أخضع رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل الحركة الأخيرة داخل تياره لقانون الجاذبية. وكانت له مراجعة معمّقة لحسابات الربح والخسارة في موازين القوة والضعف ومدى تأثير الانسحابات، سواء بالاستقالة أو الإقالة أو الإبعاد، على "الحالة العونية"، نيابيًا وشعبيًا وتحالفيًا. وبطبيعة الحال كان عليه نتيجة هذا التقييم اتخاذ "القرار الصعب"، وإن جاء خروج ثلاثة نواب من تلقاء أنفسهم قبل أن يطالهم "سيف التطهير" خارج سياق هذا القرار، الذي لم يستثنِ النائب الآن عون بما يمثّله في "الوجدان العوني" كونه ابن شقيق الأب الروحي لـ "التيار"، وإن استطاب للبعض استعارة تعبير "المرشد الروحي" لـ "التيار" ولباسيل في شكل خاص.
المقربون من باسيل يعترفون بأن "القرار الصعب"، الذي اتُخذ كان بالفعل قرارًا صعبًا وجريئًا؛ وهو قرار لا يمكن لأحد سواه اتخاذه في هذا الوقت العصيب الذي يواجهه، ولكن كان لا بدّ من أن يقدم عليه على رغم محاذيره على المستويين القريب والبعيد. فما بين خسارة أربعة نواب وربما أكثر لاحقًا، وبين أن يبقى "التيار" تحت أجنحته، فضّل "التضحية" بالقليل خشية أن يخسر الكثير. فـ "القليل" بالنسبة إليه يمكن تعويضه سواء عبر صندوقة الاقتراع حين يزّف "أوان الامتحان". أمّا إذا خسر "الكثير" فإن مسألة التعويض تصبح صعبة. ويقول هؤلاء إن النواب الأربعة حتى ولو أصبحوا سبعة بنوا حيثيتهم الشعبية من خلال انتمائهم إلى "التيار الوطني الحر". وكما كان له عليهم الفضل بإيصالهم إلى حيث وصلوا هو قادر على إعادتهم إلى أحجامهم الطبيعية. وهذا ما اوضحه البيان الذي صدر تعقيبًا على حديث مسرّب للنائب الآن عون عن إمكانية تقديم كل من "حزب الله" وحركة "أمل" الدعم الكامل له في الانتخابات المقبلة في العام 2026 في حال حصلت.
فالنائب باسيل، ووفق هؤلاء المقربين، مرتاح على وضعه، وهو مطمئن إلى أن "التيار" بوضعيته الراهنة أقوى بكثير مما كان عليه قبل الحركة الأخيرة، وهو يتطّلع إلى رصّ الصفوف الحزبية في المستقبل القريب، وإلى انضباطية أكثر، وإلى التزام أكثر جدّية وفاعلية، لأن "القصة" ليست بالعدد، بل بالنوعية التي ستكون الركيزة الأساسية لدينامية رشيقة ومتحرّرة من بعض رواسب الماضي، أو من بعض "التقالات" إذا أجيز التعبير.
وما قاله الرئيس عون أمس في حديث صحافي يؤكد نظرية باسيل من "ان من نخرجهم من "التيار" مقصّرون وبعضهم فتح على الخارج. هناك تقصير من بعض النواب وأخطاء ارتكبها النواب الأربعة، وتبيّن أنه باتت لديهم ميول جديدة وسياسة جديدة، وهناك مواقف وكلام قيل، وسفرات سياسية إلى الخارج من دون تشاور. لذلك "عم نشيلن" أو "عم يطلعوا". وفي اعتقاد البعض أنه لولا الدعم المعنوي الذي يقدمه عون لصهره لما كان في استطاعته الذهاب بعيدًا في خياراته الداخلية، خصوصًا أنه دافع عنه في شكل لافت، نافيًا أن يكون "ديكتاتورا". وهنا يمكن الحديث عن مثل لبناني، ولكن بطريقة معاكسة، حيث أصبح العم "سندة ظهر" الصهر.
ولكن في المقابل فإن لهذا "القرار الصعب"، الذي كان لا بدّ منه في نظر "الباسيليين"، وجهًا آخر. وهذا ما يأخذه البعض على باسيل حتى بعض الحزبيين المصنّفين في خانة "المتردّدين". وهذا الوجه يتمثّل، في رأي هؤلاء، بأن تمثيل "الجبل المسيحي"، أي جبيل وكسروان والمتنين، تقّلص من خمسة نواب إلى نائب واحد، بحيث لم يعد لـ "التيار" تمثيل وازن في هذه الأقضية باستثناء قضاء كسروان الممثّل بالنائبة ندى البستاني، وبالتالي فإنه تراجع من أكبر كتلة نيابية مسيحية إلى كتلة وسطية الحجم والفاعلية من حيث التأثير الانتخابي في الاستحقاقات المفصلية كالانتخابات الرئاسية مثلًا حين تنضج ظروفها، فضلًا عن أن هذا الضمور سيفرض على القوى الحليفة الحالية والسابقة مراجعة خياراتها في موازين الربح والخسارة على قاعدة أنه في العمل السياسي والتحالفات الانتخابية لا وجود لما يُسمّى "كاريتاس". أمّا الخسارة الأكبر فهي ما يمكن أن تتركه هذه الحركة على معنويات الحزبيين وحتى الأوفياء منهم، الذين كانت فكرة أن كتلتهم هي الأقوى تمثيلًا نيابيًا وشعبيًا "تسكرهم"، وكانوا يعتدّون بها عند كل استحقاق، هذا فضلًا عمّا لهؤلاء النواب الأربعة من حيثية شعبية تراكمية من خلال تقديمهم الخدمات على اختلاف ألونها مع تنامي حاجة الناس إلى الحدّ الأدنى من هذه الخدمات، التي لم يجدوها في دولتهم المركزية.
وإلى حين وقت الامتحان في ربيع العام 2026 فإن عملية "التطهير" مستمرة حتى يصبح جميع المنتمين إلى "التيار العوني" "باسيليين" بامتياز. المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
خلط اوراق رئاسية قبل المساومة والقوات تتريث.. مناورة باسيل: تأييد غير مشروط لجعجع
تبدو البلاد وكأنها دخلت اجواء احتدام قياسي في التنافس الرئاسي قبيل بدء عطلة عيدي الميلاد ورأس السنة الجديدة بما يعكس جدية عالية في التعامل السياسي الداخلي والخارجي مع موعد 9 كانون الثاني المقبل بأنه موعد انتخاب رئيس الجمهورية العتيد مهما تراكم من تعقيدات امام هذه المحطة الحاسمة.
وكتبت" النهار": اذ تصاعدت حركة المرشحين على نحو لافت في الايام الاخيرة، بدا من المعطيات الاساسية التي شغلت القوى السياسية ان ارتفاع اسهم ترشيح قائد الجيش العماد جوزف عون تحوّل الى حجر الرحى الذي تدور حوله الحسابات السياسية لرسم المعالم النهائية للمعركة باعتبار ان مصير انتخابه ليس محسوماً بطبيعة الحال، وان اسهم مرشحين اخرين عادت تعلو وتهبط وستبلغ الحمى ذروتها في الاسبوع الذي يسبق موعد الجلسة الانتخابية.
والجديد البارز في هذا السياق، تمثل في ارتفاع وتيرة الموقف المتحفظ للثنائي الشيعي عن انتخاب قائد الجيش بعدما رشحته الكتلة الجنبلاطية، اذ ان رئيس مجلس النواب نبيه بري يقول بصراحة ان ترشيح العماد جوزف عون يحتاج الى تعديل دستوري "حتما" ، الا اذا فاز بالدورة الاولى بالثلثين فيصبح رئيساً ويكون انتخابه على غرار حالة انتخاب الرئيس السابق ميشال سليمان.
ولم يحسم بري حتى الان توجه خيار كتلته فيما سترتفع وتيرة الاتصالات بين الكتل النيابية مع حلول عيد الميلاد لتبيان وجهة كل فريق. وستبقى عملية الاخذ والرد مفتوحة بين النواب الى الساعات التي تسبق موعد الانتخابات.
ولكن المعطيات المتوافرة تشير الى ان الثنائي الشيعي يطمح الى الحصول على ثمن مهم لقاء دعمه انتخاب قائد الجيش الذي يتقدم سائر المرشحين المحتملين للرئاسة الاولى. والثمن المطلوب يتصل على الأقل بالسعي الى ابقاء الواقع السياسي القديم على قدمه وضمان تثبيت وزارة المال للطائفة الشيعية وتأمين اعمار القرى والبلدات في الجنوب عبر مجلس الجنوب في شكل خاص على نحو يتيح المحافظة على النفوذ الشيعي. وليس معروفاً اذا كان العماد عون سيماشي هذا الاتجاه بحيث يدخل الى رئاسة الجمهورية في هذه الحال مقيّداً بتنازلات مسبقة توازيها على الارجح مطالب من قوى اخرى. ولكن خيار جوزف عون لا يزال الاقوى على رغم موجة ترشيحات يخشى ان تؤدي في حال استمرارها اوالتشجيع عليها الى تشتيت الاصوات على نحو يمكن تمرير "مرشح تهريبة". وتلفت المعطيات نفسها الى انه مع ضيق هامش العد العكسي لموعد الجلسة الانتخابية تتصاعد مخاوف من امرين: الاول تسلم الرئيس الاميركي المنتخب دونالد ترامب منصبه في 20 كانون الثاني المقبل وما يمكن ان يعني ذلك من تراجع الاهتمام بلبنان وملفه، والامر الاخر هو احتمال ان تراوغ اسرائيل في موضوع انهاء انسحاب قواتها من لبنان في فترة الستين يوماً التي تم الاتفاق عليها والتي تنتهي في 27 كانون الثاني اي بعد الموعد المحدد لانتخاب رئيس الجمهورية بـ 18 يوما . وعدم انتخاب رئيس سيوفر ذرائع بعدم جدية لبنان بتنفيذ اتفاق وقف النار ما يمكن ان يتيح هامشاً اما لبقاء اسرائيل او توسيع هامش احتلالها لقرى الجنوب.
وكتبت" الاخبار": رغم أن الرئيس نبيه بري إذا ما سُئل عن جلسة التاسع من الشهر المقبل لانتخاب رئيس للجمهورية، يسارع إلى القول إن «التوقّعات كبيرة»، ورغم ما توحي به ماكينة إعلامية ضخمة حول تأييد دولي لانتخاب قائد الجيش جوزف عون، ورغم أن حظوظه تبدو الأقوى، ثمّة ملاحظات كثيرة، تشير كلها إلى أن لا شيء نهائياً بعد، والأمور لن تنضج قبل بداية السنة الجديدة، وحتى ذلك الحين ستجري مياه كثيرة في النهر.
من هذه الملاحظات، مثلاً، أنه بمجرد إعلان النائب السابق وليد جنبلاط تبنّيه ترشيح عون عقب لقائه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في باريس الأسبوع الماضي، ما اعتُبر يومها «إشارة إلى توافق أميركي - فرنسي على قائد الجيش»، أوفد ماكرون مرشح باريس لرئاسة الجمهورية المصرفي سمير عساف إلى لبنان للقيام بجولة شملت «كل الأطراف السياسية»، وآخرها أمس النائب فيصل كرامي ورئيس تيار المردة سليمان فرنجية الذي استبقاه إلى الغداء، علماً أن عساف رافق ماكرون في زيارته للرياض مطلع هذا الشهر. وهو أكّد أمام من التقاهم بأنه «مرشح فرنسا»، وأن حظوظه هي «الأقوى بعد حظوظ قائد الجيش».
وتلفت المصادر إلى أن عون هو «المتقدّم حتى اللحظة»، لكنها لفتت الى صعوبة تأمين 86 صوتاً لمصلحة تعديل دستوري يسمح له بالترشح، في ظل موقف التيار الوطني الحر وبعض النواب المستقلين كنائب رئيس المجلس الياس بو صعب، والموقف المبدئي لبعض النواب «التغييريين» بمعارضة تعديل الدستور. والأهم من ذلك اصطدامه بـ«العقبة الشيعية». كذلك أشارت المصادر إلى «برودة» قابلت ترشيح جنبلاط لعون، إذ إن أياً من الكتل النيابية التي تتحدّث بإيجابية عن أداء قائد الجيش وعدم معارضتها لانتخابه، لم تعلن صراحة دعمها له. ناهيك عن أن كل القوى المسيحية، من دون استثناء، أزعجها أن يخرج ترشيح عون من المختارة، واعتبرت أن موقف جنبلاط زاد الأمور تعقيداً، مشيرة إلى أن ماكرون تحدّث أمام جنبلاط عن أن باريس تؤيد ترشيح عساف وعون وجهاد أزعور، وأن الزعيم الاشتراكي هو من اختار قائد الجيش من بين المرشحين الثلاثة. أضف إلى ذلك أن جنبلاط بترشيحه عون ضرب أكثر من عصفور بحجر واحد: إذ أكّد للمعارضة أنه لن يتقاطع معها على أي مرشح، وأرضى عون، ومع إدراكه أن الأخير لن يكون قادراً على تحصيل 85 صوتاً لإجراء تعديل دستوري، يكون قد تجنّب الحرج مع الرئيس نبيه بري. وهذه كلها تصبّ في مصلحة التوصّل إلى توافق على مرشح تسوية يمشي به الجميع في الجلسة. وإذا كان موقف التيار الوطني الحر من عون معروفاً، فإن موقف معراب الغامض منه زاده تبنّي جنبلاط له غموضاً، وباستثناء الحديث في العموميات بإيجابية عن قائد الجيش، فإن الموقف القواتي لا يزال في حالة «تريث ودراسة معمّقة للترشيحات، ولن يكون هناك موقف قبل السنة الجديدة»، وفق المصادر نفسها. وما لم تقله معراب، عبّر عنه أمس النائب كميل شمعون الذي أشار إلى «ضرورة التريث في تسمية المعارضة لمرشحها، وفي انتخاب الرئيس قبل انقضاء مهلة الـ60 يوماً المعطاة للبنان لتطبيق القرارات الدولية 1559 و1680 و1701، وإنجاز كامل مضمون اتفاقية وقف إطلاق النار»، مؤكداً أن «المعارضة لم تحسم خيارها بعد، وتنتظر اكتمال التشاور بين أقطابها للإعلان عن مرشحها».
وكتبت" اللواء": يسعى رئيس تكتل لبنان القوي النائب جبران باسيل في احدث مناورة له إلى احباط ترشيح النائب السابق وليد جنبلاط لقائد الجيش العماد جوزاف عون تولي منصب رئيس الجمهورية.
فبعد المسارعة الى رفض الاقتراح الجنبلاطي، مستندا الى المعزوفة نفسها التي تجعله لا يشارك عبر وزارئه في جلسات حكومة تصريف الاعمال، كذلك الميثاقية، وتسجيل المأخذ على إقدام جنبلاط على تسمية عون، بما اعتبره باسيل حينها بأنه إقدام على تسمية مرشح للموقع المسيحي الاول في لبنان، (وكأن منصب الرئيس مسيحي فقط).. تواصل باسيل مع حزب لله، لعله يجد اتفاقا معه على رفض ترشيح قائد الجيش، من دون الحصول على جواب حاسم على هذا الصعيد..
امَّا الخطوة الجديدة، فتمثلت بالتواصل مع رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع عبر أحد الوسطاء، وابلاغه ان كتلة التيار العوني على استعداد لانتخابه، اذا كان يفكر جديا بالترشح للمنصب الأول..
وكشفت مصادر على اطلاع على سير الاتصالات لـ «اللواء» ان جعجع لم يعط جوابا لغاية تاريخه..
ونقلت عن المعنيين ان جعجع يدرس اقتراح باسيل، كما يدرس الخلفيات التي حدت بجنبلاط على ترشيح العماد عون، لذا استمر بتريثه لتاريخه، مراهنا على كسب مزيد من الوقت، لكنه يدرك انه لن يتمكن من التأخر كثيراً عن ابداء موقف لصالح ترشيح قائد الجيش.
وعزت المصادر اياها موقف جعجع بالامتناع عن التجاوب الفوري مع باسيل بأنه سعي لتجنب الخلاف مع حلفائه الاقليميين والدوليين المؤيدين لعون في رئاسة الدولة اللبنانية.
ويدرك جعجع ان هدف باسيل هو قطع الطريق على عون، من زاوية ان الكتلتين المسيحيتين الكبيرتين في المجلس النيابي ليستا مع ترشيحه، مما يعني انهاء حظوظه بالرئاسة بسبب رفض القوى المسيحية الاساسية له..
وفي سياق متصل، أوضحت مصادر سياسية لـ «اللواء» أن العمل جارٍ كي تأتي جلسة الإنتخاب في التاسع من كانون الثاني المقبل على قدر التطلعات في ما خص إنجاز الإستحقاق الرئاسي ورأت أن هذه الفرضية قائمة كما فرضية تحولها إلى جلسة تمهيدية لجلسة انتخاب تعقد في الشهر نفسه، ولذلك تبقى التوقعات مفتوحة.
وقالت المصادر إن الإجماع على دور قائد الجيش العماد جوزف عون قائم اما الإجماع على انتخابه فيتطلب تبني العدد الأكبر من الكتل النيابية له، معلنة أن ثمة قناعة بأن المسألة تتطلب بعض المشاورات والوضوح في الخيارات، لافتة إلى أنه عاجلا أم آجلا ستتضح الخيارات في الترشيحات منعا للتأويل والغوص في تحليلات غير سليمة.