في الوقت الذي اعتبرت فيه إثيوبيا، بصيغة غير مباشرة، أن التقارير عن دعم مصر للصومال بشحنات أسلحة، بمثابة "تهديد لأمنها القومي، ومحاولة لزعزعة الاستقرار في منطقة القرن الأفريقي"، يرى محللون في الخطوة المصرية "حصارا لمنع إثيوبيا من الوصول إلى حلمها بمنفذ على البحر، بعدما أصبح سد النهضة أمرا واقعا".

ونقلت وكالة رويترز، الأربعاء، عن مصادر دبلوماسية وحكومية صومالية، أن مصر سلمت مساعدات عسكرية للصومال هي الأولى منذ أكثر من 40 عاما، جاءت بعد تعميق العلاقات بين البلدين، إثر توقيع إثيوبيا اتفاقا مبدئيا مع إقليم أرض الصومال الانفصالي، يسمح لأديس أبابا بالحصول على منفذ ساحلي مقابل اعتراف محتمل باستقلال الإقليم.

اعتبرت مقديشو هذا الاتفاق تعديًا على سيادتها وأكدت عملها على عرقلته بكل السبل، كما دانت مصر بشدة هذا الاتفاق حينما تم الإعلان عنه.

وانتشرت مقاطع فيديو عبر وسائل التواصل الاجتماعي، لوصول طائرتين عسكريتين مصريتين إلى مطار مقديشو، صباح الثلاثاء، محملتين بأسلحة وذخيرة، وفق رويترز.

I am deeply concerned Egyptian millitary arival in Mogdishu, So called #Somalia.
The involvement of regional powers like #Egypt, with its significant military capabilities, alongside failed state of Somalia, might serve as a deterrent against #Ethiopian actions but also risks… pic.twitter.com/zCj0jPiKC0

— Abdiweli Mohamed jama (@inamakhtal) August 27, 2024

ولم ترد وزارتا الخارجية في الصومال ومصر بعد على طلبات للتعليق من الوكالة.

لماذا غضبت إثيوبيا؟

اعتبر الباحث الإثيوبي، نور الدين عبده، أن هناك "قناعة" لدى أديس أبابا، بأن "مصر تسعى لتحويل الصومال إلى ميدان للضغط على إثيوبيا، وليس في ملف سد النهضة فقط، لكن في عدة ملفات، من بينها البحر الأحمر، الذي ترفض مصر وجود إثيوبيا على سواحله"، وذلك في تصريحات لموقع "الحرة".

وفي أعقاب تقرير وصول الأسلحة المصرية إلى الصومال، أصدرت وزارة الخارجية الإثيوبية، بيانا شديد اللهجة، ورغم أنها لم تذكر مصر بالاسم، فإنها حذرت مما وصفته بالتطورات في منطقة القرن الأفريقي التي "تهدد" أمنها القومي، معتبرة أن الصومال "تتواطأ مع جهات خارجية تهدف إلى زعزعة استقرار المنطقة".

وجاء في البيان، أن إثيوبيا "تراقب بيقظة التطورات في منطقة القرن الأفريقي التي قد تهدد أمنها القومي"، وعبّرت عن قلقها من تحوّل بعثة الاتحاد الأفريقي الانتقالية في الصومال إلى "بعثة باسم ومهمة جديدتين" تحت مسمى بعثة الاتحاد الأفريقي لدعم وتحقيق الاستقرار في الصومال، معتبرة أن هذه الأحداث تقود المنطقة إلى "المجهول".

بيان صحفي عن الوضع الراهن في القرن الأفريقي
وزارة الخارجية الإثيوبية pic.twitter.com/tlXPeSxFGA

— وزارة الخارجية الإثيوبية (@MFAEthiopiaAR) August 28, 2024

وأضاف البيان: "لم تؤخذ الدعوات المتكررة من إثيوبيا والدول المساهمة بقوات أخرى على محمل الجد.. إثيوبيا لا تستطيع أن تقف مكتوفة الأيدي بينما تتخذ جهات أخرى تدابير لزعزعة استقرار المنطقة".

كما قال إن حكومة الصومال "تتواطأ مع جهات خارجية، تهدف إلى زعزعة استقرار المنطقة".

وذكر بيان للاتحاد الأفريقي في وقت سابق من هذا الشهر، أن مصر "عرضت المساهمة بقوات في مهمة حفظ سلام جديدة ستنطلق العام المقبل في الصومال". ولم تدل القاهرة بتعليق علني بهذا الشأن، وفق رويترز.

