غزة- من بين الدمار والركام المتراكم يخترق صوت أطفال وهم ينشدون "الخمسة كعكة بسكر، والستة واقفة تفكر.."، يقودك الصوت إلى بوابة بدون باب مكتوب عليها "مصلى"، تدخل إليها فتجد غرفا سقوفها من القماش، تفصل بينها ستائر سوداء من النايلون، تزيح الستار فتجد أكفا صغيرة تنخفض وترتفع وهم يقلّدون معلمة مترجلة أمامهم.

أكثر من 350 طفلا مقسّمين على 9 فصول، من مرحلة البستان إلى الصف الثالث الابتدائي، مسجلين في مبادرة أطلقها الأهالي لتعليم الأطفال في مخيم جباليا شمال قطاع غزة.

على أرضية مفروشة بالحصائر يتربع الأطفال، وعيونهم صوب المعلمة التي تشرح لهم على سبورة صغيرة شكل الحرف العربي، بظهور محنية ينكفئون على كراساتهم الموضوعة أرضا، ينام ماجد على بطنه وينسخ الحرف، سألته الجزيرة نت عن سبب تمدده وهو يكتب، فقال بصوته الضعيف "ظهري صار يوجعني وأنا مطّمل (منحنٍ)".

في الغرفة المجاورة ثمة طاولات متناثرة، "طاولات صُنعت أصلا لفرد عجين الخبز، يحضرها بعض الطلاب يوميا معهم، تفاديا للجلسة المتعبة" تعلّق معلمة.

أطفال يحضرون طاولات عجن الخبز معهم للكتابة عليها (الجزيرة) دراسة بلا مقومات

"لا بيئة فيزيقية"؛ التحدي الأبرز الذي يواجه المعلمات في المكان بحسب أماني أبو ريا، مسؤولة المبادرة وهي مديرة روضة للأطفال دمرها الاحتلال تدميرا كاملا.

وصفت أبو ريا في مقابلة مع الجزيرة نت المكان بأنه بدائي، حيث لا مقاعد ولا طاولات ولا حتى مراحيض! وتابعت: "تخيلي أننا نطلب من الطالب أن يذهب إلى منزله ليقضي حاجته ومن ثم يعود".

وأوضحت أبو ريا أن الأطفال بدؤوا بالتأقلم على البيئة القاسية هذه، التي يجلسون فيها وهم يقاسون ارتفاع درجات الحرارة وانتشار الحشرات ولدغاتها، الأمر الذي تسبب في إحجام بعضهم عن تقبل العودة إلى الدراسة في بداية الأمر، خاصة أنهم لم يتعودا الابتعاد عن أهاليهم طيلة 11 شهرا من الحرب.

أماني أبو ريا: الأطفال بدؤوا بالتأقلم على البيئة القاسية (الجزيرة) كفاح نفسي رغم الألم

10 ساعات أسبوعيا، يتلقى فيها الطلبة دروسا تعليمية وأنشطة للتفريغ النفسي، من قبل معلمات متخصصات يحملن شهادات جامعية في التربية والتعليم الأساسي، يعملن بشكل تطوعي فقط بدون مقابل منذ شهرين، من أجل انتشال الأطفال من الواقع التعليمي والنفسي المأساوي الذي فرض عليهم.

واقع يصعب الانفصال عنه في ظل إحاطة الدمار بالمكان من جميع الجهات، ومواصلة تحليق الطائرات المسيّرة ذات الأصوات المزعجة التي لا تهدأ ولا تترك للناس لحظة سكون تريح أعصابهم التالفة، يحاول الأطفال الانتصار عليها من خلال رفع أصواتهم بالنشيد وترديد عبارات الدروس ليعلو صوت الأطفال على صوت الضجيج في الأعلى.

كل الأطفال هنا داست الحرب على قلوبهم دوسا، فسلبت من جزء منهم آباءهم وأقرباءهم، وأفقدت معظمهم بيوتهم، وأودت بسكينتهم وأورثتهم عِللا نفسية وجروحا غائرة في الوعي واللاوعي، تبذل المعلمات جهودا مضنية للتخفيف منها.

تقول المرشدة النفسية مي صالح للجزيرة نت: "رغم استجابة الأطفال غير المتوقعة للدروس التعليمية ورغبتهم الشديدة في استئناف الدراسة، إلا أنهم بحاجة ماسة لجلسات مستمرة للتفريغ النفسي وعلاج المشكلات السلوكية".

