شدد تقرير نشرته مجلة "ذي ناشونال انترست" على استغلال دولة الاحتلال الإسرائيلي تراجع النفوذ الروسي في منطقة آسيا الوسطى ضمن جهودها لمواجهة إيران.

وقالت المجلة في التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن منطقة آسيا الوسطى والقوقاز تشهد حربا باردة بين "إسرائيل" وإيران  وصراعا على النفوذ.

وأضافت المجلة أن إيران و"إسرائيل" في الأشهر العشرة الأخيرة تشهد حروب بالوكالة من غزة إلى لبنان وسوريا واليمن.

وبعد الاغتيالات التي نفذتها "إسرائيل" في بيروت وطهران، فقد زادت احتمالات التصعيد.

ولكن النزاع الإيراني- الإسرائيلي بات في قلب الحرب الباردة بين الكتلة الغربية والكتلة الأوراسية التي تقودها الصين وروسيا وإيران، وفقا للتقرير.


وبالنسبة للمراقب العادي، فمن الواضح أن النزاع الإسرائيلي- الإيراني يدور في كل منطقة الشرق الأوسط. وأشار المحللون، بمن فيهم المشاركون في التقرير هذا، إلى التورط الإيراني- الإسرائيلي في الحرب الروسية- الأوكرانية، حسب التقرير.

وقالت المجلة، إنه بعيدا عن ميادين الحرب الرئيسية، فالمواجهة بين "إسرائيل" وإيران تدور الآن في منطقة القوقاز وآسيا الوسطى. ويستفيد الطرفان من التطورات الجيوسياسية لتوسيع تأثيرها في منطقة مهمة وترك بصماتهما عليها. ويقول المشاركون إن الحرب التي شنتها روسيا ضد أوكرانيا أدت لحرف نظرها عن هذه المنطقة التي ظلت تقليديا ضمن مجال تأثير موسكو.

واستغلت "إسرائيل" وإيران الفراغ الروسي ودخلتا في المعمعة، فقد وقوت إسرائيل علاقاتها مع أذربيجان وبدأت ببناء علاقات دول آسيا الوسطى. أما إيران فقد عمقت علاقاتها مع أرمينيا وقامت بإعادة تحصين موقعها مع دول آسيا الوسطى.

وفي الوقت نفسه، تدور تركيا التي تعتبر الدولة الجيوسياسية المتأرجحة بين المعسكرين الغربي والأوراسي.

ومن الناحية التقليدية، كانت روسيا تسيطر على منطقة القوقاز وآسيا الوسطى وحتى بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، حيث لم تهرب جمهورياته من السيطرة الروسية المباشرة. ولا تزال روسيا تعتبر دول القوقاز وآسيا الوسطى بأنها "الخارج القريب" لها. وتحتفظ بعلاقات سياسية واقتصادية وثيقة معها. وتمتع روسيا بعلاقات دبلوماسية واقتصادية مع دول آسيا الوسطى ولديها قواعد عسكرية في أرمينيا وجورجيا وقازخستان وقيرغيرستان وطاجيكستان، حسب التقرير.

وذكرت المجلة أن هناك إشارات عن تراجع في التفوق الروسي في هذه البلدان، وبدأت جورجيا وأرمينيا وطاجيكستان بتنويع علاقاتها الخارجية بسبب مخاوفها من العدوان الروسي ضد أوكرانيا. وعززت جورجيا علاقاتها مع الصين والدول الأوروبية. وتحركت أرمينيا قريبا من إيران وأذربيجان نحو تركيا. وعملت إيران على مشاريع شق الطرق في جورجيا وأرمينيا، في محاولة لبناء علاقات قوية مع موانئ جورجيا على البحر الأسود. كما وعززت كل من أرمينيا وجورجيا علاقاتهما مع السعودية.

وأضافت "مثل جيرانها على الطرف المقابل لبحر قزوين، فقد بدأت دول آسيا الوسطى بالابتعاد عن موسكو، فلم تدعم أي منها غزو أوكرانيا ولم تعترف أي منها بالجمهوريات المزعومة في دونيتسك ولوهانسك، والتزمت جميعها بالعقوبات الغربية المفروضة على روسيا. وألغت قيرغيرستان مناورات منظمة معاهدة الأمن الجماعي بقيادة روسيا والتي كان من المقرر إجراؤها على أراضيها".

وبدأت كازاخستان وقيرغيزستان وأوزبكستان وتركمنستان بالتركيز على المشاريع غير الروسية، وخاصة منظمة الدول التركية بقيادة تركيا. وصعدت "إسرائيل" من جهودها الرامية إلى بناء روابط أوثق مع الدول في هذه المناطق.
ومع تآكل التفوق الروسي في القوقاز وآسيا الوسطى وتعميق العلاقات بين إيران وروسيا، بدأت إسرائيل بتعزيز العلاقات مع الدول في قلب أوراسيا، وفقا للتقرير.

وأشارت المجلة، إلى أنه على الرغم من أن "إسرائيل" لا تملك القدرة ولا الرغبة في أن تحل محل روسيا كقوة مهيمنة إقليمية، فإنها انتهزت فرصة لتوسيع تأثيرها وتعزيز الشراكات القائمة لمواجهة المحور الروسي- الإيراني في هذه المنطقة.


وتعتبر أذربيجان شريكا مهما لإسرائيل نظرا لموقعها على الحدود الشمالية لإيران. وبحسب التقارير فقد سمحت أذربيجان لإسرائيل باستخدام قواعدها لإطلاق رحلات استطلاعية في المجال الجوي الإيراني وكذلك لإرسال عملاء استخبارات إلى إيران لتقويض برنامج طهران النووي. ومن المرجح أن تمر أي ضربات إسرائيلية مستقبلية ضد المنشآت النووية الإيرانية عبر أذربيجان، حسب ما أورده التقرير.

وفي الوقت نفسه، قالت المجلة إن أذربيجان تلقت بين عامي 2016 و2020 69% من وارادتها الرئيسية للأسلحة من إسرائيل، وهو ما يمثل 17% من إجمالي صادرات الأسلحة الإسرائيلية خلال هذه الأعوام. وتستورد إسرائيل 30% من نفطها من أذربيجان. وقد استفادت باكو من الأسلحة الإسرائيلية في حروبها المتقطعة لاستعادة إقليم ناغورو كرباخ.

وكإشارة عن تطور العلاقات بين البلدين، هو فتح أذربيجان سفارة لها في إسرائيل عام 2023. ولم تتأثر جهود إسرائيل بتقوية  علاقاتها مع أذربيجان من العلاقة الوثيقة والمستمرة مع تركيا التي تدعم حركة حماس في غزة. ولعل مخاوف أذربيجان وإسرائيل من إيران كانت عاملا في عدم تأثرها بموقف تركيا المعادي لإسرائيل، حسب التقرير.

ومع ذلك، فقد تثبت العلاقة التركية مع أرذبيجان أنها سقف يحد من مدى قوة علاقات أذربيجان مع إسرائيل، مما يسلط الضوء على الأهمية المستمرة للحلفاء التقليديين، مثل الولايات المتحدة، بالنسبة لإسرائيل. من ناحية أخرى، لم توسع إسرائيل وأرمينيا، المنافس التاريخي لأذربيجان، العلاقات بشكل كبير على الرغم من أوجه التشابه بينهما كدولتين صغيرتين محاصرتين تواجهان تهديدات وجودية من أعداء أكبر.

