بوابة الوفد:
2025-02-21@21:09:56 GMT

وللفلسفة دورٌ وريادة

تاريخ النشر: 29th, August 2024 GMT

لم يعد للفلسفة دورٌ فى حياتنا المعاصرة! هكذا يتخيّل كل ذى بصيرة مطموسة، وكل ذى عقل مفقود. 
أضعف حُجة للرد على تلك الترهات هو القول: إنه إذا ثبت أن للفلسفة دوراً فى القديم والوسيط والحديث، فلا أقل من أن يكون لها نفس الدور وأعظم فى الحياة المعاصرة؛ لأن وجودها الفاعل فى الأزمنة القديمة والوسيطة والحديثة يثبت دورها الحضاري.


ولا يعقل أن يكون لها الفاعلية الحضارية قديمًا ووسيطًا وحديثًا عبر الأزمنة والعصور، ثم نسلبها وجودها عنوةً عن العصر الحاضر حيث لا حضارة ولا فلسفة، ومن ثم فلا حياة سوى تفاهات قائمة! 
من أسف، لم تعد طاقة العقلية العربية تستوعب عناء الفلسفة وجهودها الشاقة، كل بلاد العالم فيها فلاسفة، وفيها تقدير لقيمة الفلسفة إلا بلادنا العربية تكاد تخلو من فلاسفة حقيقيين: عناء الفلسفة يكمن فى ممارسة التفكير، وجهودها الشاقة  تظهر بجلاء فى  سن أسس النقد لفروض الإصلاح. 
لا ندرى لم هذا العداء الغريب بين العقل العربى والتفلسف، ربما أكون مبالغاً إذا قلت هذا بل ومتناقضاً أيضاً، لأننا إذا وصفنا الإنسان بالعقل فقد وصفناه بالتفلسف شئنا أم أبينا.
حقاً هو عداء فعلاً لكنه عداء ليس بين العربى وعقله ولا بين العربى وذوقه، ولا بين العربى ومداركه، بل عداء مفروض عليه سياسياً: أقتل فى العربى كل قيمة، تفكيره وادراكه، وشعوره ووجدانه، وتدينه، ومعارفه وروابطه ... وجرده عن هويته، فلا يعرف لها تاريخاً ولا جغرافيا. 
أطمس ذاكرته الباقية طمساً ليسهل محو أثره من هذا الوجود، لا تدع له تراثاً يدرسه، ولا وطنية يقدّرها، ولا حدوداً يعلمها، ولا بلاداً يحترمها. 
جرّده من كل شيء؛ ليكون لقمة سائغة فى أيدى المبتزين والمستعمرين وطلاب الدون من الخونة والمأجورين.
أمحو هُويتّه بالغفلة والاستنامة، وزعزع أصوله، وانزع ثوابتها؛ لتراه آخر الأمر بلا قيمة ولا كرامة ولا حياة جديرة بالحياة! 
اجعل للتعليم لديه مكان الحقارة والدناوة، وأجعله يحتقر العلم والعلماء، ويحتقر الدراسة والتحصيل، ويقيس كل شيء بالمقاييس المادية. غيّر نظرته للأشياء وارْبطها برباط المنفعة القريبة العاجلة. لا تجعل له ثوابت من دين، ولا ركائز من قيم، ولا دعائم من وطنية يرتكز عليها. شككه فى هذه الثوابت وأوصله بالتفاهات السائرة أمام نظرة صباح مساء حتى تستعبده. 
اجعله عبداً لغرائزه الدنيا ولشهواته القريبة؛ ليكون أسيراً لها على الدوام بغير انقطاع. لا تعلمه فريضة التفكير ولا الأدب ولا التاريخ ولا الفلسفة ولا تبصره بوجوده الروحى ولا العقلى بل دعه باستمرار لا يتجاوز المحسوس فيما يفكر وفيما ينظر من مطالب الحياة وشئون الواقع المحدود بحدود نظره ولمسه وحسّه. موّت أذواقه لينظر إلى مبدعات الفنون الجميلة نظرة العداء، فلا يتفاعل مع الفن ولا مع العلم ولا مع الأدب ولا مع الذوق الفنى مطلقاً.
قلل فيه قناعة العمل الموصول بمطالب الخلود، بل أجعله يعمل كأجير السوء، لا يعمل لأن العمل الصالح موصول غير مقطوع. 
هذه سياسية إجرامية لا يطبقها على شعوبنا العربية إلا أبناء صهيون، ومن والاهم من الخونة والمأجورين، ومن يهمهم تحقيق الأمل اليهودى القديم بالقضاء على الشعوب العربية بدايةً من القضاء على اللغة والهويّة والحضارة والانتماء والثقافة والتعليم.. وانتهاءً بالإبادة الجماعية وسلب إرادة الشعوب تحقيقاً فى الواقع المشهود، مع غرس اليأس من الإصلاح. 
لكن دراسة الفلسفة تقف لهذا كله بالمرصاد، تقف للخوار والانهزامية والتخلف؛ فتحقق دوراً قائماً بالعقل وريادة باقية بالمعرفة. 
وكرامة الإنسان رهنٌ بين عقله ومعارفه. ولا كرامة له على التحقيق وهو معطل للعقل فاقد للمعرفة حتى لو أمتلك الدنيا بحذافيرها واستطال فيها على طولها وعرضها. 
والفلاسفة الحقيقيون مجاهدون فى هذا الميدان جهاد الأبطال، لأن الفلسفة تكشف الباطل من أول وهلة، وتسخر العقل فى طلب الحقيقة الظاهرة والباطنة، وتحترم الأصول الباقية فى الدين والعلم والأخلاق، وتدفع عن القيمة غواشى الانحراف، وتعزز فى الفرديّة قيم المبدأ وقيم المصير، وتجاهد الفلسفة جهادها الأبيّ فى سبيل إعلاء الجانب النقدى لتزيل الأقنعة الزائفة وتفضح الأوهام المتسلطة. الفلسفة، لو تعلمون، منهج فى التفكير  : 
كان نيتشه الفيلسوف ألألمانى يقول : (الفلسفة ليست تأسيساً لديانة ولا تبشيراً بحقيقة، ولا وعداً بالحرية والسعادة، بل هى نبش فى الأسس، وتعرية للأصول، وإزالة الأقنعة، وفضح الأوهام).
وتلك هى مُهمة التفكير النقدى الابن الشرعى للفلسفة، الذى يقدّم الإصلاح والإيجابية والعمل الدائم الهادف البناء خدمة للفرد وخدمة للمجموع، يقدّمه على السلبيات وشيوع قيم الخمول والخرافة والجهالة والتعطيل، وهى القيم الساقطة حتماً، تحاربها الفلسفة ويناوئها العقل المستنير.
 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: د مجدى إبراهيم

