سودانايل:
2024-09-14@12:11:29 GMT

السودان: 500 يوم من الصمود في وجه الحرب والإرهاب

تاريخ النشر: 30th, August 2024 GMT

hussainomer183@gmail.com

بقلم/ حسين بَقَيرة

يمر السودان بمرحلة تاريخية دقيقة وفريدة، حيث يعاني الشعب السوداني من صراع وجودي لم تشهده أي دولة أخرى في العصر الحديث. يتجلى هذا الصراع من أجل البقاء على قيد الحياة في كل زاوية من السودان، ويتجسد فيه بسالة وصمود وشجاعة الشعب في مواجهة تحديات مستحيلة فرضتها الحرب المستمرة، خاصة مع الهجمات البربرية المتواصلة من قبل مليشيا الجنجويد الإرهابية.



في هذه الحرب، التي زُجّ فيها البلاد بسبب سياسات قاصرة من بعض القادة الذين صمموا ما عُرف بالاتفاق الإطاري، تمر السودان اليوم بـ500 يوم من العذاب المدمر الذي لم يترك شيئًا إلا وقضى عليه. التهمت النيران الأخضر واليابس على يد مليشيات الجنجويد، المعروفة باسم "مليشيا الدعم السريع الإرهابية"، والتي دنست أرض السودان الطاهرة بجرائمها الوحشية.

لولا فضل الله وصمود وإيمان الشعب السوداني بوطنه، لكان السودان قد انهار واندثر. يعيش الشعب السوداني عامةً، وخاصة النازحين في معسكرات النزوح، في ظروف إنسانية غاية في الخطورة، تسببت فيها مليشيا الإرهاب هذه وعملاؤها. لقد تخطت الكارثة الإنسانية كل الحدود، والسبب الأساسي وراء هذه المأساة هو السعي لإقامة "دولة العطاوة" من قبل القاتل الدموي حميدتي، الذي سعى بمساعدة بعض عملاء الأحزاب التقليدية لتحقيق مخططه الجهنمي لاستيطان عربان الشتات في هذه الدولة المزعومة.

في سبيل تحقيق هذا الهدف، لم يتوانَ المجرم حميدتي عن استخدام أبشع الوسائل، بدءًا من الاغتصاب واحتلال منازل المواطنين العزّل وتدمير ممتلكاتهم، وصولاً إلى استهداف المؤسسات الحيوية وكل ما يتعلق بحياة البشر. هذه الجرائم ترتقي إلى مستوى جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية، حتى وصل بهم الحال إلى دفن الناس وهم أحياء في مدينة الجنينة، في مشهد يندى له جبين الإنسانية.

المؤكد أن هذه المليشيا لم تكن لتجرؤ على ارتكاب هذه الفظائع لولا تواطؤ المجتمع الدولي وعملاء وجواسيس باعوا وطنهم بثمن بخس. ومع استمرار الحرب، أصبح واضحًا أن المجتمع الدولي، بقيادة الولايات المتحدة، يقترب من أن يكون جزءًا من آلة التدمير عبر حليفها، دولة الإمارات.

في 500 يوم من نيران الجنجويد، يسجل التاريخ وجود مخطط لإبادة الشعب السوداني تحت صمت مريب من العالم أجمع. ومع الأسف، تستمر هذه الحرب دون وجود ضغوط دولية كافية لإنهاء معاناة الشعب. العالم يشاهد الإرهاب يمشي على قدمين، لكنه يقف عاجزًا عن التحرك، بل يبدو مجبرًا على الوقوف إلى جانب المليشيا الإرهابية، بفضل شراء النفوس بالدراهم الإماراتية، حيث انعدمت الأخلاق والإنسانية.

لقد سطر السودان وشعبه ملاحم من الشجاعة والصمود والوطنية والدفاع عن النفس والعرض والأرض في ظل تخاذل المجتمع الدولي. مدن مثل الفاشر السلطان أصبحت مقبرة للغزاة، حيث لقي معظم قادة الجنجويد حتفهم. كذلك، أظهرت مدينة بابانوسة شجاعة رجالها، ومدينة الأبيض ببسالتها المعهودة في الهجانة، أمثلة رائعة للتضحية في سبيل الوطن. هذه المدن وغيرها، توحد الشعب في انسجام وصمود فريد، ملتفًا حول جيشه وقوات المقاومة بمختلف أشكالها.

