سرايا - يمر أحيانا ذكر "الحقيبة" النووية التي توجد لدى القيادة الروسية والأمريكية كما قادة جميع الدول النووية الأخرى، فماهي الصورة الحقيقية لهذه الحقيبة وكيف تعمل؟ ومن المسؤول عنها؟

تعتبر الحقيبة النووية جهاز تحكم عن بعد محمول، وهي تحتوي على نظام اتصالات محكم، أي أنها عبارة عن منظومة تشغيلية لصناع القرار خاصة باستخدام الأسلحة النووية وتتكون في العادة من جهازين كبيرين نسبيا.



يوجد تحت غطاء الحقيبة النووية اثنان من الأزرار. واحد أحمر وآخر أبيض ولوحة مفاتيح لإدخال الرمز السري. يتم تشغيل منظومة الحقيبة بالزر الأبيض في حين يلغى الإجراء بتشغيل الزر الأحمر. واجهة الحقيبة تتغير مع الزمن، إلا أنها توصف بأنها غير معقدة.

الحقيبة النووية ليست واحدة، وهي مخصصة لصاحب القرار الأول في الدولة النووية، وواحدة ثانية لوزير الدفاع وثالثة لرئيس هيئة الأركان العامة. هذه الحقائب يحملها ضباط يتلقون تدريبا خاصا يكونون دائما في رفقة قادتهم.

في روسيا الاتحادية، يتولى مسؤولية حمل الحقيبة النووية ضابط من قوات سلاح الإشارة رتبته لا تقل عن مقدم. مع ذلك، وبحسب للتقاليد، يرتدي زي البحرية لتميزه بسهولة وسط الجموع في حالة حدوث أي ارتباك.

بالنسبة للولايات المتحدة، لا يحمل "الحقيبة النووية" إلا ضابط حصل على أعلى الدرجات الأمنية، ويسمى "اليانكي الأبيض". ومن يتولى مسؤولية حمل حقيبة نووية يكون مسلحا دائما، كما تربط الحقيبة النووية بمعصمه، ويكون له الحق في إطلاق النار من دون سابق إنذار في حالة وجود تهديد.

الحقيبة النووية الرئاسية يتم تسليمها من رئيس إلى آخر أثناء حفل التنصيب، وأهميتها الرمزية مماثلة في تلك المناسبة بتسليم الصولجان أو السيف أو أي رمز آخر لقوة الدولة.

لإعطاء الأمر باستخدام الأسلحة النووية، يتوجب أن يتلقى مقر قوات الصواريخ الاستراتيجية النووية، إشارة من اثنين من هؤلاء الثلاثة (الرئيس ووزير الدفاع وريئس الأركان). منظومة الاتصالات الاستراتيجية هذه تقوم بالتحقق من حقيقة التهديد النووي ويحري من خلالها تنسيق تنشيط هذه الآلية مع حاملي "الزر النووي" الآخرين.

اللافت أن الحقيبة النووية الخاصة برئيس الولايات المتحدة، ارتبطت بلقب شائع هو "كرة البيسبول"، وذلك لأن شكلها الخارجي المغطى بالجلد شبيه بكرة لعبة كرة القدم الأمريكية. تفسير آخر للقب يرجعه إلى أن عمل هذه "المحطة" المخصصة بإصدار أمر استخدام السلاح النووي، يمر عبر الكثير من "اللاعبين".

الحقيبة النووية السوفيتية وتعرف أيضا بنظام "ياتش" كانت ظهرت في عهد الزعيم ليونيد بريجنيف وجرى تناقلها فيما ثم طورت في روسيا الاتحادية وأضيفت إليها إمكانيات جديدة وزودت بتقنيات سرية.

لا يختلف عمل الحقيبة النووية الأمريكية عن مثيلتها الروسية من حيث المبدأ، مع وجود بعض الاختلافات من بينها أن "كرة البيسبول" النووية الأمريكية يرفق بها دليل تعليمات من 30 صفحة خاص باستخدام الجهاز. يشاع أن الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن حين تعرض برجي مركز التجارة العالمية في مانهاتن للهجوم في 11 سبتمبر2001، فتح الحقيبة النووية وانكب على قراءة هذه التعليمات.

دارت عدة حوادث ومواقف محرجة حول الحقيبة النووية الأمريكية منها أن رئيس الولايات المتحدة رقم 39 جيمي كارتر، نسي بسترته في أحد الأيام رمز تعريفه الشخصي الخاص بتشغيل الحقيبة، ونقلت السترة للتنظيف الجاف.

في حادثة أخرى، روى الجنرال الأمريكي المتقاعد هيو شيلتون أن المساعد الذي كان يتولى حفظ الرموز السرية اعترف في وقت ما من عام 2000 بأن الرموز فقدت قبل بضعة أشهر. الوضع كان سيكون محرجا للغاية لو دعت الحاجة إليها فجأة.

رصدت أيضا عدة مناسبات كانت الحقيبة النووية بعيدة عن متناول رؤساء أمريكيون. حدث ذلك في عهود الرؤساء فورد وكارتر وبوش الابن وبيل كلينتون.

المثير للغاية أن الحقيبة النووية الروسية تم تنشيطها في أحد الأيام. جرى ذلك في 25 يناير عام 1995 حين أطلقت النرويج أكبر صاروخ للإرصاد الجوي " بلاك برانت 12". لحسن الحظ أن الحادثة مرت بسلام.

