حكومة موازية أم واقع مؤقت؟.. نظرة على إدارات الدعم السريع المدنية
تاريخ النشر: 29th, August 2024 GMT
على خلفية تلويح قوات الدعم السريع بتشكيل حكومة موازية لحكومة بورتسودان في الخرطوم، تقصت (التغيير) حول الإدارات المدنية التي قام بتشكيلها في مناطق سيطرتها، المهام التي تقوم بها ومصادر الموارد التي تمول بها مشاريعها والخدمات التي تقدمها للمواطنين، ومدى نجاح التجربة وإمكانية تطويرها لتصبح أساسا لحكومة مستقبلية للدعم السريع تتمكن من إدارة حياة المواطنين وتوجد لنفسها إطارا دستوريا وتشريعيا موازيا؟
التغيير: نيروبي: أمل محمد الحسن
الإدارات المدنية بالنسبة للخبير الاستراتيجي المختص في إدارة الأزمات محمد إبراهيم كباشي، هي استجابة لواقع الحرب وفق علم الأزمات الذي يقول إن أي أزمة تفرز قيادات جديدة تتصدى لها من أجل إنقاذ حياة الناس.
ونفى كباشي امكانية صمود هذه الكيانات المدنية لجهة أنها هجين من التحالفات يحمل داخله متناقضات؛ لا تستند على إطار ايدولوجي أو فكري أو سياسي، قاطعا بأنه لحظة حدوث استرخاء ووقف لإطلاق النار ستتآكل هذه المؤسسات لافتقارها لقوة دفع للاستمرار “ما يحدث تكيف مع الواقع”.
خبير إدارة أزمات: مؤسسات الإدارات المدنية لا ترتكز على إطار ايدولوجي موحد وستتآكل لحظة حدوث حالة استرخاء
وأعرب الخبير الاستراتيجي عن استنكاره لمحاولات تجريم تلك المجتمعات وتخوينها لجهة أنها تفعل ذلك اضطرارا أكثر من كونه فكرا استراتيجيا تابعا لقوات الدعم السريع.
نواة الإدارات المدنيةهذه الإدارات المدنية التي بدأ أنها يمكن أن تتحول لحكومة موازية تشكلت وفق مذكرة تفاهم بين قطاعات مدنية وقوات الدعم السريع مطلع أغسطس من العام 2023 بحسب منسق الإدارات المدنية عبد الله جمعه، رئيس اللجنة التسيرية للاتحاد المهني العام للضباط الاداريين، والذي قال إن الهدف منها تقديم الخدمات الأساسية للمواطنين والمساعدة في انسياب الإغاثات الإنسانية.
وكشف جمعة لـ (التغيير) عن تشكيل 5 إدارات مدنية في مناطق سيطرة الدعم السريع فيما يتم التشاور حاليا حول إطلاق إدارة جديدة في مدينة الضعين بولاية شرق دارفور.
الهيكل وشروط التعيينيتشكل هيكل الإدارات المدنية وفق جمعة من رئيس مجلس الإدارة المدنية ومدراء إدارات ومدراء تنفيذيين ومدراء عامين إلى جانب جهاز تشريعي تمت تسميته بـ”مجلس التأسيس المدني” مهمته الرقابة على الجهاز التنفيذي وإجازة الموازنة وإقرار القوانين. “القوانين التي نصت عليها الوثيقة الدستورية سارية المفعول”.
وكشف جمعة عن شروط القبول في هذه الوظائف والتي تتمثل في أن يكون المرشح سوداني ومن الولاية أو الوحدة الإدارية المعينة ولا يقل عمره عن 25 عاما ولم تتم إدانته بأي جريمة تخل بالأمانة والشرف ويؤمن بالتحول الديمقراطي. وأضاف: “من أهم الشروط ألا يكون عضوا في حزب المؤتمر الوطني المحلول”.
