موسكو – تواصل القوات الروسية عمليتها العسكرية الواسعة النطاق في عمق الأراضي الأوكرانية والتي أطلقتها بعد نحو 3 أسابيع من توغل مباغت للقوات الأوكرانية في السادس من أغسطس/آب الجاري في مقاطعة كورسك، في عملية مربكة كادت أن تخلط أوراق التكتيكات العسكرية الروسية في الحرب.

وأكدت وزارة الدفاع الروسية أن قواتها أحكمت سيطرتها على بلدة كامشيفكا بمقاطعة دونيتسك، وعلى جزء كبير من مدينة نوفوغورودوفكا وبلدات ميمريكا كالينوفو وسيليدوفو الواقعة على محور باكروفسك الإستراتيجي.

وفي بيان آخر، أعلنت الوزارة أن وحدات تابعة لقوات "سيفر" (الشمال) مدعومة من الطيران الحربي والمدفعية تمكنت من صد 8 هجمات شنتها مجموعات "تخريبية أوكرانية" على محاور بوركي وكريميانو وكورنيفو ومالايا لوكنيا بمقاطعة كورسك، كما أعلنت عن 15 خطرا صاروخيا في المقاطعة تبعها تدمير قنبلتين جويتين وطائرة من دون طيار وصاروخ أوكراني.

عمليات نشطة

يأتي ذلك في وقت تواصل فيه القوات الروسية عمليات الاستطلاع والبحث في غابات كورسك لرصد وتدمير مجموعات "تخريب أوكرانية"، تقول مصادر رسمية في موسكو إنها تحاول التوغل في عمق الأراضي الروسية.

وتشير جغرافية العمليات الهجومية إلى أن موسكو اختارت محور باكروفسك كأولوية للعمليات القتالية النشطة، رغم أن مناطق واسعة من مقاطعة كورسك الحيوية ما زالت تحت سيطرة القوات الأوكرانية.

وبرأي مراقبين عسكريين روس، سيكون لذلك تأثير إيجابي كبير على القدرات والتكتيكات القتالية للجيش الروسي في معاركه مع القوات الأوكرانية.

يفسر الخبير الإستراتيجي دينيس بوبوفيتش تركيز القوات الروسية هجماتها على محاور داخل العمق الأوكراني بالسعي إلى تشتيت القوات الأوكرانية على أكثر من جبهة لخلق حالة من البلبلة في صفوفها، وإضعاف تركيزها عند أي عملية إعادة انتشار ستقوم بها تبعا لذلك.

وفي حديثه للجزيرة نت، يقول بوبوفيتش إن الصراع الأوكراني وصل إلى نقطة تحول مركزية وسيزداد وضع القوات الأوكرانية سوءا بسبب عدم قدرتها على تحقيق نجاحات سواء في كورسك أو في دونيتسك، وهو ما بات واضحا من طلب كييف المساعدة من الغرب مرة أخرى على هذه الخلفية.

ويشير المتحدث إلى أن الكثيرين في الغرب لا يدركون حجم الصعوبات التي باتت تواجهها القوات الأوكرانية حاليا، وخصوصا على المشارف الشرقية لسيليدوف القريبة من كراسنوارميسك، مما يعني بدء "تبخر حالة النشوة التي أصابت صناع القرار في أوكرانيا وحلفاءهم في الغرب بعد التوغل في كورسك".

أحلك الأوقات

ويضيف بوبوفيتش إلى قائمة الأسباب الأنباء التي بدأت تتوارد في الأيام الأخيرة، بما في ذلك ما نشرته صحيفة "بوليتيكو" عن أن الأوكرانيين يعتزمون تقديم قائمة لواشنطن تتضمن أهدافا محتملة لضربات تريد كييف توجيهها إلى داخل العمق الروسي لتبرير الحصول على دعم ومساعدات إضافية.

ووفقا له، بدأت القوات الروسية بتغيير تكتيكاتها بحيث تضرب الآن أهدافا داخل أوكرانيا ليس في الليل، بل في فترة الصباح لأنها فترة الذروة التي يتجمع فيها عدد أكبر من الأفراد والمعدات في المواقع المستهدفة.

