مذكرات مغترب في دول الخليج العربي
تاريخ النشر: 30th, August 2024 GMT
محمد الشريف
m.omeralshrif114@gmail.com
(١ )
كانَ الاغترابُ مٍن السُّودان في نهاية السَّبعينات وبدايةِ الثَّمانينات مِن القَرنِ الماضي من أجْلِ العمل وتحسينِ الوَضعِ المَعيشي للأفرادِ والأُسَرِ مُقتصِراٌ على دُوَلِ الخَليج. وكانَ للمَملكةِ العَربيةِ السَّعودية نصيبُ الأسَد من مُغترِبي السُّودان ، وكانَ لخِرِّيجي كُليَّة التَرْبيةِ جَامِعة الخُرطُومِ الحظُّ الأَوفَرُ من التَعَاقُد مع وَزارَة المَعارِف السعودية آنذاك.
وخاصَةً في المرحلتين المُتوسِّطة والثانَوية من التَعلِيم العام والخاص .
ولمَّا كانَ قد سَبَقنا إلى الاغْترابِ زُملاءٌ من الدُّفعات ٧٩ ، ٨٠ ، ٨١ خريجي كلية التربية جامعة الخرطوم، فقد كُنَّا نَرَى آثارَ النِّعمةِ على أولئكَ النَّفَر من الزُمَلاء الأسَاتِذة الذِين تكَرَّمُوا بِتَسجيلِ زِيارةٍ إلى الكُليَّة في أم درمان خِلال اجازاتِهِم الصَّيفية وعَوْدتِهم من السعودية أو غيرِها من دُوَّلِ الخليج .
فقدْ كُنْتَ تَرى سيارةَ أحَدِهم تقفُ أمامَ داخِليةٍ مُعَيَّنةٍ وصاحِبُها الأسْتاذُ فُلان في زيارةٍ لأصدقائه. كُنتُ أسكنُ في الطابِق الثالثِ من داخلية " بابكر " وأُطِلُّ من " البلكونة " على منظرِ السَّيارة وأعْجَبُ أيَمَّا إعجابٍ لهذا الاغترابِ الذي يُتيح للمُعلِّم انْ يَقْتَنيَ سيارةً فخمةً من أوَّل عامٍ هاجرَ فيه واغْترَب!!!
سألتُ صدَيقي العَزيز عُمَر جُدُودو _ وقدْ كُنَّا نَسْكُنُ مَعاً _وقدْ اطَلَّ مَعي عَلَى مَنْظَرِ السَّيارةِ أسْفَل العِمارة : " يعني الواحد ممكن يكون عنده عربية زي دي من أول سنة؟ " فكانتْ إجابتُه:" يا شريف كَدي لمَن نتخرج " ! وهكذا كانتْ تطَلُّعاتُنا كبيرةً من قبلِ انْ تَنْضجَ الثِّمار ! ولمْ تكُنْ وَقْفَاً على اقْتناءِ سيارةٍ بلْ كانتْ تشْملُ تحسينَ الظُّروفِ المَعِيشيَّةِ للأُسْرةِ/ العائلة التي صَبرتْ على تَعلِيمِنا كُلَّ تِلكَ السِّنين والأهَّمُّ في هذا التَّحسينِ بِناءُ بَيتٍ أو تَحْسينُ البيت القَديمِ والانفاقُ على مَنْ هُمْ في المَرَاحِل الدِّراسِّية المُختلِفة من البنينَ والبناتِ وخاصَّةً إذا كنتَ أنتَ كَبِيرَ القَومِ أوْ كُنتَ أوَّلَ مَنْ يَقْبضُ رَاتِباً شَهْرِّياً في العَائِلة .
محمد عمر الشريف عبد الوهاب
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
رائد الموسيقى في مصر والعالم العربي.. ذكرى رحيل فنان الشعب سيد درويش
تحل اليوم الذكرى السنوية لرحيل فنان الشعب والموسيقار العظيم سيد درويش، الذي يعتبر من أبرز الشخصيات التي غيرت مسار الموسيقى في مصر والوطن العربي.