منسق الإدارات المدنية: الإدارات المدنية مؤقتة ومدتها 6 أشهر ونرفض تعيين “الفلول”
وأجاب منسق الإدارات المدنية على سؤال (التغيير) حول موارد هذه الإدارات بأن مدير عام وزارة المالية بالولاية يقوم بتحصيل الإيرادت من الضرائب والزكاة، مشيرا إلى أن فترة عمل الإدارات مؤقتة ومحددة بـ 6 أشهر؛ بعدها يتم تقييم التجربة ثم حال وقفت الحرب يتركون خيار تبنيها من عدمه للحكومة المدنية.
وكشف جمعة عن وجود مشكلة في مرتبات العاملين في وظائف الدولة بمناطق سيطرة الدعم السريع متهما حكومة الأمر الواقع، حد وصفه، بايقاف المرتبات وتحويلها لدعم القطاع العسكري في محاولة منهم لفرض حصار على المواطنين في مناطق سيطرة الدعم السريع.
عبد الله جمعة – منسق الإدارات المدنيةواضاف: “منذ 15 ابريل لم يصرف أي موظف قرشا واحدا وقمنا كمهنيين برفع مذكرة لمنظمة العمل الدولية”
وكشف جمعة عن تنسيق بين الإدارات المدنية وحركتي تحرير السودان بقيادة عبد الواحد محمد نور والحركة الشعبية بقيادة عبد العزيز الحلو، مشيرا إلى أنهم يتبادلون المنافع ويستقبلون الخضر والفاكهة من مناطق الجبل.
الدعم السريع ذراع أيمننفي جمعة وجود أي تدخل للدعم السريع في تكوين الإدارات المدنية واختيار المرشحين لها قاطعا بأن كل التشاور يتم مع المواطنين والقطاعات المهنية في المنطقة وأن دور القوات محصور في الحماية. وقال: “العلاقة مع الدعم السريع تنحصر في التأمين”.
من جانبه؛ أمن إبراهيم الشفيع، وهو ضابط استخبارات يتبع للدعم السريع بمحلية بليل، على حديث جمعة واصفا الدعم السريع بـ “الذراع الأيمن” للإدارة المدنية. وأن الوضع الأمني بالمحلية مستقر بنسبة 85%.
وقال في مقابلة مع (التغيير) إنهم يعملون مع الشرطة كجهة اسناد لأنها فقدت امكاناتها. وحول شكوى بعض المواطنين من الجبايات الباهظة والنهب المسلح الذي تقوم به قوات الدعم السريع، قطع الشفيع بأن التوجيهات التي وصلتهم من القيادة عدم تحصيل أي ضرائب أو جبايات من المواطنين. واضاف: “نقوم بحراسة الأسواق ولا نأخذ جنيه واحد من التجار”.
وحول الأوضاع الإنسانية بالمحلية كشف الشفيع عن تردي الأوضاع وعدم توفر الغذاء بالنسبة للمواطنين وجنود الدعم السريع على حد سواء، وقال: “حاربونا الكيزان بإغلاق طريق الدبة وحتى المحاصيل التي كان يقتات عليها المواطنون نفدت”.
وأجاب عن سؤال (التغيير) حول حوادث الاعتداء من جانب قواتهم على المواطنين والنهب تحت تهديد السلاح بالنفي القاطع قائلا إن هناك حوادث سرقة محدودة لهواتف محمولة ممن وصفهم بـ “المتفلتين”.
الدعم السريع فوق القانونلم يتفق المواطن صالح من مدينة نيالا (اسم مستعار طلب حجب اسمه لأسباب أمنية) مع ما ذهب إليه قائد الدعم السريع بمحلية بليل واصفا الوضع الأمني من جهته بـ”الضعيف جدا”. وقال في مقابلة مع (التغيير) إن حوادث النهب والقتل في ازدياد.
