طولكرم- "إن اغتالوني أو اغتالوا أي أحد آخر، رح تضل ها الحالة مستمرة حتى تحرير الأرض إن شاء الله"، بهذه الكلمات خرج أبو شجاع متحدثا للإعلام، بعد فشل عملية اغتياله قبل حوالي 4 أشهر في مخيم نور شمس بمدينة طولكرم شمالي الضفة الغربية.

وصباح اليوم الخميس، تمكنت قوة إسرائيلية -وبتوجيه من الشاباك– من اغتيال محمد جابر الملقب "أبو شجاع" في المخيم بعد محاصرته رفقة 4 من أفراد كتيبة طولكرم، فيما أصيب المطارد محمد قصاص قائد الكتيبة وأحد مؤسسيها وأعلن الاحتلال عن اعتقاله.

وفي تفاصيل العملية التي أعلن عنها الجيش الإسرائيلي على منصة إكس، حاصرت وحدة من قوة اليمام "أبا شجاع" وعددا من المقاومين في مبنى ملاصق لمسجد في مخيم طولكرم، وبعد اشتباك مسلح تمكنت من قتله رفقة 4 آخرين.

صاحب فضل

ونجا الشهيد من عدة عمليات اغتيال كان أشهرها في أبريل/نيسان الماضي، بعد اقتحام طويل لمخيم نور شمس كانت إسرائيل أعلنت فيه اغتياله، لكنه خرج بعد انسحاب جيشها وظهر أمام أهالي المخيم خلال عملية تشييع شهداء في ذلك الاقتحام.

وتنسب إسرائيل الفضل لأبو شجاع في تصاعد العمل المسلح في الضفة بشكل عام وفي طولكرم بشكل خاص، وفي مجموعة من العمليات الفردية لإطلاق النار وتركيب وتجهيز العبوات الناسفة. وزعم جيش الاحتلال أن هذا الاغتيال "حدث مهم" في إطار العملية العسكرية الحالية في نور شمس. وأنه "أحد إنجازاته التي يسعى لتحقيقها".

وكانت إسرائيل أعلنت -عبر إذاعة الجيش- عن "استخدام إستراتيجية جديدة في الحد من عمل المجموعات المسلحة في الضفة، والوصول إلى المقاومين، من خلال العملية العسكرية الموسعة التي بدأتها أمس الأربعاء". وقالت إن هدفها الأساسي هو "إزالة خطر المقاومة والعبوات الناسفة في الضفة، وإنها تتمثل في تطويق المستشفيات في الضفة، وقطع الطرق بين المدن المختلفة لضمان عدم تنقل المقاومين المسلحين".

ومع ساعات الفجر، نشر جيش الاحتلال صورة لمحمد جابر (أبو شجاع)، تظهر فيها إصابته في الرأس، وعلى الفور تفاعل الناس مع خبر الاغتيال وانتشرت بشكل واسع على وسائل التواصل صور الشهيد، مع عبارات تمجيده وفترة "جهاده" ومطاردته.

وذكر شاهد عيان -رفض الكشف عن اسمه- أن "أبو شجاع اشتبك مع جنود الاحتلال من نقطة الصفر، واستطاع إيقاع إصابات بينهم دون أن يستطيعوا التعرف عليه، لكن بعد وقت، ضربوه بالقنابل اليدوية، وأطلقوا تجاهه رصاصا من عيار 250، مما أدى لاستشهاده".

لقاء أخير

ولم يتلق سامر جابر أبو عدي (والد الشهيد أبو شجاع) أي اتصال يبلغه باستشهاد نجله، لكن صورة نشرها الجيش الإسرائيلي أكدت ما كان يخشاه خلال مطاردته لمدة عامين.

وقبل 5 أيام، كان اللقاء الأخير بين أبو عدي ونجله الشهيد سريعا كعادته، طمأن فيه والده على صحته، واستفسر عن أخبار العائلة، واطمأن على أمه، لكن خلال الساعات الأخيرة التي أعقبت إعلان الاحتلال العملية العسكرية في طولكرم، زاد قلق الأب على ابنه.

وتحدث سامر -للجزيرة نت- عن الليلة الماضية التي لم يستطع أن ينام فيها لحظة واحدة وظل يرقب أي جديد مع توسع العملية واقتحام مخيم طولكرم القريب من نور شمس، ليأتيه خبر استشهاد نجله عبر وسائل الإعلام الإسرائيلية.

حينها راح سامر يقلب صفحات الإعلام العبري ومواقعه المختلفة ليتحقق من الخبر ويجد أنها تضج -وبكثافة- بصورة ابنه وسط حالة من "الانتشاء فرحا وافتخارا" باغتياله وتأكيدا للجمهور الإسرائيلي بأن الخبر صحيح وليس كسابقه. ويقول "فرحة اغتيال أبو شجاع عبّر عنها حتى قادة الجيش والناطقون باسمه وخاصة أفيخاي أدرعي".

