قالت مجلة فورين بوليسي إن الأحداث الأخيرة في بنغلاديش تُظهر كيف أضر المشروع القومي الهندوسي بالمصالح الإقليمية للهند، وكيف كانت استقالة رئيسة وزراء بنغلاديش الشيخة حسينة صدمة للمؤسسة السياسية والأمنية الهندية التي دعمتها بالكامل خلال فترة ولايتها، متجاهلة في كثير من الأحيان مخاوف أصحاب المصلحة الآخرين وشعب بنغلاديش.

وأوضحت المجلة -في مقال بقلم سوشانت سينغ من جامعة ييل- أن تنصيب ناريندرا مودي رئيسا للوزراء قبل 10 سنوات، قدم سياسة "الجوار أولا" الخارجية التي كانت تهدف إلى تعزيز العلاقات الودية والتآزر الاقتصادي بين الهند وجيرانها، ولكن سرعان ما تعثر هذا النهج بسبب النزاعات الحدودية والخلافات الثنائية، والنفوذ الصيني المتزايد في المنطقة.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2نيوزويك: بايدن وافق مجددا على إقامة رصيف عائم في غزةlist 2 of 210 مهن مهددة بالاندثار بسبب الذكاء الاصطناعيend of list

ويبدو -حسب الكاتب- أن إخفاقات السياسة الهندية في جوارها لا ترجع فقط إلى أحداث خارجية، بل إنها أيضا مظاهر للسياسة الداخلية الهندية الحالية، فمن إضفاء الطابع الأمني ​​على الدبلوماسية إلى صورة مودي كرجل قوي، قوضت نيودلهي أوراق اعتمادها الليبرالية بين شعوب جنوب آسيا.

أيديولوجيا هندوسية

وقد لعبت الأيديولوجيا القومية الهندوسية لحزب بهاراتيا جاناتا التابع لمودي، دورا رئيسيا في الإضرار بالمصالح الإقليمية للهند، وخاصة في بنغلاديش، حيث أثار قانون تعديل المواطنة لعام 2019 الذي سرع منح الجنسية الهندية للأقليات المضطهدة في البلدان المجاورة مع استبعاد المسلمين انتقادات من الجمهور البنغلاديشي.

ومع ذلك وفرت استقالة الشيخة حسينة للحكومة الهندية فرصة للتأمل -حسب الكاتب- ولكنها كما يبدو غير قادرة على الانخراط في تصحيح السياسات، علمًا أن صورة الهند الملطخة في بنغلاديش ليست أول فشل كبير لحكومة مودي في جنوب آسيا ولن تكون الأخيرة.

وذلك لأن سعيها إلى إقامة دولة هندوسية بحكم الأمر الواقع لا يضر بالهند وحدها، بل سيخلف نتائج كارثية في جنوب آسيا أيضا.

وذكّر الكاتب بعمق العلاقات بين الهند والشيخة حسينة التي لجأت مع شقيقتها إلى نيودلهي بعد اغتيال والدها الشيخ مجيب الرحمن في انقلاب عسكري عام 1975، قبل أن تعود إلى بنغلاديش، حيث شغلت منصب رئيسة الوزراء لأول مرة عام 1996 وحتى عام 2001 قبل أن تعود مرة أخرى إلى منصبها في عام 2009.

نهج أمني مفرط

وقد أشرفت حسينة على نمو اقتصادي هائل وسيطرت على كافة مؤسسات الدولة، بما في ذلك المؤسسة العسكرية، مما أوهم الهند أنها ستستمر في الحكم رغم الاحتجاجات، ولكن في فشل استخباري ودبلوماسي هندي مذهل، أصيبت نيودلهي بالذهول عندما طلب الجيش من حسينة مغادرة البلاد هذا الشهر، ولم يبق لها إلا اللجوء إلى نيودلهي.

غير أن النهج الأمني ​​المفرط الذي تنتهجه الهند في التعامل مع دبلوماسية الجوار، والذي ينعكس في دعمها غير المشروط لحسينة ــحسب الكاتب- يتعارض مع جوهر الروابط التاريخية والثقافية والإثنية والجغرافية والاقتصادية التي تربط الهند مع مختلف أنحاء جنوب آسيا، مما أضاع فرص نيودلهي لكسب ثقة جيرانها.

ففي ميانمار، اختارت الهند المجلس العسكري الذي استولى على السلطة في انقلاب عام 2021، وفي أفغانستان، أقامت علاقات ودية مع حكام طالبان، وفي بنغلاديش، تكثر الشكاوى من السلوك القاسي لقوة أمن الحدود الهندية.

وقد شكلت سياسة مودي الدبلوماسية الإقليمية القوية عقبة للهند، التي شنت غارة عبر الحدود في ميانمار عام 2015 ضد معسكرات عبور المتمردين الهنود، وفي نفس العام أطلقت حصارا تجاريا على نيبال عندما أعلنت نفسها جمهورية علمانية، وفي العام الماضي، أطلق أنصار مودي حملة للسياح الهنود لمقاطعة جزر المالديف، بعد خلاف دبلوماسي عندما انتقد بعض الوزراء المالديفيين مودي.

وطن للهندوس فقط

وفي بنغلاديش، انضاف النهج الصارم الذي تنتهجه شرطة الحدود الهندية إلى الشكاوى العامة بشأن تصرفات نيودلهي بشأن تقاسم المياه ومرافق العبور وغيرها من القضايا المتعلقة بالتجارة، والتي يُفترض أنها غير عادلة بالنسبة لداكا، وبدا أن الجمهور ينقل غضبه من الهند لانتهاكها سيادة بنغلاديش إلى حسينة.

