الأرشيف والمكتبة الوطنية.. موسم ثقافي ثري بالندوات والورش التدريبية
تاريخ النشر: 29th, August 2024 GMT
أبوظبي (الاتحاد)
نظم الأرشيف والمكتبة الوطنية، ضمن برنامج الموسم الثقافي 2024، سلسلة من ورش العمل والورش التدريبية المتخصصة في جمع الأرشيف الخاص وحفظه، وفي فن ترميم المقتنيات الأرشيفية، وقد استفاد منها أكثر من 140 مشاركاً من جهات مختلفة، وذلك بهدف توعية الجمهور بأهمية حفظ الوثائق في الظروف المناسبة لكي تظل جزءاً من ذاكرة الوطن، وفي حال بدا على الوثيقة التلف يجب عدم التخلص منها، بل حفظها والاستعانة بمركز الحفظ والترميم التابع للأرشيف والمكتبة الوطنية.
ويتطلع الأرشيف والمكتبة الوطنية، عبر هذه الفعاليات، إلى إبراز دوره في حفظ وترميم الوثائق التي تمثل ذاكرة الوطن، وتشجيع الأجيال القادمة على اكتساب الخبرات في هذا المجال وتطويرها.
ومن ضمن هذه الفعاليات الورشة التدريبية لطلبة المدارس، وفيها قدمت الأستاذة شيخة القحطاني، رئيس قسم الحفظ والترميم للمشاركين، محاضرة توعية عن صيانة الوثائق والمخطوطات وترميمها ورقمنتها، حيث عرفتهم بالدور الذي يؤديه الأرشيف والمكتبة الوطنية على صعيد حفظ ذاكرة الوطن، ثم تطرقت إلى أهم عوامل التلف التي قد تتعرض لها المواد الأرشيفية التي لا تحفظ بشكل صحيح، وأساليب صيانة الوثائق وترميمها، ودور الأرشيف والمكتبة الوطنية في ذلك.
كما سلطت الضوء على المخازن المخصصة لهذا الغرض، وعلى الكوادر الفنية المتخصصة والتجهيزات الفنية ذات الكفاءة العالية التي يمتلكها الأرشيف والمكتبة الوطنية.
وتأكيداً على ما قدمته المحاضرة من معلومات نظرية، جاء الجانب العملي في الورشة التدريبية، ليعرض للطلبة فنيات الترميم. وقد أشرف على هذا الجانب من الورشة خبراء الترميم الذين عرفوا الطلبة بمبادئ ترميم الوثائق والأرشيف والأجهزة الفنية المتطورة المتوفرة لهذا الغرض. أخبار ذات صلة
ندوات متنوعة
ضمن ندوات الموسم الثقافي أيضاً، استضاف مركز الحفظ والترميم التابع للأرشيف والمكتبة الوطنية عدداً كبيراً من الموظفين في الجهات الحكومية، حيث تابعوا محاضرة بعنوان: «الأرشيف الخاص.. الحفظ العلاجي والوقائي للمخطوطات والوثائق» قدمتها الأستاذة شيخة القحطاني، رئيس قسم الحفظ والترميم في الأرشيف والمكتبة الوطنية أكدت فيها أهمية الأرشيفات الخاصة المحفوظة لدى أفراد المجتمع، وضرورة حفظها لما توثقه من حقائق تاريخية تثري ذاكرة الوطن، وأهميتها في ترسيخ الهوية الوطنية.
وقد عرّفت المشاركين بدور الأرشيف والمكتبة الوطنية في حفظ ذاكرة الوطن، ثم تحوّلت إلى عوامل التلف التي تتعرض لها الوثائق الخاصة التي لا تُحفظ بشكل صحيح، ثم استعرضت مميزات حفظ الأرشيف الخاص ذي القيمة الوطنية في الأرشيف والمكتبة الوطنية، وتطرقت إلى الآلية التي سيتم اتباعها في صيانة تلك الوثائق الخاصة وترميمها وحفظها، وأطلعت المشاركين على ما تمتاز به المخازن التي خصصها الأرشيف والمكتبة الوطنية لحفظ الوثائق التاريخية، والكوادر الفنية المتخصصة بالحفظ والترميم والتجهيزات الفنية لدى الأرشيف والمكتبة الوطنية.
