دبي- الشرق

قال المبعوث الأميركي إلى السودان توم بيريلو، الخميس، إن محادثات سويسرا الأخيرة، التي لم يشارك فيها الجيش السوداني، جاءت من أجل "دعم تنفيذ التزامات إعلان جدة" التي تم التوافق عليها العام الماضي، معتبراً أن "لا أعذار" أمام الجيش والدعم السريع من أجل "تحقيق تقدم" في تنفيذ ما تم التوافق عليه.



ورداً على سؤال لـ"الشرق"، خلال إحاطة صحافية، بشأن تصريحات مسؤول في الجيش السوداني عن أن محادثات جنيف ليست إلا محاولة لعدم تنفيذ ما تم الاتفاق عليه في محادثات جدة، قال بيريلو إن "هذه الحجة خاطئة بشكل واضح، فما قمنا به في محادثات سويسرا جاء بناءً، بالتأكيد، على دعم تنفيذ التزامات إعلان جدة، والالتزامات القائمة وفق القانون الدولي الإنساني".

ولفت إلى أن المحادثات تسعى لـ"تحقيق تقدم مع الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، من أجل المشاركة بشكل منتظم"، مشيراً إلى "وجود الكثير من الأعذار السياسية لعدم المشاركة، لكن في الحقيقة تمكنا في النهاية من إشراك عدد كبير من الأشخاص، من ضمنهم شخصيات داخل الجيش".

وشدّد على أن المحادثات "جاءت من أجل أن ينفذ الجيش والدعم السريع التزامات التي تم الاتفاق عليها في إعلان جدة"، مشيراً إلى أنه "سمع من السودانيين رغبتهم في تنفيذ إعلان جدة، وهو ما دفعنا إلى إجراء المحادثات".

وأكد أن هذا يشير إلى "عدم وجود أعذار من أجل تحقيق تقدم بشأن محاولة تجنب تنفيذ الالتزامات التي سبق أن توافق عليها الطرفان".

واستضافت مدينة جدة محادثات برعاية سعودية أميركية العام الماضي، توصل من خلالها الجيش السوداني وقوات الدعم السريع لاتفاق يقضي بحماية المدنيين، وإيصال المساعدات الإنسانية، وإعلان أكثر من هدنة، إلا أن حدوث خروقات متعددة لوقف النار دفع الرياض وواشنطن إلى تعليق مفاوضات جدة في ديسمبر الماضي.

وعلى مدى 10 أيام من المحادثات في جنيف، حاولت مجموعة جديدة تضم وسطاء من الولايات المتحدة والسعودية ومصر والإمارات، في وقت سابق من الشهر الجاري، التفاوض على زيادة المساعدات، وتوفير الحماية للمدنيين الذين يواجهون المجاعة والنزوح الجماعي وانتشار الأمراض، بعد 16 شهراً من اندلاع الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.

وفشلت الضغوط الدبلوماسية المكثفة في إقناع الجيش بإرسال وفد رسمي إلى سويسرا، على الرغم من أن الوسطاء قالوا إنهم على اتصال مع الجيش عملياً.

"مقاربات بديلة مستقبلاً"
وأكد المبعوث الأميركي إلى السودان خلال الإحاطة، أن الولايات المتحدة والمجتمع الدولي يدعوان لبدء محادثات فوراً بشأن السودان، مشدداً على "أهمية مساندة سيادة ووحدة السودان، وترك السودانيين يحددون مستقبلهم".

وأضاف أن هناك "مقاربات بديلة مستقبلاً" للمحادثات في السودان، مطالباً الأطراف كافة بـ"اتخاذ خطوات إضافية من أجل وضع أولوية للحد من الأعمال العدوانية".

وأكد المبعوث الأميركي، أن "الأزمة الحالية في السودان تهدد استقرار المنطقة، ويجب الدفع باتجاه المفاوضات"، مشيراً إلى أنه يجري "العمل بشكل يومي من أجل زيادة المساعدات إلى المناطق التي تعاني المجاعة في السودان".

وعن مدى تعاون الولايات المتحدة مع دول جوار السودان، قال بيرليو: "ممتنون لمصر التي تستضيف أكثر من مليون لاجئ سوداني، كما أنها شريك ووسيط نشط بشكل كبير.. وهي ملتزمة في أجل إيجاد مسار للسلام في السودان"، مضيفاً أن "واشنطن تبرعت بأكثر من مليار دولار لدعم جهود استقبال اللاجئين السودانيين في دول الجوار، ونحن نحاول توسيع هذه الجهود، لكن يجب أولاً وقف الأعمال العدوانية".

ودعا المسؤول الأميركي الأطراف الخارجية كلها إلى "الكفّ عن تزويد المتقاتلين في السودان بالأسلحة، والتوقف عن تأجيج الحرب، والبدء بأن تكون جزءاً من محادثات السلام"، مشيراً إلى أن يرى تصاعد عدد الأطراف الخارجية الساعية لتأجيج الحرب في السودان، وهو "ما أزعج السودانيين الراغبين بتوقفها".

