أهالي غزة يترقبون..هل ينهي «اجتماع القاهرة» العدوان الإسرائيلي ؟
تاريخ النشر: 29th, August 2024 GMT
انقسم الشارع الغزي إلى ثلاث فرق بخصوص مستقبل العدوان الإسرائيلي على قطاع في ضوء «صفقة تبادل الأسرى» بين حركة المقاومة الإسلامية «حماس» وحكومة الاحتلال، التي يرعاها الرئيس الأمريكي جو بايدن، ففريق متفائل بشأن إمكانية التوصل إلى اتفاق وإنهاء الحرب، وآخر متشائم، بسبب تعثر العديد من جولات التفاوض السابقة، وثالث متشائم جدًا ويرى أن «الحرب لن تنتهي إلا بمعجزة من الله» خاصة بعد فشل جولة مفاوضات 15 أغسطس في العاصمة القطرية الدوحة.
ووفقا لتقارير نشرتها صحف أمريكية عديدة مثل «واشنطن بوست»، يتصور الاتفاق الذي يرعاه الرئيس الأمريكي، جو بايدن، حلًا من ثلاث مراحل للصراع، يتضمن أولها وقف إطلاق النار لمدة 6 أسابيع، على أن تطلق حماس خلاله سراح 33 أسيرة إسرائيلية، فيما يفرج الاحتلال عن مئات الأسرى الفلسطينيين من سجونه.
آخر العقبات
وينص الاتفاق في مرحلته الأولى على انسحاب جيش الاحتلال باتجاه الحدود الشرقية لقطاع غزة، وهي الجزئية المرفوضة من قبل حكومة الاحتلال، التي تصر على تواجد جيشها في محور فيلادلفيا ومعبر رفح على الحدود الفلسطينية مع مصر، أو سحب القوات من جزء صغير من محور فيلادلفيا، يمتد من كيلومتر إلى كيلومترين بطول الحدود بين غزة ومصر، بالقرب من مخيم تل السلطان في مدينة رفح الفلسطينية، بحسب موقع «إكسيوس» الأمريكي.
وتبعًا لما نشره الموقع الأمريكي، فإن مسؤولين أمريكيين وإسرائيليين وصلوا إلى العاصمة المصرية القاهرة، للمشاركة في جولة جديدة من المفاوضات، تعقد على مدار يومي "غدا السبت وبعد غدا الأحد." موضحًا أن هؤلاء المسؤولين سيعرضون خريطة محدثة بشأن نشر القوات الإسرائيلية في محور فيلادلفيا، بهدف إزالة آخر العقبات أمام التوصل إلى اتفاق.
وتتحدث المرحلة الثانية من الاتفاق، عن إطلاق حماس سراح الجنود الذكور، الذين بقوا كأسرى، وسيوافق الجانبان على «إنهاء الأعمال العدائية مع الانسحاب الكامل لقوات الاحتلال من غزة»، ولكن حكومة الاحتلال تتمسك بتفتيش النازحين العائدين إلى شمال قطاع غزة عبر محور نتساريم، الذي يفصل شمال القطاع ومدينة غزة عن مناطق الوسط والجنوب. وهو المطلب الذي ترفضه المقاومة.
وحسب تقرير «واشنطن بوست» فقد أشارت دولة الكيان وحماس إلى قبولهما خطة الحكم المؤقت «في المرحلة الثانية»، والتي ستمتع فيها غزة بتأمين من قبل قوة من 2500 جندي من أنصار السلطة الفلسطينية في غزة، حظيت بتدريب من الولايات المتحدة ودعم من «حلفاء عرب معتدلين»، وسط تخلي الاحتلال وحماس تمامًا عن حكم غزة.
وبعد توسع الأمن في غزة، يدخل الاتفاق مرحلته الثالثة والأخيرة، والتي تشمل خطة إعادة إعمار متعددة السنوات، تماشيًا مع قرار للأمم المتحدة في هذا الصدد.
ترقب حذر في الشارع الغزي
وتسيطر حالة من الترقب الحذر على الشارع الغزي، الذي تلقف أكثر من مرة وعود الهدنة بالفرح والزغاريد، ثم استيقظ على عودة المفاوضات إلى المربع صفر، بسبب تعنت حكومة الاحتلال وإصرارها على المضي قدمًا في حرب الإبادة ضد الشعب الفلسطيني بأكمله وليس حماس فقط.