وواصل عبده حديثه لموقع "الحرة"، بالقول إن "إثيوبيا ترى أنها بذلت جهودا كبيرة خلال أكثر من عقد، لإعادة الهدوء النسبي إلى الصومال الذي مزقته الحرب الأهلية، وما تبعه من تحوله إلى مركز إقليمي للإرهاب على الخاصرة الشرقية والجنوبية الشرقية لإثيوبيا".

تحذير إثيوبي بعد "الأسلحة المصرية" للصومال حذرت إثيوبيا، الأربعاء، مما وصفتها بالتطورات في منطقة القرن الأفريقي التي "تهدد" أمنها القومي، مشيرة إلى أن الصومال "تتواطأ مع جهات خارجية تهدف إلى زعزعة استقرار المنطقة"، وذلك بعد وقت قصير من إعلان مصر إرسال مساعدات عسكرية إلى الصومال.

وتابع: "لذا ترى إثيوبيا أنها وغيرها من الدول الأفريقية التي ساهمت في تهدئة الصومال، معنية تماما بإعادة تشكيل قوات الاتحاد الأفريقي هناك".

واستطرد قائلا إن "استباق مصر إقرار الترتيبات النهائية من قبل الاتحاد الأفريقي ومجلس الأمن، وإرسال أسلحة بدعوى التعاون العسكري إلى حكومة لا تملك السيطرة على الأرض ولا التحكم على الوضع السياسي، يثير مخاوف حقيقية من إعادة تدوير تلك الأسلحة وتحويل التدخل المصري المتسرع إلى تهديد حقيقي للهدوء النسبي، الذي تم تحقيقه بتضحيات كبيرة قام بها الجيش الإثيوبي".

"قطع الطريق" نحو البحر

وقّعت مصر بروتوكول تعاون عسكري مع مقديشو في وقت سابق من هذا الشهر. وعرضت المشاركة بقوات في بعثة حفظ سلام جديدة في الصومال.

من جانبه، هدد الصومال في السابق بطرد ما يصل إلى 10 آلاف جندي إثيوبي على أراضيه ضمن إطار مهمة حفظ سلام وبموجب اتفاقيات ثنائية لمكافحة مسلحي حركة الشباب، وذلك إذا لم يتم إلغاء الاتفاق مع أرض الصومال.

من جانبه، قال المحلل الخبير في الشؤون الأفريقية، محمد تورشين، إن "الصومال يدرك التحديات التي تواجهه في ظل أطماع إثيوبيا، وتصريحات رئيس الوزراء آبي أحمد بأن الوصول إلى البحر الأحمر هدف استراتيجي لا يمكن التهاون فيه".

واعتبر أن مصر "معنية" ببيان الخارجية الإثيوبية، التي "تحاول بشكل أو بآخر محاولة محاصرة إثيوبيا، لا سيما أن سد النهضة أصبح أمرا واقعا بعد انتهاء الأعمال البناء، ومحاولة إثيوبيا تخزين أكثر من 70 بالمئة من إجمالي بحيرة السد، مما يجعل منطقة القرن الأفريقي في حالة من التجاذب والتقاطعات".

سجن الجغرافيا وهدف أخر.. ماذا يريد آبي أحمد من اتفاق "أرض الصومال"؟ كشفت الخطوة التي اتخذها رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، بتوقيعه مذكرة تفاهم مع إقليم "أرض الصومال" عن "طموحاته الواضحة" في أن يجعل لبلا موطئ قدم على البحر الأحمر، لكنها أيضا أثارت القلق في منطقة "مضطربة"، وفق مجلة إيكونوميست

وتابع تورشين: "إثيوبيا همّها الأول والأخير أن يكون لها منفذ على البحر الأحمر، ووجود مصر في صف الصومال ودعمها عسكريا لها، سيقطع الطريق بشكل أو بآخر أمام أهداف أديس أبابا".

والعلاقات بين القاهرة وأديس أبابا متوترة منذ سنوات، لا سيما بسبب سد النهضة الضخم الذي بنته إثيوبيا على نهر النيل، والذي تقول مصر إنه "يهدد" أمنها المائي.

ومصر التي تعتمد على نهر النيل في 97 بالمئة من احتياجاتها المائية، تقول إن السد الذي شرعت إثيوبيا ببنائه في 2011، يمثل "تهديدا وجوديا" لها.