وبالفعل ساهمت الشعبوية والاستبداد والمحسوبية في إثارة المشاكل للهند في بنغلاديش، لكنّ سعي حكومة مودي إلى أيديولوجية القومية الهندوسية كان أكثر ضررا، إذ إن قانون تعديل الجنسية لعام 2019 يخدم هدف إنشاء دولة هندوسية بحكم الأمر الواقع، حيث سارعت الهند إلى منح الجنسية الهندية للهندوس في بنغلاديش، مما غذى سردية معادية للهند هناك.

وفي خطابه الوطني يوم استقلال الهند، تحدث مودي عن قلق مواطني الهند البالغ عددهم 1.4 مليار نسمة بشأن سلامة الهندوس في بنغلاديش، مصورا الهند على أنها وطن للهندوس فقط، وليست الدولة المتعددة الأعراق والأديان واللغات التي كانت معروفة منذ مئات السنين.

يبدو أن حكومة مودي الآن تفتقر إلى القدرة على التأمل الذاتي -كما يقول سوشانت سينغ- وبدلًا من إلقاء اللوم على باكستان أو الصين أو الإسلاميين في الأحداث التي أدت إلى استقالة الشيخة حسينة، يتعين على الهند أن تعترف بأن مواطني الدول المجاورة قادرون على استعادة سلطتهم وممارستها ضد الأنظمة الاستبدادية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات ترجمات فی بنغلادیش جنوب آسیا

إقرأ أيضاً:

تعيين جيوثي باثولا مديرًا إداريًا لشبكة المشرق العالمية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

أعلن المشرق، أحد أبرز المؤسسات المالية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، عن تعيين جيوثي باثولا في منصب المدير الإداري لشبكة المشرق العالمية (MGN) والمدير الإداري لعمليات الشبكة في الهند.

وستتولى جيوثي الإشراف على عمليات شبكة المشرق العالمية، التي تمثل منصة القوى العاملة الموزعة للبنك، إلى جانب إدارتها التشغيلية في كل من الهند، باكستان، ومصر، ويهدف هذا الدور إلى تعزيز استقطاب المواهب، وتحقيق أعلى مستويات الكفاءة التشغيلية، وتقديم خدمات مبتكرة تدعم استراتيجية البنك الرقمية والتشغيلية.

وتتمتع جيوثي بخبرة مهنية تزيد عن 20 عامًا في مجالي الخدمات المصرفية والتكنولوجيا قبل انضمامها إلى المشرق، شغلت منصب الرئيس التنفيذي للعمليات لدى شركة UBS India Service Co، حيث أشرفت على عمليات دمج "كريدي سويس" ضمن UBS، كما تولت مناصب قيادية في "كريدي سويس" بسنغافورة والهند، ركزت خلالها على إدارة البرامج العالمية وتعزيز الكفاءة التشغيلية.

مارك إدواردز، رئيس مجموعة العمليات في المشرق، أعرب عن ثقته بجيوثي قائلاً: "نحن سعداء بانضمام جيوثي كمدير عالمي لشبكة المشرق العالمية ومدير إداري للشبكة في الهند، خبرتها العميقة في الخدمات المصرفية والتكنولوجيا تجعلها الخيار الأمثل لقيادة شبكة المشرق العالمية وتطويرها كأداة استراتيجية تدعم عمليات البنك، ونحن واثقون بأن خبرتها وإنجازاتها ستساهم في تعزيز جودة الخدمات المقدمة وتحقيق المزيد من الابتكار لخدمة عملائنا حول العالم".

وأعربت جيوثي باثولا عن سعادتها بهذا التعيين قائلة: "يشرفني الانضمام إلى المشرق، المؤسسة الرائدة ذات الإرث العريق في القطاع المصرفي، إن التزام البنك بالابتكار والتميز التشغيلي يشكل دافعاً رئيسيا لي، ويتماشى مع مسيرتي المهنية، واتطلع إلى العمل مع فرق العمل المتميزة في شبكة المشرق العالمية لتحقيق رؤية البنك وتعزيز نموه عالميًا".

وتتميز جيوثي برؤية ريادية واضحة، إذ سبق لها أن أسست وأدارت مطعمين في مومباي، وتحمل شهادة في هندسة الإلكترونيات من جامعة جواهر لال نهرو التكنولوجية في حيدر أباد، ودرجة الماجستير في إدارة الأعمال من جامعة سنغافورة الوطنية.

مقالات مشابهة

  • ما الرسائل التي حملها ممثل الرئيس الروسي للجزائر؟
  • قوات العدو الصهيوني تدمر البنية التحتية في مخيم بلاطة شمالي الضفة الغربية المحتلة
  • طعنة تنهي حياة ابنة أوسيم خلال مشاجرة جيران وسط الشارع
  • ما الأجندة التي يحملها بزشكيان خلال زيارته إلى القاهرة؟
  • الجرافات الإسرائيلية تدمر المنازل في شمال قطاع غزة
  • مصري يقتل شقيقته ومقتل 13 شخصاً بحادث قارب «للبحرية الهندية»
  • تعيين جيوثي باثولا مديرًا إداريًا لشبكة المشرق العالمية
  • دمج الزراعة الهندية بتحليلات التنبؤات الجوية المعتمدة على الذكاء الإصطناعي
  • القبض على سيدة كندية في الهند بسبب جهاز «GPS».. كيف بررت موقفها؟
  • خبير في العلاقات الدولية: القضايا العربية لم تغب لحظة عن سياسة مصر الخارجية