بدا من الإجماع الذي حظي به قرار تصويت مجلس الأمن الدولي أول من أمس على مشروع تمديد الولاية الحالية للقوة الدولية العاملة في الجنوب سنة جديدة، أن القرار مر بسلاسة ومن دون أي تعقدات لافتة، على نحو يؤكد قرار المجتمع الدولي ضرورة التزام الـ ١٧٠١ وتحضير الأرضية الأمنية لتنفيذه، علما أنه سيكون لقوة" اليونيفيل" دور أساسي في ذلك.


وكتبت سابين عويس في" النهار": لكن واقع الأمور يختلف عن الظاهر، إذ شهدت المشاورات والاتصالات التي سبقت الجلسة كباشاً قوياً كان بطلاه واشنطن وباريس على خلفية رغبة الولايات المتحدة الأميركية في تعديلات لفظية في الشكل وجوهرية في المضمون، من شأنها، لو مرت، أن تنسف روحية القرار الدولي ١٧٠١ الذي يعطي منع الاعتداءات في الجنوب وإرساء الاستقرار دفعا كبيرا.

ليست المرة الأولى تسعى واشنطن إلى تعديلات كهذه، وإن اختلف مضمونها. فالعام الماضي، شهدت مفاوضات التمديد الكثير من التجاذب الذي ترافق مع تهديدات أطلقها الأمين العام ل" حزب الله" السيد حسن نصرالله، على خلفية ضغوط مورست لتعديل مهمات القوة الدولية، بما يتيح لها حرية التحرك من دون التنسيق مع الجيش اللبناني.
نقطتان شكلتا محور التجاذب الأخير، أولاهما تتعلق بالولاية الممددة، إذ جاء الاقتراح الأميركي بأن تكون لمدة ستة أشهر بدل سنة. والهدف من هذا التعديل التحكم في مهمات "اليونيفيل" ودورها ومقايضة هذا البند مع ملف تثبيت الحدود البرية الذي يعمل عليه الموفد الرئاسي الأميركي آموس هوكشتاين، بحيث يكون ملف "اليونيفيل" أسير المفاوضات حول تطبيق القرار ١٧٠١ وورقة ضغط مهمة يمكن استعمالها في تلك المفاوضات.

أما النقطة الثانية والأهم ربما والأخطر، فتتمثل في اقتراح المندوبة الأميركية لدى مجلس الأمن تعديل صياغة الفقرة المتعلقة بالأعمال العسكرية، بحيث طرحت اعتماد صيغة "تخفيف وتيرة التصعيد" بدلاً من وقف الأعمال العسكرية. وفي الصياغة المقترحة ما يتيح لإسرائيل الاستمرار في عملياتها العسكرية واعتداءاتها ويقلل من قوة القرار الدولي ١٧٠١ الداعي إلى وقف الأعمال لا تخفيف وتيرتها.

على أهمية الضغط الذي مارسته باريس لمنع تمرير هذا التعديل وإبقاء التمديد لسنة كاملة، كان للبنان دور مساند على خطي رئاسة الحكومة والخارجية. وتقول أوساط السرايا الحكومية إن الاتصالات التي تولاها رئيس الحكومة إلى جانب وزير الخارجية مع البعثات الديبلوماسية والأعضاء في مجلس الأمن، نجحت في الإبقاء على المسودة المقدمة من فرنسا. وكشفت أنه تم تقديم موعد جلسة مجلس الأمن التي كانت مقررة أمس الخميس إلى الثلثاء من أجل قطع الطريق أمام أي اتصالات أو ضغوط جديدة يمكن أن تؤثر على صيغة القرار.

وكان لافتاً أنه في الوقت الذي أصدر فيه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بياناً شكر فيه كلا من فرنسا والولايات المتحدة والجزائر على دورها في صدور القرار، امتنع بيان الخارجية عن ذكر الولايات المتحدة مكتفيا بشكر الدول الأخرى. وقد تضمن التعبير عن "شكرها وتقديرها الكبيرين لكل الجهود التي بذلت في الأشهر الأخيرة لإقرار هذا التمديد، لا سيما من قبل الدول الأعضاء في مجلس الأمن، وتحديدا فرنسا بصفتها حاملة القلم، والجزائر التي واكبت، كعضو غير دائم في المجلس، بشكل حثيث مسار التمديد وأبدت كل الدعم لمطالب لبنان"، كما شكرت "باقي الدول الأعضاء التي وافقت على التمديد، إدراكا منها لأهمية وجود قوات الأمم المتحدة الموقتة في جنوب لبنان ودورها في الحفاظ على الاستقرار، لا سيما في ظل الظروف الحالية"!

