وصف سكان من بيت لحم بالضفة الغربية، الحياة هناك بأنها صارت مثل "الجحيم"، حيث تحولت إلى "مدينة أشباح" تعيش في ظل أزمة اقتصادية قاسية، وتوترات متزايدة مع المستوطنين والجيش الإسرائيلي، في أعقاب هجمات السابع من أكتوبر.

ورصد تقرير لصحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، ما يواجه سكان المدينة، التي كان يزورها سنويًا في الأوضاع الطبيعية نحو 1.

5 مليون سائح.

وقال سامي خميس، وهو أب لخمسة أطفال ويملك مقهى يقع على مسافة قصيرة من كنيسة المهد، إن "الوضع أسوأ مما كان عليه أثناء جائحة كوفيد-19"، حيث لا يجد الرجل أي زبائن في ظل الحرب الدائرة والتوترات المتزايدة بالمنطقة.

ولفت التقرير إلى أن أموال السياحة "جفّت" في بيت لحم منذ السابع من أكتوبر، حيث وجهت الحكومات في دول العالم المختلفة مواطنيها بعدم السفر إلى المدينة، وباتت الشوارع التي تكون مزدحمة عادة، خالية من الزوار، فيما أغلقت مئات الشركات المحلية على مدار الأشهر الماضية.

ووفق تقديرات لوزارة السياحة الفلسطينية، فقد تكبد قطاع السياحة في الضفة الغربية خسائر تقدّر بنحو 2.5 مليون دولار يوميًا خلال فترة حرب غزة، وتكبدت مدينة بيت لحم وحدها 67 بالمئة من تلك الخسائر.

"تحوّل صارخ"

الشابة الباريسية آنا روسينول، قالت للصحيفة الإسرائيلية إنها جاءت لاستكشاف المواقع الدينية في بيت لحم مع صديق لها، وأوضحت: "كنا السائحين الوحيدين هناك"، مضيفة وهي في حالة صدمة: "أتيت هنا قبل بضع سنوات، وكان المكان مزدحما".

وبدوره، واصل خميس (45 عاما) حديثه، وقال: "لا يمكنني توفير ما يحتاجه أطفالي، أخبرهم بأن يذهبوا إلى النوم"، موضحا أنه في كثير من الأوقات "لا يملك ما يكفي من المال لتوفير الطعام والمواد الأساسية الأخرى لأسرته".

إجراءات إسرائيل الجديدة .. "إعلان حرب على السلطة الفلسطينية" في أعقاب إعلان 3 دول أوروبية أنها ستعترف رسميا بـ "دولة فلسطين"، أعلنت إسرائيل، إلغاء قانون فك الارتباط بشمال الضفة الغربية، والسماح للإسرائيليين بالعودة إلى 3 مستوطنات سابقة كان يحظر عليهم دخولها، فضلا عن التهديد بوقف تعامل البنوك الإسرائيلية مع نظيرتها الفلسطينية.

وأشار التقرير أيضًا إلى أن تراجع أعداد السياح "دمّر حياة الشباب في العشرينيات والثلاثينيات من العمر، الذين يعيشون مع والديهم، وأصبحوا غير قادرين على الانتقال وتأسيس أسرهم الخاصة".

وقال ليث المعطي (29 عاما)، الذي يعمل سائق سيارة أجرى ويرعى والديه المسنين: "لا أملك المال الكافي للزواج، ولا أستطيع التفكير في هذا الأمر حاليًا".

وأشار إلى أنه يجني ما يعادل ثمن علبة سجائر في اليوم، وتابع: "لو طلبت والدتي الذهاب إلى المستشفى، أطلب منها الانتظار، ولو أراد والدي شراء شيء، أقول له إنني لا أملك ما يكفي".

"الجحيم"

أما ليث صبيح (27 عاما) الذي يعمل كمرشد سياحي، وأب لطفلة تبلغ شهرين من العمر: "لو علمت أن الحرب ستبدأ، لما فكرت في إنجاب طفلة"، موضحا أنه يخشى على مستقبل ابنته في وقت يكافح فيه من أجل سداد مستحقات الرهن العقاري على منزل الأسرة.

وأشار إلى أن زوجته باتت مستعدة لبيع المجوهرات التي اشتراها لها في حفل الزفاف "من أجل الاستمرار في العيش".

ولفتت "هآرتس" إلى أن قطاع السياحة ليس وحده الذي يعاني جراء الحرب، بل هناك 130 ألف عامل من الضفة الغربية كانوا يملكون رخصا للعمل في إسرائيل ومستوطناتها قبل حظرهم بشكل مفاجئ في أعقاب السابع من أكتوبر.

