موقع 24:
2025-03-10@05:39:05 GMT

الحرب تشتد.. والمقاطعة تتهاوى

تاريخ النشر: 30th, August 2024 GMT

الحرب تشتد.. والمقاطعة تتهاوى

في الوقت الذي تشتد فيه الحرب الأوكرانية الروسية على المستويين العسكري والإعلامي، فإن الجبهة الاقتصادية تتغير بصورة سريعة باتجاه انتهاء المقاطعة الاقتصادية الغربية لروسيا، وبالأخص مقاطعة النفط والغاز الروسيين.

ففي تطور لافت قالت رئيسة حزب تحالف سارا فاجنكنشت «أنه في حالة مشاركة حزبها في تشكيل حكومة ولاية براندنبورغ بعد الانتخابات المقررة في شهر سبتمبر القادم، فإنها ستعمل على إعادة تزويد مصفاة «بي.

سي.كية» في مدينة شفيت بالنفط الروسي.
ويبدو أن السبب وراء ذلك اقتصادي بحت، إذ أضافت: «أن ذلك سيكون أفضل من الاضطرار إلى استجداء النفط بصورة شاقة ومكلفة من دون التمكن من تشغيل المصفاة بشكل كامل، وأنها لن تقبل حظر النفط الروسي الذي اعتبرته سياسة مضللة، ومطالبة بتصحيح هذا الخطأ»، علماً أن المصفاة تعمل بنسبة 76% من طاقتها الإنتاجية حالياً وبتكلفة عالية، مقابل عملها بكامل طاقتها الإنتاجية تقريباً قبل المقاطعة، وبتكاليف أقل.
وبما أن ألمانيا تعتبر أكبر مستورد أوروبي للنفط والغاز الروسيين، فإن إنهاء المقاطعة يعني عملياً انهيارها، كما كان متوقعاً للعديد من العوامل الاقتصادية، إذ أثرت المقاطعة على الاقتصاديات الأوروبية كافة، والتي دفعت ثمناً باهظاً كان يمكن تفاديه من خلال الحل السلمي والدبلوماسية النشطة، وقراءة التاريخ والاستفادة من تجاربه، وبالأخص ما يتعلق بالعلاقة الأوروبية الروسية.
ففي بداية القرن التاسع عشر هزمتْ روسيا القيصرية نابليون بعدما زحف بنجاح على مناطق شاسعة من أوروبا، وبعد مئة عام تقريباً تدخلت أربع عشرة دولة أوروبية لسحق الثورة البلشفية لحماية المصالح الاقتصادية الأوروبية الكبيرة في روسيا بعد سقوط نظام القيصر نيكولاي الثاني، وذلك رغم إعلان روسيا الجديدة احترامها لالتزاماتها الدولية، بما في ذلك المحافظة على المصالح الاقتصادية والتجارية للمستثمرين الأجانب، إلا أن ذلك لم يثن الدول الأجنبية من التدخل العسكري. ورغم ضعف قدرات روسيا في ذلك الوقت وانهيارها اقتصادياً والحرب الأهلية بين البلاشفة وبقايا القيصرية، إلا أن هذا التدخل فشل في إسقاط النظام الجديد، أما فشل ألمانيا النازية واحتلال الجيش الأحمر الروسي لمقر هتلر في برلين، فهي تفاصيل تاريخية معروفة.
وإذا كانت روسيا الضعيفة عسكرياً، والمتخلفة اقتصادياً في بداية القرن العشرين قد تمكنت من صد الهجوم الغربي، فإن روسيا الحالية القوية عسكرياً والمتقدمة اقتصادياً بثروات طبيعية هائلة، وبتحالفات دولية متعددة يتطلب إعادة حسابات التعامل معها بروح براغماتية بعيداً عن السياسات الخاطئة، كما قالت رئيسة الحزب الألماني، فبعد سنتين ونصف السنة من المقاطعة الاقتصادية يعتبر أداء الاقتصاد الروسي الأفضل من بين اقتصادات الاتحاد الأوروبي الكبيرة.
وهناك أسباب عديدة لقدرة روسيا على المواجهة، والتي يجب أخذها بعين الاعتبار، فهي دولة بمساحة قارة تسود معظم مناطقها ظروف مناخية صعبة، وتتمتع بثروات طبيعية هائلة تتيح لها الاكتفاء الذاتي من معظم المنتجات الرئيسة، وبالأخص الغذائية ومنتجات الطاقة، وتتمتع بأسواق كبيرة قادرة على استيعاب مخرجات المصانع وبقدرات تكنولوجية واختراعات تسمح لها بالتنوع والتطور الذاتي المعتمد على قدرات داخلية وفيرة، هذا ناهيك عن القدرات العسكرية والبشرية والنفوذ الجيوسياسي والتحالفات الدولية التي أكسبتها قوة إضافية.
ومع أن ذلك لا يعني أبداً أن الاقتصاد الروسي لم يتضرر من المقاطعة، فهناك بعض الأضرار التي أمكن تداركها بسرعة، والتعامل معها من خلال فتح قنوات اقتصادية وتجارية ومالية جديدة مع العديد من الدول المتقدمة والناشئة، كالصين والهند ودول مجلس التعاون الخليجي والبرازيل وجنوب أفريقيا، ما أتاح استيراد الكثير من السلع وتسويق كامل إنتاج روسيا من النفط والغاز بعيداً عن الأسواق الأوروبية، في ظل أسعار نفط مرتفعة، ما وفر قدرات مالية كبيرة للاقتصاد الروسي.
خلاصة الأمر أن الحرب أمر مكروه يجب تجنبه بعيداً عن التهويل الإعلامي، كما أن الواقع الاقتصادي سيفرض نفسه في نهاية المطاف، فالمصالح الاقتصادية، وبالأخص للمؤسسات الكبيرة، بما فيها تلك العاملة في مجال الطاقة ستفرض نفسها، فقوة رأس المال لا تجاريها قوة الأيديولوجيا.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: الهجوم الإيراني على إسرائيل رفح أحداث السودان غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية الحرب الأوكرانية

إقرأ أيضاً:

هل تسترد روسيا أوكرانيا (١).. !!