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: مجلس الأمن

إقرأ أيضاً:

ما الذي ناقشه الدبلوماسيون الروس والأمريكيون في إسطنبول؟

استعرض موقع "فيدوموستي" الروسي جانبا من المحادثات التي جرت بين الدبلوماسيين الروس والأمريكيين في إسطنبول والتي قد تكون تمهيدا لاستئناف العمل الكامل للسفارة الأمريكية.

وقال الموقع، في هذا التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن الوفود الروسية والأمريكية ناقشت في مفاوضات إسطنبول، بشكل رسمي، قضايا تتعلق باستئناف العمل الكامل للسفارات والقنصليات، وذلك حسب ما نقلته مصادر مطلعة. وقد استمرت المفاوضات ست ساعات ونصف، وجرت خلف أبواب مغلقة أمام الصحافة.

من المعروف أن الوفد الروسي ترأسه ألكسندر دارتشييف، مدير إدارة شمال الأطلسي بوزارة الخارجية الروسية، بينما ترأست الوفد الأمريكي في إسطنبول سوناتا كولتر، نائبة مساعد وزير الخارجية للسياسة المتعلقة بروسيا وأوروبا الوسطى.

وأكد الموقع أن وزارة الخارجية الأمريكية أعلنت عن استمرار حوارهما، وكانت أول من أكد رسميا، ليلة 28 شباط/فبراير، حقيقة عقد اجتماع على هذا المستوى، وفي فترة ما بعد الظهر أكدت وزارة الخارجية الروسية ذلك أيضا.

وأشارت الوزارة إلى أن ممثلي الولايات المتحدة وروسيا اتفقوا خلال المشاورات في إسطنبول على خطوات مشتركة لتأمين البعثات الدبلوماسية، كما ناقشوا سبل التغلب على "العديد من العوامل المزعجة" في العلاقات الثنائية.

وتطرق الطرفان أيضا إلى مسألة إعادة ستة عقارات إلى روسيا صادرها الجانب الأمريكي في الفترة من 2016 إلى 2018. بالإضافة إلى ذلك، اقترح الدبلوماسيون الروس على الجانب الأمريكي بدء حوار حول استعادة الرحلات الجوية المباشرة بين روسيا والولايات المتحدة.

في المقابل، أشارت وزارة الخارجية الأمريكية إلى أن "الولايات المتحدة أعربت عن قلقها إزاء وصول السفارة في موسكو إلى النظام المصرفي والخدمات التعاقدية، وكذلك الحاجة إلى ضمان مستوى ثابت ومستدام من التوظيف في السفارة الأمريكية في موسكو".

وأعلنت وزارة الخارجية الروسية عشية الاجتماع رسميا مشاركة "خبراء وزارة الخارجية في العلاقات الروسية الأمريكية" دون تحديد من المقصود بالضبط. وقال أحد المصادر الدبلوماسية إن الوفد الروسي ضم موظفين آخرين من إدارة دارتشييف.

وحسب ما أفاد به مصدر لـ "فيدوموستي"، له علاقة بصنع القرار في الاتجاه الأمريكي، فإنه من غير المستبعد في مثل هذا التشكيل الذي دام ست ساعات أن يتم مناقشة قضايا عمل السفارات وعلى الأقل  التطرق إلى القضايا المتعلقة بالصراع في أوكرانيا. على الأرجح، لم يكن هذا الموضوع هو الرئيسي في المفاوضات الجديدة: فقد أجرى الطرفان حوارا بشكل أساسي بعد اجتماع وزيري الخارجية حول الموضوعات المعلنة صراحة. من الأكثر عملية وبساطة للطرفين أن يتصرفا وفقا لمفهوم "الثمار الدانية" أو البدء بعمل بناء بعد الاتصالات على أعلى المستويات الأكثر وضوحا.



