جنيف تَلِد سلام السودان
تاريخ النشر: 29th, August 2024 GMT
محمد عصمت يحيى
لم يَفُت بعد وقت التعليق أو الكتابة عن مُخرجات إجتماعات جنيف الذي دعت له وزارة الخارجية الأمريكية بمشاركة دولية وإقليمية كان في مقدمتها المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة وجمهورية مصر العربية وسويسرا إلي جانب الإتحادين الإفريقي والأوربي والأمم المتحدة، كل هؤلاء كرسوا أياماً خلال الفترة من 14-24 أغسطس الجاري للنقاش حول الحرب السودانية الدائرة الآن والبحث في ثلاثة قضايا خاصة بها وهي:
1.
2. تأمين مسارات لإيصال المساعدات الإنسانية للمتضورين جوعاً.
3. النظر في إنشاء آلية فعّالة للمراقبة ومتابعة عمليات التنفيذ.
هذه القضايا الثلاث تداعي لنقاشها وبحثها مع الطرفين المتقاتلين عدد من الدول والمؤسسات الدولية والإقليمية لا يُماثله في زَخَمه إلا تحالف عاصفة الصحراء خلال الفترة من 17 يناير – 28 فبراير 1991 والذي أُنشيء لتحرير دولة الكويت من الغزو العراقي.
ولما كان لمثل هذه الإجتماعات من وزن دولي وإقليمي ثقيل العيار لم أشأ التعليق أو الكتابة عند خِتامها المُجرد فقط بنتائجها الناجحة إنسانياً أو حسب ما رأي بعض المُتناولين فشلها في وقف الحرب بعدائياتها بسبب تخلُف وفد الجيش عن الحضور الرسمي وإكتفائه بالمشاركة الإفتراضية عبر التقنيات، رغم ما (يُشاع) عن حضور مبعوث شخصي للفريق البرهان لم تَنْفِه أي مصادر رسمية بل إكتفي النافون بعدم ذهاب (وفد الجيش) فقط.
كان من اللافت لنظر الجميع طول الفترة المحددة لهذه الإجتماعات والتَكتُم الشديد الذي فُرِض علي مكانها رغم حالة الترقب والأمل التي صاحبت تلك الإجتماعات يوماً بعد يوم، غير أن نتائجها المُعلنة بنجاحها في الجانب الإنساني دون الوصول إلي وقف العدائيات بين الطرفين المتحاربين قد أصاب البعض بخيبة أمل ولكن إذا ما أَمْعَنّا النظر لوجدنا أن هذه الإجتماعات قد حققت تقدُماً جيّداً في طريق إيقاف الحرب يمكننا تلخيصه في الآتي:
1. تأسيس تحالف دولي مؤثر ومفتوح من أجل السلام في السودان (ALPS) وهو ما يعني أن هناك إلتزاماً مقروناً بتحقيق السلام إلي أن تتوقف الحرب.
2. محاصرة خطر المجاعة بتأمين وإعادة فتح طُرق ومسارات (معبر أدري في الغرب والدبة في الشمال) خاصة بالمساعدات الإنسانية بعد الحصول علي إلتزامات وضمانات من الطرفين المتحاربين بحماية المدنيين بما فيهم الطواقم العاملة في المجال الإنساني والنساء والأطفال بالإضافة إلي مواصلة المساعي مع الطرفين لفتح معبر الميرم وطريق آخر عبر سنار من جهة الجنوب.
3. وضعت جنيف ضمن مخرجاتها إطاراً لضمان الإمتثال لإعلان جدة مايو 2023 والذي ظل ومنذ توقيعه حجة يتمسك بها الجيش بجانب أي إتفاقيات أخري يتم توقيعها بين الطرفين المتحاربين مستقبلاً.
4. أعلنت جنيف عن قبول قوات الدعم السريع لنظام إخطار مُبسط بغرض تسهيل تسليم المساعدات الإنسانية ووصولها لمستحقيها دون أي تعقيدات أو إجراءات إدارية الأمر الذي يتطلب من جانب الجيش أيضاً مُجاراة الدعم السريع في تبسيط الإجراءات الإدارية.