وفي تصريحات سابقة لموقع الحرة، اعتبر خبير الأمن القومي والشؤون الأفريقية، محمد عبد الواحد، أن "الخطوة المصرية تهدف لتعزيز حضور القاهرة في منطقة القرن الأفريقي بشكل عام، وضمان مصالحها الاستراتيجية والأمنية وتعزيز مكانتها كقوة إقليمية ذات تأثير متزايد".

وأضاف عبد الواحد أن "مصر لا ترغب بزيادة التوتر مع إثيوبيا"، مضيفا أن "القاهرة اتخذت منذ البداية الطريق التفاوضي الدبلوماسي، ورفضت اللجوء للحل العسكري للتعامل مع الخلاف مع أديس أبابا".

لكنه أشار إلى أن "الوجود العسكري المصري في الصومال، ربما يشكل جزءا من استراتيجية ردع تحاول مصر من خلالها أن تدير ملف الخلاف مع إثيوبيا".

وشدد عبد الواحد على أن "إثيوبيا ترفض التوقيع على اتفاق قانوني يلزمها بإدارة ملف السد بشكل مشترك، أو أن يكون هناك تعاون مشترك في إدارة السد وتوزيع المياه، وهذا يشكل خطورة على مصر".

أرسلت طائرتين محملتين بالأسلحة والذخيرة.. ماذا تريد مصر بالصومال؟ في تحرك هو الأول من نوعه منذ نحو أربعة عقود، أقدمت مصر،الثلاثاء، على تسليم مساعدات عسكرية للصومال عبر طائرتين محملتين بالأسلحة والذخيرة هبطتا في مطار مقديشو، الثلاثاء، في خطوة تهدد بزيادة التوتر في منطقة القرن الإفريقي، المضطرب بالأساس، وفقا لمراقبين.

ويعتقد عبد الواحد أن "إثيوبيا يمكن أن تستخدم المياه كأداة سياسية أو اقتصادية للضغط على مصر، وبالتالي فإن وجود قوة ردع يعد أمرا مهما من أجل عدم الخضوع للضغوط الإثيوبية".

"السجن الجغرافي"

جاء الاتفاق الموقع في يناير بين إثيوبيا وإقليم أرض الصومال، بعد أشهر على إعلان رئيس الوزراء الإثيوبي أن بلاده "ستؤكد حقها في الوصول إلى منفذ على البحر الأحمر".

وأثار رئيس الوزراء أيضا قلق المراقبين بدعوته سكان إثيوبيا، البالغ عددهم نحو 120 مليون نسمة، إلى إنهاء ما سماه بـ"السجن الجغرافي".

وفي أكتوبر 2023، تحدث آبي أحمد في خطاب متلفز، وقال إن "150 مليون نسمة لا يمكنهم الاستمرار في العيش في سجن جغرافي"، في إشارة إلى عدم وجود منفذ بحري.

ولم يعد لإثيوبيا منفذ بحري منذ استقلال إريتريا عام 1993، بعد حرب استمرت 3 عقود.

إثيوبيا توقع اتفاقا مع "أرض الصومال" لاستخدام ميناء على البحر الأحمر قال مكتب رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد إن إثيوبيا وقعت اليوم الاثنين اتفاقا مبدئيا مع إقليم أرض الصومال الانفصالي لاستخدام ميناء بربرة على البحر الأحمر.

وكانت إثيوبيا تتمتع بحق الوصول إلى ميناء "عصب" الإريتري، لكنها فقدت هذا الحق خلال الحرب التي دارت بين أديس أبابا وأسمرة بين عامي 1998 و2000.

وتعتمد إثيوبيا حاليا في صادراتها ووارداتها على ميناء جيبوتي.

وأوضح تورشين أنه لمواجهة هذا التحرك المصري "ستحاول إثيوبيا التصعيد وإنشاء علاقات ربما مع من يمتلكون مواقف مختلفة ومتناقضة مع الجانب المصري".

فيما حذر المحلل في مركز "ساهان" للأبحاث في نيروبي، رشيد عبدي، في حديثه لوكالة رويترز، من أن "خطر اندلاع حرب مباشرة ضئيل، لكن اندلاع حرب بالوكالة وارد"، في إشارة إلى مواجهة بين إثيوبيا ومصر.

من جانبه، واصل الباحث الإثيوبي،عبده، حديثه لموقع "الحرة"، وتساءل: "هل التدخل المصري في الصومال لدعم الاستقرار أم للضغط على إثيوبيا عبر تحريك الوضع على حدودها الطويلة مع الصومال؟"، مضيفًا أن إثيوبيا "بدأت تتحرك دبلوماسيا وميدانيا، بافتراض السيناريو الأسوأ، وبالتالي جاء بيان الخارجية ليدق ناقوس الخطر".