أبرز هذه المشكلات هي العدوانية والانفعال الزائد وفرط الحركة والانطوائية، بحسب مي، التي لفتت إلى وجود تحسن كبير لدى الأطفال في الاستجابة وردود الفعل مقارنة بالأيام الأولى لحضورهم، مطالبة الجمعيات والمؤسسات الخيرية بتقديم دعم للأطفال لتحفيزهم وتعزيز تحسنهم السلوكي.

معلمات متخصصات يعملن بشكل تطوعي لانتشال الأطفال من الواقع التعليمي والنفسي المأساوي (الجزيرة) بطون جائعة

بعد الانتهاء من الدروس والأنشطة التعليمية، وبحماسٍ تدفعهم إليه قرقرة بطونهم الجائعة، يفتح الأطفال حقائبهم ويخرجون منها قدورا وأواني معدنية، ويصطفون في طوابير لينالوا نصيبهم من طعام التكية التي تعمل يوميا بمحاذاة المصلى.

يبدو طابور الأطفال واحدا من 3 طوابير، أحدهم للرجال وآخر للسيدات، تكيةٌ لإطعام عوائل المخيم كافة مجانا، يوزّع بجانبها أكياسا من الخبز، اقتربت الجزيرة نت من طابور السيدات وتحدثت مع السيدة الستينية أم محمد التي سارت نصف ساعة تحت شمس الظهيرة لتحصّل قدرا من الحساء، تطعم منه أحفادها الذين فقدوا والدهم وأمهم خلال هذه الحرب.

تقول: "كنت أود إرسالهم ليتعلموا لكني أرفض قطعا أن يبتعدوا عني، وأستعجل الذهاب والإياب كي لا أتأخر عليهم".

أمّا في طابور الأطفال فتقرأ في قسمات بعضهم شيخوخة وهمّا مركبين، دنت الجزيرة نت من خالد، الذي كان يستند على عربة عليها جالون ماء فارغ، وسألته عن المهام التي يجب عليه إنجازها اليوم، فأجاب: "خرجت من ساعتين حتى أقف في أول طابور الانتظار، لأجلب الطعام من التكية، ثم أملأ جالون المياه، ثم سأبحث عن الحطب"؛ يجيب ووجه يتصبب عرقاً قبل أن ينجز أيا منها.

"هل تعبت من الحرب؟!" سألناه فقال: "في أحد ما تعب؟ كلنا تعبنا، لكن لا رجال غيري بالبيت، مضطر لكل ذلك، ليس باختياري".

رغم استجابة الأطفال للدروس التعليمية فإنهم بحاجة ماسة لجلسات مستمرة للتفريغ النفسي (الجزيرة) تكافل في أصعب الظروف

انفض جميع الأطفال وانتهت طوابير التكية ودخل الشبان الصغار لتهيئة المصلى المستحدث لاستقبال المتوافدين لأداء صلاة الظهر في يوم صيفي محرق.

صور متراكبة لتكافل الغزيين رغم حاجتهم الشديدة جميعا، ومبادراتٌ ذاتية يطلقونها في جميع الفئات العمرية، لا ينتظرون إزاءها مقابلا ماديا، وإنما يسعون لأن يداووا جروحهم بأنفسهم بعدما طال أمد الحرب، وفي كل يوم يمر منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي تزداد قناعتهم بأن شوكهم لا تخلعه إلا أيديهم، مرددين في كل خطوة: "ما حكّ جلدك غير ظفرك".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الجزیرة نت

إقرأ أيضاً:

مدير مجمع الشفاء: الاحتلال عاملني كقائد عسكري وليس كطبيب

غزة- قال مدير مجمع الشفاء الطبي في مدينة غزة الدكتور محمد أبو سلمية إنه بكى كما لم يبك عند وفاة والديه، عندما عاد إلى المجمع بعد شهور طويلة من الاعتقال في سجون الاحتلال وتحرره في منطقة جنوب قطاع غزة، ووجده خرابا وقد تعمد الاحتلال تدميره بشكل يعقّد عودته للحياة مجددا.

أبو سلمية الذي قضى 7 أشهر في سجون الاحتلال، أضاف -في حوار مع الجزيرة نت- أنه تعرض للكثير من الإهانات القاسية والتعذيب الشديد، وتعامل معه جيش الاحتلال كقائد عسكري وليس كطبيب ومدير مجمع طبي يقدم خدمة إنسانية، غير أن تحرره من السجن بدون لائحة اتهامات نسف الرواية الزائفة عن المجمع الذي كان يصوره الاحتلال كقاعدة عسكرية.

