الردّ الإيرانيّ على إسرائيل اقترب... هل سيتأثّر لبنان بهذا الهجوم؟
تاريخ النشر: 30th, August 2024 GMT
تترقّب الجبهة الجنوبيّة الردّ الإيرانيّ على إسرائيل اثر اغتيال رئيس المكتب السياسيّ لحركة "حماس"اسماعيل هنية في طهران، وسط حديث العديد من التقارير أنّ هذا "الإنتقام" اقترب، وسيُنفّذ خلال أيّام قليلة. وفي الوقت الذي أراح الهجوم الذي شنّه "حزب الله" يوم الأحد الماضي الداخل اللبنانيّ، غير أنّه لا يزال هناك خشية من أنّ تتأثّر البلاد بما سيُقدم عليه الحرس الثوريّ قريباً، وخصوصاً من ناحية تطوّر حدّة المعارك أو توسّع الحرب.
وفي هذا السياق، يجب التركيز على نقطة أساسيّة وهي أنّ إيران تُشدّد على أنّها لن تكون البادئة في الحرب، كما أنّ الأمين العامّ لـ"حزب الله" حسن نصرالله أشار إلى رغبته بإبعاد طهران وسوريا عن المُشاركة في المعارك بشكل مباشر أو عن الحرب إذا وقعت. وبحسب التوقّعات الغربيّة والتصاريح الإيرانيّة، فمن المُرجّح أنّ يأتي الردّ الإيرانيّ على إسرائيل مُشابهاً لـ13 نيسان الماضي، بحيث أنّ الصواريخ والمسيّرات أُسقِطت بأغلبيتها، ولم تكن تستهدف المدنيين وإنّما القواعد والمواقع العسكريّة في تل أبيب، وهو ما تتفهّمه إسرائيل جيّداً وتضعه ضمن "قواعد الإشتباك" أو "الردّ المدروس".
وفي حال كان ردّ إيران محدوداً كما هو مُتوقّعٌ، فإنّ جبهة جنوب لبنان ستبقى مُساندة لغزة ولن تتأثّر بما ستقوم به طهران، وسيظّل "حزب الله" والعدوّ الإسرائيليّ يتبادلان القصف اليوميّ الذي بدأ في 8 تشرين الأوّل. أمّا إذا أصاب الحرس الثوريّ هدفاً كبيراً استدعى ردّاً مُعاكساً من تل أبيب وتسبّب بفتح باب الردّ المتبادل من كلا الجانبين وصولاً إلى إقحام إيران في النزاع الفلسطينيّ – الإسرائيليّ، فإنّ "المُقاومة الإسلاميّة" في لبنان ستجد نفسها مضطرة لدعم طهران وستُشارك من دون شكّ في إسنادها كونها الراعي الأوّل "لمحور المُقاومة" ماليّاً وعسكريّاً.
والسبب الذي يدعو إلى الحديث عن إمكانيّة توسّع الحرب لتطال إيران، هو رغبة حكومة بنيامين نتنياهو بإقحام طهران في النزاع لجرّ الولايات المتّحدة إلى الحرب ومُساعدتها في القضاء على التهديد الذي يُشكّله "محور المُقاومة" عليها من عدّة بلدان. في المقابل، فإنّ الديبلوماسيّة الأميركيّة لا تزال تعمل بقوّة كيّ يكون الردّ الإيرانيّ محدوداً ومُبسطاً بالتزامن مع الضغط على تل أبيب لضبط النفس وعدم توسيع الحرب، مع اقتراب موعد الإنتخابات الرئاسيّة والمُنافسة الحامية بين المعسكريين الديمقراطيّ والجمهوريّ، وخسارة الرئيس جو بايدن ونائبته كامالا هاريس المرشّحة للإنتخابات دعم الناخبين العرب المُؤيّدين للقضيّة الفلسطينيّة والداعين إلى وقف إطلاق النار في غزة.
اما الخيار الثاني فيبقى مستبعداً لأنّ الجولة الأولى من المُواجهة بين إيران وإسرائيل التي حدثت على اثر استهداف القنصليّة الإيرانيّة في دمشق، وقيام طهران بشنّ "هجوم 13 نيسان" وردّ تل أبيب بشكل محدود أيضاً، أثبتت أنّهما لا يريدان الحرب. وبما يتعلّق بالوضع الأمنيّ على الجبهة الجنوبيّة، فإنّه سيبقى على ما هو عليه مع خروج المعارك في بعض الأحيان عن السيطرة وتوسيع رقعة القصف، وستبقى طهران تُدير الحرب عبر وكلائها في المنطقة وعلى رأسهم "حزب الله" لدفع حكومة نتنياهو إلى وقف إطلاق النار نهائيّاً وعدم تطيير المُفاوضات التي تجري في الدوحة وفي القاهرة برعاية أميركيّة.
المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: حزب الله تل أبیب
إقرأ أيضاً:
حين يُستهدف الرأس: إيران ومصير مشروع المقاومة
7 أبريل، 2025
بغداد/المسلة: علي قاسم ممتاز
لم تعد إيران اليوم مجرد دولة تُواجه بسبب برنامجها النووي أو صواريخها الباليستية، بل باتت تمثل مشروعًا إقليميًا متكاملًا، تنظر إليه واشنطن وتل أبيب وبعض العواصم العربية باعتباره التهديد الأكبر لتوازنات الشرق الأوسط. الصراع لم يعد تقنيًا أو أمنيًا، بل أصبح سياسيًا-استراتيجيًا، تدور رحاه بين مشروعين: مشروع أميركي-إسرائيلي جديد يسعى لإعادة هندسة المنطقة، وآخر تتزعمه إيران من خلال شبكاتها الإقليمية
من الأطراف إلى الرأس: تحوّل في قواعد المواجهة
على مدى سنوات، اعتمدت الاستراتيجية الغربية على تحجيم نفوذ إيران من خلال استهداف وكلائها الإقليميين، إلا أن النتائج بقيت محدودة. فشلت اسرائيل في القضاء على حزب الله وحماس ، وتنامي قدرات الفصائل في العراق واليمن، دفع واشنطن إلى مراجعة هذا النهج. بدأت تتبلور مقاربة جديدة: ضرب الرأس بدلًا من الذراع، أي استهداف إيران مباشرة كمركز لهذا المشروع.
من هذا المنطلق، فإن أي عمل عسكري ضد إيران لن يُقرأ داخل محور المقاومة على أنه ضربة تكتيكية، بل محاولة ممنهجة لإنهاء مشروع وجودي. وبالتالي، فإن الردّ المتوقع سيكون على مستوى الإقليم بأكمله، انطلاقًا من اليمن والعراق ولبنان، باعتبار أن سقوط إيران يُنذر بانهيار المنظومة كلها كما أن العهد القائم بين إيران وهذه الفصائل، لم يعد مجرد دعم سياسي أو لوجستي، بل هو تحالف وجودي قائم على مبدأ “الوحدة في المصير”. أي ضربة توجه إلى إيران، لن تُعتبر عدواناً على دولة فقط، بل على محور كامل، ما يستدعي تدخلاً مباشراً من جميع فصائل هذا المحور.
العقيدة الأميركية: السلام في ظل القوة
الولايات المتحدة، لاسيما في عهد الرئيس دونالد ترامب، تبنّت مبدأ “السلام في ظل القوة” كركيزة لسياستها الخارجية. هذا المبدأ يقوم على أن الاستقرار لا يتحقق من خلال التفاهمات، بل من خلال استعراض القوة وفرضها عند الضرورة. وعليه، فإن تصاعد الخطاب التصعيدي تجاه إيران، بما في ذلك العقوبات القصوى والتهديد بالخيار العسكري، يُمكن فهمه ضمن هذه المقاربة التي تفضل فرض الشروط من موقع الهيمنة، وليس عبر التفاوض المتكافئ.
ضرب إيران: إشعال للمنطقة وتهديد للنظام العالمي
إذا تعرضت إيران لضربة عسكرية، فإن تداعياتها لن تكون محصورة في الجغرافيا الإيرانية. بل إن الرد سيكون على شكل تصعيد شامل يشمل قواعد أميركية في الخليج، ومصالح إسرائيلية، وهجمات منسقة من قبل حزب الله في الشمال، والفصائل العراقية واليمنية في العمق الإقليمي. الحرب ستكون إقليمية، وقد تتطور لتصبح عالمية.
النفط والقواعد: مفاتيح الرد الإيراني
أي رد إيراني لن يكون عشوائياً. من المرجح أن ترد طهران باستهداف حقول النفط في الخليج، ما يعني إشعال أسعار الطاقة عالمياً، والدفع باتجاه أزمة اقتصادية شاملة. كما أن القواعد العسكرية الأميركية المنتشرة في العراق وسوريا ودول الخليج ستكون أهدافاً محتملة، ما يفتح الباب أمام دخول أطراف دولية إضافية في الصراع.
روسيا والصين: مراقبون أم شركاء؟
في حال تطورت الأمور إلى مواجهة شاملة، فإن الموقفين الروسي والصيني سيكونان بالغَي الأهمية. روسيا، المنهكة من حرب استنزاف طويلة مع الناتو في أوكرانيا، قد ترى في سقوط إيران تمهيدًا لاستهدافها لاحقًا. أما الصين، المرتبطة بإيران عبر مبادرة الاتفاقية الاقتصادية والعقود النفطية، فلن تكون بمنأى عن التداعيات الاقتصادية والاستراتيجية.
يبقى السؤال: هل ستكتفي موسكو وبكين بلعب دور الوسيط، أم أنهما سترى المساس بإيران تهديدًا مباشرًا لمصالحهما، يستدعي تدخلًا فاعلًا أو تصعيدًا مضادًا
المشروع يتجاوز الجغرافيا
في ضوء كل ما تقدم، يتبيّن أن استهداف إيران ليس مجرد عمل عسكري محتمل، بل يمثل لحظة فارقة في تاريخ التوازنات الإقليمية والدولية. إن إقدام واشنطن على ضرب إيران لن يُنظر إليه كحدث معزول، بل كإعلان صريح بفشل الحلول الجزئية، والتوجه نحو تصفية المشروع من جذوره.
لكن مثل هذا القرار لا يمكن اتخاذه بمعزل عن كلفته، ليس فقط العسكرية، بل السياسية والاقتصادية والإنسانية، سواء على مستوى المنطقة أو على مستوى النظام الدولي ككل
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post AuthorSee author's posts