تدشين المرحلة الثانية من الحملة الوطنية للتوعية بأمراض القلب الخلقية لدى طلاب المدارس
تاريخ النشر: 30th, August 2024 GMT
أطلقت هيئة الهلال الأحمر الإماراتي ووزارة التربية والتعليم وجمعية الإمارات لأمراض القلب الخلقية المرحلة الثانية من الحملة الوطنية للتوعية بأمراض القلب الخلقية للطلاب تحت شعار “وقاية وحماية” والتي شهدت تدشين الفحوصات الطبية لأكثر من مليون طالب على مستوى الدولة.
تأتي الحملة لاكتشاف أي حالات مصابة باعتلالات خلقية في القلب بين الطلاب إلى جانب تنظيم حملات توعوية حول مخاطر أمراض القلب الخلقية وسبل الوقاية منها ورفع مستوى الوعي بها لدى جميع أفراد المجتمع إضافة إلى إعداد دراسة علمية موثقة كأول مبادرة من نوعها للصحة العامة في الدولة.
وتستهدف الحملة إجراء الفحوصات الطبية لحوالي 50 ألف طالب وطالبة حتى نهاية العام الحالي، وفي العام القادم 80 ألفا، والعام 2026 تستهدف 150 ألف طالب وطالبة ومن العام 2027 إلى 2030 سيتم إجراء الفحوصات الطبية لحوالي 180 ألفا كل عام.
ويستفيد من خدمات الحملة الوقائية 376 ألفا و961 طالبا وطالبة في إمارة أبوظبي و393 ألفا و585 ألفا في دبي و239 ألفا و8 طلاب وطالبات في الشارقة و91 ألفا و15 طالبا وطالبة في عجمان و43 ألفا و741 طالبا وطالبة في الفجيرة و11 ألفا و345 طالبا وطالبة في أم القيوين و64 ألفا و284 طالبا وطالبة في رأس الخيمة.
وتم الإعلان عن تدشين المرحلة الثانية من الحملة خلال مؤتمر صحفي عقد اليوم بمقر الهلال الأحمر الإماراتي في أبوظبي بحضور سعادة راشد مبارك المنصوري الأمين العام لهيئة الهلال الأحمر ونواب الأمين العام وعدد من المسؤولين في الجهات الثلاث.
وقال محمد سعيد الرميثي مستشار الشأن المحلي في الهلال الأحمر إن الحملة تأتي في إطار اهتمام الدولة بصحة الإنسان محور عملية التنمية ومقصد قيادتها الرشيدة التي لم تدخر وسعا في توفير الخدمات الصحية المتقدمة وسبل العيش الكريم لمواطنيها و المقيمين على أرض الإمارات إلى جانب لفت الانتباه للمهددات الصحية التي تواجه أبناءنا الطلاب والمتمثلة في أمراض القلب الخلقية وتعزيز قدرة المجتمع على مواجهتها و التصدي لمخاطرها من خلال الكشف الدوري المبكر و تدريب وتأهيل الكوادر الطبية وترقية الخدمات الصحية ونشر التوعية و التثقيف الصحي بما يحقق السلامة و الأمان من الإصابة بها.
وأضاف أن هيئة الهلال الأحمر الإماراتي تهتم كثيرا بتنفيذ برامج ومشاريع صحية طموحة للمستهدفين من خدماتها الإنسانية تعمل على تحقيق شعارها “الإنسان أولا” على أرض الواقع.
وقال الرميثي إنه بالرغم من تحركات الهيئة الميدانية في جميع الاتجاهات ومساعداتها الممتدة للمستهدفين في كل مكان إلا أنها لم تغفل متطلبات ساحتها المحلية لذلك تضطلع بدور هام في مساندة ودعم الجهود المبذولة على المستوى الوطني في مجال التوعية والتثقيف الصحي والإسعاف الأولي المجتمعي وكل ما من شأنه أن يسهم في سلامة المجتمع وحمايته من مخاطر الأمراض والتحديات الصحية بصورة عامة.
وقال إن الحملة الوطنية للتوعية بأمراض القلب الخلقية لدى الطلاب تأتي ضمن خطة الهلال الأحمر التشغيلية واستراتيجيتها في مجال سلامة وصحة المجتمع وتلبي استراتيجية الهيئة في هذا الصدد احتياجات المجتمع المحلي وتساهم في دعم البرامج التي تنفذها الدولة في المجال الصحي باعتبارها جهة مساندة للسلطات الرسمية في كل الأحوال والظروف.
من جانبها قالت سوسن الأميري رئيس قسم التوعية والتثقيف الصحي في وزارة التربية والتعليم إن الحملة تأتي في إطار الخطط الاستراتيجية والتشغيلية التي تستهدفها الوزارة وتتوافق مع الأهداف الاستراتيجية للدولة في تعزيز أنماط الحياة الصحية وتحقيق أعلى مستويات الصحة لأفراد المجتمع.
وأكدت الأميري أن وزارة التربية والتعليم وضعت ضمن أولوياتها تعزيز الدور البنّاء لهذه الحملة من خلال اتخاذ التدابير الوقائية ووضع البرامج التوعوية بالتعاون مع هيئة الهلال الأحمر الإماراتي وجمعية الإمارات لأمراض القلب الخلقية.
وقالت إن هدفنا التوعية بمخاطر أمراض القلب الخلقية وكيفية الوقاية منها والعمل على تقليل عدد المصابين عبر الكشف المبكر عن حالات التشوهات الخلقية للقلب بين الطلاب ما يسهم في تعزيز صحتهم وتقليل المشاكل الصحية التي قد تواجههم.
من جهتها قالت حورية أحمد المري رئيس مجلس إدارة جمعية الإمارات لأمراض القلب إن هذا المؤتمر يدشن الخطوة الأولى لإجراء الفحوصات الطبية الوقائية للقلب لحوالي 50 ألف طالب وطالبة بجميع إمارات الدولة للفصل الدراسي 2024/2025 وإعلان الفترة الزمنية لعمل الفحوصات لأكثر من مليون طالب وطالبة خلال الأعوام القادمة لاكتشاف الحالات المصابة بتشوهات خلقية في القلب.
وأضافت المري أن الحملة الوطنية “وقاية وحماية” لأمراض القلب الخلقية للطلاب تعد أول مبادرة صحية على مستوى الوطن العربي والشرق الأوسط وسيكون لها الأثر الكبير في إنقاذ حياة الكثير من أبنائنا من الطلاب المصابين بتشوهات خلقية في القلب.وام
المصدر: جريدة الوطن
إقرأ أيضاً:
اللُحمة الوطنية والوعي الفردي
د. محمد بن خلفان العاصمي
منذ قيام النهضة المباركة بقيادة المغفور له بإذن الله تعالى السلطان قابوس بن سعيد- طيب الله ثراه- في مطلع سبعينيات القرن الماضي، اهتمت سلطنة عُمان وبتوجيه وفكر من السلطان الراحل- رحمه الله- بمنظومة القوانين والتشريعات التي تؤسِّس العلاقة بين عناصر الدولة وتؤطر الحقوق والواجبات بشكل لا يترك مجالاً لأي اجتهاد، فيما يتعلق بالحقوق والواجبات والحريات، وبما يضمن وجود علاقة نموذجية بين عناصر المجتمع المدني ويحقق أهداف التنمية الوطنية ومبادئ النهضة التي جعلت الإنسان في صدارة اهتمامها ومحور العملية التنموية.
ومن أجل تحقيق ذلك وضعت المؤسسات الوطنية المختصة، وأوكلت لها مهمة تحقيق الحياة الاجتماعية الكريمة والعادلة وتطبيق مبادئ المساواة والعدالة الاجتماعية بين أفراد المجتمع، وهو ما ترسخ خلال فترة وجيزة في المجتمع العُماني وأصبح الأساس والأصل الذي بنيت الدولة عليه.
وفي العهد المُتجدد من مسيرة النهضة العُمانية بقيادة مولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- أعزه الله- ارتسمت السياسة العامة للدولة نفس النهج السابق وعززت من مبادئ العدالة الاجتماعية والمساواة، وأكدت على قيم التعايش والتسامح والتضامن الاجتماعي، وشددت على أهمية بقاء هذا النسيج الاجتماعي للمجتمع، كما أكدت أن الحريات وحقوق ممارسة المواطن والمقيم لجميع أنشطتهم التي نصت عليها القوانين والتشريعات هو مكفول من قبل الدولة ترعاه وتحميه ولا تسمح بالاعتداء عليه، كما شددت على أهمية الانتباه لما يدور حولنا من أحداث سياسية واجتماعية واقتصادية وغيرها، وقراءتها بشكل متمعن وفهما، وعدم ترك المجال لها للتشويش على المجتمع خاصة مع وصول التكنولوجيا لمراحل من التطور بحيث لم يعد بالإمكان تجاهل تأثيرها وقدرتها على نشر المعلومات على نطاق واسع وفي زمن قصير.
لقد أسهم هذا التنظيم التشريعي والفكر التقدمي للدولة في نشر الوعي وتطور مفاهيم المواطنة، ورغم أن نسيج المجتمع العُماني متعدد الأطراف والثقافات إلا أن هذا التنظيم استطاع أن يصهر هذه العناصر في بوتقة واحدة وهي سلطنة عُمان، مما ساهم في صنع مجتمع مُتسامح مُتعايش مُخلِص لأرضه وسلطانه، يحمل أفراده قيم المواطنة الصالحة التي تسعى لرفعة الوطن وتقدمه، متمتعين بحقوقهم المشروعة كما بينتها القوانين، وقد مارس العُماني حقه في التعبير عن آرائه وكثيرًا ما ساهمت هذه الآراء في تحسين وتطوير العمل داخل أجهزة الدولة، كما إنها كانت دائمًا نموذجًا للعلاقة الصحيحة بين الحكومة وأبناء الشعب.