صبر الشعب ودعوات المكلومين والثكالى والأرامل والمظلومين بدأت تلوح في الأفق، حيث ظهرت بوادر انهيار مليشيا الإرهاب من الداخل. شهدت مدينة المليط مؤخرًا اقتتالًا داخليًا بين عناصر هذه المليشيا، كما حدث في مدن أخرى، حيث انقلبت الأمور ضدهم (انقلب السحر علي الساحر). وقد تجلى ذلك في التصريحات الأخيرة التي كشفت عن خلافات حادة داخل جناحها السياسي (تقدم) بسبب كشف العلاقة الخفية بينهم وبين مليشيا الجنجويد.

إن شعبًا يتمتع بهذا التلاحم والوحدة والبسالة والشجاعة والإخلاص، حتمًا سينتصر مهما طال الزمن أو قصر. سنحكي للأجيال القادمة عن صمود شعبنا في وجه الحرب والإرهاب لخمسمائة يوم، واستمرار نضاله حتى تحرير كل شبر من أرض الوطن من دنس الجنجويد وأعوانهم. إذا أراد الشعب الحياة، فلا بد أن ينجلي الليل، ولابد للقيد أن ينكسر، وستبقى إرادة الشعوب عصية على الانكسار.

بقلم حسين بَقَيرة
برمنغهام
الخميس 29/08/2024  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الشعب السودانی

إقرأ أيضاً:

الفريق العطا الجنرال والوصاية الجبرية!!

