستراتيجيات لمواجهة القيود الجديدة.
وكانت أجهزة الشرطة وأمن الجامعات قد ألقت القبض على أكثر من ألف طالب في مختلف الجامعات الأميركية، ووجهت لهم تهما جنائية تتعلق بإعاقة العملية التعليمية، وتدمير ممتلكات عامة، وعُوقب كثير من الطلاب بمنعهم من الدراسة لفصل دراسي أو أكثر. إلا أن أغلب الجامعات أسقطت التهم الجنائية، وتم تخفيض مستوى منع الطلاب من الدراسة إلى مستوى المراقبة.
كانت معظم الاحتجاجات الطلابية سلمية، لكن بعضها شهد اندلاع أعمال عنف وتعطيل الحياة الأكاديمية في الحرم الجامعي. وقال بعض الطلاب من المسلمين واليهود إنهم تعرضوا للترهيب أو المضايقة أو الاعتداء الجسدي.
في بعض الجامعات، عرض المدعون العامون على الطلاب صفقة تسقط بموجبها التهم الموجهة لهم إذا قبل "الطلاب المتهمون" شروطا معينة.
وفي جامعة جورج واشنطن بالعاصمة، أُبلغ الطلاب الذين يواجهون اتهامات جنائية بأنه سيتم إسقاطها إذا حدّوا من حركتهم في الحرم الجامعي خلال الأشهر الستة المقبلة، حسبما ذكرت صحيفة واشنطن بوست. ويعني ذلك السماح لأولئك الذين يقبلون الصفقة بالذهاب إلى تقييد حركتهم في الحرم الجامعي واقتصارها على مساكن الطلبة وفصولهم الدراسية.
جامعات حظرت الاعتصامات أو المبيت داخل حرمها (الجزيرة) تكتيكات جديدةوقال عدد من طلاب جامعة جورج واشنطن بالعاصمة الأميركية، للجزيرة نت، إنهم "يخططون للانطلاق بسرعة إلى بث الحماس في موجة جديدة من الاحتجاجات ضد الدعم الأميركي لإسرائيل في حرب الإبادة الجماعية التي تقترفها ضد المدنيين بقطاع غزة".
وقالت طالبة، فضلت عدم تصويرها أو ذكر اسمها، "ليس لدينا أي خطط للإبطاء، سنتحرك حينما تسمح الظروف لنا، وهذه الظروف نحددها نحن وليس المسؤولون الإداريون في الجامعات".
وأضافت الطالبة "لن نتوقف ولن يردعونا عن السعي للكشف عن الاستثمارات في شركات تصنيع الأسلحة وغيرها من الشركات التي تستفيد من الحرب في غزة، أو النظر في سحب استثمارات الجامعة من إسرائيل".
وقال طالب آخر من أصول عربية، للجزيرة نت، "لن نقوم بنسخ وتكرار محاولات الاعتصام في قلب الجامعة، وإغلاق مداخل ومخارج مركز الاعتصام كما فعلنا في الربيع، سنقوم بإجراءات وأنشطة جديدة نختارها في التوقيت السليم المناسب لنا. وسنفعل ما هو ضروري في سعينا لوقف هذه الإبادة الجماعية".
في الوقت نفسه، تحدث العديد من الطلاب عن مخاوفهم مما قد يتعرضون له حال مشاركتهم في أنشطة أو فعاليات احتجاجية داخل حرم الجامعات، وذكر آخرون أن حظر ارتداء الأقنعة، وهي وسيلة لجأ إليها الكثير من الطلاب المحتجين لإخفاء هويتهم، سيحدّ من قدرتهم على المشاركة الفعالة في أي احتجاجات جديدة.
من جهتها، استغلت منظمة "رابطة مكافحة التشهير"، إحدى أهم المنظمات اليهودية الأميركية المؤيدة لإسرائيل، بدء الموسم الدراسي لجمع المزيد من التبرعات، وقالت المنظمة في رسالة لأنصارها ومتابعيها، ووصلت للجزيرة نت، "إنه وقت مخيف أن تكون طالبا يهوديا".
وقالت المنظمة إن الطلاب اليهود ينبغي أن يشعروا بالأمان والدعم في الحرم الجامعي، ولا يجب إخضاعهم لخطاب معادٍ للسامية. كما أطلقت المنظمة حملة "ليس في الحرم الجامعي الخاص بي" لتمكين الطلاب وأولياء الأمور والخريجين من الدعوة إلى التغيير، وتحديد الإجراءات التي يمكن للمدارس اتخاذها لتنفيذ معايير السلامة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات فی الحرم الجامعی من الطلاب
إقرأ أيضاً:
خبير عسكري: صواريخ أتاكمز الأميركية ستنفجر بوجه واشنطن
دخلت الحرب الروسية الأوكرانية مرحلة بالغة الخطورة من التصعيد بعد استخدام أوكرانيا للصواريخ بعيدة المدى التي حصلت عليها من الولايات المتحدة وبريطانيا لضرب أهداف في العمق الروسي، في وقت عدّلت فيه موسكو عقيدتها النووية بما يسمح لها باستخدام ترسانتها النووية ردا على أي هجوم كبير بأسلحة تقليدية.
واضطرت الولايات المتحدة أمس إلى إغلاق سفارتها في العاصمة الأوكرانية كييف وطالبت كل العاملين فيها بالدخول إلى الملاجئ عند سماع صافرات الإنذار، في ظل المخاوف من هجوم روسي ضخم على كييف، واستهداف مبان أميركية ردا على سماح واشنطن لكييف باستخدام الصواريخ بعيدة المدى أتاكمز.
