#سواليف

#معـركة_غـزة بين #التـجويـع و #التجهيل

#الشيخ_كمال_الخطيب

✍️كنا في مقالة الأسبوع الماضي قد تحدثنا عن سياسة التجويع التي تعتمدها إسرائيل ضمن خطة حربها على شعبنا الفلسـ؛ـطـيني وأهلنا في قـ؛ـطاع غـ؛ـزة حيث يتنافى الحرمان ومنع الإنسان من الغذاء والماء والدواء مع الشرائع السماوية ومع التشريعات والقوانين الأرضية.


✍️ولأن حكومة إسـ؛ـرائيل وجيـشها بقيادة نتنياهو قد أعلنوا منذ اللحظة الأولى للحرب أن الهدف منها هو محو سلالة “العماليق” الفلسطــ؛ـينيين كما ورد في خطاب إعلان الحرب على غـ؛ـزة مستندًا إلى فقرة من سفر الشينة: “أذكر ما فعله بك عماليق في الطريق عند خروجك من مصر”. وفي كتاب صموئيل الفصل الخامس عشر تقول الآية الثالثة: “والآن اذهب واضرب العماليق وحرموا كل ما لهم ولا تعف عنهم، بل اقتل على السواء رجلًا وامرأة، طفلًا ورضيعًا، بقرًا وغنمًا، جملًا وحمارًا”. لأجل ذلك فإنهم اعتمدوا سياسة التجويع، فمن لم تقتله الطائرة والمدفع فسيقتله الجوع والعطش والمرض.
✍️ولما أننا سنكون بعد يوم واحد فقط مع بداية عام دراسي جديد 2024/2025 فإنه سيظهر جليًا أن مع سلاح التجويع والحرمان من الغذاء مورس ضد أبناء شعبنا في غـ؛ـزة، فإنه سلاح التجهيل والحرمان من التعليم كوسيلة من وسائل تدمير شعبنا.
✍️إنه وبالتفاوت البسيط بين بداية العام الدراسي الجديد بين دولة وأخرى، إلا أن جميع دول العالم تتقارب مواعيد بداية دخول الطلاب إلى مدارسهم وإلى جامعاتهم. وإذا كان طلاب مدارس ومعاهد وجامعات كل الدول سيستقبلون عامًا دراسيًا جديدًا، إلا أن طلاب قــ؛ــطاع غـ؛ـزة وحدهم من بين كل طلاب الدنيا فإنهم لن يعودوا إلى مدارسهم ولا إلى جامعاتهم حيث لا مدارس ولا جامعات يرجعون إليها.
✍️إنها الحرب الإسـ؛ـرائيلية المجنونة على أبناء شعبنا في غـ؛ـزة والمستمرة منذ أكثر من عشرة أشهر، والتي تم تدمير 70% من المباني والبيوت والبنية التحتية هناك، زيادة على قـ؛ـتل ما يزيد على 40,000 من أبناء شعبنا. ولأن من أهم عناصر ومقومات نهضة أي شعب هو جهاز التعليم، فإن المؤسسة الإسـ؛ـرائيلية قد استهدفت هذا القـ؛ـطاع بشكل ممنهج. إنه وفق إحصاءات مكتب “الإعلام الحكومي والهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسـ؛ـطيني” فإن حصيلة استهداف جهاز التعليم قد أسفرت عن نتائج وأرقام مذهلة تؤكد أن سلاح التجهيل كان لا يقل عن سلاح التجويع، ففي قــ؛ــطاع غـ؛ـزة تم تدمير” 117″ مدرسة وجامعة تدميرًا كليًا، وتم التدمير الجزئي لـ “332” مدرسة، وتم قـ؛ـتل “500” معلم ومدير مدرسة، وتم قتل “100” عالم وباحث وأستاذ جامعي، وتم قتل “9000” طالب مدرسة وجامعة، وإن “800” ألف طالب وطالبة قد ضاعت عليهم السنة الدراسية 2023/2024، وكل المؤشرات تدل على ضياع واستحالة العودة للمدارس في العام الدراسي الجديد 2024/2025. وتشير الأرقام والإحصاءات الرسمية أن “39,000” طالب وطالبة قد فاتهم إجراء امتحانات الثانوية العامة “التوجيهي” وهو الامتحان والشهادة التي تؤهل الطلاب للدخول إلى الجامعات في داخل الوطن وخارجه. وليس أن إسرائيل قد استهدفت المدارس والجامعات فقط كمراكز للتعليم والوعي والثقافة، وإنما استهدفت المساجد كأهم منارات للعلم زيادة على كونها أماكن عبادة، فقد قامت إسرائيل بهدم وتدمير “609” مساجد تدميرًا كليًا، ودمرت جزئيًا مئات المساجد الأخرى زيادة على ثلاث كنائس دُمرت بالكامل.