حظر الأسلحة في دارفور
وأشار المبعوث الأميركي إلى السودان إلى جهود بلاده من أجل "تنفيذ وتوسيع" حظر الأسلحة على منطقة دارفور الذي فرضه مجلس الأمن، والعقوبات الأميركية ضد بعض قيادات قوات الدعم السريع والمؤسسات الداعمة لها.

وتدرس لجنة تابعة لمجلس الأمن الدولي فرض عقوبات على 2 من قيادات قوات الدعم السريع السودانية لـ"تهديدهما السلام والأمن والاستقرار في البلاد عبر وسائل تتضمن العنف وانتهاكات حقوق الإنسان"، بحسب وكالة "رويترز".

وفي حال أجيزت العقوبات، ستكون هذه أول عقوبات تفرضها الأمم المتحدة بسبب الحرب الحالية في السودان التي اندلعت في منتصف أبريل من العام الماضي، بسبب صراع على السلطة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.

وتقول الولايات المتحدة إن الأطراف المتحاربة "ارتكبت جرائم حرب"، وإن قوات الدعم السريع والجماعات المتحالفة معها "ارتكبت أيضاً جرائم ضد الإنسانية".

وأنشأ مجلس الأمن نظام العقوبات الذي يستهدف السودان في عام 2005 في محاولة للمساعدة في إنهاء الصراع في دارفور.

وتضم قائمة العقوبات 3 أشخاص أضيفوا في عام 2006، كما فرض المجلس حظراً على الأسلحة على دارفور في عام 2004.

   

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الجیش السودانی وقوات الدعم السریع المبعوث الأمیرکی الولایات المتحدة فی السودان إعلان جدة من أجل إلى أن

إقرأ أيضاً:

رائحة الموت تنبعث من أحد أحياء الخرطوم على وقْع المعارك بين الجيش و«الدعم السريع»

الخرطوم: «الشرق الأوسط» تنبعث رائحة كريهة من حفرة للصرف الصحي في حي دمّرته الحرب في الخرطوم، بينما ينهمك عناصر «الهلال الأحمر» في انتشال جثة منتفخة من تحت الأرض. ويقول المتطوعون إن 14 جثة أخرى لا تزال تحت الأرض، وقال مدير الطب العدلي بولاية الخرطوم هشام زين العابدين، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، في الموقع، إن بعض الجثث «عليها آثار إطلاق نار على رؤوسها وهي مهشّمة الجماجم».

وأضاف أن الضحايا إما أُطلق عليهم الرصاص أو ضُربوا حتى الموت قبل إلقائهم في الحفرة.

وخلفه كان صندوق شاحنة يمتلئ بالجثث المُنتشَلة من حفرة الصرف الصحي في منطقة شرق النيل، إحدى المناطق الشرقية للخرطوم، والتي باتت، الآن، أنقاضاً.

وألحقت الحرب المستمرة منذ أكثر من عامين بين الجيش وقوات «الدعم السريع»، أضراراً كبيرة بمساحات واسعة من الأراضي.

ومنذ اندلاع الحرب، فرَّ أكثر من 3.5 مليون شخص من سكان الخرطوم، التي كانت، ذات يوم، مدينة تنبض بالحياة، وفق الأمم المتحدة.

ويعيش ملايين آخرون ممن هم غير قادرين أو غير راغبين في المغادرة، بين مبان مهجورة وهياكل سيارات وما يطلق عليه الجيش مقابر جماعية مخفية.

مدينة مدمَّرة
تتواصل الحرب بين قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، ونائبه السابق قائد قوات «الدعم السريع» محمد حمدان دقلو، منذ أبريل (نيسان) 2023.

وأسفرت المعارك عن مقتل عشرات الآلاف، وتهجير أكثر من 12 مليون شخص، وفق أرقام الأمم المتحدة، يعيش كثيرون منهم في مخيمات مؤقتة، بينما فرّ أكثر من 3.5 مليون شخص عبر الحدود.

واستولت قوات «الدعم السريع»، في البداية، على الخرطوم، لكن، في الأشهر الأخيرة، استعاد الجيش السيطرة على مناطق؛ من بينها بحري، المعروفة بالخرطوم شمال، ومنطقة شرق النيل الواقعة شرقاً.

وحالياً لا تفصل وحدات الجيش في وسط الخرطوم عن القصر الرئاسي الذي سيطرت عليه قوات «الدعم السريع» في بداية الحرب، سوى أقل من كيلومتر واحد.

ورغم تلك المكاسب، لا يزال دقلو على تحديه، إذ توعَّد بألا تنسحب قواته من العاصمة. وتعهّد، في كلمة عبر تطبيق «تلغرام»، بأن قواته «لن تخرج من القصر الجمهوري». وأضاف: «نحن قادمون إلى بورتسودان» الواقعة على البحر الأحمر، وحيث تتمركز الحكومة منذ سقوط الخرطوم.