5. أسفرت إجتماعات جنيف عن إتفاق مُهم مع وفد الدعم السريع بفتح مطارات نيالا، زالنجي، الجنينة، الضعين ووضعها تحت إدارة وإشراف الأمم المتحدة وهذا من شأنه أن تتواجد الأمم المتحدة عن قُرب وعلي الأرض لمتابعة أعمال الإغاثة والمتوقع تبعاً لذلك أن تتوقف هجمات طيران الجيش علي تلك الولايات لعل وعسي أن يُخفف ذلك من حدة الإشتباكات بين الطرفين المتحاربين.
6. إتسَمت إجتماعات جنيف بمنهجيتها المَرنة تجاه عمليات التفاوض مع الطرفين المتحاربين بالصبر اللامحدود خاصة مع الجيش ربما إدراكاً منها بحجم التعقيدات المحيطة بقيادته العليا وهذا ما كان واضحاً في حضور الجيش الإفتراضي لإجتماعات جنيف.
7. أهم ما بَشّرت به إجتماعات جنيف هو إصرار مكوناتها (ALPS) علي تواصل جهودهم من أجل إحلال السلام في السودان وهذا يَتَبّدي جلياً في تَرْك الباب مفتوحاً لجهات أخري هي بالضرورة دُول وربما نري ذلك قريباً وبها سيزداد تحالف جنيف قوة علي قُوتِه.
وكما أشرنا في صدر المقال إلي أهمية هذا التحالف الدولي ومُماثلته بتحالف عاصفة الصحراء في بدايات العام 1991 ينبغي أن نشير إلي مُقتضيات وملابسات إنشائهما فتحالف عاصفة الصحراء المُؤسَس بعيداً عن ردهات وكواليس مجلس الأمن الدولي تحوُطاً من إستخدام الفيتو ضد تحرير الكويت، ولعل تصريحات الأمين العام للأمم المتحدة مؤخراً حول دعمه اللامحدود لمخرجات تحالف جنيف وفيما يشبه تفويض أممي سابق حول تحرير الكويت في العام 1991 له تحدث أنطونيو غوتيريش عن ضرورة وأهمية شروع تحالف جنيف في تنفيذ هذه المخرجات بل أشار إلي أهمية فتح مطار الخرطوم أسوة بمطارات غربي البلاد الأربعة وهذه إشارة بالغة الأهمية لما لهذا التحالف من أدوار يمكنه القيام بها مستقبلاً. ختاماً ها هي جنيف
ومن ذات مكونات عاصفة الصحراء
تَلِد التحالف الدولي (ALPS) ولكن هذه المرة من أجل السلام في السودان الوسوممحمد عصمت يحيى
المصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: عاصفة الصحراء إجتماعات جنیف
إقرأ أيضاً:
السودان: رمطان لعمامرة يشدد على أهمية تغليب روح الحل، ويتمنى للسودانيين عاما سلميا
أعرب المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى السودان، رمطان لعمامرة عن أمله في أن يتم تغليب روح الحل والجهد المطلوب من كل طرف لعلاج الأسباب الكامنة وراء الاقتتال الداخلي في السودان.
وقال لعمامرة لأخبار الأمم المتحدة في ختام زيارة هي الرابعة للسودان، إن جهودهم كانت متواصلة طوال العام، "جهود من منطلق نوايا حسنة. جهود بنينها على تجارب الأمم المتحدة فيما يتعلق بالوقاية من النزاعات وحلها وترقية الحلول السلمية".
ولفت المسؤول الأممي إلى أن نتائج الجهود التي يقوم بها لم تصل إلى الدرجة المرغوب فيها من النجاعة فيما يتعلق بإقناع أطراف النزاع بضرورة اللجوء إلى التفاوض والعمل على وقف إطلاق النار بكل أشكاله في جميع أنحاء السودان.
وأضاف: "لكن هذا جعلنا بطبيعة الحال ندرك مواقف الأطراف بدقتها، ونقدر بطبيعة الحال رغبة كل طرف في أن تؤخذ بعين الاعتبار النقاط التي يولي كل طرف لها أهمية كبيرة".
وقال لعمامرة إنه لا يوجد سبب مقبول لتلك الأوضاع في البلاد، مشددا على أنه "من المطلوب أن تحل كل المشاكل المطروحة بالطرق السلمية".
وأعرب المبعوث الشخصي للأمين العام عن تمنياته للشعب السوداني بأن يكون عام 2025 عاما ينعم فيه "بالهناء والسلم والمزيد من التقدم ظل الوئام الوطني والانسجام بين كافة أفراد الشعب السوداني".
الأمم المتحدة: