سودانايل:
2024-11-02@10:34:04 GMT

‎وان ماتت عشة فستظل عائشة الي ابد الابدين

تاريخ النشر: 30th, August 2024 GMT

‎د. حافظ عباس قاسم

كعادته كعادتها وفي صمت ومن غير ضوضاء غادرت دنيانا قبل عدة ايام عشة احمد الشيخ الشفيع . ولرحمته اراد لها الله ان تعود الي شندي بسبب الحرب لتموت فيها ولتدفن بالقرب من والديها بعد ان عاشت في الخرطوم سنينا عددا ، ولحكمته اراد لها ان تتشهد موت جميع اخوانها واخواتها الاكبر منها والاصغر الله ليسبقوها وليكونوا في حفظ الله ورعايته .

ولتلحق بهم فيما بعد . ولما ناداها المنادي صعدت الي بارئها راضية مرضية روح السمحة والمتسامحة وذات الوجه البشوش والقلب الطيب والنفس النقية والروح المطمئنة
. اول شئ عرفته عنها انها كانت اول من يصحو في البيت واخر من ينوم . وانها في صحوها كانت كما النحلة في حالة عمل دائم وحركة دؤوبة . وحتي في نومها فقد كان ما بين النوم والصحيان وفي حالة يقظة وترقب . لانها قد اعتادت ان تكون دوما في حالة استعداد لمقابلة الطوارئ والقيام بالواجب . وانها كانت كما الفراشة تطوف وتحط علي الازهار جميعها دون فرز او تمييز ولا تستثني حتي ذات الاشواك والتي من المحتمل ان تخدشها بشوكها . الشى الذي يعني انها كانت متصالحة مع نفسها ومع الاخرين .
والله علي ما اقول شهيد انني لم ارها في حياتها ولو بالصدفة او للحظة في حالة غضب من احد او ضجر من امر او تعب من العمل او اعياء من الخدمة . واشهد طيلة السنوات التي عشتها معها وقضيتها بالقرب منها ، انني لم ارها شاكية من احد او امر او غاضبة من شخص او شئ او حتي متوعكة من علة او مرض او لازمة للعنقريب بسب الاجهاد و التعب او الاعياء و المرض .وتفسير ذلك بالنسبة لي ان الله قد خصها بخصائص للتعامل مع مخلوقاته من الحيوان والبشر والحجروالشجر وانه قد سخرها لخدمة الناس والجار ذي القربي والجار الجنب، وانها تحمل من خصائص الملائكة اكثر من خصال البشر .
وهي وان كانت قليلة الكلام وشحيحة في كلماتها ، الا انه و في تكامل كل من صمتها ورشاقة حركتها وهمتها الكثير ، من الكلام والمعاني .
ولكانها تقول البيان بالعمل وما بالنضم .

كانت تتميز بالوجه الصبوح والابتسامة الدائمة وكانت ملائكية الوجه والروح وحسنة السيرة والسريرة . وبالرغم انني لم ارتبط بها بعلاقات الدم ووشائج القربي ،او انها كانت قد تعهدت اخي الاصغر ابن اختها المرحومة بالعناية وهو رضيع وتربيتهم هو واخوهو واخواته حتي كبروا ، الانني كنت اشعر دائما ان بيننا احاسيس ومشاعر عميقة وقوية وان علاقتي بها هي من النوع الخاص والغامض حتي بالنسبة لي ، والي درجة انني لا استطيع ان اصورها او اصفها او ان اعبر عنها بالكتابة او الكلمات ، لانها لم تكن علاقة بين الابدان والاجساد ولكن علاقة في الدواخل و بين الارواح ، ومن ثم لا ولن يمكن للشخص ان يدرك او يعرف كنهها .
‎وللحقيقة ان قلبها كان دائما وابدا دليلها وهاديها . وصحيح انه لم ينالها اي حظ من التعليم وذلك انها ومنذ الصغر قد سخرت للعمل المنزلي ، وكرست كل وقتها وجهدها وحياتها لخدمة اهل البيت وضيوفه وما اكثرهم ( بالمناسبة ابواب بيتهم كانت دائما وابدا مفتوحة علي مصراعيها ليلا ونهارا للغاشي والداني . وبه مضيفةللقادمين من الاقاليم ممن ياتون لقضاء حوائجهم لدي مؤسسات الحكومة وفي مركز شندي .، وايضا به غرفة لايواء طلاب المناطق المجاورة لمن لم يحظو بالسكن الداخلي في مدارس المدينة ) . والحق يقال نها كانت فقيرة الي ربها وفي نفسها وانها لم تشغل نفسها في يوم من الايام بما اعتاد عليه عموم الناس خاصة النميمة والقطيعة والتسلط والتنمر ، اوببهرج ااو زينة الحياة الدنيا

