مركز الأزهر الفتوى العالمي، أنّ حفظ الأسرار، وصيانة أمانة الكلام ليس بأقل من حفظ الودائع وصيانتها لأصحابها، بل لعله أعظم وأثقل؛ ولهذا ينبهنا سيدنا رسول الله ﷺ أن حديث الرجل مع أخيه يُعَدُّ أمانة في حكم الشرع بمجرد التفاته وانصرافه عنه.

 

أمينة الفتوى: المغالاة في المهور ترفع نسب العنوسة حكم قراءة سورة قصيرة بعد الفاتحة في الركعة الثالثة والرابعة أمانة الكلام بين المسلم وأخيه

واستشهدا مركز الفتوى العالمي، بقول سيدنا رسول الله ﷺ: «إِذَا حَدَّثَ الرَّجُلُ الحَدِيثَ ثُمَّ التَفَتَ فَهِيَ أَمَانَةٌ»، موضحه أن ليس أعظمَ خيانةً مِن أن يُفضيَ إليك أخوك بسرِّه، وخاصةِ أمره فتذيعه وتتحدث به بين الناس، وكم من علائقَ تقطعت بسبب استهانة بعض الناس بهذا الأمر! بل كم من مفاسد وفتن وأضرار ترتبت عليه!

وأكد مركز الفتوى العالمي، أن الأمانة خُلُق المؤمنين، وفضيلة ذوي المروءات، وهي أوسع من حفظ الأموال، وأدل على أخلاق الرجال.

 

المراد بحديث «إِذَا حَدَّثَ الرَّجُلُ الحَدِيثَ ثُمَّ التَفَتَ فَهِيَ أَمَانَةٌ»


كان النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم يأمُرُ بحِفظِ الأماناتِ، ومِن تِلك الأماناتِ: حفظ الأسرار والأحاديث؛ فعدَمُ إشاعَةِ كلامِ الرَّجلِ للرَّجلِ في المجالِسِ أو غيرِها من الأُمورِ المهِمَّةِ في المُجتمَعِ، وعدَمُ فعْلِ ذلك ينْشأُ عنه كثيرٌ منَ الفَسادِ.


وفي هذا الحَديثِ تنْبيهٌ لِهذا الأمْرِ، حيث يقولُ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: "إذا حدَّثَ الرَّجلُ بالحَديثِ"، أي: خَصَّ غيرَه بكلامٍ في أمرٍ ما، "ثمَّ الْتفَتَ"، أي: التفتَ الرَّجُلُ الذي يَتحدَّثُ قلقًا من سَماعِ أحَدٍ لِما يُحدِّثُ بهِ؛ فالتفاتُه بمنزلةِ إعلامٍ لِمَن يُحدِّثُ أنَّ الأمرَ سِرٌّ بينهما وأنَّه لا يُريدُ أنْ يعْرِفَه أحدٌ غيرُه وأنَّه لم يأْذَنْ في تحْديثِه. 

وقيل: المرادُ بالتفاتِه هو مُجرَّدُ الانصرافِ عن المتكلِّمِ، والمعنى الأوَّل أقرب لظاهِرِ الحديثِ؛ "فهي أَمانَةٌ"، أي: صار هذا الحديثُ في حُكمِ الأمانةِ عند المستمِعِ، فلا يَحِقُّ له بَثُّه لغيرِه، وخاصَّةً مَن شُرِطَ عليه، بل حقُّه أنْ يَكتُمَه ويَحفظَه كما تُحفَظُ الأمانةُ، إلَّا أنْ يأذنَ له صاحِبُ الحَديثِ بالتَّحديثِ به وبَثِّه.
 

الأمانة في الإسلام 


إن الله تعالى عرض علينا الأمانة بعدما عرضها علي السماوات والأرض فأبين أن يحملنها وأشفقن منها فقال تعالي ﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا ﴾ (الأحزاب: 72)، لذلك أن مفهوم الأمانة في الإسلام مفهوم عام شامل لأقوال العبد وأعماله، فكما أنه محاسب على أعماله، مُؤتَمَنٌ عليها؛ فهو محاسب على الأقوال، ومُؤتَمَن عليها.