من جانبه، يرى مدير مركز التنبؤات السياسية دينيس كركودينوف أن القيادة العسكرية الأوكرانية باتت تعيش "أحلك أوقاتها"، لأنه مع خسارة باكروفسك تعطي القوات المسلحة الأوكرانية زمام المبادرة في هذه المنطقة للجيش الروسي، ومعه "مفاتيح" دنيبر وبيتروفسك (دنيبر الأوكرانية) وزاباروجيا.

ويضيف -للجزيرة نت- أنه لم يتبق لدى الأوكرانيين سوى القليل من الوقت قبل إجراء الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة في الخامس من نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.

وبرأيه، في حال انتقال السلطة إلى الجمهوريين وعودة المرشح دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، فإن أول شيء سيفعله هو إنهاء الصراع في أوكرانيا، فضلا عن أنه صرح مؤخرا بأن هجوم القوات الأوكرانية على كورسك يحمل تهديدا باندلاع حرب عالمية.

أزمة طاقة

ويعتقد كركودينوف أنه إذا تُركت القوات الأوكرانية من دون تمويل، فإنها لن تستطيع الصمود طويلا. كما أنه بسبب أزمة الطاقة المستمرة، قد لا يتمكن مواطنو أوكرانيا من تحمل فصل الشتاء القادم.

يُذكر أن روسيا شنت ضربات واسعة النطاق على منشآت ومحطات للطاقة في أوكرانيا استخدمت فيها أسلحة بعيدة المدى وعالية الدقة، من بينها صواريخ كروز وكنجال فرط صوتية، وقالت وزارة الدفاع إن هذه المنشآت تساعد في تأمين عمل المجمع الصناعي العسكري الأوكراني.

واعترف الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينكسي بأن قطاع الطاقة في بلاده تعرض لأضرار بالغة، وأنه بات يعاني من أزمة كبيرة.

وعلى خلفية استفحال أزمة توليد الطاقة في البلاد، تعتزم كييف شراء مفاعلين روسيي الصنع من بلغاريا. ووفقا لصحيفة بوليتيكو، من المقرر توريدها إلى محطة خميلنيتسكي للطاقة النووية.

وفي هذا السياق أيضا، أعلن البيت الأبيض أنه سيرسل معدات إلى كييف لإصلاح البنية التحتية للطاقة وتحسين مرونتها.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات القوات الأوکرانیة القوات الروسیة

إقرأ أيضاً:

هجوم روسي جديد على أوكرانيا وزيارة فرنسية بريطانية لدعم كييف

قالت القوات الجوية الأوكرانية -اليوم السبت- إن دفاعاتها الجوية أسقطت 51 من 92 طائرة مسيرة أطلقتها روسيا بهجمات ليلية، في وقت يزور رئيسا أركان القوات الفرنسية والبريطانية كييف لدعم الجيش الأوكراني.

وذكرت كييف في بيان أن 31 مُسيرة روسية أخرى فُقدت، في إشارة إلى استخدام الجيش للحرب الإلكترونية لاعتراض هذه الطائرات أو عرقلتها.

وأضافت أنه تم رصد وقوع أضرار في مناطق كييف وجيتومير وسومي ودنيبروبتروفسك.

وأمس الجمعة، قال مسؤولون أوكرانيون إن هجوما روسيا على مدينة كريفي ريه (وسط البلاد) أدى إلى مقتل 19 مدنيا على الأقل بينهم 9 أطفال، وإصابة نحو 60 آخرين.

ومن جهتها، ذكرت وزارة الدفاع الروسية أنها نفذت "ضربة دقيقة بصاروخ شديد الانفجار على مطعم" بالمدينة "حيث كان يجتمع قادة تشكيلات ومدربون غربيون".

وقد ندد الجيش الأوكراني بالبيان الروسي ووصفه بأنه معلومات مضللة.

واعتبر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أن الضربة الصاروخية على كريفي ريه تظهر أن روسيا "لا تريد وقفا لإطلاق النار" في حين أن الاتصالات الدبلوماسية مستمرة منذ فبراير/شباط لإيجاد مخرج للنزاع.