إقرأ أيضاً:

أمين عام الاتحاد العربى للأسمدة يستعرض استراتيجية وخطة 2025 / 2026

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

أكد الكيميائي سعد ابوالمعاطي  الأمين العام للاتحاد العربى للأسمدة، أن استراتيجية الاتحاد العربى للأسمدة وخطة الاتحاد العربى للأسمدة خلال عام 2025- 2026 يقوم بالتعاون والتنسيق مع الشركات الأعضاء.

وأوضح أبو المعاطى، أن الاتحاد العربى للأسمدة يبذل جهوده الحثيثة لتعزيز الطاقة الإنتاجية لمصانع الأسمدة، وإنشاء مشروعات كبرى لدعم منظومة الأمن الغذائي العربي والعالمي، في ظل التزايد المستمر في تعداد سكان العالم، وما يفرضه ذلك من تحديات جسام.

واضاف ابو المعاطى كما نعمل، جنبًا إلى جنب مع الشركات الأعضاء، على ترشيد استهلاك الطاقة في المصانع، واعتماد سياسات التحول الطاقي المدروس، لضمان التوازن بين التطوير والاستدامة دون المخاطرة بأمن الطاقة، الذي يُعدّ ركيزة أساسية للأمن الغذائي.

واضاف الكيميائى سعد ابو المعاطى يضم المؤتمر هذا العام 20 متحدثاً، إضافة الى العديد من المناقشات من خلال مشاركة مختصين ذو خبرة كبيرة من الهيئات والمنظمات العربية والدولية والافريقية، وبيوت الخبرة العالمية والمتخصصة، ويشارك بالمعرض المصاحب  للمؤتمر عدد من الشركات العربية والدولية بمختلف التخصصات، والتي تستعرض أحدث المنتجات والتكنولوجيا العالمية في كافة قطاعات صناعة الأسمدة وخاماتها والمجالات ذات الصلة.

وقال الأمين، ان المؤتمر الدولي السنوي للأسمدة والذي يعقده الإتحاد العربي لأكثر من ربع قرن يمثل الحدث العربي الاقتصادي الأبرز في مجال صناعة وتجارة الأسمدة بالمنطقة العربية، حيث يستقبل المؤتمر الدولي عدد كبير من المشاركات العربية والدولية وسط مجموعة متميزة من المؤسسات والشركات العربية والعالمية العاملة في مجالات صناعة وتجارة الأسمدة، في ظل وجود فرصة خاصة لعرض أحدث المنتجات والتكنولوجيا العالمية، ليظل المؤتمر الدولي واحد من اكبر الفعاليات الدولية في مجاله، حيث يجذب المؤتمر سنوياً عدد ضخم من المشاركات والحضور والزائرين، وهو ايضاً حلقة الوصل التي تجمع المهتمين والمصنعين من الشركات العربية والدولية ليكون المؤتمر نقطة تواصل هامة لمناقشة مستجدات صناعة الأسمدة والتوقعات بالأسواق العربية والعالمية.

مقالات مشابهة

  • جمال سلامة: مخططات التهجير قد تستمر .. والصمود العربى الضمانة الوحيدة لإحباطها
  • جمال سلامة: مخططات التهجير قد تستمر والصمود العربى الضمانة الوحيدة لإحباطها
  • التفكير من خارج الصندوق.. إلى أين يقود ترامب؟
  • نائب رئيس جامعة كفر الشيخ تكشف ملامح الأسبوع البيئي وريادة الأعمال
  • 5 مشاكل صحية ونفسية قد تصيبك بسبب التفكير المفرط.. فيديو
  • NYT: الزعماء العرب بدأوا التفكير في حلول لغزة بعد الكشف عن خطة ترامب
  • إيجيبس 2025 يكرم رواد الابتكار وريادة الأعمال
  • أمين عام الاتحاد العربى للأسمدة يستعرض استراتيجية وخطة 2025 / 2026
  • الجديد: المطاعم من أصعب الأنشطة وعلى المستثمرين التفكير ألف مرة قبل الدخول في مجالها
  • جوجل ترجع لسباق الذكاء الاصطناعي وتضيف «التفكير» إلى تطبيق جيمني