سودانايل:
2025-03-10@13:36:25 GMT

السودان: 500 يوم من الصمود في وجه الحرب والإرهاب

تاريخ النشر: 30th, August 2024 GMT

hussainomer183@gmail.com

بقلم/ حسين بَقَيرة

يمر السودان بمرحلة تاريخية دقيقة وفريدة، حيث يعاني الشعب السوداني من صراع وجودي لم تشهده أي دولة أخرى في العصر الحديث. يتجلى هذا الصراع من أجل البقاء على قيد الحياة في كل زاوية من السودان، ويتجسد فيه بسالة وصمود وشجاعة الشعب في مواجهة تحديات مستحيلة فرضتها الحرب المستمرة، خاصة مع الهجمات البربرية المتواصلة من قبل مليشيا الجنجويد الإرهابية.



في هذه الحرب، التي زُجّ فيها البلاد بسبب سياسات قاصرة من بعض القادة الذين صمموا ما عُرف بالاتفاق الإطاري، تمر السودان اليوم بـ500 يوم من العذاب المدمر الذي لم يترك شيئًا إلا وقضى عليه. التهمت النيران الأخضر واليابس على يد مليشيات الجنجويد، المعروفة باسم "مليشيا الدعم السريع الإرهابية"، والتي دنست أرض السودان الطاهرة بجرائمها الوحشية.

لولا فضل الله وصمود وإيمان الشعب السوداني بوطنه، لكان السودان قد انهار واندثر. يعيش الشعب السوداني عامةً، وخاصة النازحين في معسكرات النزوح، في ظروف إنسانية غاية في الخطورة، تسببت فيها مليشيا الإرهاب هذه وعملاؤها. لقد تخطت الكارثة الإنسانية كل الحدود، والسبب الأساسي وراء هذه المأساة هو السعي لإقامة "دولة العطاوة" من قبل القاتل الدموي حميدتي، الذي سعى بمساعدة بعض عملاء الأحزاب التقليدية لتحقيق مخططه الجهنمي لاستيطان عربان الشتات في هذه الدولة المزعومة.

في سبيل تحقيق هذا الهدف، لم يتوانَ المجرم حميدتي عن استخدام أبشع الوسائل، بدءًا من الاغتصاب واحتلال منازل المواطنين العزّل وتدمير ممتلكاتهم، وصولاً إلى استهداف المؤسسات الحيوية وكل ما يتعلق بحياة البشر. هذه الجرائم ترتقي إلى مستوى جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية، حتى وصل بهم الحال إلى دفن الناس وهم أحياء في مدينة الجنينة، في مشهد يندى له جبين الإنسانية.

المؤكد أن هذه المليشيا لم تكن لتجرؤ على ارتكاب هذه الفظائع لولا تواطؤ المجتمع الدولي وعملاء وجواسيس باعوا وطنهم بثمن بخس. ومع استمرار الحرب، أصبح واضحًا أن المجتمع الدولي، بقيادة الولايات المتحدة، يقترب من أن يكون جزءًا من آلة التدمير عبر حليفها، دولة الإمارات.

في 500 يوم من نيران الجنجويد، يسجل التاريخ وجود مخطط لإبادة الشعب السوداني تحت صمت مريب من العالم أجمع. ومع الأسف، تستمر هذه الحرب دون وجود ضغوط دولية كافية لإنهاء معاناة الشعب. العالم يشاهد الإرهاب يمشي على قدمين، لكنه يقف عاجزًا عن التحرك، بل يبدو مجبرًا على الوقوف إلى جانب المليشيا الإرهابية، بفضل شراء النفوس بالدراهم الإماراتية، حيث انعدمت الأخلاق والإنسانية.

لقد سطر السودان وشعبه ملاحم من الشجاعة والصمود والوطنية والدفاع عن النفس والعرض والأرض في ظل تخاذل المجتمع الدولي. مدن مثل الفاشر السلطان أصبحت مقبرة للغزاة، حيث لقي معظم قادة الجنجويد حتفهم. كذلك، أظهرت مدينة بابانوسة شجاعة رجالها، ومدينة الأبيض ببسالتها المعهودة في الهجانة، أمثلة رائعة للتضحية في سبيل الوطن. هذه المدن وغيرها، توحد الشعب في انسجام وصمود فريد، ملتفًا حول جيشه وقوات المقاومة بمختلف أشكالها.

صبر الشعب ودعوات المكلومين والثكالى والأرامل والمظلومين بدأت تلوح في الأفق، حيث ظهرت بوادر انهيار مليشيا الإرهاب من الداخل. شهدت مدينة المليط مؤخرًا اقتتالًا داخليًا بين عناصر هذه المليشيا، كما حدث في مدن أخرى، حيث انقلبت الأمور ضدهم (انقلب السحر علي الساحر). وقد تجلى ذلك في التصريحات الأخيرة التي كشفت عن خلافات حادة داخل جناحها السياسي (تقدم) بسبب كشف العلاقة الخفية بينهم وبين مليشيا الجنجويد.

إن شعبًا يتمتع بهذا التلاحم والوحدة والبسالة والشجاعة والإخلاص، حتمًا سينتصر مهما طال الزمن أو قصر. سنحكي للأجيال القادمة عن صمود شعبنا في وجه الحرب والإرهاب لخمسمائة يوم، واستمرار نضاله حتى تحرير كل شبر من أرض الوطن من دنس الجنجويد وأعوانهم. إذا أراد الشعب الحياة، فلا بد أن ينجلي الليل، ولابد للقيد أن ينكسر، وستبقى إرادة الشعوب عصية على الانكسار.

بقلم حسين بَقَيرة
برمنغهام
الخميس 29/08/2024  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الشعب السودانی

إقرأ أيضاً:

نازحات في يومهِنّ!!

أطياف

صباح محمد الحسن 

نازحات في يومهِنّ!!

طيف أول:

تباهي بذاتِك أوقدي شموع انتصاراتك على أرض الهزيمة كوني أعظم من كل التحديات، أقوى من كل القيود فريدةٌ في حضورك، مَلَكَةٌ في هيبتك، ونجمة تُشِعُ نورًا لا يخبو، وفي يومك والعالم كله يحتفل بك كوني فقط أنتي!!

وفي السودان أوجدت الحرب واقعا سيئا يضاعف كل يوم مساحات الوجع في قلوب النساء اللائي نَبَذْتهن الحرب في العراء، ووجدن أنفسهن يفترشن الأرض ويلتحفن السماء، وتخسر المراة فلذة كبدها في مناطق النزوح ولايكفيها الوصف ألماً لتتجاوز وجع فقدها ، فتظهر باكية معزية في وجه الكاميرا دون أن يسمعها أحد ، فالحرب خلقت دائرة مغلقة من الهموم أحكمت نوافذها على العامة من النساء اللائي لاحول لهن ولاقوة، في الوقت الذي  تقف فيه  “المقربات” من سلطة البرهان وحاشيته أمام مراكز التجميل لتغيير شكلهن، بعدما أن غيرنّ واقعهن الذي يضمن لهن مستقبل افضل، فالفلول في مدن النزوح مارسوا ذات الفساد الأخلاقي الذي يجعل من المال المنهوب فرصة جديدة لإعادة فساد ما قبل الحرب، وخلقوا طبقة جديدة  وسط النساء، شعارها (كيف تصبحي ثرية في الحرب)

واقع مرير يجعل المسافة شاسعة لقياس المعاناة ما بين (النيو لوك) على السوشيال ميديا، ومابين صورة نازحة تحت شجرة تبكي فقدها وحولها مجموعة نساء تظهر عليهن ملامح الجوع والمرض، لافتتان متناقضتان يقف بينهما “كوز” لص وفاسد جعل من الأولى إمراة تعيش (رفاهية الحرب) بمال الشعب الذي نهبه وتسبب في معاناة الثانية التي تعيش ويلات الحرب والنزوح!!

فاليوم يحتفل العالم بيوم المرأة العالمي وجنرلات الحرب لا يعرفون شيئا عن قيمة نصف المجتمع، النساء اللاتي أوصى  بهن الرسول في آخر وصاياه (استَوصوا بالنِّساءِ خيرًا)

و(ما أهانهن إلا لئيم) وليس هناك لؤما اكثر من أن تستغيث إمرأة برجل ولا يستجيب ففي ولاية نهر النيل صرخت إمرأة في وجه البرهان قائلة (يا برهان نحن نسوان السودان تعبنا يا برهان لا للحرب)، ولكن لا حياة لمن تنادي، فلا ترى القيادة العسكرية نساء مقهورات مكسورات ترى فقط (نساء حولها) مترفات منعمات كانت الحرب ولازالت سببا في رحلتهن الي النعيم!!