المصدر: RT


المصدر: وكالة أنباء سرايا الإخبارية

إقرأ أيضاً:

اليوم التالي للمناظرة الأمريكية

أذكت المناظرة الرئاسية الأمريكية بين المرشح الجمهوري دونالد ترامب والديمقراطية كامالا هاريس، السباق الانتخابي، بعدما شهدت سجالاً حاداً حول الاقتصاد والهجرة وإسرائيل والتعامل مع كل من روسيا والصين والنهج السياسي المستقبلي للولايات المتحدة، وفعل كل منهما ما بوسعه لاستقطاب الناخبين المترددين وتحريك نسب تأييدهما المتكافئة أملاً في الظفر بالبيت الأبيض في انتخابات الخامس من نوفمبر المقبل.
المناظرة التي تابعها عشرات الملايين في الولايات المتحدة وخارجها، على شاشات شبكة «إن بي سي»، ربما تكون آخر مواجهة تلفزيونية انتخابية قبل الحسم، وإذا كانت الانطباعات الأولية تشير إلى أن هاريس تفوقت في هذه المناظرة، فإن ترامب لم ينهزم، وأبدى تصميماً على منازلة المرشحة الديمقراطية في مناظرة ثانية، ومن دون الرهان كثيراً على تأثر استطلاعات الرأي بما أسفرت عنه هذه المناظرة، لكنها ربما تكون مفيدة للديمقراطيين في الثقة بمرشحتهم الحالية أفضل من الرئيس المنتهية ولايته جو بايدن الذي تخلى عن السباق تحت الضغط، وبالمقابل فإن ترامب، وإن أربكت هذه المناظرة نسب التأييد له، فإن ذلك سيظل مؤقتاً وليس بعيد المدى، إذ ما زال السباق حماسياً وشاقاً، وقد تشهد الأمتار الأخيرة مفاجآت لصالح هذا المرشح أو ذاك.
اليوم التالي للمناظرة لن يكون كما قبله، إذ ستبدأ المرحلة النهائية من السباق إلى البيت الأبيض، ومثلما سيكون النسق سريعاً، ستحتد النبرة كلما اقترب الاستحقاق، فترامب سيظل متمسكاً بخطابه القائم على التحذير من المهاجرين وتصوير الولايات المتحدة على أنها بلد ينهار وأنه الوحيد القادر على إنقاذه، ومهاجمة الديمقراطية ومنافسته «الماركسية».
كما سيواصل اجترار ادعاءاته السابقة بتحقيق رخاء اقتصادي والقدرة على إنهاء الحرب في أوكرانيا وحل الصراعات الأخرى بمكالمات هاتفية وخلال 24 ساعة، أما منافسته هاريس فإن أداءها الجيد نسبياً في المناظرة سيدفعها إلى استقطاب الناخبين المترددين، خصوصاً الجمهوريين المناهضين لترامب، كما ستزيد من الهجوم على خصمها الجمهوري تحذيراً من خطره على وحدة الأمريكيين وسلامة النظام الدستوري، كما ستحاول دغدغة مشاعر مواطنيها من أصول عربية ومسلمة بشأن ضغطها لإنهاء الحرب على غزة، دون أن تخفي دعمها المطلق لإسرائيل.
من المتعارف عليه أن القضايا الداخلية هي التي تحسم دائماً نتائج السباق إلى البيت الأبيض، أما هذه السنة، فإن الوضع في الشرق الأوسط والصراع الدائر في أوكرانيا سيلقيان بثقلهما على الأجواء الانتخابية، مثلما احتلتا حيزاً في المناظرة الرئاسية، فقد أعادت هاريس تأكيد موقفها قائلة إنها وبايدن يعملان بلا كلل من أجل وقف إطلاق النار في غزة، متجاهلة تقديم إدارتها مليارات الدولارات من الأسلحة دعماً لإسرائيل في حرب الإبادة الجماعية للفلسطينيين، أما ترامب، الذي حذر من أن «إسرائيل ستزول» إذا ما أصبحت هاريس رئيسة للولايات المتحدة، فمازال على عهده السابق في دعمه المطلق لتل أبيب، والهجوم على خصومها، رغم ما يدعيه من رغبة في إنهاء التوتر في الشرق الأوسط.
تختلف الإدارات الأمريكية كثيراً في أجنداتها السياسية الداخلية، لكن سياسة الولايات المتحدة الخارجية لن تختلف في المستقبل سواء فازت هاريس أو عاد ترامب، لكن المختلف أن العالم لم يعد كما كان في السابق، وعلى من سيسكن البيت الأبيض أن يستوعب هذه الحقيقة وألا يغالي كثيراً في الدور الأمريكي فهو لن يظل إلى الأبد.

مقالات مشابهة

  • ميدفيديف: لدينا بالفعل أسباب لاستخدام الأسلحة النووية
  • البنتاغون يدرس تأثير القنابل النووية على الزراعة.. هل اقترب سيناريو الحرب المدمرة؟
  • بلينكن يتهم "آر.تي" الروسية بالتجسس
  • أنشطة استخباراتية.. بلينكن يتحدث عن ممارسات شبكة آر تي الروسية
  • لأول مرة.. كوريا الشمالية تنشر صورا من منشأة لإنتاج الأسلحة النووية
  • «جوتيريش»: العالم يواجه تهديدًا وجوديًا بسبب الانقسامات والمخاطر النووية
  • الأمم المتحدة: العالم يواجه تهديدًا وجوديًا بسبب الانقسامات والمخاطر النووية
  • جوتيريش: العالم يواجه تهديدًا وجوديًا بسبب الانقسامات والمخاطر النووية
  • اليوم التالي للمناظرة الأمريكية
  • «اصطياد» المسيّرات الأمريكية: خطط واشنطن البديلة لا تعمل