حياتنا رغم قصرها نجدها طويلة الأحداث ، (الحلو منها و المُر ، فراق ولقاء ، نجاح واخفاق ، سعادة وتعاسة ، رقيّ وتعثر ، رضى وتسخُّط ، وفاق وخصام ، حب وكره ، قناعة وجشع ، ألم وأمل ، عافية وسقم)..
ندخل معركة الحياة ممتلئين من كل شيء لدرجة الفيض ، ومع كل حدث يعركنا يتسرب منّا شيء ، وكأن الحياة تهزمنا..
المراهق ممتلئ بضجيج العقل والعاطفة ، ممزوجة برهبة دخول المستقبل.
الشاب ممتلئ بحب الحياة متعطش للذائذها ، غير مكترث لنتائجها..
الناضج ممتلئ حياة ولكنهُ طامح لسبر أغوارها ودقائقها وتفاصيلها ، غير مدرك إنها تأكل صحتهُ ورواق بالهُ..
الكبير الرزين ممتلئ من الحياة ، وكل محاولاته تتمحور في كيفية خلاصة من هذه الحياة التي تملأهُ ؛ ليلتفت لنفسه بعد أن أرهقها..
بينما الطاعن المتقدم في السِّن ممتلئ هزائم وخيبات ، بعد أن عرف سرّ هذه الحياة ؛ متأخراً ..
كلنا نعلم أننا مع كل صفعة من هذه الحياة ، تزيدنا تفتح على حقيقتها..
ومع كل تعثر ، نزداد حذر..
ومع كل نجاح نحققه ، نخلف خلفنا خسائر لا عدّ لها..
ومع كل حب مادي أو معنوي استنزفنا ، هدر كبير لمشاعرنا وأعصابنا ..
ومع كل فشل نواجههُ ، موجة إحباط لأفكارنا ومعنوياتنا..
وكل ذلك لا يُهم ، فهي مجرد حياة في النهاية وتنتهي..
ولكننا للأسف لا نعي الدرس طيلة مسيرتنا ، ونظل مع موجة الأمل وبدعم الحب والتفاؤل ؛ نعرك أنفسنا ونقاتلها ؛ بسبب حياة لا قيمة لها..
كل صفعات الحياة ، بعدها تفتّح ونضج ووعي وادراك أكثر ..
إلآ صفعة فُقد -حبيب قريب صديق-بفاجعة موت ، إنها صفعة الانكسار من الحياة..
الدافع الرئيسي لتحمل هذه الحياة وأحداثها المضطربة ، (الحب)..
يقول شاعر المهجر اللبناني إيليا أبو ماضي:
أيقظ شعورك بالمحبة إن غفا
لولا شعور الناس كانوا كالدمى..
أحبب فيغدو الكوخ قصرا نيرا
وابغض فيمسي الكون سجنا مظلما..
ما الكأس لولا الخمر غير زجاجةٍ
والمرءُ لولا الحب إلا أعظُما..
المصدر: صحيفة صدى
كلمات دلالية: هذه الحیاة ومع کل
إقرأ أيضاً:
مؤمن الجندي يكتب: أزرار السوشيالجية
في مسرح الحياة، يقف بعض الأشخاص تحت أضواء الحب الجماعي، ملايين القلوب تتسابق لتقديم محبتها وإعجابها، وتُغرقهم بفيض من المشاعر التي تجعلهم في مقام القداسة البشرية.. ولكن فجأة، وكأن عاصفة غاضبة اجتاحت الميدان، يتبدل الحب والإعجاب إلى نقد لاذع، والقلوب التي كانت تنبض باسمهم، تخفت وتنسحب دون تفسير واضح! فما الذي يدفعهم لإظهار العكس؟ وكيف يمكن لذلك الشخص المستهدف استعادة ذلك الحب الذي بدا يومًا وكأنه لن ينتهي؟
مؤمن الجندي يكتب: كيف يُروى الغياب بعد الرحيل؟ مؤمن الجندي يكتب: قصة عمر بين الشوك والضوء مؤمن الجندي يكتب: ما الذي لا يستطيع المال شراؤه؟ مؤمن الجندي يكتب: قلوب بلا أقنعةحين يتعلق الملايين بشخص، يكون ذلك في العادة بسبب قيم أو مهارات أو مواقف ألهمتهم، وربما لملامح كاريزمية جعلت هذا الشخص رمزًا لهم.. لكن، الحب الطاغي يسحب دائمًا الوعي وينبض من القلب، وقد يطلق في كثير من الأحيان موجة شعورية.. وهذا النوع من الحب هش بطبيعته؛ لأنه يقوم على التوقعات المثالية، وحين يخطئ هذا الشخص – كبشر طبيعي – تتحول التوقعات إلى خيبة أمل، وخيبة الأمل إلى غضب جماعي.
محمود الخطيب، رمز الأهلي التاريخي، كان دائمًا محط حب الجماهير بفضل نجاحاته لاعبًا ورئيسًا للنادي وقبلهما كقدوة حسنة في الأخلاق.. ومع ذلك، شهدت الفترة الأخيرة تحول بعض الجماهير لمهاجمته بسبب التأخر في إبرام صفقات جديدة وقرارات أخرى لم ترقَ لتطلعاتهم.. هذا التحول يعكس هشاشة الحب الجماعي الذي سرعان ما ينقلب تحت ضغط التوقعات العالية وتأثير وسائل التواصل الاجتماعي التي تُضخم الخلافات.
هذا الانقلاب "السوشيالي" على الخطيب من وجهة نظري يرتبط بغياب الوعي الجماعي، حيث تنجرف بعض الجماهير خلف موجات النقد دون إدراك لحجم التحديات التي يواجهها، أو حتى لطريقة النقد نفسها كيف تكون؟ استعادة الثقة تتطلب شفافية وقرارات قوية من الخطيب، وأيضًا وعيًا من الجماهير بأن الرموز العظيمة تخطئ أحيانًا، لكنها دائمًا تملك القدرة على التصحيح.
السوشيالجية.. ومشهد التدمير الجماعينحن اليوم نعيش عصرًا جديدًا، حيث تلعب فئة "السوشيالجية" – أولئك الذين يعيشون على مواقع التواصل الاجتماعي – دورًا محوريًا في صياغة الرأي العام.. لكن المعضلة تكمن في أن الوعي لديهم كثيرًا ما يغيب أمام إغراء التصدر والجدل! فبدلًا من أن يُقيموا المواقف بعقلانية، ينجرون خلف التيار، ويصبحون وقودًا للتوجهات الجماعية، سواء كانت في اتجاه الحب أو الكراهية.
أرى أن الحل لهذه الظاهرة يتطلب إعادة بناء الوعي الجماعي، وتعليم الشباب أن الحب والكراهية ليسا مجرد أزرار يمكن الضغط عليها بسهولة.. علينا أن ندرك أن البشر خطاءون بطبعهم، وأن الشخصيات العامة ليست رموزًا مثالية، بل هي مرآة لعواطفنا وتوقعاتنا.
في النهاية، الحب الجماعي ليس دائمًا دليلًا على القيمة، والكراهية الجماعية ليست حكمًا مطلقًا.. وما بين الحب والكراهية، يقف الوعي كحكم عادل، قد ينقذنا من الظلم ويُعيدنا إلى جوهر الإنسانية.
للتواصل مع الكاتب الصحفي مؤمن الجندي اضغط هنا