وقال محمود سليمان: "الحياة أصبحت كالجحيم"، وذلك بعدما ظل عاطلا عن العمل لأكثر من 10 أشهر، بعد إلغاء السلطات الإسرائيلية تصريح عمله كـ"سبّاك" داخل المناطق الإسرائيلية.

وفي معظم الأيام، يعيش سليمان (63 عاما) على محاولات بيع الكوفيات والبطاقات البريدية خارج كنيسة المهد، أملا في وجود أي سائحين يشترون منه.

"الجميع يعاني".. حرب غزة تلقي بظلالها على اقتصاد الضفة الغربية أدت القيود الجديدة التي فرضتها إسرائيل على الضفة الغربية منذ بدء الحرب الجديدة بينها وبين حركة حماس في غزة، إلى اختناق الاقتصاد وتدهور الحياة اليومية.

وتابع: "لدي 8 أطفال، اثنان منهما كانا في الثانوية العامة، لكن حاليا لا يمكنني تحمّل التكاليف. وواحدة أنهت للتو المرحلة الثانوية، ولن تذهب إلى الجامعة أيضًا. كان الوضع سيئا قبل الحرب لكنه أفضل مما هو عليه حاليًا، فقد كنت قادرا على دفع ثمن الكهرباء والماء والغذاء".

وقالت مجموعة الأزمات الدولية (ICG)، وهي منظمة عالمية غير ربحية وغير حكومية، إنه في ظل أشهر من الضغوط الهائلة على اقتصاد الضفة الغربية منذ بدء الحرب في غزة، فرضت إسرائيل مجموعة صارمة من التدابير التقييدية، "يقول المسؤولون الإسرائيليون إنها ضرورية بسبب المخاطر الأمنية".

لكن الإغلاقات الداخلية في جميع أنحاء الضفة الغربية، وتعليق تصاريح العمل لنحو 148 ألف فلسطيني كانوا يتنقلون إلى وظائفهم في إسرائيل، وفقدان 144 ألف وظيفة إضافية في المنطقة، أدت إلى صدمة اقتصادية ضخمة للفلسطينيين.

وقد انخفض الناتج المحلي الإجمالي للضفة الغربية بنحو 20 في المئة في الربع الأخير من عام 2023، مقارنة بالعام السابق.

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: الضفة الغربیة بیت لحم إلى أن

إقرأ أيضاً:

الاستيطان.. سرطان إسرائيلي يلتهم الأراضي الفلسطينية بالضفة الغربية

 

 

 

 

◄ إسرائيل تمارس أكبر عملية "نهب" للأراضي منذ 3 عقود

السيطرة على 42% من مساحة أراضي الضفة الغربية و70% من مناطق "ج"

◄ مصادرة 24 ألف دونم من الأراضي الزراعية تحت ذريعة "أراضي الدولة"

إنشاء 51 بؤرة استيطانية جديدة خلال عام

◄ تفكيك الجغرافيا الفلسطينية وتكريس سياسة الأمر الواقع

الاحتلال يعمل على عزل البلدات الفلسطينية لتكون "جزر معزولة"

تحويل البؤر الاستيطانية إلى ثكنات للمستوطنين وقاعدة لانطلاق الهجمات ضد الفلسطينيين

 

الرؤية- غرفة الأخبار

مع استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، قد لا ينتبه الكثيرون للمُمارسات الإجرامية التي تقوم بها إسرائيل في الضفة الغربية، وخاصة عمليات التهجير القسري للفلسطينيين، وموجات التوسع الاستيطاني غير المسبوقة.

ومنذ بداية العملية العسكرية الأخيرة في الضفة الغربية، هدم الاحتلال أكثر من 1000 منزل و60 محلا تجاريا، وأجبر قرابة 50,000 فلسطيني على النزوح القسري، في عملية تطهير عرقي ممنهجة، لم يشهد لها تاريخ الضفة الغربية مثيلاً منذ نكبة 1948م.

وخلال الـ18 شهراً الماضية فقط، صادرت سلطات الاحتلال الإسرائيلي أكثر من 24,000 دونم من أراضي الضفة الغربية تحت ذريعة "أراضي الدولة"، في أكبر عملية نهب منذ أكثر من ثلاثة عقود.

وبحسب البيانات الصادرة عن مكتب الإعلام الحكومي بغزة، فإنَّ إسرائيل سيطرت على 2382 كيلومتراً مربعاً من أراضي الضفة الغربية، أي ما يُعادل 42% من مساحتها الكلية، و70% من مناطق "ج"، إلى جانب إنشاء 51 بؤرة استيطانية جديدة خلال عام واحد، بينها 8 بؤر في مناطق مصنّفة "ب"، وهي مناطق يُفترض أنها خاضعة لسيطرة فلسطينية إدارية.