وكشف صالح عن تضاعف الجبايات وإرهاقها للمواطنين “كل صاحب كشك، أو دكان أو فريشة أو حتى درداقة يتم تحصيل أموال منه بشكل يومي وكل بضاعة تدخل أو تخرج من السوق تقوم بدفع أموال للدعم السريع.
وأشار إلى أن قوات الدعم السريع تقوم بجمع رسوم من أسواق: موقف الجنينة وسوق المواشي والجبل والسوق الشعبي وقادرة، واصفا العساكر المنتمين للدعم السريع والمستنفرين التابعين لهم بأنهم “فوق القانون”.
وقطع صالح بمشاهدته لعدد من حوادث النهب خاصة في موقف الجنينة وكبري نيالا، وقال: “تقف فجأة سيارة (بوكس) عليها أشخاص يرتدون زي الدعم السريع والكدمول ينهبون البضائع وأموال المواطنين العابرين”.
واتهم صالح الإدارة المدنية بعدم تقديم الخدمات للمواطنين، مشيرا إلى التعقيدات المرتبطة بإغلاق الطرق التي تقوم بتوصيل الغذاء، فطريق الرقيبات مغلق بسبب الخريف وهو الذي يقوم بإيصال المواد الاستهلاكية عبر الحدود من دولة جنوب السودان، إلى جانب توقف طريق أدري لمدة 3 أسابيع بعد انهيار سد مورني متهما الإدارة المدنية بالعجز عن إصلاحه، فيما يتفادى التجار بحسب صالح طريق المجلد لتكرار حوادث النهب فيه.
وحول الخدمات الصحية قال صالح إن هناك عدد من المنظمات مثل أطباء بلا حدود التي تدعم مستشفى الأطفال والطوارئ والولادة ومنظمة كير التي تهتم بتغذية الأطفال “هذه الخدمات لا علاقة بالإدارة المدنية بها”.
لم تتمكن (التغيير) من استطلاع آراء مواطنين آخرين من مدينة نيالا بسبب احجام كل من تم التواصل معه عن الحديث حتى مع وعود بعدم كشف هويتهم الأمر الذي يكشف عن حالة من الخوف من التعبير عن آرائهم.
الجرائم في تقارير الشرطةلدى الشرطة رأي يختلف حول الأوضاع الأمنية، ولم يتفق رئيس شرطة محلية بليل الملازم أول أحمد عبد الله أبكر، مع المواطن صالح قاطعا بتراجع الجرائم بعد الجهود التي قامت بها قوات الشرطة حد قوله.
وقال أبكر في مقابلة مع (التغيير) إنهم أنجزوا صيانة وتشييد سجن كوبر بمدينة نيالا الذي تبلغ سعته 10 آلاف نزيل مشيرا إلى أنهم يودعون فيه كل المجرمين.
مدير شرطة بليل: قوات الشرطة في ولايات دارفور التي يسيطر عليها الدعم السريع وصلت 8800 فرد
واعترف مدير شرطة محلية بليل بوجود معوقات تمنعهم عن أداء مهامهم بصورة كاملة منها عدم توفر المرتبات وقال: “نستلم فقط الإمداد كاشفا” إلى جانب حديثه عن فقد الشرطة لإمكاناتها المتمثلة في السيارات والسلاح الأمر الذي جعلهم يعتمدون على الدعم السريع في الاسناد والقبض على الجناة.
من جهته يرى الملازم أول أبكر أن قوات الشرطة في وسط هذه الظروف تقوم بعمل كبير في تأمين الزراعة وحل الخلافات بين الرعاة والمزارعين وعمل ارتكازات وتأمين للأسواق.
وكشف عن تقدير عدد قوات الشرطة بالولاية بـ 3 آلاف و800، فرد فيما وصل عدد قوات الشرطة التي تعمل في الجنينة وزالنجي والضعين إلى 5 آلاف فرد.