* بعد ثورة "البلاشفة" سنة ١٩١٧م، قام "فلاديمير لينين" بتأسيس دولة أوكرانيا سنة ١٩٢٢م، على أرض روسية، وفي ١٩٥٤ ضَمَّها "نيكيتا خروشوف"- الأوكراني الأصل- إلى الاتحاد السوفييتي، فتعتبر أوكرانيا أولى مناطق القومية الروسية، وعاصمتها (كييف)، ثم (سانتبيتربورج)، وأخيرًا أصبحت "موسكو" العاصمة.

* يتحدث ثلث سكان أوكرانيا اللغة الروسية، وربما يدفعهم ذلك (كما يزعم البعض)، لعودتهم لروسيا (الدولة الأم).

* تمتلك أوكرانيا معادن هامة، ونادرة كاليورانيوم والتيتانيوم والأباتيت وغيرها.. كما كانت مصدر الغذاء الأهم للاتحاد السوفييتي لخصوبة أرضها، وتعتبر "الدوبناس" الأوكرانية هي المنطقة الصناعية الرئيسية للاتحاد السوفييتي بعد انهياره على يد "جورباتشوف" في ١٩٩١م، وبها تُصنَع محركات الصواريخ.

بعد اكتشاف الغاز في أوكرانيا اتفقت معها أمريكا على استخراجه، وبيعه لأوروبا كبديل للغاز الروسي.

* ورثت "روسيا" عن الاتحاد السوفييتي برنامجًا متقدمًا لصناعة الصواريخ الفوق صوتية، وأنتجت مؤخرًا نوعًا تفوق سرعته سرعة الصوت ٢٥ مرة، وهذا النوع لا تملكه أي دولة حتى أمريكا مما يَجْعَلها قادرة على تدمير حاملات الطائرات الأمريكية الإحدى عشرة بضرباتٍ صاروخية خاطفة.

* لا تتردد روسيا خلال هذه الحرب في تضحيتها بمليون جندي لتَمْنَع انضمام أوكرانيا إلى حِلف الناتو فتهدد أراضيها صواريخ الغرب.

* فمنذ أعلنت الحرب على أوكرانيا ٢٤ فبراير ٢٠٢٢م، تُقدِّم أمريكا وحلف الناتو مساعدات لأوكرانيا عسكرية، وإمدادات طبية وغذائية، كي لا يحقق "بوتين" هدفه من هذه الحرب، وهو إضعاف حلف الناتو، وتفكيكه.

* كما صَرَّح "جيك سوليفان" مستشار الأمن القومي الأمريكي (السابق) بأن أمريكا ستُوفِّر الذخائر العنقودية لأوكرانيا بعد أن تتعهَّد أوكرانيا بعدم استخدامها خارج أراضيها لخطورتها على المدنيين.

* وكان الرئيس الأمريكي السابق "جو بايدن" قد صرَّح: "بأن "بوتين" أخطأ عندما ظن أن بإمكانه استدراج الحِلف إلى حرب فنحن حريصون على جاهزية الدفاع عن أي عضو من أعضائه، وإننا نأمل فى انتهاء الحرب المُخالِفة لمواثيق الأمم المتحدة التي انتهكتها روسيا بهجومِها على أوكرانيا".

ورغم اعتراف (الناتو) بتدريبهم للجيش الأوكراني منذ عام ٢٠١٤م، إلا أنهم يرون أن أي حرب برية مع روسيا ستكون أوكرانيا هي الخاسرة، كما حذَّر نائب سكرتير مجلس الأمن الروسي "ديمتري ميدفيديف" من أن مساعدات (الناتو) العسكرية لأوكرانيا في حربها بالوكالة لصالح أمريكا لكسر هيبة روسيا كقوةٍ عُظْمى لن تمنع روسيا من تحقيق أهدافها في أوكرانيا، وقد تُشْعِل مساعداتهم حربًا عالمية ثالثة.

فماذا بعد مهزلة البيت الأبيض، وإهانة الرئيس الأمريكي "ترامب" لنظيره الأوكراني "زيلنسكي"؟

نُكمل لاحقًا..

مقالات مشابهة

  • بين الاستقرار الأمني والتحديات الاقتصادية.. عام أخير في مسيرة حكومة السوداني
  • ترامب: أوكرانيا "قد لا تنجو" من الحرب مع روسيا
  • بين الاستقرار الأمني والتحديات الاقتصادية.. عام أخير في مسيرة حكومة السوداني- عاجل
  • السعودية تحقق نموا اقتصاديا 1.3% خلال 2024
  • هل تسترد روسيا أوكرانيا (١).. !!
  • مفاجأة كبيرة.. أمريكا تحمي روسيا برفض مراقبة أسطول الظل الروسي
  • زيلينسكي: روسيا تواصل التدمير والعالم يسمح لها بمواصلة حربها
  • أمريكا ترفض مقترح كندا لملاحقة أسطول الظل الروسي
  • سوريا تنتصر… والرهانات الخاسرة تتهاوى!
  • هل تعليق العقوبات الأوروبية على سوريا فاعل؟