إنقاذ فرحان القاضي يكشف عجز إسرائيل أمام أنفاق غزة
تاريخ النشر: 30th, August 2024 GMT
سلط إنقاذ الجيش الإسرائيلي لرهينة من نفق تحت الأرض في قطاع غزة، الثلاثاء، الضوء على واحدة من أكبر العوائق المتبقية أمام هدف رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو المتمثل في اقتلاع حماس، وهو شبكة الأنفاق الواسعة والمعقدة للقطاع، التي تؤوي العديد من قادة الحركة المتبقين.
الأنفاق تخدم حماس بطرق متعددة
وكتبت إيفرات ليفني في صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، أن الجيش الإسرائيلي أعلن أنه أنقذ فرحان القاضي، الذي ينتمي إلى الأقلية البدوية العربية في إسرائيل، والمختطف في هجمات 7 أكتوبر (تشرين الأول)، من نفق لحماس تحت الأرض في جنوب قطاع غزة.
ووفقاً لمسؤولين بارزين، فإن القوات الإسرائيلية يبدو أنها عثرت على القاضي صدفة، بينما كانت تمشط شبكة من الأنفاق بحثاً عن مقاتلي حماس.
وهذه هي المرة الثانية خلال أسبوعين، التي تبرز فيها شبكة أنفاق حماس في خضم جهود إسرائيل لاستعادة الرهائن، مما يسلط بعض الضوء على الجانب غير المرئي في الغالب للحرب، الذي يواجه المسؤولين العسكريين والسياسيين في البلاد. وقالت القوات الإسرائيلية الأسبوع الماضي، إنها عثرت على جثث 6 رهائن خلف بطانة خرسانية في طريق تحت الأرض متصل بنفق بعمق 10 أمتار.
Israel’s Hostage Rescue Highlights Challenge of Hamas Tunnels in Gaza https://t.co/yJX4qjmw6j
— Carlos A Patiño (@capatinov) August 29, 2024
ويفيد الخبراء أن هذه الاكتشافات تحت الأرض بعد نحو 11 شهراً على الحرب، تظهر مدى تعقيد شبكة أنفاق حماس واتساعها. ويبلغ طول بعض الأنفاق مئات الأميال، بحسب ما يقول مسؤولون إسرائيليون وأمريكيون ومن حماس.
وأكد الزميل البارز في برنامج الحرب والتهديدات غير النظامية والإرهاب في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن دان بايمان، أن "الأنفاق ضخمة". وأضاف أن الحرب في غزة كشفت عن مفاجأتين في شأن النظام الجوفي الذي بنته حماس: هناك أنفاق أكثر، وهي أكثر تعرجاً، مما كان يعتقد سابقاً.
وأشار إلى أن الأنفاق تخدم حماس بطرق متعددة. ولا يقتصر الأمر على قدرة الجماعة على إخفاء قادتها ورهائنها فيها، بل إن الاستيلاء على الأنفاق - حيث تكون القوات الإسرائيلية أكثر عرضة للخطر ويتعين عليها التحرك ببطء شديد - أصعب بكثير من الاستيلاء على مبنى فوق الأرض.
وقال إن محاولة تدمير النظام الجوفي من الأعلى تمثل مشكلة أيضاً، لأن الأمر يتطلب قنابل كبيرة تسبب الكثير من الضرر وربما تخاطر بحياة الرهائن المختبئين في الأنفاق. وتكهن بأن العديد من الرهائن الأحياء المتبقين محتجزون تحت الأرض، ربما إلى جانب قادة حماس، لأنهم "يشكلون رصيداً قيماً جداً...وأحد أوراق المساومة الرئيسية لحماس".