ومع إقامة 60 بؤرة جديدة منذ عام 2023، ارتفع عدد المستوطنين في الضفة الغربية إلى 770,000 مستوطن يتوزعون على 180 مستوطنة و356 بؤرة استيطانية، في محاولة لتفكيك الجغرافيا الفلسطينية وتكريس أمرٍ واقع لا رجعة فيه.

وللتضييق على الفلسطينيين، أنشأت إسرائيل 900 حاجز عسكري لخنق الحياة الفلسطينية، وأصدرت 13 أمراً عسكرياً لإقامة ما يسمونه "مناطق عازلة" حول المستوطنات تمهيداً لنهب آلاف الدونمات.

وإلى جانب التوسع الاستيطاني، توسع المستوطنون أيضا في الاستيطان الرعوي والزراعي الذي يبتلع أكثر من 480,000 دونم، وأصبح الاحتلال يسيطر على 136 بؤرة رعوية مخصصة للمستوطنين فقط.

وفي تحقيق نشرته منصة "إيكاد"، أشارت المنصة إلى تحولات متسارعة ينفذها الاحتلال في بلدة "حوارة"، التي تعد الشريان الرابط بين شمال الضفة بجنوبها، إذ تقع على محور استراتيجي يربط شمال الضفة بجنوبها وتشكل بوابة الدخول إلى نابلس، وهي من أبرز النماذج لسياسة الاحتلال في ربط المستوطنات في الضفة الغربية عبر بنية تحتية تقضم الأراضي الفلسطينية، وتحويل التجمعات الفلسطينية إلى "جزر معزولة"، كما أنا بلدة "حوارة" محاطة بمستوطنات متطرفة مثل "يتسهار" و"براخا"، وتتعرض لهجمات متكررة، خاصة بعد عملية "طوفان الأقصى"، وعلى المستوى الاقتصادي يخترقها شارع 60 الحيوي، ما يجعلها مركزًا مهمًا لحركة التجارة والمرور بين مدن الضفة.

وجاء في التحقيق أنه "منذ صعود اليمين المُتطرف توسعت حكومة الاحتلال في تطبيق مخطط شامل مكون من عدة أركان من أجل تفكيك حوارة ومحاصرتها تمهيدًا لضمها، وكانت الخطوة الأولى هي الطريق الالتفافي الجديد الذي صادر الاحتلال لأجله نحو 1100 دونم من أراضي حوارة عام 2021، وهو طريق لا يربط المستوطنات فقط، بل حوّل حوارة إلى كتلة محاصرة، وألغى أهمية شارعها الرئيسي الذي أصبح ثكنة عسكرية تضم 15 برج مراقبة وحواجز متنقلة وثابتة".

وشمل المخطط الإسرائيلي الذي تصاعدت خطواته مع صعود اليمين المتطرف لضم حوارة، عمليات توسع استيطاني لعدة بؤر استيطانية في محيط مستوطنتي يتسهار وبراخا اللتين تحاصران البلدة.

واكتشف التحقيق أن البؤر الاستيطانية لم تكن بغرض التوسعة الجغرافية فحسب، بل هي توسعات مدروسة لتحويلها إلى ثكنات للمستوطنين، وقاعدة انطلاق للهجمات على القرى المجاورة لا سيمّا حوارة.

مقالات مشابهة

  • حماس: تصريحات وزراء حكومة الاحتلال بفرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية تمثل امتدادا لسياسات الاستيطان العدوانية
  • قوات الاحتلال الإسرائيلي تعتقل 20 فلسطينيًا في الضفة الغربية
  • استشهاد فلسطيني برصاص الاحتلال الإسرائيلي شمال الضفة الغربية
  • 4 وزراء إسرائيليين يدعمون ضم الضفة الغربية المحتلة
  • إسرائيل تكرر سيناريو الضفة..(البلاد) تدق ناقوس الخطر.. غزة تحت سكين الاحتلال.. تقسيمٌ واستيطان
  • مخطط صهيوني لبناء 855 وحدة استيطانية في الضفة الغربية
  • البث الإسرائيلية: جمود في المفاوضات بين إسرائيل وحماس
  • قوات الاحتلال الإسرائيلي شرعت فعليا في ضم الضفة الغربية
  • الاستيطان.. سرطان إسرائيلي يلتهم الأراضي الفلسطينية بالضفة الغربية
  • قوات العدو تشن حملة اقتحامات واعتقالات واسعة في الضفة الغربية