ما الثمن الذي ستدفعه القوى السنية والكردية مقابل استمرار الوجود الأمريكي؟
تاريخ النشر: 29th, August 2024 GMT
29 أغسطس، 2024
بغداد/المسلة: تشكل مسألة الوجود العسكري الأمريكي في العراق أحد أكثر القضايا إثارة للجدل والانقسام بين مختلف القوى السياسية العراقية، و لا يزال موضوعاً معقداً تحكمه المصالح المتضاربة والتحالفات المتغيرة، فالقوى السنية والكردية ترى في الوجود الأمريكي ضمانة أمنية وسياسية، بينما ترى بعض القوى الشيعية في هذا الوجود تدخلاً مرفوضاً في الشؤون الداخلية، يتعين إنهاؤه فوراً.
وتتباين مواقف هذه القوى بناءً على توجهاتها السياسية، العرقية، والطائفية، فضلاً عن ارتباطاتها الإقليمية والدولية.
الموقف السني
فقد اتهم القيادي في تحالف الأنبار المتحد، محمد الدليمي، بعض الكتل والأحزاب السياسية السنية بعرقلة أي قرار يمهد لانسحاب القوات الأمريكية من العراق.
ويرى الدليمي أن تلك الكتل تعتقد أن وجود القوات الأمريكية يخدم مصالحها، وربما يعود ذلك إلى الاعتبارات الأمنية التي ترى فيها هذه الكتل ضمانًا ضد أي تهديدات داخلية أو خارجية، خصوصاً في ظل انعدام الثقة بين المكونات السياسية في العراق.
وذهب الدليمي إلى حد اتهام رئيس مجلس النواب المقال، محمد الحلبوسي، بعدم تبني أي موقف أو قرار يسعى إلى إخراج القوات الأمريكية، ما يعكس ربما تحالفات داخلية معقدة ومصالح سياسية واقتصادية مشتركة مع الولايات المتحدة.
الموقف الكردي
القوى الكردية ترفض أيضاً إخراج القوات الأمريكية من العراق، وهذا الموقف قد يرتبط بتصور الأكراد لدور الولايات المتحدة كضامن لأمن إقليم كردستان ضد أي اعتداءات محتملة من الحكومة المركزية أو الأطراف الإقليمية الأخرى.
كما أن القوات الأمريكية قدمت دعماً مباشراً وغير مباشر في التصدي لتنظيم “داعش”، وهو أمر لا يزال في ذاكرة القيادات الكردية التي ترى في الوجود الأمريكي عامل استقرار نسبي في المنطقة.
الموقف الشيعي
المواقف داخل القوى الشيعية متباينة حيال الوجود الأمريكي. فهناك القوى المتحالفة مع إيران والتي تتحمس لإخراج القوات الأمريكية، متماشية مع السياسة الإيرانية الرامية إلى تقليص النفوذ الأمريكي في المنطقة. وهذه القوى ترى في الوجود الأمريكي تهديداً للسيادة العراقية وتدخلاً في الشؤون الداخلية.
في المقابل، هناك قوى شيعية أخرى، رغم استقلاليتها عن الإرادة الإيرانية، تفضل خروج القوات الأمريكية، ولكنها لا تعتمد في موقفها على التوجيه الإيراني بقدر ما ترى أن الوجود الأمريكي لا يخدم المصالح الوطنية على المدى الطويل.
الموقف الحكومي
أما الحكومة العراقية، فتبدو في موقف حرج. من جهة، تبدي الحكومة التزامها بإخراج القوات الأمريكية وتدعو إلى احترام السيادة العراقية، ومن جهة أخرى، قامت بعدة جولات من المحادثات مع الجانب الأمريكي دون أن تسفر عن نتائج واضحة حتى الآن.
ويمكن تفسير هذا التناقض بأن الحكومة تسعى لكسب الوقت وتهدئة الأوضاع الداخلية، خصوصاً في ظل الظروف السياسية والأمنية المعقدة، دون الرغبة في اتخاذ خطوات قد تؤدي إلى زعزعة الاستقرار أو فقدان الدعم الدولي.