وعَبَر فريق من «وكالة الصحافة الفرنسية»، بمواكبة عسكرية، من أم درمان، المدينة التوأم للخرطوم، والتي استعادها الجيش، العام الماضي، إلى بحري وضواحيها التي مزّقتها الحرب.

ومرّ الموكب في أحياء مهجورة ومُوحشة؛ بما فيها حي الحاج يوسف، حيث تمتد هياكل المتاجر المغلقة والأرصفة المتداعية على طول الشوارع.

وتنتشر الأنقاض والحطام والإطارات المتروكة في الشوارع.

وتجلس مجموعات صغيرة من الناس بين كل بضعة شوارع أمام مبانٍ ومتاجر فارغة منخورة بالرصاص.

وتوقفت المستشفيات والمدارس عن العمل. ويقول الجيش إنه عثر على عدد من المقابر الجماعية، إحداها في محكمة أم درمان.

وتبدو على المدنيين الذين ما زالوا في المدينة، صدمة الحرب.

وقالت صلحة شمس الدين، التي تسكن قرب الحفرة؛ حيث ألقت قوات «الدعم السريع» جثثاً: «سمعت أصوات الرصاص، ليلاً، عدة مرات كما شاهدتهم يُلقون جثثاً في البئر».

جوع
وبالنسبة لمن نجوا وشاهدوا استعادة الجيش للمنطقة، مطلع الشهر، لا تزال الحياة تطرح صعوبات مستمرة. فالكهرباء مقطوعة، والمياه النظيفة والطعام شحيحان.

في شارع هادئ في بحري، يجلس نحو 40 امرأة تحت خيمة مؤقتة يُحضّرن وجبات الإفطار في مطبخ مجتمعي، وهو واحد من عدد من المطابخ التي عانت في ظل سيطرة قوات «الدعم السريع».

وتقوم النسوة بتحضير العصيدة والعدس في أوان كبيرة على نار الحطب.

والغاز لم يعد متوافراً، وشاحنات المياه تأتي، الآن، من أم درمان، وهو تحسُّن ملحوظ، مقارنة بالفترة عندما كان السكان يخاطرون تحت نيران القناصة للوصول إلى نهر النيل، الذي بدوره يمثل مخاطر صحية في ظل غياب خدمات الصرف الصحي.

وأصبحت المطابخ المجتمعية خط الدفاع الأخير للمدنيين الذين يعانون الجوع، وفقاً للأمم المتحدة. لكنها عانت صعوبات طوال الحرب للصمود.

ومع قطع طرق وتدمير أسواق وسلب مقاتلي قوات «الدعم السريع» للمتطوعين تحت تهديد السلاح، أصبح إطعام المحتاجين شبه مستحيل.

وقال مؤيد الحاج، أحد المتطوعين في مطبخ مجتمعي بحي شمبات: «أيام سيطرة (الدعم السريع)، كانت لدينا مشكلة في التمويل لأنهم يصادرون الأموال التي يجري تحويلها عبر التطبيقات البنكية». وأضاف: «لكن، الآن، الوضع اختلف، شبكات الهواتف تعمل، كما أننا، كل أسبوعين، نذهب إلى أم درمان لجلب احتياجات المطبخ».

وما بدأ نزاعاً على السلطة بين البرهان ودقلو، تحوّل إلى أكبر أزمة نزوح وجوع في العالم.

وأدت الحرب إلى تدمير البنية التحتية للسودان، وانهيار اقتصاده الضعيف أصلاً، ودفعت بالملايين إلى حافة الجوع.

وأُعلنت المجاعة في ثلاثة مخيمات للنازحين، وفق التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي المدعوم من الأمم المتحدة.

وفي الخرطوم وحدها، يعاني ما لا يقل عن 100 ألف شخص ظروف مجاعة، وفقاً للتصنيف المرحلي المتكامل.

   

مقالات مشابهة

  • قائد «درع السودان» يتبرأ من جرائم «الدعم السريع» ويؤكد أنه جزء من الجيش
  • أطباء السودان  تكشف عن قتلى وجرحى بسبب اشتباكات بين منسوبي الدعم السريع 
  • رائحة الموت تنبعث من أحد أحياء الخرطوم على وقْع المعارك بين الجيش و«الدعم السريع»
  • مقتل وجرح العشرات بقصف لـ«قوات الدعم السريع» في السودان
  • السودان.. الجيش يقترب من القصر الرئاسي وهروب لقوات الدعم السريع
  • السودان.. «الدعم السريع» يهدد بالتصعيد ويحدد خريطة عملياته
  • فك الخلاف ما بين تحالف السودان التأسيسي و”الديمقراطيين السودانيين” والدعم السريع
  • قائد قوات الدعم السريع: سنبقى في الخرطوم ولن نخرج من القصر الجمهوري
  • حميدتي: الدعم السريع لن يخرج من الخرطوم أو القصر الجمهوري
  • الهادي إدريس يحدد موعد إعلان الحكومة الموازية