وأضاف زيلينسكي عبر تليغرام أن "كل هجوم صاروخي وبمسيّرة يثبت أن روسيا لا تريد سوى الحرب. ووحدها ضغوط دولية على روسيا وكل الجهود الممكنة لتعزيز أوكرانيا ودفاعنا الجوي وقواتنا المسلحة ستتيح تحديد موعد انتهاء الحرب".

إعلان

ومن جانبه قال سيرجي ليساك حاكم المنطقة على تطبيق تليغرام إن صاروخا أصاب مناطق سكنية، مما أدى إلى مقتل 18 شخصا وإشعال حرائق.

وفي وقت لاحق، هاجمت مُسيرات روسية منازل وقتلت شخصا واحدا، وفقا لما ذكره أوليكسندر فيلكول مدير الإدارة العسكرية للمدينة.

وقالت هيئة الأركان العامة للجيش الأوكراني إن هذا الهجوم يُظهر أن روسيا "لا تسعى بأي حال من الأحوال إلى السلام، بل تنوي مواصلة غزوها وحربها لتدمير أوكرانيا وجميع الأوكرانيين".

روسيا تهاجم بالمُسيرات مناطق سكنية في أوكرانيا (الأناضول) مفاوضات واتفاقات

على الصعيد السياسي، قالت وزارة القوات المسلحة الفرنسية إن رئيسي أركان القوات الفرنسية والبريطانية سافرا إلى كييف للقاء مسؤولين أوكرانيين، في زيارة تهدف إلى بحث احتياجات وأهداف الجيش الأوكراني من أجل دعمه على المدى الطويل.

وأضافت الوزارة الفرنسية أن تعزيز الجيش الأوكراني يشكل ضمانة أمنية أساسية لسلام دائم في هذا البلد.

ويسعى الرئيس الأميركي دونالد ترامب -الذي تولى منصبه في يناير/كانون الثاني، بعد تعهده بإنهاء الحرب في غضون 24 ساعة- إلى التوسط لإنهاء الصراع بين روسيا وأوكرانيا.

وأعلنت واشنطن الأسبوع الماضي أنها توصلت إلى اتفاقين لوقف إطلاق النار مع روسيا وأوكرانيا، أحدهما يقضي بوقف الهجمات على البنية التحتية للطاقة في كل منهما.

وقال وزير الخارجية الأوكراني أندريه سيبيها -أمس- إن بلاده قبلت العرض الأميركي للسلام، داعيا إلى الضغط على موسكو التي تواصل هجماتها ضد كييف.

وأوضح -في تصريح صحفي من مقر حلف شمال الأطلسي (الناتو) في بروكسل- أن العائق للسلام ليست كييف التي قبلت العرض الأميركي بل موسكو التي أظهرت ترددها وواصلت هجماتها على بلاده.

ومنذ 24 فبراير/شباط 2022، تشن روسيا هجوما عسكريا على جارتها وتشترط لإنهائه تخلي أوكرانيا عن الانضمام لكيانات عسكرية غربية، وهو ما تعتبره الأخيرة تدخلا في شؤونها.

إعلان

مقالات مشابهة

  • بـ 7 هجمات.. أوكرانيا تستهدف البنية التحتية للطاقة الروسية
  • عاجل.. وزارة الدفاع الروسية تعلن سيطرتها على بلدة «باسوفكا» شرقي أوكرانيا
  • باحث: أطراف كثيرة تعرقل إنهاء الحرب الروسية الأوكرانية
  • أوكرانيا: تسجيل 112 اشتباكًا قتاليًا مع القوات الروسية خلال الـ24 الساعة الماضية
  • القوات الروسية: القضاء على 210 عسكريين أوكرانيين على محور كورسك
  • الجيش الأوكراني يهاجم منشآت الطاقة الروسية 14 مرة خلال 24 ساعة
  • هجوم روسي جديد على أوكرانيا وزيارة فرنسية بريطانية لدعم كييف
  • زيلينسكي يكشف أول الدول الأوروبية التي سترسل قوات إلى أوكرانيا
  • القوات الروسية تستهدف اجتماعا لقادة في القوات الأوكرانية وضباط أجانب في مقاطعة كريفوي روغ
  • الناتو: روسيا خسرت نحو 900 ألف جندي في الحرب الأوكرانية