وعاشت عائلة الشهيد هذه اللحظة سابقا في 19 أبريل/نيسان الماضي، حين أعلن الاحتلال اغتياله بعد اشتباك لأكثر من 10 ساعات في عملية عسكرية استمرت 24 ساعة، ليتبين وبعد يومين كذبه، حيث خرج أبو شجاع معلنا تحديه للاحتلال مجددا.

وبحمد الله، استقبل أبو عدي استشهاد نجله وأثنى على سيرته وصيته الذي "هز استقرار العدو الصهيوني، كمؤسس لكتيبة طولكرم التابعة لسرايا القدس في مخيم نور شمس، والحالة الوطنية المقاومة في طولكرم"، كما يؤكد. ويتابع "يكفي أبو شجاع أنه وصل مرحلة شكل فيها وجوده ندا قويا للاحتلال، وذاع صيته وتردد اسمه محليا وعالميا كأيقونة ورمز من رموز الثورة الفلسطينية".

إجماع جماهيري

وبدا أبو عدي غير قلق بعد استشهاد نجله، وقال إنه ترك أثرا واضحا وطريقا لكل من خلفه، وإن استشهاده سيترك "فراغا بلا شك، لكنه لن يوقف المقاومة التي تسير بنَفَسه وهمته، ولذلك ستظل هذه الحالة تثمر".

وكانت أسرة أبو عدي قد فقدت ابنها محمود شهيدا قبل أشهر، فيما يغيّب الاحتلال ثالثهم قسرا في سجونه، كما تعيش معاناة مستمرة بسبب اقتحامات منزلها وهدمه وتفجيره مرات عدة، واعتقال أبنائها واحتجازهم بظروف قاسية. ويردف الأب "أن كل ذلك يعز عليهم، لكن حزنهم يبدده اختيار أبو شجاع لطريق المقاومة منذ البداية، ولو أمضى فيه 200 عام سنظل نفتخر به نحن وكل حر وشريف بالعالم".

ويأتي اغتيال أبو شجاع في وقت يعاني منه أهالي مخيم نور شمس من اقتحام واسع، وعمليات مداهمات المنازل وإجبار بعض العائلات على الخروج، واعتقال الشباب وتحويلهم إلى نقطة تحقيق ميداني.

وقال مهند جابر -أحد سكان المخيم للجزيرة نت- إن "أبو شجاع قائد كبير، نحن نعتبره قائد أركان الكتيبة في الضفة، خبر اغتياله موجع جدا وصادم، وهو خسارة كبيرة للمخيم وطولكرم ككل". وتحدث علي العلي عن صفات الشهيد وقال" كان شجاعا، يرفض تغطية وجهه والتخفي، كان يعتبر الشهادة هدفا، وكان مقاتلا شرسا وقناصا بارعا".

ويحظى أبو شجاع بإجماع جماهيري كبير، ويعتبره عدد من الشبان قدوتهم وحالة مختلفة للمقاوم المطارَد، واستطاع خلال شهور من المطاردة اكتساب قبول ومحبة الناس وتأييدهم. وتمثل ذلك في الدفاع عنه من محاولات اعتقاله من الأمن الفلسطيني التي كان آخرها محاصرته في "مستشفى ثابت ثابت"، فتوجهت أمهات الشهداء في المخيم لفك الحصار عنه ومنع الأمن والشرطة الفلسطينية من اعتقاله.

ولم يكن وقع اغتيال أبو شجاع كبيرا على أهالي محافظة طولكرم فحسب، حيث لاقت الحادثة تفاعلا واسعا بين فئات مختلفة من الشعب الفلسطيني في مدن الضفة. ونعت فصائل العمل الوطني والإسلامي في طولكرم -عبر مكبرات الصوت- شهداء مخيم نور شمس وطولكرم، وأعلنت الحداد والإضراب الشامل في كافة المحافظة.

وأبو شجاع، هو لقب محمد جابر (26 عاما) أحد أبرز قادة كتيبة طولكرم الجناح العسكري لسرايا القدس التابعة لحركة الجهاد الإسلامي. شارك الشهيد في الأنشطة المناهضة للاحتلال الإسرائيلي وهو لا يزال في سن مبكرة، فتعرض للاعتقال في السجون الإسرائيلية وعمره 17 عاما.

ثم اعتُقل مجددا مرتين إضافيتين قضى بموجبهما نحو 5 سنوات في السجن، كما اعتُقل مرتين في سجون الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية. وتحت قيادته، توسعت الكتيبة فضمت إلى صفوفها مزيدا من الشباب المقاوم، حتى قُدر عدد عناصرها في سبتمبر/أيلول 2022 بحوالي 40 فردا مجهزين.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات مخیم نور شمس فی طولکرم أبو شجاع فی الضفة أبو عدی

إقرأ أيضاً:

تحذيرات من اغتيال الاحتلال للأسير عبد الله البرغوثي.. حالته خطيرة

حذرت المؤسسات المختصة بشؤون الأسرى الفلسطينيين، الثلاثاء، من تدهور الوضع الصحي للأسير عبد الله البرغوثي، الذي يقضي حاليا حكما من أعظم الأحكام في التاريخ بالسجن المؤبد 67 مرة في معتقلات الاحتلال الإسرائيلي.