✍️إن حجم الاستهداف لجهاز التعليم في قــ؛ــطاع غـ؛ـزة ومقدار الحقد الذي مورس ضده، فإنه يأتي بحجم التميّز الذي كان عليه قــ؛ــطاع غـ؛ـزة. وأعلم علم اليقين أن أصحاب القرار في إسـ؛ـرائيل يعلمون جيدًا وبأدق التفاصيل المكانة العلمية لأهل غـ؛ـزة.
✍️إنها المفارقة العجيبة التي لا بد أن يعلمها الجميع أن رؤيتنا لأهلنا المشــ؛ردين واللاجـ؛ـئين في غـ؛ـزة بثياب البؤس وهم الذين خرجوا من بيوتهم لا يحملون معهم إلا أقل القليل من حاجاتهم، فإن خلف تلك الثياب الرثة تسكن قلوب عامرة بالإيمان وعقول عامرة بالوعي والعلم والثقافة. وإذا كانت إسرائيل التي بجيشها تقتل هؤلاء وتشرّدهم وهي تباهي بقدراتها وترساناتها وآلة الموت والقتل التي تملكها وتسلّطها على شعبنا الفلســ؛ـطيني في غـ؛ـزة. إن إسـ؛ـرائيل هذه والتي تعتبر نفسها جزءًا من المنظومة الغربية، فإن نسبة الأمية فيها تبلغ 4.6% بينما أبناء شعبنا في غـ؛ـزة الذين تقتلهم إسـ؛ـرائيل وجنودها الأميون لا تصل نسبة الأمية بينهم إلا إلى 2.8%.
✍️وليس هذا وحسب بل إن نسبة المتعلمين في قــ؛ــطاع غـ؛ـزة هم في المرتبة الأولى على صعيد الوطن العربي كله من محيطه إلى خليجه. فإذا كان معدل المتعلمين في الوطن العربي يصل إلى 79% فإن معدل التعليم في قــ؛ــطاع غـ؛ـزة يصل إلى 96.4% رجالًا ونساء وهي عند الرجال تبلغ 98.3%. وتأتي قطر في المرتبة الثانية بنسبة 96.3%، ويأتي فلسطـ؛ـينيو الضفة الغربية بالمرتبة الثالثة بنسبة 95% بينما تصل نسبة التعليم في الإمارات التي تنام على بحيرة من النفط والغاز إلى 77.9%.
✍️وإن مما يدل على الاستهداف لجهاز التعليم ما أوردته صحيفة هآرتس العـ؛ـبرية في تقريرها يوم الجمعة 16/8/2023 عن ظروف اعتـ؛ـقال الأسـ؛ـرى الفلسطينيـ؛ـين في معتـ؛ـقل “سـ؛ـدي تيـ؛ـمان” في النقب الذي كان بعنوان: “خدمنا في سـ؛ـدي تيـ؛ـمان، هكذا هو الحال من الداخل، الأيدي والأرجل مقيدة، الأعين معصوبة، ممنوع التحرك بحركة، ممنوع الكلام هكذا تمر الساعات تلو الساعات، ويوم بعد يوم، وأسبوع يتلوه أسبوع وبين المرة والمرة ضربات قاتلة. جنود وأطباء يتحدثون عن ظروف اعـ؛تقال المحتجزين من غـ؛ـزة”.
✍️يقول أحد الجنود في شهادته:” أخرجوا عشرة أشخاص من قفص الاعتقال، ذهبوا بهم إلى مكان مغلق، فجرّوهم بالعصي، كانت ضربات إلى حد اعتقادي أنها كسرت أسنانًا وكسرت أضلاعًا، كل ستة أو سبعة جنود على معتقل واحد. ركلات ضربات لطمات وهكذا حتى يتعبوا”.
إنها التفاصيل المريعة والفظائع تفوق الخيال ويشيب لها الولدان يتحدث بها هؤلاء الجنود عن أدق التفاصيل لكيفية تعامل الجـ؛ـيش الإسـ؛ـرائيلي في مسلخ “سـ؛ـدي تيـ؛ـمان”. وقد أورد أحد الجنود بذكر الحرف الأول من اسمه عن اللحظة التي رأى فيها معلمًا معتقلًا يبلغ من العمر 60 سنة والذي لم يكن له إلا طلب واحد هو أن يتم التعامل معه كإنسان وكان يبكي من القهر.
???? كلب ابن كلب
✍️ فإذا كان طلب ذلك المعلم الفلسطيني ابن 60 سنة أن يتم التعامل معه كإنسان، فإنه يشير ويدل بشكل واضح إلى انتهاك إنسانيته وإلى التعامل معه وكأنه حيوان أو حتى أقل من ذلك تحقيرًا وازدراء وإهانة وتنكيلًا.
قال الإمام السبكي رحمه الله: “كنت جالسًا بدهليز دارنا “فناء البيت” فأقبل كلب فانتهرته قائلًا: إخسأ كلب ابن كلب. فسمعني والدي وكان بداخل البيت فزجرني بسبب ما قلته، فقلت له: سبحان الله أليس هو كلب ابن كلب؟ فقال لي والدي: إن شرط جواز أن تقول ما قلته هو عدم قصد التحقير”. فإذا كان هذا في حق الحيوان بعدم جواز تحقيره فكيف بمن يحقرون الإنسان؟ وكيف بمن ينتهكون آدميته وإنسانيته؟
✍️كيف بوزير حرب إسرائيل الذي وصف أهل غزة كلهم بأنهم حيوانات بشرية؟ وكيف بمن يطلقون كلابهم البوليسية لتنهش أجساد الأحياء من كبار السن ومن ذوي الاحتياجات الخاصة؟ كما حصل في حالتين تم توثيقهما وهما للمسنة “دولة الطنان” وللطفل من ذوي الاحتياجات الخاصة “محمد صلاح بيار”، وكيف بمن يقتلون الفلسطينيين شيوخًا ونساء وأطفالًا ولا يسمحون لأحد بنقل جثامينهم التي تتحلل في الشوارع والطرقات تنهشها الكلاب ولا تُدفن إلا بعد أيام أو أسابيع، بينما هم الذين إذا قُتل أحد كلابهم البوليسية فإنهم يُجرون له طقوسًا عسكرية ويدفنونه في مقابر خاصة تليق بمقامه ولسان حالهم يقولون: إن كلابهم هي أكرم من أبناء شعبنا؟!!!
✍️وكيف بمن يجبرون المعتقل الفلسطيني خلال اعتقاله والتحقيق معه كما أوردها أكثر من معتقل فلسطيني، فإنهم يربطون في عنقه حبلًا ويجبرونه على أن يمشي على أربع، وأن ينبح مثل الكلب؟ وفي حالات أخرى يضعون له صحن طعامه ويجبرونه وهو مقيّد اليدين أن ينحني بلسانه فيلعق بلسانه من الصحن كما يلعق الكلب.؟.
✍️فأي فارق بين المسلم لا يُقبل منه أن يقول عن الكلب أنه ابن كلب إذا كان القصد منه التحقير والإهانة والازدراء، وبين من يهين ويزدري ويحقّر الفلسطيني عبر إلزامه بالقيام بحركات لا يقوم بها إلا الكلب؟ فيا هؤلاء:
حسبكم هذا التفاوت بيننا *** فكل إناء بالذي فيه ينضح
????أنتم وفد الله يا أهل غزة
✍️وأنتم الذين حُرم أبناؤكم من الدراسة والتعليم، وأنتم الذين يهان ويحقّر أبناؤكم في السجون والمعتقلات، وأنتم الذين قُتل أبناؤكم وشُرّدت عوائلكم وهُدمت بيوتكم ويُتّم أطفالكم ورملت نساؤكم وأنتم الذين تدفعون ضريبة الكرامة عن الأمة كلها، فلا عليكم بعد هذا كله.
فإذا كان بعض الناس يطيرون فرحًا إذا كان أحدهم ضمن وفد دخل وزار زعيمًا من الزعماء، وهناك استقبله فخامته أو سموه أو جلالته، فيعتبر وجوده بذلك الوقت أنه حظّه من الدنيا ولا بأس لو مات بعد ذلك.
✍️وإذا كنتم يا أهل غزة في حصاركم منذ سبعة عشر عامًا لا تدخلون على صاحب جلالة ولا فخامة، بل إن هؤلاء هم الذين يشاركون في حصاركم، لا بل وإذا كانت الوفود هذه الأيام تتقاطر شرقًا وغربًا، ليلًا ونهارًا سعيًا منها لإيجاد حلّ جذري يرضي غرور المتأله نتنياهو ولو على حساب حقوقكم وكرامتكم، فلا عليكم من هذه الوفود ولا من الذي يسيّرها.
✍️وإذا كان أسمى أماني أصحاب الجلالة والفخامة العرب والمسلمين بأن يرأس أحدهم وفدًا يدخل فيه على الرئيس الأمريكي بعد أن يكون قد تكرم عليه بالموافقة على زيارته له، فلا عليكم يا أهل غزة إن لم تكونوا أنتم ضمن الوفود المتجهة إلى الرؤساء والملوك، فكما قال الاستاذ أدهم الشرقاوي: “المهم أن لا يفوتكم الوفد الذي سيدخل على ملك الملوك سبحانه وتعالى {يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَٰنِ وَفْدًا} آية 85 سورة مريم”.
✍️ستفشل حرب التجويع وستفشل حرب التجهيل وستفشل حرب التقتيل تقودها إسرائيل.
✍️وأما أنتم يا أبناء شعبنا في غزة فإنكم ستخرجون من تحت رماد هذه النار مثل عنقاء الرماد، وتنفضون عنكم غبار هذه الحرب المجنونة، وتنفضون عنكم ذلّ السنين وتمضون إلى الأمام يملؤكم اليقين أنكم إلى الفرج أقرب فأبشروا.
رحم الله قارئًا دعا لي ولوالدي ولوالديه بالمغفرة.
والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

مقالات ذات صلة الحبس والغرامة لهذه العقوبة 2024/08/30

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: سواليف معـركة غـزة التـجويـع التجهيل الشيخ كمال الخطيب أبناء شعبنا فی وأنتم الذین إسـ ـرائیل فی غـ ـزة وإذا کان فإذا کان أهل غزة

إقرأ أيضاً:

وسط صمت دولي.. برلماني: إسرائيل تستخدم التجويع سلاحا للضغط على الفلسطينيين

أكد النائب محمد البدري، عضو لجنة الصحة بمجلس الشيوخ، أن قرار الاحتلال الإسرائيلي بوقف دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة يمثل جريمة حرب مكتملة الأركان، وانتهاكا صارخا للقوانين الدولية، مشددا على أن إسرائيل تلجأ إلى سياسة العقاب الجماعي والتجويع كسلاح قذر لإخضاع الفلسطينيين وإجبارهم على القبول بشروطها المجحفة.

وأشار البدري في تصريحات صحفية له اليوم، إلى أن هذا القرار التعسفي يفاقم الكارثة الإنسانية التي يعيشها أبناء غزة، الذين يعانون من نقص حاد في الغذاء والدواء والخدمات الأساسية، مؤكدا أن هذه الممارسات تكشف الوجه الحقيقي للاحتلال، الذي يسعى لفرض واقع جديد بالقوة وسط تواطؤ وصمت دولي مرفوض وغير مبرر.

وشدد عضو مجلس الشيوخ على أن مصر، بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، تتحرك بكل قوة لإنقاذ اتفاق وقف إطلاق النار ومنع تفاقم الأزمة، مؤكدا أن القاهرة لن تسمح بتمرير أي مخططات تستهدف تهجير الفلسطينيين أو فرض حلول تنتقص من حقوقهم المشروعة، بل ستواصل جهودها لحماية الأمن القومي المصري والعربي ودعم القضية الفلسطينية.

ودعا البدري الأمم المتحدة والمجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياتهم واتخاذ موقف حاسم لإلزام إسرائيل بفتح المعابر وضمان تدفق المساعدات الإنسانية، محذرا من أن استمرار هذا الوضع قد يؤدي إلى انفجار إنساني غير مسبوق يهدد استقرار المنطقة بأكملها.

مقالات مشابهة

  • برلماني: الاحتلال يستخدم التجويع لتركيع الفلسطينيين وسط صمت دولي غير مبرر
  • وسط صمت دولي.. برلماني: إسرائيل تستخدم التجويع سلاحا للضغط على الفلسطينيين
  • وفد من دار الفتوى سلّم العلامة الخطيب دعوة للمشاركة في الإفطار في 15 الجاري
  • مكتسباتُ معركة “طوفان الأقصى”
  • الشهداء فى الذاكرة.. والدة الشهيد وائل كمال: وصى أخوه يدفنه مع منسى
  • كمال ريان: الحزمة الجديدة الأكبر في دعم محدودي ومتوسطي الدخل
  • بري عرض مع الخطيب الأوضاع العامة
  • محمد غنيم يكتب: مع الشيخ محمد رفعت
  • المطران عطالله حنا: نتمنى أن تزول المظالم التي يتعرض لها الفلسطينيون
  • سامي الجابر: بهذا الدفاع الهلال لا يستطيع الإكمال في الدوري