قوات الشرطة داخل معسكر (كلمة) لأول مرة تحديات ماليةأحد المدراء التنفيذيين بولاية جنوب دارفور، فضل حجب اسمه، اعترف بوجود تحديات كبيرة تمنعهم في الإدارة المدنية من تنفيذ خططهم وعلى رأس هذه التحديات قلة الإيرادات.
وأشار المدير التنفيذي إلى أن قطاعات التعليم والصحة تعمل بصورة جزئية وأن المدارس تواجه مشاكل الاجلاس والكتاب المدرسي ومرتبات المعلمين فيما تواجه المستشيات نقصا حادا في الكوادر الصحية والأدوية خاصة الأمراض المزمنة كما يواجه مركز عسيل الكلى بنيالا نقصا حادا في الأدوية.
بدأ العام المدرسي في ولاية جنوب دارفور في أواخر فبراير الماضي، وسينتهي في نهاية سبتمبر المقبل وفق مدير عام وزارة التربية والتعليم في الإدارة المدنية حافظ أحمد.
التزام بالتقويم المركزيوقال أحمد لـ (التغيير) إن بعض المحليات في ولاية جنوب دارفور لم تبدأ فيها المدارس بسبب الظروف الاقتصادية، كاشفا عن عقدهم لاجتماعات مع منظمات مثل اليونسيف لتمويل امتحانات الانتقال المرحلي من الأساس للمتوسط ومن المتوسط للثانوي.
مدير عام وزارة التعليم بولاية جنوب دارفور: ملتزمون بتقويم وزارة التربية الاتحادية وبالنسبة لنا السودان موحد
وحول العلاقة مع وزارة التربية الاتحادية أكد مدير عام وزارة التربية بجنوب دارفور بعدم وجود أي نوع من التواصل وقال لـ (التغيير): “بالنسبة لنا السودان موحد ونعمل وفق التقويم القديم لوزارة التربية”.
وأضاف: “نحن كمعلمين لا علاقة لنا بالسياسة ونتمنى أن تتوقف الحرب اليوم قبل الغد”. مشيرا إلى أن واجبهم يحتم عليهم المواصلة في تعليم الأطفال حتى لا يكون تأثيرهم سلبيا على المجتمع مستقبلا. وتابع: “لا شيء يجبرنا على ايقاف العملية التعليمية حتى لو قمنا بها في ظل شجرة”.
اجتماع وزارة التربية جنوب دارفور مع منظمات تهتم بالتعليم حكومة موازيةتلويح الدعم السريع بتشكيل حكومة عاصمتها الخرطوم يثر مخاوف تحويل السودان إلى النموذج الليبي وتقسيم البلاد لمناطق سيطرة للقوات المسلحة السودانية ومناطق سيطرة لقوات الدعم السريع.
لكن المحلل السياسي محمد لطيف، قلل من هذه المخاوف مشيرا إلى أن الدعم السريع لن يسعى للتورط في توفير خدمات الغذاء والدواء والوقود والبنى التحتية للمواطنين في مناطق سيطرته لأنها ستوقعه في مشاكل أكبر.
خسائر الدعم السريع السياسيةمن جهة ثانية يقول لطيف إن الانتهاكات التي تمارسها قوات الدعم السريع في انتشارها يسبب لها عائقا جوهريا، ويضيف: “كلما تمدد وتوسع في نطاق سيطرته كلما خسر سياسيا بسبب الانتهاكات التي تصاحب تحركاته”.
محمد لطيف: كلما توسعت سيطرة الدعم السريع خسر سياسيا بسبب الانتهاكات المصاحبة لحركته
وأكد لطيف أن الوضع الحالي في مصلحة الدعم السريع لجهة أن المواطن ينظر لمعاناته كنتيجة لانسحاب الجيش من المناطق التي يسيطر عليها الدعم السريع ويحمل الحكومة التي يعرفها هذه المعاناة.