وفي مقالي السابق، تحدثتُ عن أن الوطن والمواطن خط أحمر لا يجيب تجاوزه، مهما كانت الأسباب والمبررات، وراهنت على الوعي لدى المواطنين كأحد العناصر التي يُعوَّل عليها في مواجهة دعوات التحريض والاستثارة التي تمارسها مجموعة من الأشخاص الذين يرغبون في إحداث الفوضى داخل المجتمع لأهداف شخصية غُلِّفت بغلاف المصلحة العامة. ونظرًا لأن عملية تشكيل الوعي في أي مجتمع تستغرق وقتًا ليس بالقصير؛ فمن مرحلة الوعي الذاتي إلى الوعي العقلي وصولًا إلى الوعي الاجتماعي الكامل يمر المجتمع بمراحل متعددة من تشكيل القناعات والإيمان المطلق بالمصلحة العامة التي تسمو على مصلحة الفرد وتغليب هذه المصلحة على اعتبارها النتيجة التي يرغب الإنسان فيها.
لقد أدرك العُمانيّ منذ بزوغ النهضة المباركة أن الوطن للجميع وأن الاختلاف أمر محمود وجزء رئيسي من التفاعل الاجتماعي الذي يُشكِّل نمط الحياة الاجتماعية، وأن هذا التقاطع هو ما يبرز جمالية النسيج الاجتماعي الذي يشكل المجتمع العُماني، وهذا الانصهار الكامل نشاهده واقعًا يوميًا هنا في سلطنة عُمان؛ حيث لا يشكل اختلاف المذاهب- على سبيل المثال- أدنى تحدٍ اجتماعي في الحياة اليومية، كما لا يشكل اختلاف اللهجات بين فئات المجتمع أي عائق للتواصل والتفاهم، وفي الحقوق والواجبات يقف الجميع عند خط واحد، ويمارس جميع أبناء الوطن دورهم في بناء الدولة صفًا واحدًا لا تفضيل فيه لأحد على أحد.
لقد اكتسب العُمانيّ القدرة على استيعاب الاختلاف مع الآخر وقبول الآراء والأفكار والتعامل مع هذا الاختلاف من منظور ذي سعة كبيرة وحق من حقوق الآخر، هذه القدرة مكنته على تقدير قيمة الآخرين والتعايش معهم بشكل تام دون الحاجة إلى اختلاق صراعات مع الآخرين، ولذلك نادرًا ما تصادف مواقف شجار وخلافات واعتداء على الآخرين في الطرقات والأماكن العامة كما نشاهده في كثير من المجتمعات التي فقدت هذه القيم وأصبحت بلا حدود أخلاقية على مستوى تقبُّل الآخر ومساحة الاختلاف بين الناس، وهذا الجانب لم يكن وليد الصدفة؛ بل هي سلسلة متتابعة من الأحداث والمواقف التي شكلت الوعي الفردي لدى أفراد المجتمع.
إنَّ انعكاس هذا الوعي على اللُحمة الوطنية كان بارزًا في كثير من المواقف التي مرَّت بها بلادنا العزيزة، فما شاهدناه من مواقف أثناء الأزمات مثل الأنواء المناخية التي تعرضت لها البلاد عدة مرات وفي مجال التكافل الاجتماعي، وفي فترة وباء "كوفيد-19"، كلها تُثبت أن الوعي بالمسؤولية الوطنية خير زاد لدى أبناء هذا الوطن في سبيل الحفاظ على لُحمتهم الوطنية والحفاظ على مكتسبات الوطن، لذلك عندما جاءت هذه الدعوات النشاز المغلفة بغلاف المصلحة الزائفة وحاولت النيل من ثقة المواطن بوطنه لم تجد الأذن الصاغية، ووجه العُماني رسالته الواضحة أن الوطن أغلى من المساومة والتجارة الرخيصة التي يرى البعض فيها مقاييس لوطنيَّتِهم وانتمائهم وولائهم للوطن.
إنَّ تعزيز الوعي الفردي لا بُد أن يكون موضع اهتمام من قبل الجميع، وعلى رأسهم حكومتنا الرشيدة بمؤسساتها الرسمية كالمدارس والجامعات والمعاهد والمساجد والجوامع وغيرها، كما إنه يجب على مؤسسات المجتمع المدني أن تؤدي دورها في هذا الجانب، وخاصةً الأندية والجمعيات وغيرها من المؤسسات التي تُعنى بقضايا الأمة والمجتمع، وأن تتكامل هذه الجهود في إطارٍ مُنظَّمٍ من خلال البرامج الوطنية التي تُعزز من قيم التسامح والتعايش بين أفراد المجتمع الواحد، وهذه الجهود هي التي ستحمي المجتمع من الأفكار الخاطئة والسلبية ومن الدعوات التي يبُثها المُغرضون بين الحين والآخر، رغبةً في الفت في عضُدِ لُحمةِ هذا البناء الاجتماعي الرصين.