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: فی منطقة القرن الأفریقی الخارجیة الإثیوبیة الاتحاد الأفریقی على البحر الأحمر استقرار المنطقة رئیس الوزراء أمنها القومی أرض الصومال أدیس أبابا الوصول إلى عبد الواحد فی الصومال سد النهضة آبی أحمد

إقرأ أيضاً:

إغلاق “المكتبة الثقافية المصرية” في هرجيسا و”أرض الصومال” تستعد لتوقيع اتفاقية رسمية مع إثيوبيا

الجديد برس:

أعلنت إدارة إقليم “أرض الصومال” الانفصالي انتهاء المفاوضات مع إثيوبيا بشأن توقيع اتفاقية للتعاون.

وقال وزير خارجية الإقليم الانفصالي، عيسى كايد محمود، إن “المفاوضات بشأن مذكرة التفاهم الموقعة مع إثيوبيا انتهت، وسيتم التوقيع على الاتفاقية الرسمية قريباً”.

ووقعت إثيوبيا مع أرض الصومال مذكرة تفاهم مطلع العام الجاري، تحصل بموجبها أديس أبابا على قطعة أرض لإنشاء قاعدة بحرية وميناء على البحر الأحمر، في مقابل الاعتراف بأرض الصومال جمهورية مستقلة عن الصومال.

وأغضبت هذه الخطوة الصومال، الذي أكد عزمه الدفاع عن سيادته ووحدة أراضيه، وأكد أن الاتفاق يشكل انتهاكاً فاضحاً لسيادته. وقال، في بيان، إن “أرض الصومال جزء من الصومال بموجب الدستور الصومالي، وبالتالي يعد الصومال هذا الإجراء انتهاكاً فاضحاً لسيادته ووحدته”.

وكان الرئيس الصومالي، حسن شيخ محمود، زار القاهرة مرتين خلال الأشهر الأخيرة، كما وقع في شهر أغسطس الماضي مع مصر اتفاقية تعاون عسكري مشترك، لتبدأ القاهرة بموجبه نقل معدات عسكرية وقوات تقدر بنحو 10 آلاف جندي ضمن بعثة الاتحاد الأفريقي لحفظ الأمن في الصومال.

إغلاق “المكتبة المصرية” وطلب مغادرة موظفيها

وفي سياق متصل، أعلنت حكومة إقليم “أرض الصومال” أنها قررت إغلاق “المكتبة الثقافية المصرية” في عاصمة الإقليم هرجيسا، “بصورة نهائية”، مرجعةً ذلك إلى ما وصفته بـ”مخاوف أمنية خطرة”.

وفي السياق ذاته، أكد الوزير كايد محمود أنه “تم إمهال الموظفين في المكتبة 72 ساعة لمغادرة” الإقليم.

يُذكر أن “مكتبة الثقافة الإسلامية” في هرجيسا، عاصمة إقليم “أرض الصومال”، هي مكتبة ثقافية مصرية كانت أول مكتبة عامة في الإقليم، بنتها الحكومة المصرية في ستينيات القرن الماضي، وتتبع وزارة التعليم العالي المصرية.

مقالات مشابهة

  • مقديشو تهدد بدعم الانفصاليين في إثيوبيا
  • خارجية الصومال: إثيوبيا ترفض التحكيم وفق قانون البحار وتطالب بالوجود في مياهنا
  • عاجل| وزير الخارجية الصومالي يكشف حقيقة المزاعم بشأن نقل صراع سد النهضة الإثيوبي إلى بلاده
  • الخارجية الصومالية: لن نتورط في مسار تفاوضي عقيم مع إثيوبيا
  • إثيوبيا تمنع القوات المصرية من الوصول إلى الصومال بتصعيد مفاجئ
  • إغلاق “المكتبة الثقافية المصرية” في هرجيسا و”أرض الصومال” تستعد لتوقيع اتفاقية رسمية مع إثيوبيا
  • شجار وضرب في برلمان إثيوبيا.. ما حقيقة الفيديو؟
  • "أرض الصومال" يقترب من توقيع اتفاقية مثيرة للجدل مع إثيوبيا
  • المستشار المفلحي يكشف عن سبب جوهري لمشكلة الصراعات والحروب في اليمن
  • ما خيارات مصر للرد على مساعي إثيوبيا لإنشاء مفوضية «حوض النيل»؟ أديس أبابا تقدمت بطلب للاتحاد الأفريقي