وتابع: “الدعم السريع ليس لديه أي رغبة في تحويل نغمة الاحتجاج الشعبية في مواجهته وحتى إن خطرت له فكرة تشكيل حكومة ستكون مرجأة خاصة وأنه لا يسيطر على كافة المخارج والمداخل في البلاد”.
فشل منذ الانقلابمن جهته قلل الخبير الاستراتيجي المختص في إدارة الأزمات محمد إبراهيم كباشي، من قدرة الدعم السريع على تشكيل حكومة، مشيرا إلى اشتراكه في حكومة انقلاب مع الجيش عجزا فيها معا عن إدارة الدولة وفشلا على المستوى الاقتصادي.
وقال كباشي لـ (التغيير) إن الدعم السريع لم يستثمر فترة الانقلاب العسكري في تشكيل حاضنة سياسية في حين ارتد الجيش لفلول النظام البائد الذين أعادهم للسلطة فور الانقلاب. وأضاف: “هذه كانت إحدى نقاط الخلاف بين الجنرالين”.
أفراد من الدعم السريع مع المزارعينوقطع كباشي بعدم جدوى علاقة قائد الدعم السريع (حميدتي) بالإدارات الأهلية لجهة أنها تفتقر للبلورة السياسية ولا تمتلك خبرة في إدارة الدولة ومؤسساتها العامة.
وشرح كباشي شكل مؤسسة الدعم السريع التي وصفها بالمؤسسة العسكرية التي لا تمتلك جناحا سياسيا وهي لا تشبه الحركة الشعبية مثلا التي تمتلك شقا سياسيا وآخر عسكريا قاطعا بعدم قدرته على تشكيل وبناء هذه المؤسسات في ظروف الحرب.
وأضاف: “المدنيون في مؤسسات الدعم السريع بعضهم أصحاب مرارات وبعضهم من الإسلاميين وهو خليط لا يمتلك رؤية سياسية موحدة وسينفرط عقده بمجرد توقف الحرب”.
وناقش الخبير الاستراتيجي معضلة الإطار الدستوري والتشريعي إلى جانب غياب رؤية ومشروع وتسائل: “هل يريد إعادة إحياء مشروع الثورة السودانية أم يسعى لبناء قناعات كاملة بالدولة المدنية والنظام الديمقراطي.. وما هو موقع حميدتي من ذلك؟”.
ونبه كباشي إلى أن المؤسسات المدنية في ظل الحرب لا يتم ايلائها أي اهتمام لجهة التركيز على الجانب العسكري وضرب مثلا بعدم اهتمام حكومة بورتسودان بقضية السيول والفيضانات مشيرا إلى عجز الدولة ومنح الأولوية لتقوية النفوذ العسكرية.
خاتمةمع إفادات الخبراء حول أن الأولوية في ظروف الحرب تكون لدعم الجانب العسكري وأن الحكومات المدنية لن تجد أي دعم وفي ظل ما تعانيه الإدارات المدنية من قلة الموارد لدرجة تمنعها حتى من دفع مرتبات المعلمين والشرطة أو عمل أي إصلاحات في البنى التحتية يبقى خيار تشكيل قوات الدعم السريع لحكومة موازية خيارا غير عملي في ظل ظروف استمرار الحرب.
وفي حال قامت بإعلان حكومة وعجز عن تفعيلها سيواجه بسيول من الانتقادات والتذمر من المواطنين تنضم إلى انتقادات الانتهاكات الواسعة التي يقوم فيها في مناطق سيطرته من اغتصاب ونهب للمنازل وقتل واعتقالات وتعذيب.