وذكر مصدر آخر من الجانب الروسي أن كولتر مسؤولة في وزارة الخارجية، من بين أمور أخرى، عن عمل البعثات الدبلوماسية في روسيا وأوروبا، وبالتالي فإن الحوار عشية الاجتماع كان في المقام الأول حول استعادة العمل الكامل للبعثة الدبلوماسية الأمريكية. وحقيقة أن رئيس السفارة الروسية المستقبلي في الولايات المتحدة أجرى أيضا مفاوضات تشير أيضا إلى رغبة موسكو في إقامة عمل ممثليتها. وقريبا قد تتم الموافقة رسميا على سفراء جدد لروسيا في الولايات المتحدة والولايات المتحدة في روسيا.

وتجدر الإشارة إلى أن عدد الدبلوماسيين في البعثات الدبلوماسية لكلا البلدين انخفض بشكل ملحوظ بسبب عمليات الطرد المتبادلة للدبلوماسيين على خلفية تعقيد العلاقات بين القوتين العظميين. وبعد مرسوم الرئيس الروسي في عام 2021 بشأن حظر توظيف الموظفين المحليين، توقفت الولايات المتحدة عن إصدار تأشيرات سياحية في موسكو.

في الواقع، يمكن حتى الآن مساواة اجتماع دارتشييف وكولتر، وفقا لوضعهما، بالاجتماع الذي أعلنه سابقا نائب الوزير سيرجي ريابكوف على مستوى رؤساء إدارات وزارتي الخارجية. وقد صرحت وزارة الخارجية الروسية في وقت سابق لـ "فيدوموستي" بأن مثل هذا الاجتماع سيعقد قبل نهاية الأسبوع الجاري، ولكن ليس في العاصمة السعودية الرياض.

ونقل الموقع عن وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف قوله في 26 فبراير/ شباط أن نتيجة الجولة الأولى من المفاوضات في إسطنبول تعتمد على مدى "السرعة والفعالية" التي سيتقدم بها الطرفان على المسار الدبلوماسي. وفي وقت لاحق، أكدت المتحدثة الرسمية باسم وزارة الخارجية ماريا زاخاروفا أن الاجتماع مخصص "لإيجاد طرق لحل العديد من العوامل المزعجة التي لا تزال قائمة في الحوار الثنائي بسبب الأرضية التي تم إنشاؤها".

وقد أرسل فريق "فيدوموستي" طلبات حول سير المفاوضات إلى وزارة الخارجية الروسية ووزارة الخارجية الأمريكية، وكذلك إلى البعثات الدبلوماسية لروسيا والولايات المتحدة.

من هما كولتر ودارتشييف؟

تشغل سوناتا كولتر رسميا منصب نائب مساعد وزير الخارجية وتشرف على السياسة المتعلقة بروسيا وأوروبا الوسطى تحديدا. وهي تتحدث اللغتين الفرنسية والروسية. قبل ذلك، شغلت كولتر منصب القائم بالأعمال ونائب رئيس البعثة الأمريكية في قيرغيزستان. وكانت أيضا منسقة إدارة المساعدة لأوروبا وأوراسيا في منطقة القوقاز. بالإضافة إلى ذلك، عملت كولتر في مكتب الشؤون الاقتصادية بوزارة الخارجية في قسم مكافحة التهديدات المالية وقضايا سياسة العقوبات.

ونقلا عن مصادر مفتوحة، من المعروف أن كولتر ولدت في لوس أنجلوس عام 1976 وحصلت على درجة البكالوريوس في تاريخ الفن والفرنسية من جامعة كولومبيا المرموقة، ثم حصلت لاحقا على درجة الماجستير في برنامج "العلاقات الدولية" من جامعة جورج واشنطن. وفي مراحل مبكرة من حياتها المهنية، عملت موظفة في وزارة الخارجية في تشاد وجمهورية إفريقيا الوسطى. خلال فترة عملها في وزارة الخارجية، شغلت كولتر العديد من المناصب العليا. وفي الفترة من سبتمبر/أيلول 2018 إلى يونيو/ حزيران 2021، كانت نائب مستشار الشؤون السياسية في السفارة الأمريكية في موسكو. وعملت أيضا في القنصلية العامة الأمريكية في يكاترينبورغ.