الفريق اول ياسر العطا زار متحرك (المنتصر بإذن الله) منطقة المصورات وأبت نفسه الا ان يبشر الشعب المحروب، المكروب، الجائع، الغريق، اللاجئ، بأن العسكر أوصياء على من سيظل منهم احياء، حتى بعد الانتخابات.. وعدهم مكبراً ومهللاً انهم أصحاب الحاكمية، مؤكداً التصريحات السابقة للجنرال البرهان بعد اول محاولة انقلابية في الفترة الانتقالية، بأنهم الاوصياء على الشعب (وانه لن تتمكن أي جهة من ابعاد القوات المسلحة عن المشهد).. ولكن الفريق العطا لم تمنعه الجرأة وعدم الحياء عن تحديد نوع تلك الوصايا وما هو المقصود بالأبعاد عن المشهد! بل أكثر من ذلك حدد من هو الديكتاتور المقبل ومدة حكمه (ننقل لكم تحيات اخوكم عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة والقائد العام للمؤسسة العسكرية وكل اخوته في مجلس السيادة ومجلس الوزراء ... والقائد العام للقوات المسلحة مش الفترة الانتقالية بس حتي بعد الانتخابات لثلاث واربعة دورات انتخابية هو رأس الدولة بصلاحيات العسكرية) (والمؤسسة العسكرية والله شفت تاني السودان دا بالمجهر تعاين ما في غير عسكرية)..
أولاً هذه التصريحات أعادتنا لمجزرة فض الاعتصام، وعسكر الجيش والدعم السريع ينهالون بكعوب البنادق، والعصي، والسياط، فوق رؤوس الثوار وهم يتصايحون (قول عسكرية) إذلالا للثوار وتهكما من المطالب الثورية بالمدنية والعسكر للثكنات.
والفريق العطا وظّف نفسه عرافاً وكاهناً للحرب، فبعد ان منّ الشعب بأنها حرب لن تتجاوز الست ساعات، رجع وحدثهم ان اصبروا فهي لن تتعدى أسبوع أسبوعين، وتمددت نيران حرب الدمار، وارتفعت أصوات مليشيات الجيش بالتهديد: اين دور الجيش!! وبعد أن توالت هزائمه وفشلت حملات الاستنفار وتبدلت مراحلها من مستنفرين الي مقاومة شعبية ثم حرب كرامة، قدموا فيها ابناء المساكين والفقراء كقربان وكباش فداء، رجع العرّاف ليكلمهم ان اصبروا النصر قادم، ولو استمرت الحرب مائة عام.. فدعاوى وقف الحرب لا تعنيهم طالما أن أهلهم وأولادهم اَمنين، واليوم أكمل خطبته، انه لا غيره (نفس الزول) الجنرال البرهان في مقام الحاكم العسكري الأوحد، وللشعب ان يتصور كم عدد سنين الفترة الانتقالية، التي يرأسها الجنرال، ثم تعقبها انتخابات (مخجوجة) نسبة الفوز فيها 99.9% ولا رئيس غير الجنرال البرهان فليخرس المتنافسون.
المثير للدهشة في تصريحات العراف العطا انه لا يقيم حتى للمؤسسة العسكرية احتراماً في ظل هذه الأوضاع الحرجة لتاريخها، حاضرها ومستقبلها، فهو يترك الحديث عن أخطر ما تواجهه البلاد، و انشغال 11 مليون سوداني نازح ولاجئ داخل البلاد بمصيرهم المجهول.. وذلك بعد صدور قرارات المجتمع الدولي وتقرير لجنة تقصي الحقائق، بأن طرفا الحرب ارتكبا جرائم حرب فظيعة ضد المواطنين، ومتابعتهم المشفقة هل تنجح تلك القرارات في إيقاف نزيف الدم السوداني بوقف الحرب وحماية الوطن من التجزئة! وهل سوف تعين في وصول المساعدات الانسانية المنقذة لحياتهم، وان كان سيتم ذلك دون وصاية، تقود البلاد لسيناريوهات بلدان الجوار في العراق واليمن وسوريا والصومال قبلهم؟
وفي غمرة انشغال الفريق العطا بأحلام العسكر في السلطة، واقحام الجيش في السياسة واستمرار انتمائه للحركة الإسلامية، ورجالات جيشها، واستعادة السيطرة على اقتصاد البلاد والعودة لسابق نصيب المؤسسة من ميزانية الدولة 82%.. ولم يفعل العطا غير تأكيد انصراف الجيش عن عقيدته القتالية الأساسية في حماية الوطن والدفاع عن الشعب، ومهامه المدنية يجب ان تنحصر فقط! في تقديم المساعدات الإنسانية اثناء الكوارث الطبيعية لكن هيهات،، بل تناسى انه يخاطب جنود كانت ميزانية الدولة لتعليم أبناءهم لا تتجاوز 2% مقابل حصة الجنرالات واهليهم، واليوم يخوضون حربا بلا بنية تحتية عسكرية، ينقصهم عتاد عسكري ومشاة مدربين مؤهلين للانتصار، وقد شهدهم الشعب في الإعلام وهم حفاة الاقدام، يقاتلون ببطون خاوية، يقتاتون من صيد القطط الضالة، وغيرها من خشاش الارض الذي لا يسد الجوع.. فهو لم يخاطبهم ويعدهم بحق التعليم الجيد لأبنائهم أو سبل العيش الكريم لهم ولأسرهم ولم يحدثهم عن دور الجيش في استتباب الامن حتى يتم استعادة عافية البلد لكي تتمكن الحكومات المقبلة من تحسين اقتصادها، وإصلاح ما خربته الحرب من بنية تحتية، فيشهد العالم موعود السودان في انه سلة غذاء العالم، بل كان منشغلا عن حقيقة حال الجنود، الذين خاطبهم بقوله انهم لا يحتاجونه لرفع معنوياتهم! بل هو اتي ليستمد منهم المعنويات! هؤلاء الجنود الذين استأثر القادة ذوو الرتب الكبيرة بكل مخصصات واموال الجيش وكان نصيبهم كما الشعب الفتات، وقد هتف ثوار ديسمبر يذكرونه هو ورهطه (الجيش جيش السودان.. الجيش ما جيش البرهان) واليوم العطا يعيد الكرة ليذكرهم بأن الجيش وجميع البلاد ملك للجنرال البرهان وشلته الفاسدة..

tina.terwis@gmail.com  

مقالات مشابهة

  • تحمل 200 طن.. مصر تساند الشعب السوداني بأضخم سفينة مساعدات
  • قوة الضعف
  • الاقتصاد السوداني في أزمة: الحرب والسيول تعمقان المعاناة
  • رئيس حزب المؤتمر السوداني: تصريحات «العطا» تحمل نزعة استبدادية ووصاية على الشعب
  • النائب العام السوداني: لجنة تقصي الحقائق مسيسة ولا نعترف بها
  • الفريق العطا الجنرال والوصاية الجبرية!!
  • التكية … الخيار المفروض على الشعب السوداني لإستمرار الحرب
  • الصحة العالمية: السلام هو الدواء للشعب السوداني
  • خلافات حادة بين بيريللو .. وقحت
  • الصحة العالمية: السلام هو الدواء للشعب السوداني