An Israeli hostage was found by chance during an Israeli operation to capture a Hamas tunnel network beneath southern Gaza. A team led by Israeli commndos found him his own, without guards, in a room roughly 25 yards underground. W\@PatrickKingsley https://t.co/ygUTqcpa3V
— Ronen Bergman (@ronenbergman) August 27, 2024
ولفت أستاذ شؤون الأمن القومي في كلية الدراسات العليا البحرية جيمس فيرتز، إلى أن الجيش الإسرائيلي جرب تكتيكات عدة خلال الحرب لدفع مقاتلي حماس إلى فوق الأرض، بما في ذلك إغراق الأنفاق وإغلاقها. كما يفجرون بانتظام مداخل الأنفاق، وإرسال الكلاب والمسيّرات والروبوتات داخلها لتجنب المخاطرة بحياة جندي.
وقال إن "الأمر مرعب.. هناك منعرجات وغرف جانبية وأفخاخ. من الصعب التفكير بإرسال جندي إلى هناك".
وسبق للجيش الإسرائيلي الإعلان عن تحقيق تقدم في إزالة البنى التحتية لحماس تحت الأرض. وفي 15 أغسطس (آب)، قال الجيش إنه دمر نحو 50 نفقاً في أسبوع واحد، ووزع فيديو لجنود وهم يفجرون جحوراً ومواد بناء في مساحة على طول الحدود مع مصر، التي تطلق عليها إسرائيل "محور فيلادلفيا".
والتأكد من أن تلك الأنفاق وغيرها لن تحفر مجدداً، شكلت نقطة حاسمة في مفاوضات وقف النار التي يتم التوسط فيها بين إسرائيل وحماس. ويصر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو على بقاء بعض القوات الإسرائيلية لحراسة ممر فيلادلفيا، لمنع حماس من اعادة تسليح نفسها بعد الحرب، أو حفر أنفاق في اتجاه مصر.
إن هدف نتانياهو المتمثل في القضاء على حماس، وعلى قادتها وبنيتها التحتية، مهمة يفترض بعض الإسرائيليين أنها غير واقعية. وأعلن الجيش الإسرائيلي في وقت سابق من هذا الشهر، أنه قتل 17 ألف مسلح خلال الحرب، لكن الجيش يعاود القتال أكثر من مرة في مناطق سبق الإعلان عن تطهيرها من مقاتلي حماس. كما أن بعض القادة البارزين للحركة قد نجوا.
وفي يناير(كانون الثاني)، داهم كوماندوس إسرائيلي مجمعاً واسعاً من الأنفاق في جنوب غزة، بناء على معلومات استخباراتية أفادت بأن زعيم حماس يحيى السنوار يختبئ هناك. لكنه كان قد غادر المجمع في وقت سابق وبقي طليقاً.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: الهجوم الإيراني على إسرائيل رفح أحداث السودان غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية رفح غزة وإسرائيل القوات الإسرائیلیة الجیش الإسرائیلی تحت الأرض
إقرأ أيضاً:
ترامب وأوكرانيا.. إنقاذ أم ابتزاز أم خيانة أم فوضى؟
كييف- قلب اللقاء الأميركي- الروسي في المملكة العربية السعودية، الطاولة على أوكرانيا حتى وإن لم تحضر، لدرجة أن كِييف كفّت عن طلب دعم واشنطن صراحة، وعن المواربة في تصريحات مسؤوليها حول كل ما يصدر عن الإدارة الجديدة للولايات المتحدة.
وبات واضحا أن سلطة الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، مستاءة جدا من سياسات وإجراءات واقتراحات وتصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب، التي باتت بمجملها أشبه بإملاءات تستغل حاجة أوكرانيا للسلاح والمال، وتقرر منفردة كيف ستكون نهاية الحرب الروسية على البلاد، وكم وكيف ستدفع كييف مقابل الدعم.
ظهر الاستياء الأوكراني بداية بإعلان زيلينسكي إرجاء زيارة كانت مقررة الأربعاء إلى الرياض، رفضا لمصادفة قد تجمعه وجها لوجه مع الوفد الروسي، أو قد يُدفع إليها من قبل الأميركيين ربما، مع التشديد على رفض أي اتفاق لا تشارك فيه أوكرانيا وتركيا وبريطانيا والاتحاد الأوروبي.