حسب تقرير نشر في أكتوبر/ تشرين الأول 2024، فإن ألكسندر دارتشييف هو الأوفر حظا ليصبح السفير الروسي الجديد في الولايات المتحدة. تخرج الدبلوماسي البالغ من العمر 64 عاما من كلية التاريخ بجامعة موسكو الحكومية وعمل في البداية باحثا في معهد الولايات المتحدة وكندا التابع لأكاديمية العلوم في اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية. وهو يعمل في السلك الدبلوماسي منذ عام 1992.

وفي الفترة 2005-2010 شغل منصب الوزير المستشار في السفارة الروسية في الولايات المتحدة. وقد شغل بالفعل منصب سفير روسيا في كندا 2014-2021، وفي 2010-2014 ومنذ عام 2021 يعمل مديرا لإدارة أمريكا الشمالية بوزارة الخارجية. بالإضافة إلى اللغة الإنجليزية، يتحدث الدبلوماسي اللغة الفرنسية.

وفي مقابلة مع "إنترفاكس" في مارس/آذار 2022، قال دارتشييف إنه "يجب أن نتذكر المبدأ المنسي جيدا الذي كان يعمل خلال الحرب الباردة - التعايش السلمي، على الرغم من القيم والمثل التي تفرقنا". في الشهر نفسه، أجرى السفير الأمريكي السابق جون سوليفان "أصعب" مفاوضاته في موسكو بعد بدء العملية الخاصة مع دارتشييف تحديدا فيما يتعلق بتقييم تصرفات القيادة الروسية في أوكرانيا، وهو ما تذكره لاحقا في مذكراته. ووفقا لسوليفان، فقد تحول الروسي إلى الصراخ مع بعض الشتائم، ولكن بعد ذلك كان بإمكانه الانتقال بسرعة إلى مناقشة موضوعات أخرى في جو هادئ.

وفي ديسمبر/ كانون الأول 2022، في مقابلة مع وكالة تاس، أشار دارتشييف إلى أنه من بين شروط بدء المفاوضات بشأن الضمانات الأمنية مع أوكرانيا والغرب وقف إمدادات الأسلحة إلى كييف وتمويلها، وسحب العسكريين والمرتزقة والمدربين الغربيين من أراضي أوكرانيا، والاعتراف بـ "الحقائق على الأرض" التي حددتها روسيا.

ويرى بافيل كوشكين، كبير الباحثين في معهد الولايات المتحدة وكندا، فإن منصب كولتر يمكن اعتباره مناسبا لإمكانية إجراء مثل هذه المفاوضات، مما يشير إلى جدية نهج الإدارة الجديدة للبيت الأبيض في المفاوضات مع روسيا. ولدى كولتر خبرة واسعة، وحتى خلال رئاسة بايدن، تعاملت مع الاتجاه الروسي وأوروبا الوسطى، مما يشير أيضا إلى استمرارية جزئية في نهج السلطات الأمريكية.

مقالات مشابهة

  • سر الاستقواء الأمريكي – الإسرائيلي
  • ما هي الرسائل السياسية التي تحملها زيارة الرئيس اللبناني إلى السعودية اليوم؟
  • تحذير جنبلاط من المكائد الإسرائيلية.. ما الذي يخشاه البيك؟!
  • سر الاستقواء الأمريكي – الإسرائيلي
  • الرئيس اللبناني: أتطلع إلى المحادثات التي سأجريها مع الأمير محمد بن سلمان
  • متحدث الحكومة: توافق مصري أوروبي على تحقيق الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط
  • متحدث الوزراء: توافق مصري ـ أوروبي على أهمية تحقيق الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط
  • هذا ما وافق عليه لبنان في اعلان وقف اطلاق النار
  • ما الذي ناقشه الدبلوماسيون الروس والأمريكيون في إسطنبول؟
  • وزير الدفاع الأمريكي يتخذ قرارًا بشأن روسيا قد يهدد الأمن القومي لبلاده