الوسومآثار الحرب في السودان الإدارات المدنية للدعم السريع العام الدراسي الموسم الزراعي قوات الدعم السريع ولاية جنوب دارفورالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: آثار الحرب في السودان العام الدراسي الموسم الزراعي قوات الدعم السريع ولاية جنوب دارفور سیطرة الدعم السریع قوات الدعم السریع الإدارة المدنیة مدیر عام وزارة وزارة التربیة للدعم السریع حکومة موازیة مشیرا إلى أن قوات الشرطة جنوب دارفور تشکیل حکومة مناطق سیطرة السریع فی إلى جانب فی مناطق
إقرأ أيضاً:
أوضاع مأسوية في الفاشر بسبب حصار الدعم السريع.. شبه مجاعة (شاهد)
تعيش مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، التي شنت قوات الدعم السريع هجوما عنيفا عليها قبل أيام وتمكنت من حصارها، أوضاعا مأسوية.
وأظهرت فيديوهات أن النازحين في مخيمات الفاشر، وأبرزها زمزم، وأبوشك، وأبوجا، يعانون شحا شديدا في الغذاء والدواء.
وقالت وكالة الأنباء الفرنسية إن المصابين داخل الفاشر يضطرون لمعالجة أنفسهم بطرق بدائية، ويضمدون جراحهم بقطع قماش بسبب عدم وجود مستلزمات إسعافات أولية.
يقول عيسى سعيد (27 عاما) والد محمد لوكالة فرانس برس، في اتصال عبر الأقمار الصناعية ستارلينك، في ظل انقطاع الاتصالات في المنطقة بشكل كامل: "بمساعدة جارتنا التي كانت سابقا تعمل في مجال التمريض، أوقفنا النزيف لكن اليد فيها تورّم ولا ينام (محمد) ليلا من الألم".
وكما هو حال سكان آخرين في مدينة الفاشر المحاصرة من قوات الدعم السريع منذ أيار/ مايو 2024، فإنّ عيسى لا يمكنه نقل ابنه إلى غرفة الطوارئ في أي مستشفى.
وقد أدّت الهجمات المتكرّرة التي شنّتها قوات الدعم السريع على العاصمة الإقليمية لمنطقة دارفور الشاسعة، إلى جعل أي تحرّك للمدنيين محفوفا بالمخاطر.
فضلا عن ذلك، تعرّضت جميع المرافق الصحية فيها لقصف أو لهجوم.
ويقول محمد وهو منسّق مساعدات إنسانية نزح إلى الفاشر هذا الأسبوع، إنّ مئات الجرحى يجدون أنفسهم محاصرين حاليا في المدينة.
هذا الفيدو يوثق معاناة النازحين الفارين من الفاشر ومعسكراتها ابوشوك وأبوجا وزمزم للنازحين للحصول علي المياه الصالحة للشرب ١٩ ابريل ٢٠٢٥م، تناشد منظمتي مناصرة ضحايا دارفور و الملاذ الآمن جميع المنظمات للتدخل العاجل لتوفير مياه الشرب، علما بأن هناك عدد من النازحين ماتوا في الطريق… pic.twitter.com/czshVxS1TQ — Darfur Victims Support (@DVSorg) April 19, 2025
"العلاج بما هو موجود"
وكان هو نفسه قد أُصيب في فخذه خلال الهجوم الدامي الذي نفذته قوات الدعم السريع على مخيم زمزم للنازحين الواقع على بعد 15 كيلومترا جنوبي الفاشر.
وبحسب مصادر إنسانية، فإنّ مئات آلاف الأشخاص فرّوا من مخيّم زمزم الذي أعلنت الأمم المتحدة أنّه يعاني من مجاعة، وذلك للجوء إلى مدينة الفاشر.
ويضيف محمد الذي رفض الكشف عن اسمه الكامل لأسباب أمنية، إنّ "الناس فاتحة بيوتها وكلّ الناس يتلقّون العلاج بشكل خصوصي في البيوت".
في الفاشر، يحاول الناس تقديم الإسعافات الأولية وعلاج الحروق أو الجروح الناجمة عن الرصاص وشظايا القذائف، بالاعتماد على مواد بدائية للإسعافات الأولية وباستخدام نباتات طبية.
ويروي محمد أبكر (29 عاما) أنه كان يحاول إحضار الماء لأسرته عندما أُصيب بطلق ناري في رجله.
ويقول: "حملني جيراني إلى داخل المنزل واستدعوا جارنا الذي لديه خبرة في معالجة الكسور بالجبيرة وهو نوع من العلاج الشعبي... باستخدام أخشاب وقطع قماش".
ويضيف: "المشكلة أنّه حتى لو تعالج الكسر، فما زالت الرصاصة في رجلي".
وفيما أصبح وجود المعدّات الصحية محدودا للغاية في المدينة، يشير محمد إلى أنّه لو كان هناك مال لكان من "الممكن إرسال من يشتري شاشا أو مسكّنا، هذا إن كان موجودا ولكن بشكل عام لا توجد مستلزمات، يتم العلاج بما هو موجود".
الملح كمطهّر
أسفرت الهجمات الأخيرة التي شنّتها قوات الدعم السريع على مدينة الفاشر ومخيّمات النازحين المحيطة بها، عن مقتل أكثر من 400 شخص، بحسب ما أفادت به الأمم المتحدة الاثنين.
ويمكن لأي هجوم واسع النطاق قد تشنّه قوات الدعم السريع التي تحاصر المدينة، أن يترك آثارا تدميرية عليها.
وفي السياق، تتزايد التحذيرات من مخاطر مثل هذه العملية في منطقة الفاشر حيث يجد 825 ألف طفل على الأقل أنفسهم محاصرين في "جحيم"، وفقا لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف).
وبعد 11 شهرا من الحصار وعامين من الحرب، بنى الكثير من سكان الفاشر ملاجئ مرتجلة وكثيرا ما حفروا على عجل حفرا غطوها بأكياس رمل لحماية أنفسهم من القصف.
ولكن لا يتمكّن الجميع من الوصول إلى الأمان في الوقت المناسب.
الأربعاء، سقطت قذيفة على منزل هناء حماد، ما أدى إلى إصابة زوجها في بطنه.
وتقول المرأة البالغة 34 عاما لـ"فرانس برس": "حاولنا بمساعدة جارنا إيقاف النزيف ومعالجة الجرح باستخدام ملح الطعام كمطهّر".. لكنّه "في الصباح التالي، توفي".
من جانبه، يناشد محمد الذي يجد نفسه طريح الفراش "التدخّل العاجل من كل من يستطيع إنقاذ الناس".
والجمعة، دعت منظمة أطباء بلا حدود إلى إرسال مساعدات إنسانية.
وقال رئيس البعثة راسماني كابوري: "رغم إغلاق الطرق المؤدية إلى الفاشر، فإنه يجب إطلاق عمليات جوية لإيصال الغذاء والدواء إلى مليون شخص محاصرين هناك ويعانون الجوع".
هذا الفيدو يوثق توافد النازحين من الفاشر ومخيمي زمزم وأبو شوك بأعداد كبيرة إلى منطقة الطويلة حيث الأمان، لكن التحدي الأكبر يتمثل في نقص الخدمات الأساسية.
Displaced people from El Fasher and the Zamzam and Abu Shouk camps are flocking to the Tawila area en masse, where there is… pic.twitter.com/CrL5qiW1Gw
تتواصل عمليات توافد المدنين من الفاشر ومعسكراتها ابوشوك وأبوجا وزمزم إلي وحدة ادارية كورما معسكر سلك للنازحين ولاية شمال دارفور الفاشر ١٨ ابريل ٢٠٢٥م، تطلق منظمة مناصرة ضحايا دارفور نداء إنساني عاجل لكل المنظمات وصول ٧٠٠ أسرة معظمهم من النساء والاطفال وكبار السن حوالي ٦٠ ألف شخص… pic.twitter.com/eaiVOjfGLs
— Darfur Victims Support (@DVSorg) April 19, 2025