فعل أعظم من الخيانة.. احذر من ارتكابه في حق أخيك المسلم
تاريخ النشر: 29th, August 2024 GMT
مركز الأزهر الفتوى العالمي، أنّ حفظ الأسرار، وصيانة أمانة الكلام ليس بأقل من حفظ الودائع وصيانتها لأصحابها، بل لعله أعظم وأثقل؛ ولهذا ينبهنا سيدنا رسول الله ﷺ أن حديث الرجل مع أخيه يُعَدُّ أمانة في حكم الشرع بمجرد التفاته وانصرافه عنه.
واستشهدا مركز الفتوى العالمي، بقول سيدنا رسول الله ﷺ: «إِذَا حَدَّثَ الرَّجُلُ الحَدِيثَ ثُمَّ التَفَتَ فَهِيَ أَمَانَةٌ»، موضحه أن ليس أعظمَ خيانةً مِن أن يُفضيَ إليك أخوك بسرِّه، وخاصةِ أمره فتذيعه وتتحدث به بين الناس، وكم من علائقَ تقطعت بسبب استهانة بعض الناس بهذا الأمر! بل كم من مفاسد وفتن وأضرار ترتبت عليه!
وأكد مركز الفتوى العالمي، أن الأمانة خُلُق المؤمنين، وفضيلة ذوي المروءات، وهي أوسع من حفظ الأموال، وأدل على أخلاق الرجال.
المراد بحديث «إِذَا حَدَّثَ الرَّجُلُ الحَدِيثَ ثُمَّ التَفَتَ فَهِيَ أَمَانَةٌ»
كان النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم يأمُرُ بحِفظِ الأماناتِ، ومِن تِلك الأماناتِ: حفظ الأسرار والأحاديث؛ فعدَمُ إشاعَةِ كلامِ الرَّجلِ للرَّجلِ في المجالِسِ أو غيرِها من الأُمورِ المهِمَّةِ في المُجتمَعِ، وعدَمُ فعْلِ ذلك ينْشأُ عنه كثيرٌ منَ الفَسادِ.
وفي هذا الحَديثِ تنْبيهٌ لِهذا الأمْرِ، حيث يقولُ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: "إذا حدَّثَ الرَّجلُ بالحَديثِ"، أي: خَصَّ غيرَه بكلامٍ في أمرٍ ما، "ثمَّ الْتفَتَ"، أي: التفتَ الرَّجُلُ الذي يَتحدَّثُ قلقًا من سَماعِ أحَدٍ لِما يُحدِّثُ بهِ؛ فالتفاتُه بمنزلةِ إعلامٍ لِمَن يُحدِّثُ أنَّ الأمرَ سِرٌّ بينهما وأنَّه لا يُريدُ أنْ يعْرِفَه أحدٌ غيرُه وأنَّه لم يأْذَنْ في تحْديثِه.
وقيل: المرادُ بالتفاتِه هو مُجرَّدُ الانصرافِ عن المتكلِّمِ، والمعنى الأوَّل أقرب لظاهِرِ الحديثِ؛ "فهي أَمانَةٌ"، أي: صار هذا الحديثُ في حُكمِ الأمانةِ عند المستمِعِ، فلا يَحِقُّ له بَثُّه لغيرِه، وخاصَّةً مَن شُرِطَ عليه، بل حقُّه أنْ يَكتُمَه ويَحفظَه كما تُحفَظُ الأمانةُ، إلَّا أنْ يأذنَ له صاحِبُ الحَديثِ بالتَّحديثِ به وبَثِّه.
إن الله تعالى عرض علينا الأمانة بعدما عرضها علي السماوات والأرض فأبين أن يحملنها وأشفقن منها فقال تعالي ﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا ﴾ (الأحزاب: 72)، لذلك أن مفهوم الأمانة في الإسلام مفهوم عام شامل لأقوال العبد وأعماله، فكما أنه محاسب على أعماله، مُؤتَمَنٌ عليها؛ فهو محاسب على الأقوال، ومُؤتَمَن عليها.
وعليه فإن الكلمة أمانة ومسئولية، فإمَّا أن تؤدي كلمة صادقة نافعة مفيدة، فتكتسب بها أجرًا وثوابًا، وإما كلمة سيئة، وكلمة خبيثة، وكلمة تدعو إلى باطل، وتؤيد الشرَّ والفساد؛ فتلك كلمة تُحاسَب عليها، والمسلم محاسب على الأعمال؛ بل الأقوال أشدّ، فكم من مُسيطِر على نفسه في أعمال جوارحه، لكنَّه أمام لفَظَات اللسان عاجز، يُطلِق للسانه العِنان ليقول ما يشاء؛ فتعظم الأوزار والآثام.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: حفظ الأسرار الأزهر أمينة الفتوى العالمى مركز الأزهر سيدنا رسول الل أخو اثقل الأسرار امانة ارتكاب الأمانة في الإسلام
إقرأ أيضاً:
أحمد عمر هاشم: الظلم محرم بين العباد.. والعدل من أعظم القيم
أكد الدكتور أحمد عمر هاشم أن العدل من أعظم القيم التي رسّخها الإسلام، مستدلًا بالحديث القدسي الذي رواه أبو ذر الغفاري عن النبي صلى الله عليه وسلم، حيث قال الله عز وجل: "يا عبادي، إني حرّمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرّمًا، فلا تظالموا".
وأوضح أحمد عمر هاشم خلال تقديم برنامج «كأنك تراه»، على قناة صدى البلد، أن هذه الصيغة اللغوية "تظالموا" تشير إلى تبادل الظلم بين الناس، مما يؤكد ضرورة عدم الاعتداء على حقوق الآخرين. وأشار إلى أن الله سبحانه وتعالى، رغم كونه الخالق المدبّر الذي لا يُفرض عليه شيء، إلا أنه حرّم الظلم على نفسه تأكيدًا على خطورته وأثره المدمر في المجتمعات.
كما تطرق أحمد عمر هاشم إلى حاجة الإنسان المستمرة لهداية الله، مستشهدًا بقول الله تعالى: "يا عبادي، كلكم ضال إلا من هديته فاستهدوني أهدكم"، مشددًا على أن طلب الهداية من الله أمر ضروري لكل فرد، وأن الإنسان لا غنى له عن العون الإلهي في كل مراحل حياته.
وفي ختام حديثه، دعا أحمد عمر هاشم إلى التأمل في معاني الحديث القدسي والعمل بمقتضاه، عبر تجنب الظلم والسعي الدائم للهداية والاستغفار، لأن كل إنسان مسؤول عن أعماله وسيحاسب عليها يوم القيامة.