وقام المشاركون بجولة في مختبر الحفظ والترميم، تعرفوا فيها على التجهيزات الحديثة والمتطورة التي تستخدم في الترميم، واطلعوا على جوانب من فنيّات وآليات الترميم، وعمل المختصين والخبراء.
يذكر أنه في سبيل الارتقاء بحفظ ذاكرة الوطن وإتاحتها، فإن الأرشيف والمكتبة الوطنية، وبالتعاون مع جامعة السوربون أبوظبي، يعمل على تأهيل الشباب، علمياً وعملياً في تخصص الشهادة المهنية، وبرنامجي البكالوريوس والماجستير في إدارة الوثائق وعلوم الأرشيف.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: الأرشيف والمكتبة الوطنية الوثائق ترميم الوثائق ورشة الأرشیف والمکتبة الوطنیة الحفظ والترمیم ذاکرة الوطن
إقرأ أيضاً:
مباني الخرطوم الأثرية.. ذاكرة تُسرق ومعالم تذوب تحت نار الحرب
لم تكن الحرب في السودان مجرد صراعٍ مسلح بين طرفين، بل كانت زلزالاً اجتاح ذاكرة مدينة بأكملها. الخرطوم، التي لطالما تميزت بمعالمها وشواهدها التاريخية، صارت اليوم مدينة تغرق في رماد الماضي. هنا، لم تُقتل الأرواح فقط، بل سُحقت الهوية، واحترق التاريخ في صمت. مبانٍ كانت تسرد حكاية أمة أضحت أطلالاً بلا ملامح، ومع كل معلم يتهاوى، تزداد الخشية من أن تغيب الخرطوم عن الذاكرة.
منذ اندلاع الحرب في أبريل (نيسان) 2023، لم تكتفِ نيران الصراع في السودان بحصد الأرواح وتشريد الملايين، بل امتدت لتلتهم ذاكرة البلاد ومعالمها التي شكّلت وجدان أجيال من السودانيين. في الخرطوم، العاصمة التي كانت تزهو بتراثها وتاريخها المعماري، تتساقط المعالم واحداً تلو الآخر. آخرها مبنى “الحقّانية” العريق، الذي لم يصمد أمام ألسنة اللهب، كما لم تصمد من قبله رموز أخرى كالمتحف القومي والقصر الجمهوري وجامعة الخرطوم. ويبدو أن تراث العاصمة في طريقه إلى الزوال، ما لم تُتخذ خطوات عاجلة لحمايته من الفناء.
مبنى “الحقّانية”.. آخر الشهود على العدالة
شُيّد مبنى “الحقّانية” في العام 1908 ليكون شاهداً على تاريخ طويل من العدالة والمؤسسات القانونية في السودان. كان رمزاً للقانون ومنارة للفكر القضائي وواجهة معمارية تحكي فصلاً من تاريخ الخرطوم السياسي والإداري. لكن المبنى، كغيره من المعالم التي وقعت في مناطق الاشتباكات، لم ينجُ من الدمار، فبات مجرد هيكل محترق يختزل انهيار دولة ومؤسساتها.
كيف جُرِّدت الخرطوم من معالمها؟
عن هذا السؤال، تحدثت لـ”العربية.نت” و”الحدث.نت” الدكتورة بلسم القارح، كبيرة أمناء المتاحف في هيئة الآثار والمتاحف السودانية، مشيرةً إلى أن التدمير الذي طال معالم الخرطوم اتخذ عدة أوجه:
-الدمار المباشر بفعل الاشتباكات، فهناك العديد من المباني التاريخية وُجدت في مناطق تماس عسكري بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، ما أدى إلى تضررها نتيجة القصف أو القتال المباشر.