يقول علي الناصر، من دير البلح، إنه «حتى الآن من الصعب القول إن المفاوضات نضجت أو توصلت لصيغة مقبولة، وبالتالي كل منشورات التفاؤل ومنشورات (48 ساعة) وما شابه سابقة لأوانها».
ويشير خلال حديثه إلى أن وفدًا من «حماس» سيصل إلى القاهرة، وسيعقد لقاءات مع مسؤولي المخابرات المصرية بخصوص ما تم التوصل إليه مع المسؤولين الأمريكيين والإسرائيليين،" السبت والأحد" الماضيين.
ويدعو «الناصر» المواطنين الفلسطينيين في قطاع غزة إلى عدم رفع سقف التوقعات أو خفضه بخصوص النتائج التي سيسفر عنها «اجتماع القاهرة»، لأن «الرؤية بشأن استمرار العدوان الصهيوني على قطاع غزة أو التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار، ستتضح يوم الأحد (الماضي)، خاصة في ظل تقديم تعديلات جديدة بعد فشل جولة مفاوضات 15 أغسطس».
من جهته، يرى مهدي الشاعر، من خان يونس، جنوبي قطاع غزة، أنه لا يمكن اختزال مشاعره بشأن الهدنة في التفاؤل أو التشاؤم خاصة «أمام شخصية انتهازية مثل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي تعود أن يهرب للأمام دون أن يدفع ثمن هزيمته، فيصدّر أزماته للخارج».
ويشير خلال حديثه إلى اتفاق الهدنة الثاني الذي رحبت به حماس ورفضته حكومة الاحتلال، في مايو الماضي، وتعثر «مفاوضات الدوحة» قبل 10 أيام.
الى ذلك، يشير المواطن الأربعيني إلى أن «هاليفي» هو الرجل الوحيد في دولة الكيان، الذي يُمكن أن «يقوم بانقلاب عسكري على نتنياهو»، مستدلًا بالتصريحات التي أدلت بها زوجة رئيس الوزراء الإسرائيلي، سارة نتنياهو، قبل 3 أسابيع، وتفيد بأن «قادة جيش الاحتلال يريدون تنفيذ انقلاب عسكري على نتنياهو».
ويستنبط «فايد» من ذلك أن «المؤسسة العسكرية الإسرائيلية تعرف أنها ليست قادرة على الاستمرار في الحرب داخل قطاع غزة، وتوجه اللوم إلى نتنياهو على ذلك، كونه يريد أيضًا أن يهرب إلى الأمام على الساحة اللبنانية مع حزب الله».
ويتساءل: «هل يتحمل نتنياهو 2000 صاروخ يوميًا من حزب الله؟ هل يتحمل قوات الرضوان التي إذا دخلت الجليل ستحرره خلال 3 ساعات وتعمل 7 أكتوبر جديد؟».
متمسكون بالأمل
ويأمل فوزي النبهان، من مدينة غزة، في نجاح المفاوضات بشأن الهدنة، كي تعود غزة إلى سابق عهدها، وتنتهي المعاناة الإنسانية للشعب الفلسطيني، الذي قاسى ويلات القتل والتشريد والتدمير على مدار أكثر من 11 شهرًا.
يقول: «الأوضاع تسوء يوميًا، لذا فالمواطن الغزي يريد سريان اتفاق للهدنة، حتى يرجع إلى الحياة التي كان يعيشها قبل الحرب، وتؤول الأمور إلى الأفضل».
ويؤكد المواطن الفلسطيني الأربعيني ترحيب الشعب الفلسطيني كله بالهدنة: «لم يقل الشعب: لا نريد هدنة. كل الشعب بده هدنة. إن شاء الله خير».
ويعرب عن تفاؤله بشأن جولة المفاوضات الجارية بين حماس والاحتلال، برعاية الولايات المتحدة ومصر وقطر: «ربنا يجيب الفرج للجميع، وتصير صفقة، وتعود الناس إلى ديارها وبيوتها وأهلها، ويتم تحرير الأسرى الفلسطينيين، وكل الناس المضرورين يروحوا لبيوتهم».
ويتطلع محمد النجار إلى انتهاء المفاوضات في الاتجاه الذي يصب في مصلحة الشعب الفلسطيني: «إن شاء الله تنحل الأمور عما قريب. في رد إيجابي وفي أخذ وعطاء. إذن كما يقولون: الحبل على الجرار»، في إشارة منه إلى رغبة حماس في الاستمرار في المفاوضات رغم الظروف والعقبات التي تلقي بها حكومة الاحتلال في سبيل تعثرها.