ويبدو أن الجدل حول الوجود الأمريكي في العراق سيستمر، على الأقل في المستقبل القريب، مع استمرار التباينات في مواقف القوى السياسية المختلفة، وتعقد الوضع الداخلي والإقليمي، فيما ترى تحليلات ان الثمن الذي ستدفعه القوى السنية والكردية مقابل استمرار الوجود الأمريكي، سيكون باهضا، لأنه يثير استياء ايران والقوى العراقية المتحالفة معها.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author زينSee author's posts
المصدر: المسلة
كلمات دلالية: القوات الأمریکیة الوجود الأمریکی ترى فی
إقرأ أيضاً:
صمت الفصائل العراقية.. تكتيك سياسي أم موقف دائم؟
3 مارس، 2025
بغداد/المسلة: التزمت الفصائل العراقية الصمت حيال العملية التي نفذتها طائرات أميركية في مطار النجف، ما أثار تساؤلات حول موقفها من التطورات الإقليمية الأخيرة، وخاصة مع تصاعد التوتر بين واشنطن ومحور المقاومة.
تحركات الفصائل المسلحة في العراق تعكس استراتيجية تعتمد على التهدئة وعدم الانجرار إلى مواجهة مباشرة، رغم تصاعد الضغوط الأميركية في المنطقة. هذا الحذر السياسي والعسكري قد يكون نابعًا من إدراك الفصائل لحساسية المرحلة، خصوصًا مع محاولات إعادة هيكلة الحشد الشعبي وإعادة رسم العلاقة بينه وبين الدولة العراقية.
واعتبر رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي أن المطالبات بنزع سلاح الفصائل غير مبررة، مشيرًا إلى أن التهديد الحقيقي للسيادة العراقية يتمثل في عمليات أميركية مثل الإنزال الجوي في مطار النجف، وليس في امتلاك الفصائل للسلاح. هذا التصريح يعكس موقفًا رسميًا داخل بعض الأوساط السياسية العراقية، التي ترى في سلاح الفصائل جزءًا من منظومة الدفاع الوطني وليس مصدر تهديد للدولة.
وأكد الأمين العام لحركة عصائب أهل الحق، قيس الخزعلي، أن الدعوات لتسليم سلاح الفصائل المسلحة تهدف إلى تجريد العراق من قدراته الدفاعية، مشيرًا إلى أن هذا السلاح كان حاسمًا في التصدي لتنظيم داعش عام 2014 عندما كان الجيش يعاني من انهيارات ميدانية.
وهذا الخطاب يتقاطع مع رؤية الفصائل التي ترفض أي خطوة قد تؤدي إلى تقليص دورها، لا سيما في ظل الأوضاع الأمنية والسياسية غير المستقرة في العراق.
وتتصاعد الدعوات في الأوساط السياسية العراقية لمراجعة وضع الحشد الشعبي وتحديد طبيعة ارتباطه بالقائد العام للقوات المسلحة. هذه النقاشات تأتي في ظل ضغوط داخلية وخارجية لإعادة تنظيم المشهد الأمني في العراق، وسط تباين في الرؤى حول مستقبل الفصائل المسلحة ودورها في مرحلة ما بعد الحرب على داعش.
الصمت الذي التزمت به الفصائل المسلحة حيال الإنزال الأميركي قد يكون تكتيكيًا أكثر منه موقفًا دائمًا، إذ أن الفصائل سبق وأثبتت قدرتها على الرد في توقيتات مدروسة. كما أن المعادلات الإقليمية المتغيرة تجعل أي مواجهة غير محسوبة العواقب أمرًا قد يؤدي إلى تصعيد غير مرغوب فيه من الطرفين.
الولايات المتحدة، من جهتها، تواصل تعزيز وجودها العسكري في المنطقة، وسط حديث عن إعادة ترتيب أولوياتها الاستراتيجية في العراق وسوريا. هذا التحرك لا يلقى ترحيبًا من بعض القوى العراقية التي ترى فيه انتهاكًا للسيادة الوطنية، لكنه في الوقت نفسه يعيد خلط الأوراق في الساحة العراقية، ويدفع الفصائل المسلحة إلى إعادة تقييم خياراتها.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author moh mohSee author's posts