وفي تحليل نشرته مجلة ناشيونال إنترست الأميركية، قال دانيال إل. ديفيز، الخبير العسكري في مؤسسة أولويات الدفاع والضابط السابق في الجيش الأميركي إنه من غير الواضح السبب الذي دفع الرئيس جو بايدن، في هذه المرحلة المتأخرة من الحرب وفي اللحظة الأخيرة من رئاسته، للقيام بإجراء يحمل في طياته مخاطر تصعيد الحرب بشكل كبير.
خطر كبيرومن الواضح جدا -وفق ديفيز- أن هذا القرار يمثل خطرا كبيرا وغير ضروري على الولايات المتحدة، في حين يزيد احتمالات هزيمة أوكرانيا، وليس العكس.
في المقابل، هناك شخصيات معروفة في واشنطن أشادت بقرار بايدن، فقد خرج الجنرالات السابقون جاك كين وباري ماكافري وويسلي كلارك لدعم قرار الرئيس، في حين انتقد كين وجود قيود كثيرة جدا على استخدام الصواريخ الأميركية في أوكرانيا.
ويرى ديفيز أن هؤلاء الجنرالات قدّموا نصائح كارثية على شاشات التلفزيون طيلة هذا الصراع، مشيرا إلى أنه في سبتمبر/أيلول العام الماضي، عندما تم الكشف عن فشل هجوم الصيف الأوكراني، أعلن الجنرال ديفيد بتريوس أن أوكرانيا لا تزال قادرة على التسبب في "انهيار" الدفاعات الروسية.
أما ديفيز فكتب قبل أشهر من بدء هجوم الصيف أن أساسيات الحرب أظهرت أن أوكرانيا ليس لديها أي فرصة تقريبا للنجاح.
ويقول ديفيز إنه في يوليو/تموز 2023 وبعد شهر واحد من بدء هجوم الصيف الأوكراني وشهرين من ادعاء بتريوس بأن قوات الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي مازالت قادرة على تحطيم الدفاعات الروسية، كتب مقالا قال فيه إنه من الواضح أن الهجوم قد فشل.
وأضاف حينها أن المسار الأكثر حكمة وعقلانية وأخلاقية لكييف والغرب هو "السعي إلى تسوية تفاوضية تحافظ على أكبر قدر ممكن من الحرية والأراضي لكييف، وأن إنهاء الحرب من شأنه أن يوقف مسلسل القتل والإصابة لعشرات الآلاف من المقاتلين الشجعان والأبطال في أوكرانيا الذين ستحتاجهم كييف لإعادة بناء بلادهم بمجرد انتهاء الحرب".
ويقول ديفيز إن هذا يكشف حقيقة الموقف الصعب للقوات الأوكرانية سواء قبل الهجوم أو أثناءه أو بعده.
ومع ذلك، تجاهل كبار الجنرالات في الولايات المتحدة هذه الحقيقة، ونصحوا الحكومات الغربية بمواصلة الحرب، وهو ما أدى إلى مقتل آلاف الأوكرانيين الذين كان يمكن أن يظلوا على قيد الحياة لو اعترف بايدن بالحقائق العسكرية الأساسية في صيف عام 2023 وسعى إلى تسوية تفاوضية للحرب.
ويضيف ديفيز أن الحقيقة اليوم أشد وضوحا، فعدد الصواريخ بعيدة المدى التي تمنحها واشنطن لأوكرانيا لن يغير في الأمر شيئا، فهذه الصواريخ لا تستطيع وحدها تغيير ديناميكية ساحة المعركة، تماما مثل الدخول السابق للدبابات الغربية وناقلات الجنود المدرعة وقطع المدفعية وأسلحة الدفاع الجوي وأنظمة هيمارس، أو حتى طائرات إف16المقاتلة إلى المعركة.
الحقيقة الوحيدةويضيف "لقد خسرت كييف الحرب، وهذه هي الحقيقة الوحيدة والاستمرار في تجاهل الواقع -والاستماع إلى الجنرالات- سيزيد التكلفة النهائية لخسارة الحرب بالنسبة لأوكرانيا. ومع ذلك، فإن ما يفعله بايدن الآن أسوأ لأنه يخاطر بتوسيع الحرب، مما قد يجر الولايات المتحدة إلى صراع مباشر مع روسيا".
وتؤكد المجلة أن روسيا كانت واضحة في تصريحاتها بأن إدخال صواريخ بعيدة المدى أميركية أو غربية في الحرب ضد روسيا يمثل انخراطا مباشرا للغرب ضد روسيا ويفرض عليها "ردا".
ووفقا لتقارير إخبارية، فقد وقعت مثل هذه الهجمات الآن، وربما كان هذا هو السبب وراء إخلاء الولايات المتحدة لسفارتها أمس، خوفا من أن تنفّذ روسيا تهديدها، فتنفجر صواريخ أتاكمز الأميركية التي أطلقتها أوكرانيا على روسيا في وجه الولايات المتحدة.
ويقول ديفيز إن المخاطرة بتوسيع الحرب من خلال السماح باستخدام الأسلحة الأميركية بعيدة المدى ضد روسيا تمثل مجازفة متهورة إلى أقصى حد، خاصة وأن هذا لا يحقق أي فائدة عسكرية لأوكرانيا، بل يمثل خطرا إستراتيجيا كبيرا يتمثل في احتمال تورط واشنطن في الحرب.