متشائمون
ويعبّر جابر حمودة، من مخيم جباليا، عن تشاؤمه بشأن الصفقة الأمريكية: «نحن وجدنا على أرض عشنا فيها معارك كثيرة، وتلك المعارك لم تطبق فيها أي شروط. الأرض التي خلقت للسلام لن يوجد فيها سلام أبدًا، لذلك لن أحلم بالأمل، في أي لحظة، في هذه البلد التي فقدنا فيها كل مقومات الصمود والثبات والتحدي».
وعن سر نظرته المتشائمة تجاه مفاوضات وقف إطلاق النار، يوضح المواطن الثلاثيني: « البلد أرهقتنا من كثرة الحروب التي عشناها، من كثرة من فقدناهم من أحباب وأصدقاء، من كثرة الغلب والشؤم، من كثرة اليأس، من كثرة النزوح، من كثرة بكاء الرجال والنساء أثناء نزوحهم عدة مرات في هذه البلاد، التي خلقت للحروب، ولم تُخلق للسلام. كم من مرة تكلموا على الهدنة ولم تُطبق؟! كم من مرة تمت صناعة الأمل لنا، ثم سرقوه منّا».
واتفق معه عرابي صالح، الذي لا يرى أيضًا أملًا في التوصل إلى اتفاق تهدئة: «كل مرة يقولون: هدنة. وتنتهي الأمور إلى لا شيء. هذا لا يصح. تجري الأحاديث عن الهدنة منذ أكثر من 9 أشهر، وما الذي حدث؟ هدنة ناجحة، تلتها أخرى فاشلة، ثم هدنة ثالثة فاشلة. هذه الحرب تحتاج إلى معجزة إلهية كي تنتهي».
ويتساءل المسن الفلسطيني بنبرة متهكمة خلال حديثه: «ما الذي يريده الاحتلال وأمريكا؟! الوضع تحت الصفر، الناس متعبة أكثر من اللازم، هذا هُدمت داره، وهذا داره محروقة، وشهداء تحت الأنقاض. كيف يريد العالم سريان اتفاق الهدنة؟ كيف يا جماعة؟ الشعب الفلسطيني جرحه غائر».
لا تفاؤل ولا تشاؤم
من جهته دعا المحلل السياسي الفلسطيني، أحمد الحيلة، إلى عدم التفاؤل أو التشاؤم، وانتظار ما سيسفر عنه «اجتماع القاهرة»، خاصة في ظل وجود تعديلات جديدة أملتها حكومة الاحتلال على «صفقة بايدن»، قد تلقى معارضة من الحكومة المصرية وحركة حماس، أبرزها عدم انسحاب قوات الاحتلال بشكل كامل من محور فيلادلفيا خلال المرحلة الأولى من الاتفاق، وإلغاء شرط الانسحاب الجزئي من قطاع غزة، مع وجود فواصل زمنية بين مراحل الهدنة الثلاث، وهو ما قد يفتح الباب أمام الحرب مجددًا بعد المرحلة الأولى من الهدنة.
ويوضح أن حكومة الاحتلال تريد أن تستثني من التفاوض مسار الإغاثة وإعمار القطاع بعد انتهاء الحرب، وهو أمر مرفوض من قبل حركة حماس، التي ترى أن قبولها لإملاءات الاحتلال يعني «بالضرورة اعترافها بهزيمة ساحقة للمقاومة».
ويضيف: أن مصر أيضًا سترفض استمرار وجود جيش الاحتلال في محور فيلادلفيا والجانب الفلسطيني من معبر رفح.
لكن «الحيلة» عاد وأكد ضرورة التمسك بصفقة بايدن الأصلية دون الإملاءات الإسرائيلية، والتي تنص على انسحاب جزئي يعقبه انسحاب كلي لجيش الاحتلال من قطاع غزة.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الشعب الفلسطینی محور فیلادلفیا حکومة الاحتلال إلى اتفاق قطاع غزة من کثرة أکثر من
إقرأ أيضاً:
وزير الحرب الإسرائيلي يقول إن جيشه يقّطع أوصال غزة وينفذ مخطط التهجير
أعلن وزير الحرب الإسرائيلي يسرائيل كاتس، مساء الأربعاء، أن الجيش يعمل على تقطيع أوصال قطاع غزة وتنفيذ مخطط تهجير الفلسطينيين منه.