أغاضت مواقف زيلينسكي ترامب على ما يبدو، الذي أثنى على "رغبة حقيقية لدى الروس بوقف الحرب"، وشدد على أهمية إجراء انتخابات لن ينجح فيها زيلينسكي "الدكتاتور" لأن "شعبيته لا تتجاوز 4%"، كما قال إن الأخير لا يعرف أين ذهبت نصف المساعدات الأميركية البالغة 300 مليار دولار.
إعلانثم حمل زيلينسكي بشدة على تصريحات ترامب الأخيرة، مشيرا إلى أن بلاده صرفت على الحرب 320 مليار دولار، منها 200 مليار من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ودول أخرى معا.
وانتقد زيلينسكي لقاء الرياض، معتبرا أنه كان في مصلحة الروس الذين قدموا أنفسهم "كضحية"، وأن "الولايات المتحدة ساعدت بوتين على الخروج من عزلة استمرت عدة سنوات".
كما انتقد رغبة إدارة ترامب بالاستحواذ على 50% من معادن البلاد النادرة دون أي ضمانات أمنية بالمقابل، مؤكدا أنه قال "لا".
زيلينسكي يتحدىليس هذا وحسب، فزيلينسكي تحدّى ترامب في موضوع الشعبية، وقال إن أرقامه تستند إلى ما يروجه الروس، وإن الانتخابات بعد نهاية الحرب هي التي ستظهر حقيقة شعبيته، مشددا على أن 1% فقط من الأوكرانيين يقبلون بتقديم تنازلات للروس.
وفي هذا السياق، سارعت وزارة التحول الرقمي إلى نشر بيانات حول "ثقة الأوكرانيين بالرئيس"، أظهرت أنها لا تقل 48%، وزادت بعد تصريحات ترامب بواقع 0.7% خلال يوم واحد فقط؛ ولفتت الوزارة أيضا إلى أن "مستوى ثقة الأوكرانيين بزيلينسكي أعلى بنسبة 4-5% من مستوى ثقة الأميركيين بترامب".
كما أظهر استطلاع للرأي أجراه معهد كييف الدولي لعلوم الاجتماع في الفترة ما بين 4 و9 فبراير/شباط أن شعبية زيلينسكي تبلغ نحو 57%.
بعيون الأوكرانيينللأسباب السابقة وغيرها الكثير، يبدو أن التوتر تسلل إلى العلاقات الأوكرانية -الأميركية، وأن الثقة تتراجع بين الجانبين؛ لتتباين بحدة نظرة وآراء الأوكرانيين تجاه شخص وأفعال ترامب، وأبرزها أن الأوكرانيين اليوم، ورئيسهم زيلينسكي، كفّوا عن القول إن ترامب قادر على إجبار بوتين على مفاوضات عادلة ووقف الحرب، بل إنهم يشككون بنزاهة موقفه كوسيط حتى.
يقول فولوديمير فيسينكو، مدير مركز الدراسات السياسية "بنتا" للجزيرة نت، إن الولايات المتحدة في ظل الرئاسة الثانية لترامب لن تكون شريكا إستراتيجيا رئيسيا لأوكرانيا كما كانت في ظل الرئيس السابق، جو بايدن، "وربما لن تكون شريكا موثوقا به على الإطلاق".
إعلانوأضاف "يجب ألا نعتمد على دعم الولايات المتحدة في عملية التفاوض. ترامب وإيلون ماسك يكرهان زيلينسكي كما هو معروف وواضح، وبالنظر إلى موقفه الشخصي، ستكون هناك مخاطر كبيرة، وقد نضطر إلى تقديم تنازلات أكبر".
ومن وجهة نظره أيضا "علينا الحفاظ على بقايا علاقات الشراكة مع الولايات المتحدة، وتجنب المواجهة معها؛ وبالمقابل، من الضروري تعزيز التعاون مع الاتحاد الأوروبي وتركيا في أسرع وقت ممكن، لرسم موقف وإستراتيجية تفاوضية مشتركة، وكذلك مع الصين، لأن مشاركتها ستؤدي إلى تحييد مخاطر التفاوض التي تنشأ عن ترامب".