لان المثل السوداني يقول ان داير تشوف فاطنة في البيت فشوف محمد في السوق . فانت ان اردت ان تعرف شيئا عن عشة وشخصيتها وعلاقتها بالبشر ، فلك صورة محورة منها في شقيقها الشفيع وفي سيرته سوي في ورش عطبرة وساحات العمل السياسي والنضالي او في مجالات التعامل الانساني . . وكما استشهد شقيقهامن اجل الحقوق والوطن والكادحين فقد كانت عشة شهيدة الواجب وخدمة الناس والعمل التطوعي والانساني ، فقد كانت تعمل من غير من ولا اذي ، وان حياتها كلها حياتها كانت تجردا ونكران ذات . هذا وان كانت ( عاش الشعب وعاشت الطبقة العاملة ) هي اخر الكلمات علي لسان الشفيع وهو في طريقه الي المشنقة فان حبه لعشة وحسرته علي فراقها قد كانت هي اخر احاسيسه ومشاعره وروحه تصعد الي بارئها ، وذلك لانني اعرف ان حبه لها كان يشغل حيزا كبيرا في قلبه ، واكاد اجزم ان مساحته كانت اكبر من المساحة المخصصة لزوجته العظيمة وولده الوحيد .اما هي وفي عميق اعماقها وهي في طريقها لملاقاة ربها كانت واثقة جدا من ان الله لا يضيع اجر من احسن عملا .
‎وانا هنا وفي وداعك اهديك هذه الكلمات النابعة من صميم القلب والفؤاد وهي كل ما يمكنني ان امنحه لك وانت الان في دنياك الباقية .هذا وان غيبك الموت جسدا فستكونين دائما حاضرة في قلوب من احبوك وقدروك وعرفوك ، وان بكوك بالدموع وودعوك بالنواح والعويل ، فانا وفي خلوتي ساودعك وفي صمت بالصلاة والابتهال والدعاء ، وانني اشعر بان شرخا قد اصاب روحي وان شيئا عزيزا .قد انتزع مني وفراغا كبيرا يخيم علي قلبي وعلي نفسي ويخنقني.
وبالرغم من اننا محزونون لفراقك الا انه يمكن ان نجد بعض المواساة في كلمات شاعر الشعب مححوب شريف مع بعض التحوير ( الموت (ماهو  الموت .والناس هي اللي بتقرر من الميت ومين الحي ))

واخيرا ولانها كانت شخصية غير عادية وانسانة فريدة ، و فيها من الخصائل والصفات مما يقربها من الفقرا والصالحين فسيضحي قبرها ضريحا للمريدين وللمقيمين ومزارا للقادمين والغادين والرايحين والجايين اما في الختام فنسالك اللهم وعشة بت احمد افندي الشيخ والتي لا نزكيها لك ، هي الان بين يديك ، ان تصلي وتبارك عليها . ونسالك ان تكرم مثواها بقدر ما اعطت للاهل والجيران والناس وبقدر ما كانت طيبة المعشر ، وحسنة السيرة والسريرة ، و نسالك اللهم ان توسع مرقدها ، وتانس وحدتها وتنقلها من ظلمات اللحد الي مراتع النور ، وان تغفر لها وترحمها وان تشملها برحمنك يا ارحم الراحمين ،وان تسكنها فسيح جناتك مع الشهداء والصديقين وحسن اولئك رفيقا .وان تلهمنا الصبر والسلوان وان بعدها .وانا لله وانا اليه راجعون

hafizgasim@yahoo.co.uk  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: انها کانت فی حالة

إقرأ أيضاً:

اللافي: زيارتي إلى مدينة يفرن كانت مثمرة

رأى النائب بالمجلس الرئاسي، عبد الله اللافي، أن زيارته إلى مدينة يفرن كانت مثمرة.

وقال اللافي في منشور عبر «فيسبوك»: “أدينا زيارة مثمرة إلى مدينة يفرن، بحثنا خلالها الأوضاع العامة في المدينة، ولاسيما الوضع الأمني، في ظل التوترات التي شهدتها خلال الأيام الماضية، حيث التقينا عميد البلدية وعدد من عمداء بلديات المنطقة، وعدد من أعيان وحكماء المدينة بمختلف مكوناتها، بحضور معاون رئيس الأركان العامة، وعدد من المسؤولين العسكريين والأمنيين بالمدينة”.

وأضاف “قد أكدنا على إنهاء المظاهر المسلحة، والإفراج عن الموقوفين، والتنسيق بين الجهات الأمنية والعسكرية، لإنهاء حالة التوتر بما يعزز الحفاظ على النسيج الاجتماعي، إن الدور الذي قامت به كافة المكونات بمدينة يفرن في الحفاظ على السلم الأهلي يستحق الثناء والتقدير، لقد أثبتوا أنهم أهل للكفاءة والمسؤولية، وأنهم قادرون على تجاوز أي تحدٍ يواجههم، وهم بالفعل مثال يحتذى به في الوحدة والتآخي”.

الوسوماللافي ليبيا يفرن

مقالات مشابهة

  • البلد كلها حزينة عليها..عروسة المنوفية بيصحوها لقوها ماتت
  • نوستالجيا.. كيف كانت السينما في زمن يوسف شاهين؟
  • 5 مشتبه بهم في قضية وفاة فتاة في تعز: هل كانت جريمة عمد أم حادث مأساوي؟
  • نتنياهو يٌنهي حالة التفاؤل في غزة ولبنان بقرب التوصل لوقف إطلاق نار
  • شاب عشريني ذهب إلى تركيا لزراعة الشعر.. وبعد الانتهاء من العملية كانت المفاجأة الصادمة (صورة)
  • عمان بالجامعة العربية: الأونروا كانت هدف عمليات القصف الإعلامي والسياسي الإسرائيلي
  • اللافي: زيارتي إلى مدينة يفرن كانت مثمرة
  • نعيم قاسم:  مساندة غزة كانت واجباً علينا وسنستمر في تنفيذ خطة الحرب
  • كشف الستار عن حالة ظَفَارِ للشيخ عيسى الطائي قاضي قضاة مسقط (26)
  • برنامجي متابعة نهج نصرالله.. قاسم: النوايا الإسرائيلية باجتياح لبنان كانت موجودة قبل 7 تشرين الأول