بوابة الوفد:
2024-09-14@08:36:35 GMT

«التطبيع بالإعلام»

تاريخ النشر: 29th, August 2024 GMT

مصطلح «التطبيع بالإعلام»، يعنى اعتياد ما لم يكن مألوفا فى السابق، وكان مجرد التعرض له ولو بالصدفة يمثل صدمة ويستوجب مراجعة أو معاقبة المرسل، والمقصود به هنا صانع الإعلام، فعلى سبيل المثال كانت مشاهد الحرب والتدمير والقتل والحرق غير مقبولة على الشاشة إلا فيما ندر، وأقصد هنا شاشة الأخبار اليومية وكانت المحطات الإخبارية العالمية حينما تلجأ لتغطية الخبر بصورة أو فيديو كانت تراعى إلى حد بعيد عدم إظهار الوجوه أو مشاهد الدماء وتكتفى بصور أو مقاطع فيديو من بعيد أو على الأقل ليس فيها مشاهد واضحة لجثث أو قتلى، وحتى عندما كان يتم توظيفها فى الدراما كان يراعى تجنب المشاهد القاسية لحظة سفك الدماء أو طريقة تنفيذ القتل، رغم أننا كمشاهدين نعلم جيدا أن المعروض فى الآخير تمثيل!!
لا ننكر أن تعاطى الإعلام بمختلف أنواعه مع القضايا والأزمات اختلف مع الزمن وبفعل التطورات التقنية وتعدد وتنوع وسائل الإعلام وشيوع التزييف الدقيق والعميق وحتى ظروف المجتمعات نفسها اختلفت وهو ما أوجد بعض التوجهات التى كانت فى بداياتها صادمة لكن تم تقبلها مع الوقت تحت عنوان خبيث يقول «الدنيا كلها تغيرت» بغض النظر هل التغيير هنا لصالح الإنسان أم ضده.


الآن يبث الإعلام دولى ومحلى مشاهد القتل والحرق الحقيقية ليل نهار من أماكن الصراعات، وتعرض مشاهد مروعة لا يتحملها قلب إنسان عادي، وهناك وسائل إعلام خصصت أقسام مستقلة فيها لمتابعة الأرقام المتزايدة للضحايا يوما بيوم، لدرجة أن المتلقى فى عمر الطفل أصبح يتقبل المشاهد وكأنها مثلا أغنية للأطفال لاسيما عندما يعاد تدويرها فى «السوشيال ميديا».
هذا الكلام ذكرنى بموقفين، الأول: قديم يعود للفترة من بعد موت الزعيم الراحل جمال عبدالناصر وحتى قيام حرب أكتوبر 1973 كان عامة الناس فى الشارع المصرى وقتذاك يوجهون ساخرين السؤال الأبرز للرئيس السادات: «هنحارب إمتى؟» «ولا مش هنحارب خالص؟» وتداول المثقفون مصطلح «اللا سلم واللا حرب» كنوع من «التطبيع» مع الحالة العامة، ولم يكن معظمهم ربما على علم بأن الرئيس السادات نفسه أراد أن يرسخ لهذه الحالة العامة من «اللاسلم واللا حرب» كأحد أدوات خطة الخداع الاستراتيجى التى كانت جزء من خطة حرب أكتوبر، أراد السادات أن يوصل للعدو رسالة مفادها أن الحالة العامة فى مصر تطبعت مع الوضع القائم وأنه لا حرب فى القريب العاجل أو فى البعيد الآجل.
أما الموقف الثانى فقبل أيام عرضت قناة «العربية - الحدث» تقريرا من الشارع فى غزة كان المراسل يلتقى أهل غزة ويسألهم عن رأيهم فى المفاوضات وتوصيفهم للحالة التى يعيشونها منذ السابع من أكتوبر حتى الآن، وجاءت إجاباتهم تصلح لما نسميه فى البحث العلمى «دراسة حالة»، فعلى سبيل المثال قال أحدهم بوجه بائس يائس لا مبالى: «أنا لا متفائل ولا متشائم، مضى أكثر من عشرة شهور عقد خلالها أكثر من قمة وأكثر من مفاوضات، وفى الأخير لا شىء حدث»!! وقال آخر بنفس اليأس: «الإحباط موجود وربنا قادر على كل شىء»، فى تقديرى لو كان هذا التقرير بعد أسبوع أو اثنين من 7 أكتوبر الماضي، أتصور أن إجابات نفس الناس كانت ستختلف بل أيضا طريقتهم فى الإجابة وملامحهم وهم يتكلمون والخلاصة أن كم الألم والوجع ومئات الفيديوهات والصور المتداولة فى الإعلام عن مجازر الاحتلال فى غزة وقصف البيوت وإطباقها على ساكنيها جعل المتلقى لهذا الإعلام يتطبع تدريجيا مع مشاهد القسوة حتى أنه لم يبدى نفس ذهول الصدمة الذى أبداه فى المشاهد الأولى وهنا تتجلى خطورة القوة الناعمة وتحديدا سلاح الإعلام فمثلما بإمكانه شحذ الهمم وخلق الاستفاقة ودعم المواقف بإمكانه أيضا تسبيط الهمم واعتياد الألم وخلق اليأس، وهذه الرؤية تدعم أيضا نظرية التأثير النفسى غير المباشر لوسائل الإعلام على سلوك المتلقى وتصرفاته وتفسر تغير مواقفه عبر فترات زمنية معينة بعد التعرض المتكرر لمحتوى معين فما تفعله بعض وسائل الإعلام فى سعيها للسبق واقتناص اللقطة قبل غيرها هو أنها قد تتجاهل التأثير التراكمى لما تكرر عرضه من صور وفيديوهات على نفس وسلوك المتلقى فتحدث ما يسمى «التطبيع بالإعلام».

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: يا خبر د حسام فاروق

إقرأ أيضاً:

انفجارات هائلة تهز الفاشر.. والناجون من القتال يروون مشاهد مرعبة

شهدت الأجزاء الجنوبية الشرقية والغربية من مدينة الفاشر، عاصمة إقليم دارفور، مساء الجمعة انفجارات هائلة مع تصاعد كثيف للنيران والدخان، تزامنًا مع استمرار الاشتباكات العنيفة بين قوات الدعم السريع والجيش والقوات المتحالفة معه، وذلك لليوم الثاني على التوالي.

وروى الناجون من القتال مشاهد مروعة للدمار الذي لحق بالمدينة وقال أحمد إسحق، الذي نجا بصعوبة من المدينة بعد ساعات من اندلاع القتال مجددًا صباح الجمعة: "تحولت معظم الأحياء إلى مناطق مهجورة، فيما تعرضت المناطق القريبة من السوق الرئيسي ومقر قيادة الجيش إلى دمار لا يوصف، وسط معاناة شديدة يواجهها السكان في محاولة الوصول إلى مناطق آمنة".

انفجارات هائلة تهز الفاشر.. والناجون من القتال يروون مشاهد مرعبة  

وأوضح إسحق لموقع "سكاي نيوز عربية": "رائحة الموت تنتشر في كل مكان.. لا شيء يعلو على صوت الرصاص والانفجارات التي طالت أجزاء كبيرة من المدينة".

وفي هذا السياق، تشير عائشة أبكر إلى أن "الأوضاع التي يعيشها الأطفال وكبار السن مأساوية للغاية، في ظل إغلاق الأسواق وعدم القدرة على الوصول إلى الطعام أو مياه الشرب".

وقالت لموقع "سكاي نيوز عربية": "تمكنت مع أطفالي ومجموعة من النساء والرجال من الهروب شرقًا، لكن المشاهد التي واجهناها كانت مفجعة، عشرات الجثث متناثرة في الشوارع، بعضها يرتدي زيًا عسكريًا والبعض الآخر مدني، وبينهم أطفال ونساء لكن أعداد العسكريين كانت كبيرة جدًا".

عاجل| "حادث مرعب" أثناء مظاهرة مؤيدة لإسرائيل في الولايات المتحدة عاجل - هاريس: نريد جيلا جديد لزعامة الولايات المتحدة يؤمن بالوحدة وليس بالانقسام

ومنذ صباح الخميس، تجددت الاشتباكات العنيفة في المدينة، وسط تقارير متضاربة حول الوضع الميداني.

وقال الجيش إنه تمكن من صد "هجوم كبير" لقوات الدعم السريع وكبدها خسائر كبيرة في الأرواح والعتاد، لكن في الجانب الآخر، أكدت قوات الدعم السريع عبر منصات تابعة لها سيطرتها على مناطق استراتيجية ومعظم الأحياء والارتكازات القريبة من قيادة الفرقة السادسة - أكبر مقر عسكري للجيش في دارفور، مشيرة إلى فرضها حصارا شديدا على المناطق المتبقية من المدينة.

ويستخدم طرفا القتال الأسلحة الثقيلة والمسيرات وعمليات القصف الجوي المكثف التي أحدثت دمارا كبيرا في المستشفيات والمنشآت العامة والأحياء السكنية.

العربي للدراسات: أمريكا تعتمد على مصر في توطيد علاقاتها مع المحاور الإقليمية ترامب: هاريس شيوعية وانتخابها رئيسة سيكون نهاية أمريكا إضاءات:

- تستمر المعارك في الفاشر مع تحشيد يعتبر الأكبر منذ بدء الاشتباكات في المدينة قبل أكثر من 5 أشهر.
- يحاول السكان الفرار وسط ظروف أمنية شديدة التعقيد والخطورة.
- قبل اندلاع القتال، كانت المدينة تأوي ربع سكان إقليم دارفور، الذي يبلغ عدد سكانه نحو 6 ملايين نسمة، ويمثل 20٪ من مساحة السودان، ويضم 14٪ من إجمالي سكان البلاد البالغ عددهم نحو 42 مليون نسمة.
- تُعد الفاشر واحدة من أهم المدن الاستراتيجية في السودان، وهي المدينة الوحيدة في إقليم دارفور التي لا يزال الجيش يحتفظ بوجود فيها، بعد سيطرة قوات الدعم السريع على أكثر من 90٪ من مناطق الإقليم.

مقالات مشابهة

  • سقوط صواريخ من لبنان على مدينة صفد / شاهد
  • كيف أعاد النظام السوري مسار التطبيع مع تركيا إلى المربع الأول؟
  • النائبة فيبى فوزى تكتب: مفهوم المواطنة.. «مشاهد وتجليات»
  • مشاهد رائعة.. هطول أمطار متفرقة على الباحة
  • انفجارات هائلة تهز الفاشر.. والناجون من القتال يروون مشاهد مرعبة
  • المغاربة يتظاهرون في جمعة جديدة لوقف المجازر في غزة وإسقاط التطبيع
  • مشاهد كيزانية
  • التحالف مع العدو الإسرائيلي تحت عنوان التطبيع .. حالة ارتدادٍ عن الثوابت الواضحة
  • ألمانيا تسخر من ترامب: "نحن لا ناكل القطط أيضاً"!
  • إعلام عبري: التطبيع مع السعودية لا يزال على الطاولة.. وهذا ما تحتاجه الرياض