وعليه فإن الكلمة أمانة ومسئولية، فإمَّا أن تؤدي كلمة صادقة نافعة مفيدة، فتكتسب بها أجرًا وثوابًا، وإما كلمة سيئة، وكلمة خبيثة، وكلمة تدعو إلى باطل، وتؤيد الشرَّ والفساد؛ فتلك كلمة تُحاسَب عليها، والمسلم محاسب على الأعمال؛ بل الأقوال أشدّ، فكم من مُسيطِر على نفسه في أعمال جوارحه، لكنَّه أمام لفَظَات اللسان عاجز، يُطلِق للسانه العِنان ليقول ما يشاء؛ فتعظم الأوزار والآثام.
 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: حفظ الأسرار الأزهر أمينة الفتوى العالمى مركز الأزهر سيدنا رسول الل أخو اثقل الأسرار امانة ارتكاب الأمانة في الإسلام

إقرأ أيضاً:

وكيل الأزهر: الصيام تدريب للنفس للوقوف على حدود الله تعالى

قال الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر الشريف، إن الله شرع الصيام تهذيبا للنفوس وتربية للسلوك، ليس فقط في علاقة المؤمن بالله تعالى فحسب، ولكن أيضا في علاقة المؤمن بأخيه المؤمن، بأنه قد أقبل على شهر رمضان في شحذ للهمم للصيام والقيام والتقرب إلى الله تعالى، ممتثلا لله تعالى تاركا ما كان مباحا له، منتهيا إلى حدود الله في وقت الصيام.

رئيس جامعة الأزهر: القرآن يصوّر المنافقين بأبلغ التشبيهات ويحذر من نفاق القلوبالجامع الأزهر يواصل استقبال رواده من مصر والعالم لأداء صلاتي العشاء والتراويح

وأوضح وكيل الأزهر، خلال درس التراويح الخميس، بالجامع الأزهر، أن في الصيام تدريب للنفس للوقوف على حدود الله تعالى، وبما ينعكس على تهذيب لسلوك المسلم في تفسير لما جاء بعد آيات الصيام، حيث انتقل تعالى بعد بيان أحكام الصيام إلى بيان أحكام جانب مهم من معاملة الإنسان لأخيه الإنسان، وأن السعادة لا تكتمل له إلا إذا أطاب مطعمه وامتنع عن شهادة الزور وعن أكل أموال الناس بالباطل في قوله تعالى: "ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقا من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون"، فالمسلم قد كف عن الطعام والله تعالى يراقبه، امتثالا وطاعة لله تعالى.

وبين أن الصيام يهذب سلوك المسلم فلا يأكل أموال الناس بالباطل، ويبتعد عن الغش وغيره من الأساليب التي فيها احتيال من الإنسان على أخيه الإنسان، فهو يعلم المسلم الأمانة في التعامل مع غيره، مثلما توضح لنا الآية الكريمة، التي تنهى كذلك عن أكل الحرام، في جميع المعاملات، في البيع والتجارة وغيرها، فحرم التلاعب بأسعار السلع واحتكارها، وعلى المسلم أن يعلم أن كل تدليس واستغلال لحاجة الناس محرم شرعا، وعليه تحري مطعمه ومشربه وملبسه، فلا احتكار ولا غش ولا تدليس ولا تلاعب بالأسعار ولا تلاعب بالأسواق، لأن هذا يهدر علاقة المسلم بالله تعالى.

واختتم وكيل الأزهر أن الصيام مدرسة تعلمنا فيها التواد، وتعلمنا فيها التواصل، وتعلمنا فيها الوقوف على حدود الله تعالى، ألا فانتهوا إلى حدود الله تعالى حتى تستقيم لكم الحياة، فتفوزون برضا الله في الدنيا، وتفوزون برضاه تعالى ومغفرته في الآخرة.

مقالات مشابهة

  • المفتي يشرح حديث النبي "لا إيمان لمن لا أمانة له".. فيديو
  • المفتي يشرح حديث النبي «لا إيمان لمن لا أمانة له».. فيديو
  • المفتي يشرح حديث النبي لا إيمان لمن لا أمانة له.. فيديو
  • مفتي الجمهورية: كل ما في حياة الإنسان أمانة يُسأل عنها يوم القيامة
  • الأزهر يصحح خطأ شائعا يفعله المسلم عند دخوله بصلاة الجماعة..تعرف عليه
  • مفتي الجمهورية: الأمانة في الإسلام تحمل المعنى الأشمل والأعم
  • أمانة بغداد تدعو أصحاب البسطات للالتزام بالمساحات المحددة وعدم تحويلها لأكشاك
  • أمانة الأحساء تُرحّل خدماتها إلى "سحابة ديم" الحكومية
  • وكيل الأزهر: الصيام تدريب للنفس للوقوف على حدود الله تعالى
  • حكم من يفطر متعمدا في نهار رمضان؟.. أمين الفتوى يجيب