-الحرق والنهب المتعمد، حيث اقتُحمت مبانٍ تراثية وثقافية وسُرقت محتوياتها، وأُحرقت عمداً في بعض الحالات. كما استُخدم بعضها كمقرات وثكنات عسكرية أو مخازن سلاح، ما أدى إلى تفاقم حجم الضرر.
-غياب الحماية والرقابة، حيث إن تدهور الوضع الأمني وغياب سلطة الدولة فتحا المجال أمام الفوضى، من دون وجود أي جهة قادرة على حماية هذه المواقع أو إنقاذها.
شهادات من قلب الخرطوم
“كنت أذهب من حين إلى آخر إلى المتحف القومي مع أطفالي، ليشاهدوا تاريخ بلادهم بأعينهم. كان المكان يعج بالحياة، ويغمره شعور بالفخر. اليوم، لا أستطيع حتى المرور بجانبه، وكل ما بقي هو ذكرى، صورٌ في الذاكرة لا أكثر”، يقول لـ”العربية.نت” و”الحدث.نت” عبدالله موسى، أحد سكان الخرطوم الذي فقد أحبّاءه ومقتنياته الشخصية أثناء الحرب.
أما فاطمة الزهراء، وهي معلمة تاريخ في إحدى المدارس الثانوية، فتقول لـ”العربية.نت” و”الحدث.نت”: “كنت أروي لطلابي قصصاً عن تاريخنا العريق، عن الآثار التي لا تُقدّر بثمن. الآن، لم يعد لدي ما أقدمه لهم سوى الحزن. كيف سأشرح لهم تاريخنا إذا كان ما بقي منه قد دُمّر؟ أنا حزينة على مستقبلنا الذي أصبح ضبابياً بسبب ما فقدناه”.
وفي السياق ذاته تقول سعاد مصطفى، من سكان حي الشهداء بأم درمان: “في طفولتي، كنت أحب الذهاب مع عائلتي إلى بيت الخليفة” في كل مناسبة. كنا نمرّ من أمامه، نشعر بالفخر لكوننا جزءًا من هذا التاريخ. اليوم، أتساءل كيف ستكبر أجيال جديدة من دون أن تعرف تاريخها، من دون أن ترى تلك المباني التي كانت رمزاً لعراقة بلدهم”.
ويضيف مصطفى عبد الرحمن، صاحب متجر صغير في وسط الخرطوم: “كل يوم، أذهب إلى السوق العربية التي كنت أعمل فيها. كنت أفتخر بوجودها في قلب العاصمة. ولكن اليوم، بعدما دُمر كل شيء، لا أستطيع سوى السير وسط الأنقاض، وبقايا الحريق، ولا أجد في قلبي سوى الألم والخذلان”.
أبرز المعالم التي طالتها الحرب
-المتحف القومي السوداني، الذي يُعد من أعرق المتاحف في إفريقيا، ويحتوي على كنوز فرعونية ومروية ونوبية ثمينة جداً.
-متحف القصر الجمهوري، الذي يضم مقتنيات تعكس تاريخ الحكم في السودان منذ الاستعمار وحتى اليوم.
-متحف السودان الإثنوغرافي، الذي يعرض تنوّع الثقافات السودانية ويقدّم مشهداً بانورامياً غنياً للهوية الوطنية.
بالإضافة لبيت الخليفة في أم درمان، دار الوثائق القومية، متحف التاريخ الطبيعي، والحديقة النباتية، التي نالت أيضاً نصيبها من الخراب أو الإهمال أو النهب كما تؤكد القارح لـ”العربية.نت” و”الحدث.نت”.
العربية نت
إنضم لقناة النيلين على واتساب