وقالت المجلة، إنه من هنا تظل إعادة ترتيب الجيوسياسية الكبرى ليست مهمة سهلة. ولقد دفع الحذر من التأثير الإيراني في آسيا الوسطى، إسرائيل إلى زيادة نشاطاتها في المنطقة. وتتمتع إيران بحضور اقتصادي راسخ في آسيا الوسطى، ففي ظل ابتعادها عن المنافذ البحرية، تعتمد دول آسيا الوسطى على ميناء بندر عباس الإيراني على الخليج لتوصيل نفطها إلى الخارج. ومع ذلك، فإن دول آسيا الوسطى حذرة من مخططات طهران الإقليمية، وخاصة رعايتها للجماعات الإسلامية المتطرفة. بعد سقوط كابول في أيدي طالبان في عام 2021، أدى تجدد احتمال عبور المقاتلين الجهاديين إلى آسيا الوسطى عبر الحدود الأفغانية إلى تضخيم المخاوف بشأن الإرهاب الإسلامي، سواء من الشيعة أو السنة. كما أن تنظيم الدولة الإسلامية في خراسان، الذي ربطت المخابرات الأمريكية هجومه في آذار/مارس في موسكو، بمواقع الجماعة في آسيا الوسطى والشرق الأوسط، هو أحدث مثال على انتشار التطرف الإسلامي من هذه المنطقة.

وبسحب التقرير، فقد وجدت إسرائيل فرصة لبناء علاقاتها مع دول آسيا الوسطى، ففي عام 2016، كان بنيامين نتنياهو أول رئيس وزراء إسرائيلي يزور قازخستان. واستقبلت وزارة الخارجية الإسرائيلية في عام 2022 مسؤولين من خمس حكومات دول في آسيا الوسطى، حيث تم تنظيم جولة لهم في إسرائيل وبتركيز على قطاع الدفاع.


وفي الوقت الذي تتنافس فيه إسرائيل وإيران على النفوذ في القوقاز وآسيا الوسطى، تلعب تركيا ورقتها الجيوسياسية الجامحة. فمن جهة في حين تتنافس إسرائيل وإيران على النفوذ في القوقاز وآسيا الوسطى، تعمل تركيا كبطاقة جيوسياسية جامحة، تتحرك ذهابا وإيابيا بين الكتلتين الغربية والأوراسية.

فمن ناحية قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن أوكرانيا "تستحق" عضوية حلف شمال الأطلسي، وأيد أخيرا محاولة السويد للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي بعد تأخير طويل. ومع ذلك، تقاربت مواقف تركيا وإيران وروسيا من الصراع الإسرائيلي الفلسطيني ومنذ 7 تشرين الأول/أكتوبر، حيث استضافت تركيا قادة حماس، ودعت إلى وقف إطلاق النار ووقف التجارة مع إسرائيل.

وعلى هذا النحو، في حين أنها دولة جيوسياسية متأرجحة في سياق الصدام الأكبر بين الكتلتين الغربية والأوراسية، تصرفت تركيا كخصم لإسرائيل في ركنها من أوراسيا، وفقا للتقرير.

ويرى الباحثون، وفقا للتقرير، أن على المراقبين تركيز نظرهم على منطقة آسيا الوسطى والقوقاز، في وسط احتدام الصراع في الشرق الأوسط واستمرار الحرب الباردة الجديدة الأوسع نطاقا. وستواصل إيران بقيادة المرشد الأعلى آية الله خامنئي سعيها لتوسيع تأثيرها في الشرق الأوسط ومحاربة إسرائيل. وفي هذه العملية، سوف تواصل توسيع طموحاتها في المناطق المجاورة، بما فيها القوقاز وآسيا الوسطى. والواقع أن المعركة للسيطرة على "قلب" منطقة القوقاز وآسيا الوسطى لم تبدأ بعد.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية الاحتلال إيران روسيا تركيا إيران تركيا روسيا الاحتلال اسيا صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة دول آسیا الوسطى فی آسیا الوسطى علاقاتها مع فی هذه

إقرأ أيضاً:

ماذا تريد إيران من روسيا والصين؟ .. متخصص بالشأن الإيراني يجيب

قال عمرو أحمد الكاتب المتخصص بالشأن الإيراني، إنّ التعاون النووي بين إيران والصين مر بثلاث مراحل رئيسية، بدأت منذ عام 1984 وحتى عام 2017، وخلال هذه الفترة، ساهمت بكين بشكل فعّال في تأسيس البنية التحتية النووية الإيرانية، حيث شاركت في إنشاء مركز أصفهان للأبحاث النووية، ومدت إيران بمواد نووية مهمة مثل مادة "سادس فلورايد اليورانيوم"، التي استخدمتها لاحقًا في أجهزة الطرد المركزي.

إيران: روسيا كانت دائما شريكا بناءً لنا في مفاوضات الاتفاق النوويإيران: الغرب يغض الطرف عن ترسانة إسرائيل النووية ونرفض التفاوض العلنيترامب: عقدنا اجتماعات جيدة جدا بشأن إيرانترامب يبحث مع نتنياهو وقف إطلاق النار في غزة والمحادثات مع إيران

وأضاف أحمد، في تصريحات مع الإعلامي كمال ماضي، مقدم برنامج "ملف اليوم"، عبر قناة "القاهرة الإخبارية"، أن ذروة هذا التعاون كانت قبل عام 1997، أي قبل تحسن العلاقات الصينية–الأمريكية، حيث بدا أن الصين آنذاك لا ترغب في تعريض نفسها لضغوط غربية بشأن تعاملها النووي مع طهران، ومع ذلك، استمرت بكين في دعم إيران حتى بعد توقيع الاتفاق النووي في 2015، وقدمت ورقة عمل تضمنت خمسة شروط ساهمت لاحقًا في تشكيل الاتفاق النهائي.

وأشار إلى أن الصين، حتى بعد انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي في عهد إدارة ترامب، واصلت دعمها لطهران في المحافل الدولية، بما في ذلك مجلس الأمن، إلى جانب استمرار التعاون الاقتصادي ولا سيما في قطاع النفط.

ولفت إلى أن الصين تخشى من تصعيد عسكري أمريكي–إسرائيلي محتمل ضد إيران، وهو ما جعلها تدعو دائمًا للحلول الدبلوماسية.

وأكد، أن إيران لا يمكنها الانفصال عن الصين وروسيا، لا على المستوى التقني النووي ولا الاقتصادي، ويُعتقد أن طهران تحاول الآن بالتعاون مع موسكو وبكين بلورة رؤية تفاوضية جديدة تدعم موقفها في أي محادثات مستقبلية بشأن برنامجها النووي، مع التركيز على إبراز التقدم التقني الذي حققته خلال السنوات الأخيرة بدعم من هذين الحليفين.

مقالات مشابهة

  • إيران تحصل على قرض بـ 50 مليون دولار من روسيا إلى قطاع السكك الحديدية
  • حرائق ضخمة تشتعل وسط إسرائيل إصابة 3 عناصر إطفاء
  • إسرائيل تحترق.. النيران تشتعل فى بيت شميش والمستوطنات بسبب حرارة الجو.. فيديو
  • جنين تشتعل من جديد.. سرايا القدس تعلن استهداف آليات الاحتلال بعبوات ناسفة
  • كوري ميلز: بحثت مع الشرع العلاقات مع إسرائيل وإيران
  • هكذا علقت روسيا على المحادثات النووية الجارية بين أمريكا وإيران
  • ماذا تريد إيران من روسيا والصين؟ .. متخصص بالشأن الإيراني يجيب
  • واشنطن تطالب تركيا بالحياد في الأجواء السورية حال التصعيد مع إيران
  • إسرائيل تتراجع عن التعزية في البابا فرنسيس.. ما علاقة موقفه من غزة؟
  • روسيا وإيران.. تحالف فضائي جديد يعزز قدرة طهران على الهجمات الدقيقة