ابتزاز وغموضويذهب بعض الأوكرانيين إلى اتهام ترامب صراحة بابتزاز بلادهم وإهانتها، والتحذير من "انقياد أعمى خلف شخص يلفه الغموض".
وكتبت السفيرة والدبلوماسية السابقة، لانا زيركال، في موقع "نوفا فريميا" أن "عروض الجانب الأميركي على أوكرانيا لاستيراد المعادن الثمينة سياسية أكثر مما هي اقتصادية، وهي أقرب إلى الابتزاز، وستؤدي إلى استعمار يحرمنا عائدات نصف ما نملكه".
وأضافت "لا يصح المضي كالعميان خلف شخص غامض مثل ترامب، لتوقيع صفقات لا تعرف مدتها وكم ستدر على صندوق البلاد، وللجلوس والتفاوض مع عدو لا يمكن التنبؤ بنواياه أيضا (بوتين)".
ومن الأوكرانيين فئة ترى أن أقوال وأفعال ترامب دليل "خيانة" أميركية بعد طول تعهدات لكييف، أو فوضى "ترامبية" إن صح الوصف، تجتاح العالم ولا تستثنِ أوكرانيا.
يقول كاتب الشؤون السياسية في موقع "نوفا فريميا"، إيفان ياكوفينا، للجزيرة نت، إن "ما يحدث نوع من الخيانة دون شك، وفي الوقت نفسه، ثمة حالة فوضى خلقتها إدارة ترامب، مع كندا والمكسيك والدانمارك وبنما والعالم العربي وأوكرانيا".
ويضيف "تصريحات ترامب تبدو مرتجلة عادة، تناقض بعضها، فهي حادة ومهينة دون مبرر أحيانا، ومنطقية في أحيان أخرى. ترامب ببساطة غير معتاد على لغة الخطاب الدبلوماسي. إنه يتحدث كرجل سكران وبدأ يشارك أسرارا وأفكارا مع من حوله، ويقرر ويحكم دون وعي"، على حد وصفه.
إعلان
الهيبة والجائزة
ورغم أن أوكرانيا دخلت بسبب ترامب نفقا جديدا لا تعرف نهايته، بقيت فيها أصوات لا تزال ترى فيه صانع سلام، ولكن لأهدافه، وعلى مقاسه الخاص.
أما ياروسلاف هريتساك، المؤرخ وأستاذ العلوم السياسية في "الجامعة الكاثوليكية" الأوكرانية، فقال للجزيرة نت "باعتقادي، يريد ترامب أن يدخل التاريخ كصانع سلام ويحصل على جائزة نوبل. قضية أوكرانيا هي مسألة هيبة بالنسبة له، يريد من خلالها إجبار بوتين على الاعتراف بأنه (ترامب) أقوى منه، وأن الأخير لن يفوز في هذه الحرب أبدا".
ويدلل هريتساك على هذا الرأي بالقول إن "ترامب يصغي فعلا لإيلون ماسك وبعض أفراد عائلته وأنصاره الذين يكرهون أوكرانيا وزيلينسكي شخصيا، لأنهم يعتبرون أنهم جزء من مؤامرة مناهضة بقيادة هيلاري كلينتون وجو بايدن وكامالا هاريس، لكن من المؤشرات الإيجابية كانت تعيينات الوزير مارك روبيو والمستشار مايكل فولتز والمبعوث كيث كيلوج".
ويتابع موضحا "هؤلاء، على عكس آخرين، لا يعتبرون الصين تهديدا رئيسيا، بل روسيا، ويدركون أهمية أوكرانيا ومستعدون لمساعدتها. وقد لا يكون الوضع جيدا، لكنه ليس في غاية السوء، وترامب يترك مجالا لمناورة السياسيين المهرة في النهاية"، على حد قوله.