وفيما يلي نص الحوار:

أبو سلمية: تدمير المنظومة الصحية كان عنوان حرب إسرائيل على غزة (الجزيرة) كيف وجدت مجمع الشفاء الطبي وأنت العائد إليه بعد تجربة الاعتقال؟

لا يخفى على أحد أن جيش الاحتلال في حربه المجنونة على قطاع غزة، كان أحد عناوينها استهداف المنظومة الصحية، وبالفعل دمر جميع مستشفيات مدينة غزة وشمال القطاع، وقتل الأطباء والاستشاريين واعتقل الكثيرين منهم، وإثر عودتنا للمجمع بعد انقطاع أكثر من عام وشهرين تقريبا، عندما اعتقلنا الاحتلال ونحن نغادره مكرهين، كان المشهد لا يوصف.

أنا لا أبكي كثيرا وعندي من الصبر والجلد الكثير، ولكن عندما رأيت المجمع بهذا الدمار النابع من حقد كبير، بكيت بكاء شديدا لم أبكه عندما توفي أبي وأمي، وهما الأغلى على قلبي. ولكن مجمع الشفاء هو البيت الكبير، وهو المستشفى الأكبر الذي يضم بين جنباته كل التخصصات، ويخدم القطاع كله، وهو الكبير باسمه وأطبائه وتخصصاته.

إعلان

وكنا نجري فيه عمليات كبرى لا تُجرى في دول مجاورة، ومنها جراحة الكلى، والقلب المفتوح والقسطرة القلبية. وعندما دمر جيش الاحتلال كل ذلك ورأيته للمرة الأولى كانت لحظة مأساوية، ولم أتصور حجم هذا الحقد، وحتى الصور التي كانت تردني لم تعكس بدقة حجم الدمار الذي شاهدته في المجمع.

لقد كان حجم الدمار هائلا ومن أجل التخريب، وقد استخدم الجيش الإسرائيلي المتفجرات لنسف مبان مهمة داخل المجمع، وهذا يشي بأنه لا يريد له أن ينهض مرة أخرى، وأن يقتل أكبر عدد من الجرحى والمرضى. وبعد مرور أسبوعين من عودتي لعملي في المجمع، ما زلت تحت تأثير الصدمة من هول المشهد.

كنت من أوائل العائدين لمدينة غزة ولعملك. ألم تتردد في اتخاذ القرار بعد تجربة الاعتقال القاسية؟

تحررت من السجن بمزيد من التصميم والإصرار على العودة للمجمع لأنني وجدت حب الناس والتعاطف أكثر مما كنت أتوقعه، ولذلك لم أتردد في العودة وتقديم الخدمة للناس، ورفضت عرضا بمنصب أعلى من إدارتي للمجمع وفضلت العودة إليه لتعزيز صمود الناس.

ونجحنا بتشغيل المجمع حتى اللحظة بطاقة 25%، ولكنها مهمة في ظل حالة الانهيار في مستشفيات الشمال التي تعمل بقدرة تتراوح بين 30 و40%، والعمل جار لترميم مستشفيات حكومية أخرى صغيرة بمدينة غزة وشمال القطاع.

على ماذا ركز محققو الاحتلال في التحقيق معك خلال الاعتقال؟

كان التركيز على عملي في مجمع الشفاء الذي صورته إسرائيل على أنه قاعدة عسكرية، وكان المحقق يصر على هذه الادعاءات. وأنا من جانبي كنت متمسكا بأنه مؤسسة خدمية إنسانية طبية، وأتذكر أنه خلال لحظة اعتقالي كانت هناك فرحة كبيرة لدى جيش الاحتلال في محور نتساريم بذلك، وكأنني قائد عسكري.

وقد تعرضت لإهانات قاسية وتعذيب شديد، وعندما اقتحموا المجمع للمرة الثانية جاءني سجانون في الزنزانة عند منتصف الليل ليقولوا لي "دمرنا لك (مجمع) الشفاء" ولم نكن نعلم ما يدور بالخارج في غزة.

إعلان

ولكن بعد خروجي من السجن بدون أي لائحة اتهام، ورغم أنهم قدموني لـ4 محاكمات، فقد دحض تحرري كل مزاعم الاحتلال بخصوص المجمع، ونسف روايته الزائفة.

ما الخدمات التي فقدها زهاء مليونين و400 ألف فلسطيني بقطاع غزة جراء تدمير مجمع الشفاء؟

هذا المجمع أُنشئ عام 1946، أي أنه أكبر من دولة الاحتلال. وهو رمز عاصر محطات كثيرة مهمة مثل نكبة 1948، والعدوان الثلاثي سنة 1956، ونكسة 1967، وحرب 6 أكتوبر 1973، وكل الحروب والانتفاضتين الأولى والثانية وأحداث كثيرة مهمة، وكان يقدم خدماته المتنوعة.

ويضم التالي:

3 مستشفيات كبيرة: الولادة، الباطنة والجراحة، الجراحة التخصصي. أكبر حضانة في فلسطين بسعة 60 حضانة. أكبر مركز غسل كلى في فلسطين بسعة 60 سريرا، ويعمل به أكثر من 2300 عامل بين طبيب وممرض وفني وإداري. يتردد يوميا على قسم الطوارئ 1000 مراجع قبل اندلاع الحرب، وعلى العيادة الخارجية أكثر من 1500 مريض يوميا. كنا نجري أكثر من 30 ألف عملية جراحية في المجمع، ويصل عدد الولادات فيه إلى حوالي 14 ألف مولود جديد سنويا. كنا على وشك توطين خدمة زراعة الكلى، وزرعنا سنة 2023 نحو 25 عملية زراعة كلى. يضم 35 سرير عناية مركزة كبيرة ولعناية القلب. يضم 3 أجهزة تصوير طبقي، وجهاز رنين مغناطيسي، و10 أجهزة أشعة عادية، و10 أجهزة تصوير تلفزيوني، وجهاز قسطرة قلبية، وجهاز أشعة تداخلية حصلنا عليه قبل الحرب بشهرين بتكلفة مليون ونصف المليون دولار.

وكل هذه الخدمات التي كانت تقدم للناس فقدناها الآن، ونقول بكل مرارة إن هذا الوضع سيترك آثارا كارثية على السكان، لأن المجمع كان الجدار الحامي لأي مشكلة تحدث مع مريض في أي مستشفى بالقطاع، حكومية وخاصة وأهلية.

كما أنه مستشفى تعليمي، ويتم فيه تدريب طلبة كليات الطب، والكوادر الطبية في البورد الفلسطيني، ومنهم من تخرج وحمل شهادة البورد داخل المجمع. وهناك اعتراف من مجلس الطب العربي بمجمع الشفاء كونه مركزا تدريبيا للأطباء بقطاع غزة، وجميع الكوادر الطبية الذين يزورون غزة عندما يرون النهضة الكبيرة بالمجمع كانوا يشيدون به.

إعلان إزاء هذا الواقع المؤلم كيف تصف الخدمة الطبية في غزة وشمال القطاع؟

أصبح الوضع شمال القطاع كارثيا بعد عودة النازحين، لدينا في الشمال حاليا مليون و400 ألف فلسطيني ولا يوجد سوى محطة أكسجين واحدة، في حين كان لدينا في مجمع الشفاء -وحده قبل الحرب- 6 محطات أكسجين وفقدناها.

وفي كل الشمال توجد 3 غرف أسرّة عناية مركزة فقط، وكانت قبل الحرب 35 وبالكاد تلبي الحاجة، وكان لدينا 130 جهاز غسل كلى والآن 25 فقط. وكان لدينا 90 حضانة وتقلصت إلى 10 فقط في كل مستشفيات شمال القطاع، بمعنى أي مولود خديج يولد الآن فرصته بالحياة ضئيلة جدا لعدم توفر الحضانات والأكسجين.

وكان لدينا قسم القسطرة القلبية يعمل على مدار الساعة، ليلا ونهارا، أما الآن فالوفاة حتمية لأي مريض بالجلطة القلبية لعدم توفر أي جهاز قسطرة. وفي كل القطاع لا يوجد جهاز رنين مغناطيسي، فقط جهازا تصوير طبقي: واحد في المستشفى الأوروبي بمدينة خان يونس جنوبي القطاع، والثاني بالمستشفى الأهلي العربي (المعمداني) بمدينة غزة.

وقبل عودتنا إلى شمال القطاع كان عدد المراجعين في مجمع الشفاء 70 حالة يوميا، أما حاليا فقد وصلوا إلى 400 مريض رغم عدم وجود إمكانيات. وما زلنا في بداية طريق ترميم المجمع، فالناس تثق بالأطباء وبالخدمة فيه، وبالتالي متوقع زيادة أعداد المراجعين بشكل كبير، ونحن نسابق الزمن لترميم بعض الأقسام مثل مستشفى الولادة.

لقد حوّل الاحتلال مجمع الشفاء لخرابة فما فرص إعادة الحياة له في ظل القيود الإسرائيلية؟

جيش الاحتلال تعمد تدمير المستشفيات المركزية في المجمع لإيجاد حالة من التيه للناس، لأن لأي إنسان إن لم يجد الخدمة الطبية في منطقة سكنه سيهجر هذا المكان، والاحتلال خطط لذلك بشكل ممنهج، وبالتالي نحن نتحدث عن دمار بالمجمع لا يمكن إصلاحه، وعن إعدام الحياة فيه.

إعلان

ولكن ليس أمامنا من خيارات إلا النهوض من جديد، ونجحنا في افتتاح بعض الأقسام، وهي الطوارئ، وقسم للمبيت بقدرة 40 سريرا. وخلال أسبوعين سيكون لدينا قسم للعناية المركزة بسعة 15 سريرا، وقسم آخر للمبيت بقدرة 60 سريرا، ولكنها تبقى خطوات بسيطة على طريق إعادة الحياة للمجمع الذي يحتاج لنحو نصف مليار دولار من أجل إعادة إعمار المباني والأجهزة والمعدات الطبية بالكامل.

تدير ملف الإخلاء الطبي للجرحى والمرضى بجانب إدارتك للمجمع. فماذا عن الخروق الإسرائيلية بهذا الملف؟

هذا من الملفات الشائكة والمعقدة، ومنذ اندلاع الحرب، في أكتوبر/تشرين الأول 2023، وحتى إغلاق معبر رفح إثر إعادة احتلاله ضمن عملية اجتياح مدينة رفح في مايو/أيار الماضي، سافر للعلاج بالخارج نحو 5 آلاف مريض. ومنذ مايو/أيار الماضي وحتى قبيل الإعلان عن اتفاق وقف إطلاق النار، سافر 450 مريضا من خلال معبر كرم أبو سالم التجاري.

وبموجب الاتفاق يُسمح بسفر 150 مريضا وجريحا يوميا عبر معبر رفح البري، ولكن جيش الاحتلال لم يلتزم ويطلب يوميا قائمة تضم 50 مريضا فقط، فنرسلها للجانب المصري ومنه للجانب الإسرائيلي الذي يرفض سفر بعض الأسماء، وهذه عملية عقيمة مع وجود حوالي 16 ألف جريح ومريض بحاجة ماسة للسفر بغية العلاج.

وإن استمرت هذه الوتيرة نحتاج سنين من أجل سفرهم. وجراء ذلك نفاجأ يوميا بوفاة من 5 إلى 10 حالات وهي تنتظر على قائمات انتظار السفر، وهذا قتل غير مباشر يرتكبه الاحتلال، ويجب مراجعة هذه الآلية العقيمة من الوسطاء مع الاحتلال.

ما تعليقك على وفاة 40% من مرضى الفشل الكلوي؟

قبل اندلاع الحرب كان في قطاع غزة 1150 مريضا بالفشل الكلوي، وتناقص العدد إلى أقل من 700 جراء وفاة حوالي 40% من إجماليهم بسبب عدم توفر الخدمة الطبية. وهؤلاء كانوا يخضعون قبل الحرب لـ3 جلسات غسل أسبوعيا بمعدل 4 ساعات في الجلسة الواحدة، ليمارسوا حياتهم الطبيعية.

إعلان

وجراء عدم توفر الأجهزة بسبب الحرب والنزوح الكبير، تم تقليصها لجلستين أسبوعيا بمعدل ساعتين بالمرة الواحدة، وهذا غير كافٍ. وعلى سبيل المثال لدينا في مجمع الشفاء 250 مريضا يتلقون الخدمة على 25 سريرا، وهذا ينعكس على المريض بمضاعفات كبيرة، وإذا لم يتم تدارك الأمر بسرعة فسنفقد الكثير منهم.

مقالات مشابهة

  • الاقتصاد السوري يحتاج إلى نصف قرن لاستعادة عافيته بعد الحرب التي دمرته
  • "يوروبول" يحذر: تصاعد المجتمعات الإلكترونية العنيفة التي تستهدف الأطفال
  • الجزيرة نت تكشف التعديلات الدستورية التي أجازتها حكومة السودان
  • مدير مجمع الشفاء: الاحتلال عاملني كقائد عسكري وليس كطبيب
  • الكشف عن عدد الجثامين التي تحتجزها إسرائيل
  • كواليس الـ48 ساعة التي انقلب فيها ترامب على زيلينسكي
  • غزة وسوريا محور التقرير السنوي لمركز الجزيرة للدراسات
  • العودة إلى الشمال كابوس أمني يلاحق الإسرائيليين
  • ما طبيعة "كرفانات الإقامة" التي تستعد مصر لإدخالها إلى غزة؟
  • ترامب يحمل أوكرانيا مسؤولية الحرب التي دمرت أراضيها ويدعو لإجراء انتخابات