وأكد مكتب إعلام الأسرى في حركة المقاومة الإسلامية حماس، أن "الأسير القائد عبد الله البرغوثي يواجه محاولة تصفية ممنهجة داخل سجن جلبوع الإسرائيلي، ووصلت حالته الصحية إلى مرحلة حرجة للغاية تهدد حياته بشكل مباشر".

وأضاف المكتب في بيان صحفي وصل "عربي21" نسخة منه، أنّ "الأسير البرغوثي يتعرض للضرب الشديد، وأصبح مغطى بالبقع الزرقاء، ورأسه مليئًا بكتل الدم، مع انتفاخ في عينيه وكسور في أضلاعه، ما يفقده القدرة على النوم".

وذكر أن وحدات القمع الإسرائيلي تقتحم زنزانته بقيادة ضابط يُدعى "امير"، ويتم الاعتداء عليه بالضرب حتى يسيل من جسده نصف لتر من الدم تقريبا في كل مرة، منوها إلى أنه بعد الانتهاء من الضرب، يتم إدخال الكلاب لنهش جسده المغمور بالدماء، ويصدر الضابط أوامره، قائلا: "أدخلوا الكلاب تتسلى فيه".



وأفاد بأن قوات القمع تقوم بسكب سائل الجلي الحار على جسده الهزيل، عقب كل جولة تعذيب، لزيادة الأم، ويتعرض للإهانة اللفظية، ويقول له الضابط: "كنت قائدا سابقا، اليوم أنت صفر، ويجب أن تموت".

وأكد مكتب إعلام الأسرى أنه "نتيجة التعذيب يدخل الأسير البرغوثي في غيبوبة متكررة، مع لف يده بكيس يستخدم للنفايات وكرتونة تواليت لغياب أي وسلة حماية"، مشيرا إلى أنه يعجز عن النوم بشكل طبيعي، ويضطر للجلوس على الأرض مع انحناء رأسه للأمام بسبب الألم الشديد.

 ولفت إلى أن البرغوثي لم يتمكن من الاستحمام منذ 12 يومًا، ويضطر إلى نقع الخبز بالماء وشربه لعجزه عن المضغ، مشددا على أن ما يتعرض له جريمة اغتيال بطيئة متعمدة، وتشكل انتهاكا صارخا لكل الأعراف والمواثيق الدولية.

وقال إن "محاولات الاحتلال المستمرة لتصفية قادة الحركة الأسيرة داخل السجون، لن تجلب له سوى مزيد من الغضب والانفجار الشعبي"، منوها إلى أن "الصمت الدولي المتواصل شجّع الاحتلال على التمادي في ارتكاب هذه الجرائم، التي تمثل وصمة عار في جبين من يدّعون الدفاع عن حقوق الإنسان".

ودعا المؤسسات الحقوقية الدولية، وعلى رأسها اللجنة الدولية للصليب الأحمر، إلى التدخل العاجل لزيارة الأسير البرغوثي وتفقد حالته، مطالبا بفتح تحقيق دولي ومحاسبة الاحتلال على هذه الجرائم أمام المحكمة الجنائية الدولية.

كما دعا الجماهير الفلسطينية وأحرار العالم إلى الخروج في مسيرات غضب، نصرة للأسرى في السجون، باعتبار قضيتهم مقدسة والمساس فيها خط أحمر.

مقالات مشابهة

  • لليوم الـ94 على التوالي - الاحتلال يواصل عدوانه على مدينة طولكرم ومخيميها
  • جيش الاحتلال يقتحم بلدة حجة شرق قلقيلية في الضفة الغربية
  • تحذيرات من اغتيال الاحتلال للأسير عبد الله البرغوثي.. حالته خطيرة
  • مئات المستوطنين يقتحمون باحات الأقصى وإضراب شامل في طولكرم
  • عبدالحميد خيرت: حماس كان لها دور في اغتيال الشهيد هشام بركات
  • العدو الصهيوني يواصل عدوانه على طولكرم ومخيميها لليوم الـ93 على التوالي
  • في عمليات منفصلة.. الجيش الإسرائيلي يُعلن اغتيال 3 مقاومين فلسطينيين
  • الاحتلال يواصل عدوانه على مدينة طولكرم ومخيميها لليوم الـ92 على التوالي
  • الصغير: لن يحسم ملابسات وظروف اغتيال الشهيد الرياني إلا بيان من النائب العام
  • عن اغتيال نصرالله وعملية البيجر... تفاصيل جديدة كشفها نتنياهو!