جاء ذلك في كلمة متلفزة له خلال تفقده قوات الاحتلال الإسرائيلي فيما يسمى "محور موراج" بين مدينتي رفح وخان يونس جنوب قطاع غزة الذي يتعرض لإبادة جماعية ترتكبها تل أبيب منذ أكثر من عام ونصف.
وادعى كاتس أن "العملية (حرب الإبادة) في غزة تهدف إلى زيادة الضغط من أجل إطلاق سراح المختطفين (الأسرى الإسرائيليين) وهزيمة حماس".
وبدعم أمريكي أسفرت الإبادة الإسرائيلية في غزة منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، عن أكثر من 166 ألف شهيد وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود.
وتقدر تل أبيب وجود 59 أسيرا إسرائيليا بقطاع غزة، منهم 24 على قيد الحياة، بينما يقبع في سجونها أكثر من 9500 فلسطيني، يعانون تعذيبا وتجويعا وإهمالا طبيا، أودى بحياة العديد منهم، حسب تقارير حقوقية وإعلامية فلسطينية وإسرائيلية.
وزعم كاتس أن "قوات الجيش تحقق إنجازات كبيرة، وكذلك فيما يتعلق بإجلاء الفلسطينيين (التهجير القسري) وتقطيع أوصال غزة بمحاور جديدة، بما في ذلك محور موراج".
وأردف: "سوف يتم قريبا إنشاء ممر جديد (موراج) مثل نتساريم (يفصل شمال قطاع غزة عن وسطه وجنوبه)، وهو ما سيؤدي في الأساس إلى قطع الاتصال بين خان يونس ورفح، مما يجعل من الصعب على حماس العمل"، على حد تقديره.
والأربعاء، كشفت صحيفة "هآرتس" العبرية أن الجيش يستعد لضم منطقة رفح التي تشكل خمس مساحة قطاع غزة إلى منطقة عازلة بمساحة 75 كيلومترا مربعا تقع بين محوري فيلادلفيا وموراج، ويحظر على الفلسطينيين الوصول إليها، معتبرة الأمر بمثابة "إبادة" للمدينة.
ورأى كاتس أن "المنطقة العازلة بأكملها، بما فيها (محور) فيلادلفيا (على حدود غزة مع مصر وتسيطر عليه إسرائيل منذ أيار/ مايو 2024)، مهمة لحماية الجنود والبلدات الإسرائيلية ومنع التهريب".
واستطرد: "ولذلك سنسيطر عليها في كل الأحوال، حتى لو تم التوصل إلى صفقة (لوقف الإبادة وتبادل أسرى) وحتى بعد أن نهزم حماس"، وفق تعبيراته.
وبنهاية 1 آذار/ مارس 2025 انتهت المرحلة الأولى من اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل أسرى بين "حماس" إسرائيل بدأ سريانه في 19 كانون الثاني/ يناير 2025، بوساطة مصرية قطرية ودعم أمريكي، والتزمت به الحركة الفلسطينية.
لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، المطلوب للعدالة الدولية، تنصل من بدء مرحلته الثانية، واستأنف الإبادة الجماعية بغزة في 18 آذار/ مارس الجاري، استجابة للجناح الأشد تطرفا في حكومته اليمنية، وفق إعلام عبري.
ومضى كاتس قائلا: "في الوقت نفسه، نعمل على دفع خطة الهجرة الطوعية (التهجير القسري) لسكان غزة وفق مخطط الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي نعمل على تحقيقه".
واعتمدت قمة عربية في 4 آذار/ مارس الماضي، ثم منظمة التعاون الإسلامي (57 دولة) بعد ثلاثة أيام، خطة لإعادة إعمار غزة دون تهجير الفلسطينيين منها، ويستغرق تنفيذها خمس سنوات، وتتكلف نحو 53 مليار دولار.
لكن "إسرائيل" والولايات المتحدة رفضتا الخطة، وتمسكتا بمخطط ترامب لتهجير فلسطينيي غزة إلى دول مجاورة مثل مصر والأردن، وهو ما رفضه البلدان، وانضمت إليهما دول عربية أخرى ومنظمات إقليمية ودولية.