عرف سيد درويش بقدرته الفائقة على التعبير عن مشاعر الناس وهمومهم من خلال ألحانه وكلماته التي مازالت تتردد في الأذهان وتؤثر في النفوس حتى اليوم.
تمتع بقدرة غير مسبوقة على التقاط روح العصر والتعبير عنها بأسلوب مبتكر، ليُعد واحداً من المجددين في الموسيقى المصرية والعربية.
أهم المعلومات عن فنان الشعب سيد درويشمولده ونشأتهوُلد سيد درويش في 17 مارس عام 1892 في مدينة الإسكندرية، حيث نشأ في بيئة موسيقية أثرت في توجهاته الفنية منذ الصغر. كان يُعتبر فنانًا متنوعًا ومجددًا، وقد أظهر ميولًا فنية منذ سن مبكرة، حيث تأثر بألحان كبار المنشدين مثل الشيخ سلامة حجازي وحسن الأزهرى، وكان يتفوق في فن الإنشاد بين أقرانه.
البداية في المعهد الديني وتطوير موهبتهفي عام 1905، التحق سيد درويش بالمعهد الديني في الإسكندرية، ولكن لم يُخفي حبه للغناء، حيث كان يقضي وقتًا في المقاهي يستمع للألحان ويُغني للجمهور. هذا الحب للموسيقى دفعه لمواصلة دراسته وتحسين موهبته في هذا المجال.
الزواج والانتقال إلى الشامتزوج سيد درويش في سن الـ16 عامًا، وهو في مقتبل شبابه، وكان هذا الزواج خطوة نحو الاستقرار الشخصي الذي ساعده في تطوير مسيرته الفنية. في عام 1908، سافر إلى الشام ليكمل دراسته الموسيقية وتعلم المزيد عن فنون الموسيقى الشرقية والغربية، قبل أن يعود إلى مصر في عام 1912 حيث بدأت موهبته تتبلور بشكل أكبر.
التدريب على العزف والكتابةأثناء تواجده في الشام، بدأ سيد درويش بتعلم العزف على آلة العود وكتابة الألحان على التونة (الوزن الموسيقي) مما جعله يتقن العزف على الآلة الموسيقية التي كانت محورية في مسيرته.
أول لحن وتعاونات فنيةفي عام 1917، لحن سيد درويش أول قطعة موسيقية له، ليبدأ في خطواته الأولى نحو التأثير على الساحة الموسيقية المصرية. كما بدأ في العمل مع الفرق المسرحية الكبرى في مصر، حيث لحن للعديد من الفرق الشهيرة مثل فرقة نجيب الريحاني وعلي الكسار، وتعاون مع الكاتب المسرحي الكبير بديع خيري. شكل الثنائي درويش وخيري تعاونًا فنيًا قدم العديد من الأعمال المسرحية المميزة التي تجسدت في أوبريتات ما زالت تُعتبر جزءًا من التراث الفني المصري.
ابتكار وصناعة التغيير في الموسيقىكان سيد درويش رائدًا في إدخال أساليب موسيقية جديدة في مصر والعالم العربي، حيث قدم الغناء البوليفوني (الذي يعتمد على تعدد الأصوات) في أوبريت "العشرة الطيبة" و"شهرزاد والبروكة". هذا النوع من الغناء لم يكن سائدًا في مصر وقتها، ولكن مع إدخاله أصبح أحد الأساليب التي أثرت في شكل الموسيقى المصرية والعربية الحديثة.
أول حفل في القاهرة وتلحين النشيد الوطني
أقام سيد درويش أول حفل موسيقي له في القاهرة في قاعة "الكونكورديا"، حيث حضر الحفل العديد من الفنانين والموسيقيين المهتمين بما يقدمه.
وكان سيد درويش قد لحن أيضًا النشيد الوطني المصري "بلادي بلادي"، الذي أصبح جزءًا لا يتجزأ من هوية مصر الوطنية، ليعكس حب الوطن وافتخار الشعب المصري.
الرحيل المبكر: 31 عامًا من العطاءرحل سيد درويش عن عالمنا في 10 سبتمبر 1923، عن عمر يناهز 31 عامًا، ولكن إرثه الفني مازال حيًا في قلوب المصريين والعرب.