وليقرأ البرهان ما يلي ليعرف واقع المرأة في السودان، فالأمم المتحدة اليوم تحتفل اليوم، باليوم العالمي للمرأة للعام 2025 تحت شعار “تسريع العمل” جاء فيه (إننا ندعو بهذه المناسبة الى إيلاء اهتمام عاجل بالأثر الكارثي للنزاع المستمر في السودان على النساء والفتيات، إذ يتحمّلْنَ وطأة العنف الجنسي والجنساني

وأظهر عمَلُنا أن العنف الجنسي في السودان ليس عرَضيًا: بل هو منهجي وواسع الانتشار ويُستخدم كسلاح حرب وقد وثّقنا عددًا هائلًا من حالات الاعتداء الجنسي، لكنّ نطاقها الحقيقيّ يَحجُبُه الخوف والوصمة والإفلات من العقاب

تعرّضتْ فتيات لا تتجاوز أعمارهنّ سبع سنوات للاعتداء الجنسي، وفي حين أن معظم حالات العنف الجنسي تُنسب الى قوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معها، إلا أننا وثّقنا أيضًا حالات مماثلة ارتكبها أفراد من القوات المسلحة السودانية وحلفائها، ولا تعاني الناجيات من الصدمة فحسب، إنما يعجزْنَ أيضًا عن الوصول الى العدالة والرعاية الطبية والدعم النفسي والاجتماعي، ما يُعمّق معاناتهنّ ويمحو أصواتهنّ. إنهنّ بحاجة ماسّة الى خدمات الصحة النفسية الشاملة والمساحات الآمنة. وفي غياب الدعم المناسب، تتضاءل قدراتهنّ على الصمود، ويعْجَزْنَ عن إعادة بناء حياتهنّ ومجتمعاتهنّ

لقد تلقينا تقارير مقلقة للغاية، لا سيما تتعلّق بإقدام أفراد من قوات الدعم السريع على الزواج قسرًا من فتيات لا تتجاوز أعمارهنّ 12 عامًا، وتُرتكب هذه الأفعال بالإكراه الشديد، حيث يُحتجز الأهل تحت تحديد السلاح، أو يشعرون بأنهم مضطرون إلى تزويج بناتهم لتجنّب المصير البديل المتمثّل في الاغتصاب، ورافقتْ بعض هذه الأعمال عنفًا شديدًا أدى الى حالات وفاة تؤدي هذه الزيجات المزعومة إلى تدمير حياة النساء والفتيات، وتتسبّب في حلقة مفرغة من الفقر والإساءة، نتيجة الآلام والصدمات الجسدية والنفسية الجسيمة، بالإضافة الى الحرمان من الحقوق الأساسية مثل التعليم والاستقلال الشخصي).

هذا ما جاء في تقرير الأمم المتحدة بالامس ومعلوم أن ما ارتكبته قوات الدعم السريع من جرائم ضد نساء السودان هو السبب الوحيد الذي يجب أن يخلع بسببه عبد الرحيم دقلو (ربطة عنقه) بصفته القائد الثاني لقوات يلاحقها العار سياسيا واجتماعيا!!

وما تعانيه المرأة الآن في صحارى النزوح يجب أيضا أن يقتل رغبة الطمع في الحكم مستقبلا عند البرهان الذي يساوره العشم من جديد، فما حدث للمرأة السودانية في هذه الحرب من ذُل وقهر ووجع وكسر قلب وخاطر، يجعل كل من ساهم في هذه الحرب وحرض عليها، إن لم يتحسس إنسانيته حتى الآن فهو شريك في كل ذنب ووزر وخطيئة!!.

طيف أخير:

#لا_للحرب

الى كل امراة نازحة

ابتسمي كي تجعلي قاهرك يعلم أنك أصبحتِ أكثر قوة مما كنتي عليه من قبل.

الوسومأطياف الأمم المتحدة الحرب الدعم السريع السودان النساء اليوم العالمي للمرأة جنرالات الحرب صباح محمد الحسن عبد الرحيم دقلو عبد الفتاح البرهان كوز

مقالات مشابهة

  • القوني يكشف أزمة الجنجويد
  • واشنطن بوست: شركة تركية متورطة في تزويد الجيش السوداني بطائرات مسيّرة وشحنة أسلحة سرية
  • تجمع قوى تحرير السودان يدعو للاصطفاف خلف الجيش وتعزيز الجبهة الداخلية
  • بطريرك أنطاكية: ما حدث في سوريا يُنذر بسواد الفوضى والإرهاب
  •  مقتل 9 مدنيين في قصف مدينة استعادها الجيش السوداني  
  • نازحات في يومهِنّ!!
  • دولة القانون
  • شركة أسلحة تركية ساعدت في تأجيج الحرب الأهلية الوحشية في السودان، قامت بتهريب الأسلحة سرًا إلى الجيش السوداني وفقًا للسجلات
  • الملك سلمان يجدد الحملة الشعبية السعودية لإغاثة الشعب السوداني
  • الشعب السوداني مدين لكيكل بنجاحه في اهم عملية قام بها كعميل مخابراتي